التصعيد اللبناني – الإسرائيلي: هل بدأت الحرب حقاُ

03-08-2010

التصعيد اللبناني – الإسرائيلي: هل بدأت الحرب حقاُ

الجمل: تحدثت التقارير الجارية عن حدوث المزيد من التصعيدات الجديدة ذات الطبيعة الشديدة الخطورة في منطقة الشرق الأوسط، فقبل بضعة أيام حدث توتر إسرائيلي – فلسطيني في قطاع غزة، ثم أعقبه توتر في منطقة ميناء إيلات الإسرائيلي وميناء العقبة الأردني، ونهار اليوم ظهر التوتر في منطقة الحدود اللبنانية – الإسرائيلية: ما هي طبيعة هذه التوترات؟ وإلى أين تتجه مؤشراتها؟ هل باتجاه التصعيدات التي يصعب احتواؤها؟ أم أنها توترات محدودة قابلة للتهدئة والاحتواء؟
* تطورات المسرح الشرق أوسطي: ماذا تقول المعلومات الجارية؟
بدأ المسرح الشرق أوسطي في بداية شهر تموز (يوليو) المنصرم ومطلع شهر آب (أغسطس) الذي بدأ ساخناً وكأنما هو باتجاه المزيد من السخونة، وفي هذا الخصوص نشير إلى تطورات الأحداث والوقائع الجارية في المسرح الشرق أوسطي بحسب تراتبيات حدوثها:
- منطقة حدود إسرائيل – قطاع غزة: شهدت عمليات إطلاق صاروخ من داخل القطاع مستهدفاً إحدى المناطق الإسرائيلية، وأعقب ذلك قيام الطائرات –بدون طيار- الإسرائيلية بعمليات عسكرية جوية استهدفت أحد المخيمات الفلطسينية داخل القطاع، واسفرت عن مقتل أحد رموز المقاومة المسلحة الفلسطينية. وفي الوقت ذاته أعلنت السلطات الإسرائيلية بأن العلمية كانت انتقاماً ورداً على الصاروخ الفلسطيني، فقد أكدت فصائل المقاومة المسلحة الفلطسينية بأنها سوف لن تتخلى عن الثأر لدم الشهيد الفلسطيني.
- منطقة الحدود الإسرائيلية – الأردنية – المصرية: شهدت المنطقة في الساعات الباكرة من صباح الأمس انطلاق صواريخ من طراز غراد التي استهدفت ميناء إيلات الإسرائيلي ميناء العقبة الأردني، وأشارت التحريات والتحقيقات الأردنية بأن الصواريخ قد جاءت من ناحية الأراضي المصرية. و بالمقابل أعلنت السلطات المصرية نفيها القاطع بأن تكون الصواريخ قد انطلقت من الأراضي المصرية ضد إيلات الإسرائيلي والعقبة الأردني.الجولان السوري المحتل ، جنوب لبنان وشمال إسرائيل
- منطقة الحدود الإسرائيلية – اللبنانية: شهدت نهار اليوم حدوث اشتباكات بين القوات اللبنانية والقوات الإسرائيلية، وتقول التقارير بأن صاروخ كاتيوشا قد انطلق صباح اليوم من جنوب لبنان مستهدفاً شمال إسرائيل، وإضافةً لذلك تقول التقارير بأن بلدة العديسة اللبنانية الواقعة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية قد شهدت توغل الدبابات الإسرائيلية التي استهدفت البلدة، إضافةً إلى قيام القوات الإسرائيلية بإطلاق أربعة قذائف دبابات ضد البلدة بما أدى إلى جرح لبنانييَن أحدهما عسكري و الآخر مدني، وفي هذا الخصوص تضاربت المعلومات، ففي الوقت الذي أكد فيه الجانب الإسرائيلي بأن القوات الإسرائيلية كانت تقوم بتدريبات روتينية في المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر وخط الحدود، وخلال ذلك تم استهدافها بواسطة قوات الجيش اللبناني المتمركزة في بعض المواقع المتقدمة بمنطقة بلدة العديسة. أما على الجانب اللبناني، فقد أكدت السلطات اللبنانية بأن القوات الإسرائيلية قد توغلت داخل الأراضي اللبنانية ورفضت الاستجابة لطلب قوات الجيش اللبناني بالإنسحاب، الأمر الذي أدى بقوات الجيش اللبناني إلى إطلاق النار ضد القوات الإسرائيلية بما أدى إلى إعطاب إحدى المدرعات الإسرائيلية.
تقول المعلومات، بأن ما حدث في جنوب لبنان وعلى طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، يعتبر بمثابة التطورات الأكثر خطورة في المنطقة. وفي هذا الخصوص، فقد سعت قيادة القوات الدولية المتمركزة في الجنوب اللبناني (اليونيفيل) إلى مطالبة الطرفين اللبناني والإسرائيلي إلى اليقظة والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، بما يمنع حدوث المزيد من التصعيدات. وإضافةً لذلك، وصف الرئيس اللبناني ميشيل سليمان إسرائيل بأنها خرقت القرار الدولي رقم 1701 بانتهاكها لسيادة الأراضي اللبنانية، وأشارت إفادات شهود العيان بأن القوات الإسرائيلية قد كثفت عمليات القصف، إضافةً إلى قيام الطيران الإسرائيلي بعمليات تحليق جوي واسعة في الجنوب اللبناني، مع قيام القوات الإسرائيلية بسحب جرحاهم إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، ولاحقاً تحدثت بعض التسريبات عن فشل القوات الإسرائيلية في القيام بنصب كاميرا تصوير في قمة التلال المطلة على سهل الخيام اللبناني.
* مقاربات الوضع الكلي لسيناريو الصراع الجاري:
شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال الأسبوع الماضي واحدة من أكبر حملات الدبلوماسية الوقائية المكثفة التي هدفت إلى احتجاز عملية انزلا ق المنطقة باتجاه التصعيدات المرتفعة الشدة ومنعها من الوصول إلى مرحلة الاشتباك بالوسائل العسكرية.. ولكن، ما هو واضح يتمثل في أن الدبابات الإسرائيلية قد سعت إلى عبور الحدود اللبنانية بما أدى إلى إدخال الشرق الأوسط وبشكلٍ عملي ضمن دائرة منطقة «حافة الحرب»، وحالياً تؤكد ذلك المؤشرات التالية:
- أكدت مصادر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأن بنيامين نتنياهو يتابع بشكل مستمر الاتصالات مع قيادة الجيش الإسرائيلي لمعرفة تطورات الأوضاع الجارية على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية. وإضافةً لذلك، تحدثت المصادر الإسرائيلية بأن ما حدث بواسطة الطرف اللبناني هو بنظر بنيامين نتنياهو يمثل أمراً غير مقبول، وبأنه بعد اكتمال عملية جمع المعلومات، سوف تسعى تل أبيب إلى تقييم المعلومات وتحديد الرد الإسرائيلي الممكن!
- أكدت مصادر السلطات اللبنانية بأن الرئيس ميشيل سليمان يتابع بدقة تطورات الموقف على الحدود اللبنانية – السورية، وبأن تعليماته لقوات الجيش اللبناني تطالب الجيش بوضوح الرد الفوري الحاسم دفاعاً عن سيادة أرض لبنان ضد أي انتهاكات إسرائيلية. وإضافةً لذلك، أكدت مصادر مكتب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بأن الحكومة اللبنانية تسعى إلى إعداد شكوى رسمية ورفعها إلى مجلس الأمن الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701.
أصبحت التطورات الجارية تشير بوضوح إلى تطابق ما يجري الآن على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية قد أصبح أكثر قابلية لجهة الاتساع واستدراج المزيد من الأطراف الأخرى، فمن جهة لم تعد المواجهة بين القوات الإسرائيلية والفصائل المسلحة اللبنانية مثل حزب الله وحركة أمل وبقية فصائل المقاومة المسلحة اللبنانية، وإنما هي مواجهة بين القوات الإسرائيلية وقوات الجيش اللبناني، بحيث أطلق كل طرف نيرانه ضد الطرف الآخر. ومن الجهة الأخرى، من المتوقع أن تسعى تل أبيب إلى استثمار التطورات المسلحة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية باتجاه تصعيد حملة بناء الذرائع، خاصةً وأن المواجهات قد أدت إلى مقتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدم. وعلى هذه الخلفية، سوف يأتي سريعاً الرد الإسرائيلي الممكن الذي تحدثت عنه مصادر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن لم يكن الرد الإسرائيلي قد بدأ فعلاً، خاصةً وأن المعلومات الجارية أكدت عن استمرار واتساع نطاق القصف الإسرائيلي.
* ديناميكيات الصراع الحدودي الإسرائيلي – اللبناني: إلى أين؟
من الواضح أن القوات الإسرائيلية قد سعت إلى انتهاك سيادة الأراضي اللبنانية، ولكن، هل سعت القوات الإسرائيلية هذه المرة إلى اختيار أن تكون المواجهة مع قوات الجيش اللبناني، أم أن خيار المواجهة مع الجيش اللبناني هو خيار تكتيكي يهدف إلى استدراج حزب الله في مرحلةٍ لا حقة. وعلى ما يبدو أن تصرف القوات الإسرائيلية بهذه الطريقة قد هدف إلى الآتي:
- إلحاق الأذى والضرر بقوات الجيش اللبناني، بما يؤدي لاحقاً إلى ردع هذا الجيش من التورط في المواجهة الإسرائيلية المحتملة مع حزب الله اللبناني.
- إبراز الجيش اللبناني المزود بالأسلحة الأمريكية في مظهر العدو الذي يُطلق النار ضد الإسرائيليين، وذلك بما يطلق إشارة واضحة للإدارة الأمريكية بضرورة عدم الإقدام في مشروع تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة أو القدرات العسكرية الأمريكية.
- إلقاء المزيد من الضغوط على الائتلاف اللبناني الحاكم، بما يتيح إحداث المزيد من عمليات الفرز والاستقطاب في الأوساط السياسية اللبنانية، بحيث يؤدي إلى المواجهات السياسية بين الأطراف اللبنانية التي سوف تسعى إلى خيار التهدئة وتحييد الجيش اللبناني في الصراع مع إسرائيل، والأطراف اللبنانية التي سوف تسعى إلى المطالبة بضرورة التزام الجيش اللبناني بأعباء المواجهة ضد الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.
تشير التوقعات إلى أن النوايا الإسرائيلية العدوانية إزاء سوريا وإيران وحزب الله وفصائل المقاومة الوطنية اللبنانية وأيضاً ضد حركة حماس الفلسطينية هي نوايا عدوانية وصلت إلى نقطة الذروة. ولكن، وكما هو واضح هذه المرة، فإن تل أبيب تسعى حالياً إلى تجديد الهجوم والعدوان العسكري ضد خصومها، ولكن ليس بنفس الرؤى والأساليب القديمة. كما تسعى إسرائيل إلى بدء المواجهة هذه المرة مع قوات الجيش اللبناني  لتشتيت قوته وتفتيت التفاف اللبنانيين حوله، بما يؤدي لاحقاً إلى إضعاف علاقة خط قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية) – السراي الكبير (مجلس الوزراء اللبناني)، ثم بعد ذلك تتحول إسرائيل إلى استثمار هذا الوضع بما يتيح لها الانخراط في مخطط إشعال سيناريوهات الصراع الشرق أوسطي الجديد، والتي لم تنجح جهود الوقائية الدولية في احتوائها ومن الممكن أن تصل إلى ذروتها خلال الأسابيع القليلة القادمة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...