فضيحة التلاعب بسكن الشباب في إسكان حمص!

26-09-2017

فضيحة التلاعب بسكن الشباب في إسكان حمص!

استكمالاً لما نشرناه مؤخراً عن وجود تلاعب وتزوير وسرقة للمال العام في عقود بعض المشاريع التي ينفذها فرعفضيحة التلاعب بسكن الشباب في إسكان حمص! المؤسسة العامة للإسكان في محافظة حمص بخصوص السكن الشبابي، نتابع فتح هذا الملف ولاسيما بعد حصولها على وثائق تثبت محاولات المتورطين إبعاد التهم عنهم وإلصاقها بالغير، فضلاً عن تسليط الضوء على بعض الثغرات التي حالت دون اتخاذ قرارات من شأنها حماية المال العام من السرقة.

بداية المحاولة

حاول المتورطون إبعاد التهم عنهم وإلصاقها بمكتب الجاهزية بفرع المؤسسة في حمص، المكلف بحراسة المستودعات، فوجّه مدير قسم الدراسات الكتاب رقم /2019/و.د تاريخ /8/3/2017 إلى مدير الفرع يطلب فيه الإطلاع والإحالة إلى مكتب الجاهزية لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الموجودات ونواقص الإحضارات عما ورد في الجرود الأساسية للعقود الثلاثة.

رد صاعق

فجاء الرد من مكتب الجاهزية بالكتاب رقم /2241/ تاريخ /16/3/2017 بالتحفظ على ما جاء في محاضر الاستلام وذلك لعدم إبلاغ مكتب الجاهزية بعمليات جرد العقود وتسليم موجوداتها للمتعهد، فلجأ كل من مدير الفرع ورئيس قسم الدراسات إلى سحب الكتاب رقم /2019/و.د واستبداله بكتاب آخر يحمل الرقم والتاريخ نفسيهما تم تدوينهما بخط رئيس قسم الدراسات، والمضمون نفسه ولكنه شطب عبارة «نواقص الإحضارات عما ورد في الجرود الأساسية»، إلا أن مكتب الجاهزية وجه كتاباً إلى مدير الفرع برقم /2137/ تاريخ 13/3/2017 يطلب فيه إجراء مقارنة بين الجرود القديمة والجرود الجديدة، وإذا كان هناك من نواقص ليصار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

لا مندوب

ولم يكتف مكتب الجاهزية بكتابه السابق، بل أكد أن هنالك فروقات كبيرة بالكميات المسلمة إلى المتعهد الجديد، وأن المتعهد واللجان قاموا بفتح المستودعات من دون وجود مندوب أو من يمثل مكتب الجاهزية وتسليم الحراس لهم كامل الموجودات من دون نواقص.

مصدقة أصولاً

وإلى ما قبل صدور قرار تشكيل بعثة التفتيش بعدة أيام، استمرت محاولات رئيس قسم الدراسات ورئيس مجموعة الإشراف على العقود لنسج أغطية على الفروقات الحاصلة في الجرود عبر الكتاب رقم /3304/ تاريخ /27/4/2017 الذي أراد فيه الإقناع أن محاضر الجرود السابقة غير مصدقة أصولاً، إلا أن رد مكتب الجاهزية الذي جاء بتاريخ /28/5/2017 أشار إلى أن محاضر الجرد القديمة عند سحب الأعمال مصدقة أصولاً، ولها أرقام في الديوان ومؤشرة من قبل مدير الفرع السابق ومحفوظة في أضابير المشاريع ومحولة إلى رئيس قسم الدراسات.

مماطلة للتصريف

إن تأخر البعثة التفتيشية أكثر من شهرين في الحضور إلى مقر فرع المؤسسة في حمص وعدم اتخاذ أي قرار احترازي من قبل إدارة المؤسسة وهي من أبلغ الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بوجود ضياع للمال العام ناتج عن الفروقات في محاضر الجرود، كالتحفظ على مستودعات العقود وإغلاقها ريثما يتم تشكيل البعثة وانتهاء إجراءات التحقيق، ساهم إلى حد كبير في استفادة المتورطين من عامل الوقت، حيث تم تصريف جميع الكميات التي تشكل الفروق بين محاضر الجرود القديمة والجديدة لمستودعات العقود، وهو ما يؤكده محضر اللجنة الفنية رقم/10974/ك وتاريخ /9/8/2017 أي بعد حوالي شهرين و 4 أيام من تشكيلها، والذي كشف أنه لم يلاحظ وجود أي إحضارات في المستودعات (صالحة أو غير صالحة) إذ قام المتعهد باستهلاكها جميعاً، كما أنها وجدت كمية حصر أباجورات ونوافذ بلغت (503) تابعة للعقد /718/ك, بينما كانت مسجلة في محضر جرد للعقد نفسه (290)، وهي قابلة للتركيب بخلاف طلب المتعهد بعدم استلامها لكونها غير صالحة.

800 مليون ليرة للمتعهد

والأهم من ذلك, فقد بلغت قيمة الكميات المصروفة للمتعهد وفقاً للكشوف الشهرية 257 مليوناً و267 ألفاً و96 ليرة عن العقد /1408/ك حتى تاريخ 18/7/2017، و221 مليوناً و334 ألفاً و440 ليرة عن العقد /816/ك لغاية تاريخ 20/7/2017، و265 مليوناً و396 ألفاً و502 ليرة عن العقد /817/ك حتى تاريخ 20/7/2017، والسؤال: كيف يتم صرف هذه الكشوفات في وقت يجري فيه التحقيق بتهم الرشوة وهدر المال العام والسرقة, وهل المادة /54/ من قانون العقود تجيز هذه الصرفيات…؟

النيابة العامة تدعي

وبعد تأخر بعثة التفتيش في البدء بإنجاز مهامها، تم إيصال وثائق التلاعب إلى إحدى الجهات المختصة التي قامت على الفور بتوقيف المهندس /و – ع/ ثم بتاريخ /24/7/2017 أوقفت المهندس /أ – ق/ والمراقب الفني /أ – د/ للتحقيق معهم، حيث كانت نتائج التحقيق صادمة، وهو ما يبينه ادعاء النيابة العامة في حمص المحول إلى قاضي التحقيق المالي والمستند إلى تقرير محال إليه من إحدى الجهات المختصة على الموقوفين بتهم اختلاس الأموال العامة وتقاضي الرشوة والإخلال بالواجبات الوظيفية، وعلى المتعهد /م – ص/ بتهم اختلاس الأموال العامة وتعاطي الرشوة والتزوير الجنائي، ودفع رشوة، إضافة إلى تهم التدخل بجرم سرقة الأموال العامة للمهندسين العشرة المتهمين والمتعهد، وتقاضي الرشوة لكل من المهندس /م – ا/ و /ر – ا/ و/ن– ر/ حيث أصبحت القضية منظورة أمام قاضي التحقيق المالي.

تزوير وتلاعب ورشوة

وحسب معطيات خاصة حصلنا عليها فقد بُني ادعاء النائب العام في حمص على مجموعة وثائق وتقارير أُحيلت إليه، تكشف عن قيام المهندس /و – ع/ بالتلاعب بكمية الإحضارات وتزوير الأرقام الواردة في الجرد لمصلحة المتعهد /م – ص/ تقدر قيمتها بـ/40/ مليون ليرة مقابل مبلغ 6 ملايين ليرة، إذ ذهب منها مبلغ /3,3/ ملايين ليرة إلى مدير الفرع /إ – ا/ بينما حصل هو على مبلغ /1,700/ مليون ليرة، في حين أن حوالي مليون ليرة كانت من نصيب المهندس /أ – ق/ وأن التلاعب تم بعلم وبموافقة مدير الفرع، كذلك حصول المهندس /و– ع/ على مبالغ مالية من المتعهد المذكور لقاء الكشوفات الشهرية، وهي مبلغ /50/ ألف ليرة عن كل كشف، رغم أن تنظيم الكشف من عمله ولا يحتاج دفع مثل هذه المبالغ، والأهم من ذلك أن كل العقود المسحوبة من المتعهدين السابقين فيها صرف مالي أكبر مما هو منفذ على أرض الواقع منها العقد /114/24/5 لعام 2010، والعقد /66/24/5 لعام 2012 لتنفيذ مرافق «طرق – مجارير» إذ تبلغ قيمة التلاعب عشرات ملايين الليرات، وتقاضي مدير فرع حمص مبلغاً لا يقل عن /300/ ألف ليرة لقاء توقيعه على كل كشف شهري للمتعهدين وإقدامه على أعمال السمسرة والكمسيون من خلال تأمين ورشات عمال للعمل مع المتعهدين، وغيرها من أعمال شراء الشقق من المكتتبين والمتاجرة بالاستثمارات.

جرد نظري ومساومة

أما بخصوص المهندس /أ – ق/ فقد بَيَّنت الوثائق أنه قام بجرد الأعمال الكهربائية فقط وكشفت أيضاً عن تلاعب في المواد وكمياتها لمصلحة المتعهد /م – ص/ قام بها المهندس /و – ع/ لقاء المنفعة المادية وبالاتفاق وبعلم مدير الفرع، إضافة لحصوله على مبالغ مالية على دفعات بلغت /700 – 800/ ألف ليرة من المهندس المذكور والمتعهد.

أوامر شفهية

وفيما يتعلق بالمراقب الفني /أ – د/ فقد أكدت الوثائق أن أعمال الجرد بالأرقام الواردة في الجرد الأول وهي أرقام حقيقية.

برسم الهيئة

لا تزال البعثة التفتيشية منشطرة إلى نصفين, عضو في دمشق يمارس عمله الوظيفي كالمعتاد وآخر في حمص، ولا نعلم كيف تعمل هذه اللجنة وفيما إذا وضعت يدها على حقائق تدين المتورطين، والأهم من ذلك, لماذا لم تتخذ أي إجراء احترازي يوقف عمليات السرقة والنهب للمستودعات، أسوة بالإجراءات التي اتخذتها اللجان المكلفة بمعالجة ملف القروض المتعثرة، أم إن هذه اللجنة لها قوانينها الخاصة، وهل يكون عمل البعثات التفتيشية هكذا…؟ حيث إننا نضع عمل هذه اللجنة برسم رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وندعوه إلى إعادة النظر بتشكيلها بما يخدم المحاسبة الحقيقية للمتورطين وإعادة الأموال المسروقة.

المصدر: صحيفة تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...