هل تنجح دبلوماسية أنقرة الوقائية في تحقيق التهدئة على خط دمشق-بغداد

01-09-2009

هل تنجح دبلوماسية أنقرة الوقائية في تحقيق التهدئة على خط دمشق-بغداد

الجمل: شهدت خطوط مثلث دمشق – بغداد – أنقرة تحركاً دبلوماسياً وقائياً قام به وزير الخارجية التركي أحمد دافو توغلو ضمن الجهود التركية الساعية إلى تهدئة التوتر الذي تصاعد مؤخراً على خط دمشق – بغداد بسبب التفجيرات الأخيرة في العراق.
* الأبعاد غير المعلنة في توتر خط دمشق – بغداد:
تعرف حكومة نوري المالكي جيداً أن الانفجارات الأخيرة التي حدثت لم تكن الأولى من نوعها، وبالضرورة لن تكون الأخيرة، طالما أن العراق واقع تحت الاحتلال العسكري الأمريكي وطالما أن هناك العديد من العراقيين المطالبين بحقهم في التصدي للاحتلال عن طريق المقاومة التي أكدت المواثيق الدولية بأنها حق مشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال والقوة الأجنبية.
التصعيد الجديد على خط دمشق – بغداد هو تصعيد بدأ من العراق رداً على انفجارات ما بات يعرف بـ"الأربعاء الدامي" التي استهدفت العاصمة بغداد، ولكن ما يثير الشكوك أكثر فأكثر في تصعيد الحكومة العراقية يتمثل في الخصائص التي تميزت بها ردود أفعالها إزاء الحدث:
• الميزة الأولى هي الانتقائية فقد عرضت الفضائيات مشاهد مواطن سعودي ألقي القبض عليه في العراق واعترف أمام الكاميرات بأنه تدرب في السعودية لتنفيذ بعض العمليات ضد شيعة العراق، كما اعترف بتنفيذ العديد من العمليات واعترف بأن هناك عدداً كبيراً من الشباب السعوديين الموجودين حالياً في العراق للقيام بالمهمة ذاتها، ولكن ما كان مؤسفاً أن السلطات العراقية لم تقم بأي رد فعل في مواجهة الرياض.
• الميزة الثانية هي حرق المراحل المتمثل في رد الفعل الرسمي العراقي الذي تجاوز العديد من الخطوات الإجرائية من خلال المضي قدماً في اتهام سوريا ثم سحب السفير العراقي قبل أن تكتمل التحقيقات العراقية حول الموضوع.
• الميزة الثالثة هي التعبئة السلبية الفاعلة وتمثلت في اللجوء المتزايد إلى استخدام التصعيد الإعلامي وتوجيه الاتهامات واستخدام لغة التهديد بدلاً من اللجوء إلى التفاهم عبر القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها.
برغم تعدد المزايا والخصائص التي اتسم بها رد فعل الحكومة العراقية فإن ما أشرنا إليه لم يكن من قبيل الاتهام وإلقاء اللوم جزافاً وإنما، بحسب ما هو واضح وظاهر للعيان، من خلال القراءة الأولية لرد الفعل العراقي.
* دبلوماسية أنقرة الوقائية: إلى أين؟
تتميز الدبلوماسية الوقائية، أي دبلوماسية وقائية، بأنها أسلوب سياسي يركز على استخدام الوسائل السياسية لتفادي اندلاع الصراع أو لجهة وقف التصعيد ضمن حدود معينة تمهيداً لتنفيس الاحتقانات وصولاً إلى التهدئة الكاملة وإعادة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية. وعلى هذه الخلفية يمكن طرح المزيد من التساؤلات:
• ما هي حدود الدبلوماسية الوقائية التركية إزاء خلافات خط دمشق – بغداد؟ وما هي أهداف الدبلوماسية الوقائية التركية إزاء خلافات خط دمشق - بغداد؟ وهل ستسعى أنقرة لتقريب بغداد من دمشق أم تقريب دمشق من بغداد؟
تناقلت وسائل الإعلام العراقية وغير العراقية الكثير من المعلومات حول التفجيرات الأخيرة وتداعياتها السلبية على علاقات خط دمشق – بغداد ولكن المعلومة الأكثر أهمية تتمثل في قيام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بإجراء اتصال مطول مع وزير الخارجية التركي دافو توغلو قبيل مغادرته إلى بغداد ودمشق، وبرغم عدم وضوح التسريبات المتعلقة بفحوى الاتصال إلا أن الأمر في حد ذاته يؤكد على الحضور الأمريكي الواضح في جهود الوساطة التركية وهو حضور لا يمكن الاستهانة به طالما أن الجميع بمن فيهم الزعماء العراقيون يدركون مدى رغبة واشنطن في توظيف الأحداث والوقائع الجارية لإعطاء زخم ديناميكي للاحتلال الأمريكي، وبكلمات أخرى إذا كان الهدف المعلن هو سوريا فإن الهدف غير المعلن هو العراق نفسه، وبالتالي فعلى زعماء المنطقة الخضراء أن يدركوا جيداً المخاطر الأمريكية المحدقة ببلدهم طالما أن بيت القصيد وجوهر الصراع يتمثل في بناء المزيد من المبررات والذرائع بما يعطي القوات الأمريكية فرصة البقاء الدائم المستمر في العراق.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...