أسعار العقارات تكوي ذوي الدخل المحدود فقط

29-07-2015

أسعار العقارات تكوي ذوي الدخل المحدود فقط

يوماً بعد آخر ترتفع أسعار العقارات في دمشق بشكل خاص وفي مختلف المناطق الآمنة بشكل عام شراءً وإيجاراً وأصبحت هذه الأسعار فوق طاقة ذوي الدخل المحدود وبالأخص العاملون في الدولة ممن بقيت رواتبهم بحدود 25 ألف ليرة سورية شهرياً وهي لا تكفي لأجرة بيت من دون فرش في منطقة مخالفات مثل دف الشوك أو المزة 86 أو غيرها أما في المناطق الجيدة في دمشق فتصل أجرة الشقة المفروشة إلى 150 ألف ليرة سورية في الشيخ سعد وتتضاعف في أوتستراد المزة وكفرسوسة وهذه المناطق بالتأكيد لا يفكر ذوو الدخل المحدود في السكن فيها وهي خاصة بأصحاب الدخول العالية من تجار وصناعيين وغيرهم ممن تركوا مناطقهم ونزحوا إلى دمشق.
 أجرينا رصداً ميدانياً في دمشق لاستطلاع آراء المواطنين وأصحاب المكاتب العقارية وبعض التجار ممن رضوا الحديث عن هذه القضية وعلى الرغم من تنوع الآراء وربما تناقضها في بعض الأحيان لكن بشكل عام كانت النتيجة أن الارتفاع متعلق بالعرض والطلب.
أبو راتب صاحب مكتب عقاري في المزة جبل قال أسعار العقارات سواء للبيع أو الإيجار مرتفعة جداً قياساً بما كانت عليه ولكن بالنسبة لبقية الأسعار الارتفاع عادي لأن جميع مستلزمات الحياة ارتفعت إلى حدود عشرة أضعاف أما العقارات فكانت الزيادة بحدود ثلاثة أضعاف ليس أكثر والمشكلة ليست لدى المكاتب العقارية بل لدى أصحاب البيوت لأنهم يضعون سقف الإيجار ولا يتنازلون عنه والآن توجد عروض كثيرة للبيع لكن الأسعار مرتفعة يعني شقة في المزة جبل نظامية 100 م2 تصل إلى 20 مليون ليرة سورية في وقت نجد نفس المساحة ونفس الجودة في المزة 86 بقيمة أربعة ملايين ليرة لكون الشقة غير مسجلة وهي عبارة عن مخالفة وكذلك الإيجار في المناطق المخالفة أقل من المناطق النظامية.
أم محمد من مدينة حلب التقينا بها في أحد المكاتب العقارية قالت: أنا نزحت من بيتي في حلب بسبب دخول الإرهابيين إلى المنطقة وأصبحت غير آمنة وذهبت إلى الساحل عدة أشهر ولم أستطع تحمل المصروف هناك والآن أبحث عن منزل ولكن كل الأسعار أكبر من قدرتي على الدفع، زوجي متقاعد وليس لدينا دخل يكفي.
أبو علي تاجر عقارات قال: ارتفاع أسعار العقارات ليس مسؤولية تاجر العقارات لأننا نحن نشتري كل المواد والخدمات بأسعار مرتفعة فقد زادت أسعار مواد البناء عشرة أضعاف أما أسعار العقارات لم تزد سوى ثلاثة إلى أربعة أضعاف كنا نشتري كيس الإسمنت بـ250 ليرة اليوم 1300 ليرة والبحص المتر كان بـ200 ليرة اليوم 2500 ليرة والكهرباء والخشب والدهان وكل الأسعار ارتفعت لذلك التاجر مضطر لرفع القيمة وكثير من التجار يبيع بسعر الكلفة فقط ليستعيد رأس المال الذي وضعه ليستثمره في عمل آخر.
جعفر طالب جامعي قال: أنا مضطر للسكن مع عدد من الزملاء في غرفة واحدة بهدف التخفيف من مصروف الإيجار نحن خمسة أشخاص نستأجر شقة مؤلفة من غرفة وصالون ومنافعها بقيمة 25 ألفاً شهرياً وعلى الرغم من عدم راحتنا فيها لكن ليس أمامنا حل لأننا طلاب والأهل ليس لديهم الإمكانية لدفع مبالغ كبيرة.
إبراهيم العلي صاحب منزل: قال أنا أحب أن أؤجر بيتي بخمسة آلاف ليرة كما كان سابقاً لكن من غير المعقول أن أقوم بذلك وأنا أشتري كيلو اللحمة بمبلغ ثلاثة آلاف ليرة وكنت أشتريه قبل الأزمة بمبلغ خمسمئة ليرة سورية هذا البيت اشتريته لأعيش من إيجاره ولا أستطيع أن أؤجره بأقل من الأسعار في الأسواق كل شيء ارتفع لماذا فقط تركزون على العقارات أنا إذا أجرت بيتي بخمسة آلاف فكيف سأعيش وتاجر الخضار والمواد الغذائية يبيعني بأسعار عالية والدواء مرتفع وأجور النقل مرتفعة وكل شيء ارتفع.
الدكتور محمد أكرم القش عميد المعهد العالي للبحوث السكانية قال: ارتفعت أسعار العقارات مع ارتفاع كل مستلزمات الحياة الأخرى وهذا الارتفاع لا يرتبط بالزيادة السكانية بمفهومها العام ولكن بالتأكيد يرتبط بالحركة السكانية بين المناطق والانتقال المؤقت لعدد كبير من السكان من المناطق الساخنة إلى المناطق الآمنة وما دام الموضوع غير مرتبط بالعامل الديمغرافي فإننا لا يمكن أن نتوقعه أو نقرأ مستقبله والحقيقة هناك ارتفاع أسعار العقارات لناحيتي الشراء أو الإيجار لظروف الأزمة أولاً وبالاحتكار ثانياً لأن أصحاب العقارات والتجار يفكرون مثل أي تاجر آخر وهم يقيسون أسعار العقارات مع كل الأسعار الأخرى التي ارتفعت عشرات المرات، والمتضررون الوحيدون هم أصحاب الدخل المحدود من كل ذلك لأن أصحاب المهن الحرة بكل الفئات والشرائح زاد دخلهم بشكل متناسب مع زيادة الأسعار وأصحاب الدخل المحدود وحدهم من يدفعون الضريبة الكبرى لزيادة الأسعار، وصحيح أن هناك أصحاب عقارات يعتمدون في حياتهم على قيمة إيجار هذه العقارات فمن غير المنطقي أن نطالبهم بخفض قيم الإيجار وهم يشترون مستلزمات حياتهم الأخرى بأسعار عالية، المسألة مرتبطة بمنظومة متكاملة للاقتصاد يجب أن نبحث في تحقيق التوازن فيها بشكل كامل.

محمود الصالح

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...