«عاصفة غولدستون»تضرب الحكومةالإسرائيلية:نتياهويبحث عن التسوية

26-10-2009

«عاصفة غولدستون»تضرب الحكومةالإسرائيلية:نتياهويبحث عن التسوية

برغم الرفض الإسرائيلي المطلق لتقرير غولدستون إلا أن حكومة بنيامين نتنياهو، وفي ظل نجاح التقرير في ترسيخ نفسه كوثيقة دولية، اضطرت للبحث في سبل التعامل معه. وإذا كان الجيش قد أفلح في الأسبوع الفائت، عبر وزير الدفاع إيهود باراك، في تأجيل بحث تشكيل لجنة تحقيق، بأي اسم كان، فإن تشكيل لجنة كهذه بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. ويبدو أن السجال يحتدم داخل مستويات حكومية وعسكرية وقانونية ودبلوماسية عديدة.
وقد تبين طرف خيط هذا السجال قبل يومين بإبلاغ نتنياهو صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه يفكر في تشكيل لجنة تحقيق مستقلة «ليس بسبب تقرير غولدستون، بل لأغراضنا الداخلية». وسرعان ما أثار هذا البلاغ حفيظة الجيش وقسم من السياسيين الأمر، الذي دفع بديوان نتنياهو إلى التراجع عن هذه الأقوال وإطلاق رواية أخرى.
وأثارت أقوال نتنياهو هذه غضب وزير الدفاع الذي أعلن استمرار معارضته تشكيل لجنة تحقيق، ذلك لأنه «ليس هناك جيش في العالم يحقق مع نفسه كالجيش الإسرائيلي». وأكد باراك أنه يثق بتحقيقات الجيش. ويرى باراك في تشكيل لجنة فحص أو تحقيق انجرارا خلف الاتهامات التي أطلقها غولدستون وخضوعا للضغط الدولي وإقرارا بالذنب. ومعلوم أن ثقة باراك هذه تعود أولا وقبل أي شيء إلى الرغبة في الحفاظ على معنويات الضباط الذين يرون أن فكرة التحقيق في سلوكياتهم تعني تقييد حركتهم لاحقا. ومع ذلك فإن مجرد حديث نتنياهو عن لجنة تحقيق يعني أنه بات يفهم أن الوضع الدولي قد يجبره على ذلك في مرحلة لاحقة.
ومن الدلائل على مدى اضطرار إسرائيل للتعامل مع تقرير غولدستون استعداد الجيش لتشكيل طاقم مشترك من وزارات الدفاع والخارجية والعدل وديوان رئاسة الحكومة لفحص مجريات حرب غزة. ورغم أن هذا الاستعداد يعني قبول الجيش بإخضاع تحقيقاته للمراجعة من جانب جهات أخرى إلا أن ذلك قد لا يكون كافيا لإرضاء الأسرة الدولية. ولذلك هناك اقتراح بأن يتم تشكيل لجنة فحص برئاسة قاض، لفحص تحقيقات الجيش ومحاولة استخلاص عبر في مواجهة العبر المستخلصة من تقرير غولدستون.
وكان الجيش حتى وقت قريب يعارض أي تدخل في التحقيقات التي أجراها والتي برهنت على أنه الجيش «الأكثر أخلاقية» في العالم. ويصر الجيش على أنه شكل خمسة طواقم تحقيق «فحصت مواضيع مثل استخدام الفوسفور، هدم البيوت، ضرب مؤسسات الأمم المتحدة وسواها». ويقول الجيش إنه تم فحص مئة شكوى فلسطينية وإن تحقيقات فتحت في 25 ملفا لدى الشرطة العسكرية. غير أن الجيش لم يشر البتة إلى أن تاريخ تحقيقاته، في كل ما يتعلق بالفلسطينيين، نادرا ما جرمت عناصر إسرائيلية.
ومن المؤكد أن السجال الإسرائيلي بدأ كبيرا عندما أوصى المستشار القانوني للحكومة ميني مازوز بضررة التعامل مع تقرير غولدستون عبر تشكيل لجنة فحص قضائية. ورغم قرار الحكومة في الأسبوع الفائت عدم مناقشة المسألة إلا أن الوزير المختص بالشؤون الأمنية دان ميريدور أعلن تأييده لتشكيل لجنة فحص أو تحقيق. كما أن وزير الداخلية إيلي يشاي، الذي أشار تقرير غولدستون إلى تصريحاته بشأن مسح مناطق فلسطينية عن وجه الأرض، دعا إلى نشر محاضر جلسات الحكومة لتبيان مقدار حساسية إسرائيل للمساس بالمدنيين.
ويعتقد معلقون سياسيون في إسرئيل أن نتنياهو يشعر بالقلق من الوجهة التي قد تتخذها الأمور في الحلبة الدولية جراء تقرير غولدستون. ولهذا السبب فإنه يتقلب بين الاحتمالات الثلاثة: القبول بشكل ما بصيغة التعاطي مع تقرير غولدستون الذي طالب بالتحقيق في جرائم الحرب وتقديم تقرير لها للأمم المتحدة، أو رفض التعاطي بشكل مطلق والذهاب إلى حد تأييد مطلب المرشح الرئاسي الجمهوري الأميركي جون ماكين بتشكيل هيئة جديدة للأمم الديموقراطية، أو إيجاد طريق ثالث بين الرفض والقبول.
وفي هذه الأثناء يجزم معلقون إسرائيليون بأن تقرير غولدستون في الواقع هو إدانة للاحتلال الإسرائيلي المتواصل للأرض الفلسطينية. وكتب تسفي بارئيل في «هآرتس» متسائلا: «لماذا بالذات ضد اسرائيل خرج هذا الزبد ولم يخرج ضد الولايات المتحدة او بريطانيا. مواطنون عراقيون، أفغان وباكستانيون كثيرون، ليس معروفا بالتأكيد عددهم، قتلوا في قصف بلا تمييز قامت به الجيوش الاجنبية. لم تتشكل اي لجنة تحقيق رسمية دولية لفحص سلوك الجيش الأميركي أو البريطاني. والسبب في ذلك هو ان الحربين في العراق وفي افغانستان تتمتعان بشرعية دولية وبقدر غير قليل ايضا من تأييد السكان المحليين. وأهم من ذلك، لاحتلال العراق يوجد ايضا موعد نهاية محدد. الاحتلال الاسرائيلي، بالمقابل، يظهر بوادر تخليد. النفور منه يهز حتى الأصدقاء».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...