أبو القعقاع: صعود سريع ونهاية مأساوية

05-10-2007

أبو القعقاع: صعود سريع ونهاية مأساوية

اغتيل رجل الدين المثير للجدل محمود قول اغاسي الملقب بـ "أبو القعقاع" في 28/09/2007 لدى خروجه من جامع في ضاحية "حلب الجديدة" في مدينة حلب شمال سورية.

خلال مسيرته القصيرة التي تمتد ما بين تخرجه من كلية الشريعة ونهايته الدموية، قصة صعود لافتة يكتنفها الكثير من الألغاز والتساؤلات.

لكن بعيدا عن التغطيات الاعلامية للصحافة الغربية والعربية، اشار مصدر مطلع على نشاط ابو القعقاع بان ما تناقلته وسائل الاعلام عن ابو القعقاع فيه الكثير من المبالغة وبعيد عن الواقع.

واشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه الى ان ابو القعقاع كان مناهضا لافكار القاعدة وممارساتها في العراق وان ما كان ينادي به كان نوعا من الاستعداد للجهاد دفاعا عن سورية في وجه التهديدات الامريكية التي تصاعدت بعد غزو العراق وانه كان يقول ان للجهاد ضوابط وقواعد لا تتوفر في العراق وان ما يجري في العراق تشويه لفكرة الجهاد وللمقاومة.

واكد المصدر ان علاقة ابو القعقاع مع الحكومة السورية كانت جيدة وان كل نشاطاته كانت علنية وبمعرفة الحكومة السورية وانه اقنع العديد من الشباب الذين كانوا يعتزمون الانتقال الى العراق للمشاركة في العمل المسلح بالعودة الى بلدانهم.

ذكرت وسائل الإعلام أن أبو القعقاع من مواليد عام 1973 وانه من شمال مدينة حلب ومن اصول كردية ولفت الانظار اليه مبكرا فور تخرجه من كلية الشريعة والعمل خطيبا في احد الاحياء الشعبية في مدينة حلب.

وقد حصل على شهادة الدكتوراه عام 2001 من جامعة كراتشي بباكستان في مجال الدعوة.

أشارت وسائل الإعلام التي تناولت مقتل أبو القعقاع انه ظهر على الساحة الإعلامية بعد العثور على مجموعة من خطبه مع المجموعة المسلحة التي حاولت اقتحام مبنى بجانب التلفزيون السوري في مارس/آذار 2006، لكنه كان في الواقع محط اهتمام الأجهزة الأمنية الأمريكية منذ تصاعد العمل المسلح في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي.

وقبل ذلك كان محط اهتمام الاعلام الغربي منذ عام 2003 بالتزامن مع تصاعد العنف في العراق والتمرد المسلح ضد القوات الأمريكية.

فقد نشرت صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية في عددها الصادر في 3 أكتوبر/تشرين الاول عام 2003 تحقيقا مطولا تحدثت فيه عما وصفته بنمو التطرف الإسلامي في سورية ودور بعض رجال الدين الإسلاميين المتشددين في سوريا في دعم التمرد في العراق.

ومن ضمن الشخصيات التي التقى بها الصحفي نيكولاس بلانفورد الذي اعد التحقيق في مدينة حلب أبو القعقاع الذي صرح خلال المقابلة " قلوبنا تنتشي فرحا عندما نسمع عن عمليات المقاومة ضد الغزاة الأمريكيين في العراق ونتضرع إلى الله من اجل انتصار المقاومة العراقية على الأمريكيين".

كما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية في 8 يونيو/حزيران 2005 تحقيقا مفصلا عن الطرق التي يسلكها المقاتلون الأجانب الذين كانوا يعبرون الحدود السورية العراقية ودور النشطاء الاسلاميين في هذا المجال، وسلط الضوء على دور ابو القعقاع ونشاط تنظيم "غرباء الشام" الذي أسسه في مدينة حلب.

برز نجم أبو القعقاع مؤسس حركة "غرباء الشام" في سماء مدينة حلب منذ عام 1999 خطيبا مفوها وبارعا في مسجد " العلاء ابن الحضرمي" في حي "الصاخور" الشعبي في مدينة حلب.

كان يدعو في خطبه الدينية إلى الجهاد مرتديا اللباس الأفغاني داعيا أصحاب اللحى إلى الوحدة حسب تصريح مساعده "أبو إبراهيم" لصحيفة الجارديان.

واستطاع أبو القعقاع بشخصيته القوية وقدرته الفائقة على الإقناع والسيطرة على الحضور استقطاب عدد كبير من الأتباع الذين كانوا يرتدون لباسا موحدا أثناء خطبه في المسجد ايام الجمعة وكانوا يجرون تمارين بدنية بعد صلاة الجمعة.

في أعقاب هجمات سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة أقام ابو القعقاع وأتباعه احتفالا أطلقوا عليه اسم "أمريكا: الذئب الجريح" وتضمن الاحتفال استعراضا شارك فيه أتباعه، مرددين هتافات معادية للولايات المتحدة وعبروا عن استعدادهم للموت في طريق الجهاد.

بعد ذلك تم استدعاء أبو القعقاع من قبل الأمن السوري وأطلق سراحه بعد ساعات.

سافر أبو القعقاع إلى السعودية برفقه مساعده أبو إبراهيم وتعرف هناك على عدد من الشخصيات التي تدور في فلك تنظيم القاعدة كما قيل انه حصل على دعم مالي لحركته.

وفي عام 2002 كان أبو القعقاع قد كثف من الاستعراضات وبدأ يقيم استعراضين أسبوعيا في مدينة حلب.

كما بدأ اتباعه بتوزيع مواد غذائية مجانا على الجمهور إضافة إلى خطب أبو القعقاع.

وأسس أبو القعقاع موقعا على شبكة الانترنت باسم الحركة التي أسسها "غرباء الشام" بهدف نشر خطبه الحماسية.

ونقلت صحيفة الجارديان عن مساعد أبو القعقاع إن " المسؤولين السوريين وضباط الأمن كانوا يحضرون هذه الاستعراضات".

وتوسع نشاط الجماعة في حلب كما وصلت خطب أبو القعقاع إلى العديد من البلدان العربية والإسلامية والأوساط الإسلامية في القارة الأوربية.

كما بدأ عدد من العراقيين المتأثرين بأفكار أبو القعقاع من محافظات الرمادي والموصل وصلاح الدين بالتوافد على مكتبه طالبين المزيد من خطبه، كما بدأ المال يتدفق من دول الخليج.

في عام 2005 اتهمه عدد من أتباعه بالارتباط بالأجهزة الأمنية السورية ومساعدة الحكومة في تعقب المقاتلين الأجانب الذين كانوا يستعدون للانتقال إلى العراق عبر سورية.

كما ظهر عدد من البيانات على مواقع الانترنت القريبة من المسلحين في العراق تتهم أبو القعقاع بـ "العمالة والتجسس لسلطات الاحتلال الأمريكي".

في أعقاب الهجوم الفاشل على مبنى التلفزيون السوري عام 2006 توقف أبو القعقاع عدة أشهرعن إلقاء الخطب، لكنه ظهر مجددا بمظهر جديد، وتخلى عن لباسه الأفغاني وشذب لحيته وأصبح يرتدي ملابس أنيقة وتسلم ادارة أهم مدرسة تعليم شرعي في مدينة حلب ثاني اكبر المدن السورية التي تتسم بطابع محافظ ويغلب على سكانها التدين.

وغادر أبو القعقاع الحي الشعبي الذي كان يسكن فيه ويخطب في مسجده وانتقل إلى حي حلب الجديدة الراقي وبدأ يخطب في مسجد الإيمان الواقع في هذا الحي وقد لقي حتفه على أبوابه.

واشارت وسائل الاعلام الى ان أبو القعقاع غير خطابه الديني إذ أصبح قريبا من الخطاب الرسمي للدولة وتخلى عن أفكاره الجهادية وخطبه الحماسية حول العراق.

كما اتهمت بعض الأوساط اللبنانية أبو القعقاع بأنه الأب الروحي لحركة "فتح الإسلام" التي خاضت مواجهة عسكرية عنيفة في مخيم نهر البارد شمالي لبنان مع الجيش اللبناني انتهت بقتل واعتقال أغلبية أفراده.

وكما اتهمته هذه الأوساط بان له علاقة بتنظيم "جند الشام" المتمركز في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان وهو مانفاه ابو القعقاع.

ذكرت تقارير أن الشخص الذي اطلق النار على أبو القعقاع هو من اتباعه ومن ريف حلب وقد اعتقلته القوات الأمريكية في العراق عدة أشهر قبل ثلاث سنوات ثم أطلقت سراحه.

المقربون من أبو القعقاع اتهموا "الولايات المتحدة وعملائها بالضلوع في اغتياله" وهذا الاتهام ذو طابع سياسي اكثر من انه يعتمد على ادلة مادية.

وهناك أيضا من يشير إلى احتمال وقوف جماعة القاعدة في العراق وراء عملية الاغتيال في أعقاب ما أشيع في أوساطها بتعاونه مع الامن السوري في تعقب المقاتلين الاجانب الذين يحاولون العبور من سوريا الى العراق.

فقد صرح احد معاوني أبو القعقاع لصحيفة "الحياة" في 29/9/2007 أن الأخير" تلقى تهديدات بهدر دمه بعد أن منع عددا من المقاتلين من الانتقال إلى العراق" مضيفا إن قتلة تكفيريين من مدينة حلب قاموا بقتل ابو القعقاع بناء على فتوى من "مشايخ تكفيريين في مدينة حلب ومرتبطين بقوى خارجية" حسب تعبيره.

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...