كلينتون تطوي صفحة الخلاف مع نتنياهو

23-03-2010

كلينتون تطوي صفحة الخلاف مع نتنياهو

رسمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوضوح معالم الرؤية الأميركية للعلاقات مع اسرائيل، مؤكدة ان الالتزام الاميركي بأمنها «صلب كالصخر» لكن عدم التوصل إلى حل يقوم على مبدأ «دولتين لشعبين» يضر بالمصالح الأميركية. وربطت كلينتون علنا بين التسوية في فلسطين ومواجهة المشروع النووي الإيراني بإعلانها أن التحديات «تغدو أشد إذا نما الرفضيون وزادت قوتهم». روزنبرغ يحيي كلينتون لدى حضورها للمشاركة في مؤتمر «إيباك» أمس
واستبقت كلينتون وصول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن بأن عرضت أمام اللوبي الصهيوني «ايباك»، في المؤتمر الأشد محاباة لإسرائيل والذي ضم حوالى 7 آلاف عضو تصور إدارة أوباما الذي يستند إلى محاولة الفصل بين الموقف الثابت والجلي من أمن إسرائيل ومستقبلها وبين الموقف من سياسة حكومتها. ورأى كثيرون في العاطفة التي أغدقتها كلينتون على إسرائيل، والوضوح في الموقف من الاستيطان والتسوية رسائل داخلية وخارجية. وقد نالت تصفيقا طويلا في كثير من مواضع الخطاب الذي استمر حوالى ساعة. وأعطت كلينتون مؤتمر ايباك انطباعا بأنها «أم العروس»، وأنها من العائلة، خصوصا أن ابنتها تشيلسي على وشك الزواج بشاب يهودي.
وجرى التلميح في الخطاب إلى أن أميركا تريد من إسرائيل أن تساعدها على توفير المساعدة الجوهرية لها والمتمثلة أصلا بضمان المصالح الأميركية في المنطقة. وأشارت إلى أن عدم مسايرة حكومة إسرائيل للمصالح الأميركية يضر في النهاية بمصالح إسرائيل.
وشددت كلينتون على أن «العلاقات مع إسرائيل لم تكن أبدا أكثر أهمية من اليوم». وقالت ان إدارة أوباما ملتزمة بأمن إسرائيل التي عليها «اتخاذ قرارات صعبة». وقالت ان «الولايات المتحدة تعرف أن إسرائيل قوية أمر حيوي لاحتياجاتنا الاستراتيجية، لذلك فإننا نؤمن أننا بتعزيزنا أمن إسرائيل إنما نعزز أمن الولايات المتحدة. وهكذا، منذ اليوم الأول، عملت إدارة أوباما من أجل تعزيز أمن إسرائيل وازدهارها، وإذا كان لأي منكم شك في قدرة أوباما على الوقوف بحزم في هذه المهمة، فعليكم فقط أن تروا ما حققناه للتو بشأن الإصلاح الصحي».
وتحدثت كلينتون عن الخطر الديموغرافي «الناجم عن الاحتلال الإسرائيلي» وهو ما يهدد «على المدى البعيد مستقبل إسرائيل كدولة محمية يهودية وديموقراطية». وقالت ان حبها الجم لإسرائيل لا يمنع من طرح مطالب على شكل «كيف نرى الأمور»، بعدما قالت ان أميركا «لن تفرض حلا على الطرفين».
واعتبرت كلينتون ان السعي للسلام أساسي لأن التغييرات التكنولوجية والديموغرافية تضع إسرائيل في خطر وتهدد بتغيير الوضع القائم على الأرض. وأوضحت ان تكنولوجيا الصواريخ التي يستخدمها المقاتلون في غزة وجنوب لبنان تهدد العديد من البلدات الإسرائيلية. أما ديموغرافياً، فقالت ان «حسابات الديموغرافيا التي لا ترحم تسرّع الساعة التي سيكون فيها على الإسرائيليين الاختيار بين الحفاظ على الديموقراطية والإبقاء على حلمهم بأرض الميعاد». وأضافت «نظراً لهذا الواقع فإن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للحياة للحفاظ على إسرائيل كدولة ديموقراطية ويهودية».
وقالت انه «عبر المفاوضات القائمة على الثقة يمكن للطرفين الاتفاق بشكل متبادل على نتيجة تضع نهاية للصراع وتلبي الهدف الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة قابلة للحياة تستند إلى حدود العام 1967 مع تعديلات وتبادل أراض متفق عليه، والهدف الإسرائيلي في دولة يهودية مع حدود آمنة ومعترف بها». ورأت أن «البناء الجديد في شرقي القدس والضفة الغربية يقوض الثقة المتبادلة ويعرض للخطر محادثات التقارب، التي هي الخطوة الأولى نحو المفاوضات الكاملة التي يقول الطرفان انهما يريدانها ويحتاجان اليها. وهذا البناء كشف عن خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة يأمل الآخرون في المنطقة استغلاله».
وبخصوص القدس، كانت كلينتون أقل وضوحا، فقد أعلنت «أن معارضتنا للبناء في القدس الشرقية لم يكن مسألة كرامة جريحة، وليست حكما على الوضع النهائي للقدس، وهي مسألة يجب البحث فيها على طاولة المفاوضات. المسألة هي الوصول للطاولة، لخلق وصيانة أجواء الثقة حولها، والبقاء هناك إلى أن يتم الانتهاء من الأمر بشكل سليم». ورأت ان «البناء يعرض للخطر محادثات التقارب ويقلص قدرة الولايات المتحدة على لعب دور مهم في المنطقة». وألمحت بشكل خفي إلى إدارة مشتركة للأماكن المقدسة للأديان الثلاثة وقالت: «إن الولايات المتحدة تعترف بأن القدس مهمة بشكل عميق للإسرائيليين والفلسطينيين، لليهود والمسلمين والمسيحيين. ونحن نؤمن بأنه عبر المفاوضات يمكن للطرفين أن يتفقا على نتائج تعبر عن طموح كل هذه الأطراف في القدس والمحافظة على مكانتها من أجل الناس في العالم بأسره».
وأشارت إلى أن «الولايات المتحدة تعرف أنه ليس بوسعها فرض حل. ونحن نؤمن بأن بوسع الطرفين التوصل إلى نتيجة تنهي الصراع». ولذلك فإن «على كل الأطراف أن تتخذ قرارات صعبة لكنها إلزامية». وأطلقت تحذيرا من نوع: «واشنطن ستسجل نقاطا في خانة إسرائيل عندما تستحق ذلك، لكنها أيضا ستقول الحقيقة عندما يقتضي الأمر».
وانتقدت كلينتون في خطابها السلطة الفلسطينية لقرارها تسمية ميدان في رام الله باسم الشهيدة دلال المغربي، معتبرة أن في ذلك «إهانة للطرفين». وأشارت كذلك إلى سوء تفسير الفلسطينيين لترميم «كنيس الخراب»، وهو ما يستدعي «التنديد»، ويحول دون «سلام بناء». وامتدحت رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو على الخطوات التي أقرها لتسهيل حياة الفلسطينيين ولقبوله بمبدأ دولتين لشعبين.
وربطت كلينتون بين الموضوعين الفلسطيني والإيراني، حيث رأت أن «كل التحديات الإقليمية التي تواجهنا تغدو أشد، إذا ترعرع الرفضيون وزادت قوتهم. وعلى النقيض من ذلك، فإن حل الدولتين يسمح لإسرائيل بمساعدة العالم والبشرية على نيل الاعتراف الذي تستحقه». وأشارت إلى أن عقوبات «لاسعة» ستتخذ، وستوضح «لزعماء إيران أن هناك عواقب حقيقية لقلة استعدادهم للتسوية». وشددت على أن «الهدف ليس توسيع العقوبات، وإنما فرض عقوبات تلدغ. والأمر يتطلب وقتا لخلق عقوبات كهذه، ونحن نؤمن بأنه يجدر توظيف الوقت هذا من أجل كسب التأييد الواسع قدر الإمكان لجهودنا. لكننا لن نساوم على التزامنا بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. اسمحوا لي بأن أكون شديدة الوضوح: الولايات المتحدة عازمة على منع إيران من الحصول على سلاح نووي».
ولا يمكن الحديث عن مؤتمر «ايباك» من دون الإشارة إلى خطاب وزير البنى التحتية عوزي لانداو، الذي أشار للمؤتمرين بقدرة إسرائيل على أن تغدو «وادي بدائل النفط»، على وزن «وادي السيلكون» التكنولوجي. وربط لانداو بين بدائل النفط وبين محاربة الإرهاب العالمي عبر الإيحاء بأن النفط يغذي ذلك الإرهاب من خلال تعلق العالم الغربي بالعالم العربي بسببه.
من جهته، دعا رئيس «ايباك»، لي روزنبرغ، الذي كان من أبرز ممولي حملة الرئيس الأميركي باراك أوباما، البيت الأبيض إلى إبقاء الخلافات مع إسرائيل سرية. ونقلت وكالة «جويش تلغراف» عن روزنبرغ قوله في خطابه الافتتاحي لمؤتمر «ايباك» إنّ «على الحلفاء حل خلافاتهم سراً»، واصفاً التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة «بالمؤسفة جداً».
وأشار مقربون من نتنياهو إلى أن خطابه أمام «ايباك»، الذي من المقرر أن يلقيه فجر اليوم، سيشدد على أنه في ما يتعلق بالقدس ليس هناك في إسرائيل خلاف على أنها ليست مستوطنة وما ينطبق على تل أبيب ينطبق عليها. وسيحاول نتنياهو شرح ما فعلته حكومته والحكومات السابقة من أجل السلام مع الفلسطينيين ومن أجل توطيد العلاقات مع أميركا. غير أن الجزء الأهم من خطابه سيتوجه نحو إظهار الخطر الإيراني على السلم والأمن العالميين. وسوف يردد أن العالم سيفتقد الأمن النووي الذي عاشه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدخول إيران النادي النووي.

حلمي موسى

المصدر: السفير


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...