لبنان يعين قائداً للجيش و«حزب الله» يسلّم مطلق النار على المروحية

30-08-2008

لبنان يعين قائداً للجيش و«حزب الله» يسلّم مطلق النار على المروحية

بعد شغور في رأس الهرم العسكري في لبنان، استمر منذ انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان في الخامس والعشرين من أيار الماضي، عيّن مجلس الوزراء امس القائد الثالث عشر للجيش اللبناني، منهيا بذلك فترة ثلاثة اشهر من الجدل والمماحكات السياسية حول مواصفات القائد الجديد للمؤسسة العسكرية. في غضون ذلك تسارعت وتيرة التحقيق في حادث اطلاق النار على مروحية الجيش اللبناني واستشهاد النقيب الطيار سامر حنا، فيما سلم »حزب الله« مطلق النار على المروحية، كخطوة تندرج في سياق »التعاون الى ابعد الحدود« الذي قرره الحزب مع الجيش والقضاء لجلاء هذه القضية والملابسات التي تحيط بها من جوانبها كافة.
وكما كان متوقعا، عيّن مجلس الوزراء العميد جان قهوجي قائدا للجيش بعد ترفيعه الى رتبة عماد. وجدد في الوقت ذاته للسفراء من خارج الملاك، فيما عيّن السفير ناجي ابي عاصي مديرا عاما لرئاسة الجمهورية. ومن دون الاعلان عن ذلك، تقرر تعيين مدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري سفيرا (في الفاتيكان او في باريس).
وعكست الاجواء التي رافقت طرح التعيين في الجلسة، اعتراضا أبداه وزيرا اللقاء الديموقراطي غازي العريضي ووائل ابو فاعور على الطريقة التي أديرت بها طريقة التعيين، وهو ما دفع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط للاعلان عن عدم رضاه حيال ما جرى، داعيا الى »عدم تكرار مثل هذه المسرحيات في التعيينات المقبلة« وقال: » كنا بغنى عن بعض المناورات الالتفافية التي تلاها وضع ما سمي بجدول المواصفات بعد أن كان قد حصل الاتفاق سابقا ولن أعلق على ذلك«.
وقالت مصادر وزارية ان اعتراض العريضي وابو فاعور، ارتكز على التأكيد بأن الموقف المبدئي، هو دعم المؤسسة العسكرية بشكل اكيد قولا وفعلا، وترجمة هذا الدعم عمليا على كل المستويات، وايضا في التعامل مع المؤسسة بشكل ودي على الارض، وعدم ارباكها بأحداث أمنية، والدعم الحقيقي يوصل الى ابعادها عن التجاذب السياسي.
وأشارت المصادر الى طريقين تحدث عنهما العريضي وأبو فاعور، كان يفترض ان يتم سلوكهما في التعيين، الاول عبر اعتماد خيار الكفاءة، والمؤسسة العسكرية زاخرة بالكفاءات، ولدى رئيس الجمهورية خبرة اكيدة في هذا المجال. وأما الثاني، فهو اعتماد توافق سـياسي، من خلال اشراك جميع القوى السـياسية وكذلك الوزراء المسـتقلون، لا ان تدار الامور في العتمة، وتجري »الفحوصات« لدى بعض القوى السياسية، لتنتهي الى الاتفاق على ما تم طبخه في العتمة.
ولفتت المصادر الانتباه الى ان خلاصة اعتراض العريضي وأبو فاعور، هي ان الاعتراض هو حصرا على الطريقة وليس على الشخص، والتأكيد على ان الصدق والوضوح هما الافضل مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.
وعلم في هذا المجال ايضا ان وزيري »القوات اللبنانية« طوني كرم وإبراهيم نجار، وأيضا الوزير ابراهيم شمس الدين قد تحفظوا، على خلفية عدم إطلاعهم على اجواء التعيين، ولا على جدول المفاضلة، وعلى الاجتماعات التي عقدها بعض الضباط مع سياسيين.
وتجدر الاشارة هنا الى ان اعتراض الوزيرين التقدميين وكذلك تحفظ الوزراء الثلاثة الآخرين، يتقاطع مع التحفظ الذي ابداه البطريرك الماروني نصر الله صفير حيال هذا التعيين من اساسه، والذي عاد وكرره أمام وزير الدفاع الياس المر حينما زاره الاخير في الديمان قبل يومين. وأجواء اللقاء كما وصفتها مصادر واسعة الاطلاع، كانت حادة، حيث عبر البطريرك صفير بوضوح عن انزعاجه واستيائه البالغ، وخصوصا »ان هناك من سبق له ان قطع وعودا قبل انتخاب رئيس الجمهورية، لكنه أخل بها«.

ويفترض ان يتسلم العماد قهوجي مهامه رسميا الاثنين المقبل في احتفال يقام في اليرزة، ومن المقرر ان يقوم اليوم بزيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث سيتم وضع شارة »العمادة«، كما سيقوم بوضع اكليل من الزهر على ضريح الجندي المجهول. وسيقوم ايضا بزيارة خاصة لمنزل اللواء الشهيد فرنسوا الحاج في بعبدا، اضافة الى زيارات لاحقة للمراجع الرسمية.
وعلم ان العماد قهوجي قد وضع في جو حسم تعيينه نهارا، وتلقى اتصالات تهنئة مسبقة من العديد من المراجع السياسية. وفي لقاء معه قال انه ليس محسوبا على اي طرف، وإنه فقط ابن المؤسسة العسكرية. وهو كان في الماضي ينفذ اوامر المؤسسة العسكرية ولا ينفذ اوامر هذا السياسي او ذاك.
وقال العماد قهوجي: ان المهمة الاولى لي، ستكون اذاعة »امر اليوم« للعسكريين، وسأحدد في امر اليوم خطة عملي للمرحلة المقبلة. والاولوية اعتبارا من بداية الاسبوع المقبل، هي الانصراف الى إتمام التعيينات والتشكيلات، لان الوضع لا يحتمل أي تأجيل.
وما تجدر الاشارة اليه في هذا السياق، ان ترقية العميد جان قهوجي الى رتبة عماد قائد للجيش، تتجاوز ٥٨ من أقرانه العمداء.
- في هذا الوقت، وفيما جرى امس، تشييع النقيب الطيار سامر حنا في مسقط رأسه تنورين في مأتم شعبي مهيب، تكثفت التحقيقات في شأن إطلاق النار على الطوافة التابعة للجيش اللبناني، وعقد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد اجتماعا مع قائد الشرطة العسكرية العميد الركن إبراهيم منصور، واطلع منه على التحقيقات الميدانية التي تجريها الشرطة العسكرية في شأن الطوافة، وأعطى توجيهاته اللازمة لمتابعة التحقيق وإتمامه بالسرعة القصوى تمهيدا لإجراء المناسب.
وكما كان متوقعا، اصدر »حزب الله« بيانا، وضع فيه الحادث في عهدة القضاء داعيا الجهات السياسية كافة الى عدم تقديم تفسيرات لا أساس لها من الصحة على حادثة لم تعلم معطياتها بعد، وترك الأمر للقضاء المختص الذي سيقوم بمسؤولياته كاملة في هذا المجال.
واحتسب الحزب الشهيد الطيار شهيدا للمقاومة والوطن كما هو شهيد للجيش، وأكد ان حادث اطلاق النار على الطوافة واستشهاد النقيب حنا، هو حادث »مؤسف ومؤلم جدا وله ملابساته التي سيظهرها التحقيق ان شاء الله«. وأشار الى ان هذه القضية بكامل تفاصيلها وضعت في عهدة القضاء اللبناني. مؤكدا انه سيتعاون إلى »أبعد الحدود مع الأخوة الأعزاء في الجيش اللبناني ومع الجهات القضائية المختصة بما يكفل جلاء الحقيقة وإحقاق الحق«. وأتبع »حزب الله« بيانه بتسليم مطلق النار الى الشرطة العسكرية، وقد بوشرت التحقيقات معه بإشراف القاضي جان فهد.
وكان هذا الموضوع مدار نقاش في جلسة مجلس الوزراء، حيث شدد رئيس الجمهورية على الإسراع في التحقيقات وجلاء الملابسات، كما اعتبر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان الحادث ليس حادثا عابرا، فيما أطلع وزير الدفاع الياس المر المجلس على التفاصيل المتعلقة بالحادث، وعرض جملة وقائع وصفت بالموضوعية، ومنها على سبيل المثال، كما أوردتها مصادر وزارية، ان المروحية التي استهدفت بإطلاق النار عليها، تختلف من حيث اللون، مع اللون المعتمد للمروحيات التي يستخدمها الجيش اللبناني. وأيضا ان العلم اللبناني على المروحية ليس ظاهرا بشكل واضح، كما في سائر المروحيات، علما ان هذه المروحية قد زود بها الجيش حديثا من الإمارات العربية المتحدة. واللافت في هذه الوقائع ايضا، ان المروحية أصيبت بثلاث رصاصات فقط، وأن »الشباب تصرفوا بعد هبوط المروحية بأخلاقية وإنسانية واضحة، وحاولوا إسعاف الجريح وتقديم ما يلزم اليه«.
وفي موازاة مداخلات بعض الوزراء الذين اعتبروا الأمر خطيرا، جاءت مداخلة الوزير محمد فنيش من جوهر بيان »حزب الله«، اذ اكد ان هذا الحادث مؤلم ومؤسف، »ونحن نشعر اننا خسرنا الشهيد الطيار، وبالتالي نعتبره واحدا من شهدائنا، علما ان تاريخ المقاومة، لم يسجل ابدا، وجود اية مشكلة مع الجيش، او حتى امكانية ان تكون هناك مشكلة مع الجيش. نحن نترك الامر للتحقيق لكي نصل الى توضيح كل الامور وجلاء كل الملابسات«.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...