معارك ليبيا مستمرة: «رعاة السلام» مشغولون بـ«كورونا»!

15-04-2020

معارك ليبيا مستمرة: «رعاة السلام» مشغولون بـ«كورونا»!

حين «عبر» فيروس «كورونا» الحدود الصينية وبدأ الانتشار عالمياً في منتصف كانون الثاني الماضي، كانت تطورات ليبيا في قلب الصراع الدولي في حوض المتوسط، وبين أبرز أولويات دول الاتحاد الأوروبي؛ وتُرجم ذلك في «مؤتمر برلين» الذي أفضى إلى هدنة لم يكتب لها طولُ العمر. اليوم، وصل الفيروس نفسه إلى ليبيا، والميدانُ فيها أبعد ما يكون عن الهدنة المفترضة، فيما ينشغل الأوروبيون (كما العالم كله) عن أخبار جارتهم المتوسطية.

رغم إصابات «كورونا» التي سُجّلت في ليبيا، المنقسمة بين سلطتي «حكومة الوفاق» (يرأسها فائز السراج) و«الجيش الوطني» (يقوده خليفة حفتر)، تدور معارك عنيفة على الشريط الساحلي، غربي العاصمة طرابلس. وعلى خلاف الجولات التي سبقت «مؤتمر برلين»، تُبادر قوات «الوفاق» المدعومة تركياً، الآن، إلى الهجوم، مستهدفة المناطق الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني» في الساحل الغربي.

ومنذ صباح أمس حتى اليوم، تمكنت القوات المهاجمة من السيطرة على عدة مدن مهمة، أبرزها صرمان وصبراتة وزليتن. وبحسب الإعلان الرسمي الصادر عن وزارة الداخلية في «الوفاق»، فقد تمت السيطرة على كامل الشريط الساحلي الممتد من طرابلس إلى الحدود التونسية.

التقدم الأخير للحكومة في طرابلس، جاء بعد أشهر تخللها وصول إمدادات عسكرية تركية، ونقل مقاتلين من شمال سوريا إلى مطار مصراتة. ووفق المعلومات الميدانية المتوفرة، توفّر الطائرات المسيّرة التركية غطاءً جوياً مهماً لقوات «الوفاق»، وهي عدّلت كفّة القوة الجوية، التي كان «الجيش الوطني» متفوقاً فيها بدعم إماراتيّ ومصريّ.

بالتوازي، سقطت عشرات الصواريخ على العاصمة طرابلس، اليوم، غداة تقدم قوات «الوفاق». وأصيب العديد من المنازل في المنطقة المحيطة بمطار معيتيقة في الضواحي الشرقية، وهو المطار الوحيد العامل ولو بشكل متقطع في العاصمة، على حد ما نقلته وكالة «فرانس برس».وشهد محيط العاصمة الجنوبي اشتباكات اليوم، في موازاة التصعيد غرباً، حيث وصلت قوات «الوفاق» إلى محيط قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس، وهي القاعدة الخلفية لقوات «الجيش الوطني» ونقطة انطلاق طائراته.

«الحل سياسي»

في الوقت الذي تشّن فيه قوات «الوفاق» هجوماً عسكرياً في الميدان، وتقول إنها تخطط «لاستعادة جميع المناطق» التي كانت خاضعة لسيطرتها قبل عام (قبل انطلاق هجوم حفتر على طرابلس)، أكد وزير داخليتها، فتحي باشاغا، أنه «لا يمكن أن يكون هناك انتصار عسكري كامل في ليبيا... ولكن لا يوجد حل سياسي مع حفتر».

وفي ضوء التوازنات القائمة حالياً في ليبيا، وبالنظر إلى طبيعة الدعم الدولي المقدّم لطرفي الصراع، تبدو المقاربة الأخيرة التي طرحها باشاغا، بلا أفق. إذ حرصت الدول الداعمة، بمساع منفصلة ومتضادّة، على منع سقوط كل من طرابلس وبنغازي عسكرياً، ولن يتغيّر ذلك سريعاً.

أما الحل السياسي، فهو حاضر بشكل رئيسي في تصريحات الأمم المتحدة، التي أكد أمينها العام أنطونيو غوتيريش، أمس، ضرورة «إنهاء القتال وإيجاد حلول دائمة للصراع»، مشدداً على أهمية التطبيق الفعال لإجراءات حظر توريد السلاح. ولفت إلى أن «وقف القتال أمر حاسم لضمان قدرة السلطات الصحية على مواجهة التحدي الذي يشكله فيروس كورونا».

سلطتان ومركز واحد

في زمن انتشار «كورونا»، هناك في ليبيا ازدواجية في كل السلطات، لا يستثنى منها سوى «المركز الوطني لمكافحة الأمراض» المسؤول عملياً عن مكافحة الفيروس. وبرغم أن المركز يقع في طرابلس (تحت سلطة «الوفاق»)، فإن عمله ضمن هذه الظروف قد يتجاوز العقبات، بحكم تلقيه الدعم الأممي اللازم في هذه المحنة. ووفق إحصاءات المركز، بلغ إجمالي الإصابات بفيروس «كورونا» 26، حتى مساء أمس.

وكما في عدة دول، وافقت الصين في آذار الماضي على إرسال خمسة خبراء للتواصل مع المركز الوطني لمكافحة الأمراض الليبي، لتبادل الخبرات حول مواجهة «كورونا». واليوم أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن بلاده ستقدم الدعم اللازم لليبيا في هذا الشأن، وستعمل على «توفير المستلزمات الطبية، ومشاركة الخبرات وتعزيز التعاون في أعمال الوقاية والسيطرة».

أين أوروبا؟

غابت التصريحات الأوروبية عن مجريات ليبيا، حتى أرسلت مالطا رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، تطالبه فيها بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون يورو، للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية بين النازحين من ليبيا.وحضّت مالطا الاتحاد الأوروبي على إطلاق «مهمة إنسانية فورية» للمساعدة في وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، في رسالة لوزير خارجية الجزيرة المتوسطية العضو في الاتحاد الأوروبي، إيفاريست بارتولو، إلى وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، غداة تحديد قوات خفر السواحل المالطية موقع أربعة قوارب مطاط بين ليبيا ومالطا على متنها 258 شخصاً.

وقدّر الوزير في الرسالة أن «هناك أكثر من 650 ألف شخص ينتظرون مغادرة الشواطئ الليبية إلى أوروبا مع تسارع معدل المغادرة بسبب النزاع والمرض ونقص الاحتياجات الأساسية».

عقب ذلك، أشار المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بيتر ستانو، الى أن بوريل تسلم رسالة من وزير خارجية مالطا «وسيعمل على التعامل مع الطلب والرد عليه». وقال ستانو: «ندرك في أوروبا خطورة الوضع الليبي، وإطلاقنا لعملية إيريني البحرية تعبير عن اهتمامنا وتحركنا». وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق نهاية آذار الماضي عملية «إيريني» لمراقبة تنفيذ قرار الأمم المتحدة حظر توريد السلاح إلى ليبيا.

 

 


الأخبار


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...