فزاعات الخليج العربي ومغالطات تقرير كورديسمان

27-03-2008

فزاعات الخليج العربي ومغالطات تقرير كورديسمان

الجمل: يقول الخبراء الإستراتيجيون وصانعو القرار السياسي الأمريكي، بأن صيغة التعامل مع التهديدات الماثلة والمحتملة في سياقات معادلة الأمن الخليجي أصبحت تحتاج إلى المزيد من عمليات المراجعة والتقويم.
* طبيعة التهديدات والمخاطر المتزايدة:
يرى الخبير الاستراتيجي أنطوني كورديسمان بأن الخليج العربي أصبح لا يواجه التهديدات النظرية المجردة وإنما تهديدات حقيقية أصبحت تقع ضمن مرتبة المخاطر الوشيكة ومن أبرزها:
• الخطر العسكري التقليدي.
• خطر الحرب اللامتماثلة.
• خطر الصواريخ والقدرات النووية الإيرانية.
• خطر عدم استقرار العراق.
• خطر مشاكل الطاقة.
• خطر انكشاف البنيات التحتية.
• خطر الإرهاب السني والشيعي.
• خطر تزايد العمالة الأجنبية لجهة تشويه القوام الديمغرافي الخليجي.
ويتوجب –برأي الخبير كورديسمان- على دول الخليج العربي أن تقوم بحشد تعبئة الموارد لجهة تطوير قدراتها الردعية والدفاعية.
* الإدراك الغربي لأمن الخليج: نظرية المؤامرة:
خارطة المخاطر التي أشار إليها الخبير كورديسمان، هي خارطة تعبر بوضوح عن الإدراك الغربي "المصنوع"، الذي يستخدم خطاب المخاطر والمهددات التي تواجه منطقة الخليج ضمن
حملة الذرائع الأمنية الهادفة إلى:
• إقناع الأطراف الخليجية بالمضي قدماً في العلاقات الإستراتيجية غير المتوازنة مع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية.
• دفع الأطراف الخليجية إلى الانخراط في عملية سباق تسلح واسعة تؤدي إلى ابتزاز شركات السلاح الأمريكية والغربية للأموال الخليجية.
• إعطاء المبررات للوجود العسكري الأمريكي والغربي في منطقة الخليج العربي.
• التأسيس لنموذج إدراكي يركز حصراً على أمن الخليج بما يؤدي إلى فصله عن الأمن القومي العربي، وفقاً لأسلوب فصل وعزل الجزء عن الكل.
أبعاد نظرية المؤامرة التي تستخدم نموذج أمن الخليج تتضح أكثر فأكثر عند استعراض معطيات خبرة النماذج التاريخية التي ظلت الولايات المتحدة وتحديداً مجلس الأمن القومي الأمريكي يستخدمونها في نمذجة أمن الخليج وفقاً للفزاعات الآتية:
• فزاعة الخطر الشيوعي التي استخدمت خلال فترة الاتحاد السوفييتي وبقدر أكبر خلال فترة الوجود السوفييتي العسكري في أفغانستان.
• فزاعة الخطر البعثي العراقي التي استخدمت خلال فترة نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
• فزاعة الخطر الإيراني ويتم استخدامها حالياً.
هذا، ويبدو "تدليس" الخبير الاستراتيجي أنطوني كورديسمان في معرض إشارته إلى المخاطر التي حددها باعتبارها أصبحت مخاطر رئيسية وشيكة تهدد أمن الخليج، ويمكن التعليق على قائمة المخاطر هذه على النحو الآتي:
• الخطر العسكري التقليدي: حالياً لا توجد أي حشود عسكرية إقليمية ضد بلدان الخليج العربي إضافة إلى أن بلدان الخليج العربي محاطة بالحواجز البحرية والعمق الصحراوي الواسع، ولا توجد أي قوة عسكرية تقليدية، أما الحشود العسكرية الموجودة في منطقة الخليج فتتمثل حالياً حصراً في القوات الأمريكية وحلفائها التي ترتكز في الخليج تحسباً لشن حرب (بالوكالة عن إسرائيل) ضد إيران.
• خطر الحرب اللامتماثلة: لا توجد أي مليشيات مسلحة في بلدان الخليج على غرار المليشيات الكردية أو العراقية أو غيرها.
• خطر الصواريخ والقدرات النووية الإيرانية: وهو خطر يستهدف الحشود العسكرية الأمريكية والغربية الموجودة في الخليج، ولا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال خطراً يستهدف بلدان الخليج التي ترتبط بأكثر من اتفاقية تعاون أمني مع إيران.
• خطر عدم استقرار العراق: ينظر العديد من الخبراء والمحللين إلى عدم استقرار العراق، باعتباره ناتجاً ضمن تداعيات الاحتلال العسكري الأمريكي، ولم نسمع في أي يوم من الأيام أن إحدى المليشيات المسلحة العراقية تخطط وتعمل من أجل استهداف الخليج ونقل الصراع العراقي إلى أراضيه.
• خطر مشاكل الطاقة: لا تعاني دول الخليج من أي مشاكل تتعلق بالطاقة، والمشكلة الوحيدة التي تهدد دول الخليج هي قيام الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بالسيطرة على منابع النفط الخليجي.
• خطر انكشاف البنيات التحتية: دول الخليج هي عبارة عن مدن صغيرة أمامها ساحل الخليج العربي وخلفها الصحراء، وتأمين البنيات التحتية النفطية والمدنية الخليجية يمكن القيام به عن طريق التعاون الأمني الإقليمي وليس بإقامة القواعد العسكرية الأمريكية والتواجد الضخم للأساطيل النووية الأمريكية، خاصة وأنه لا يوجد أي احتمال لأي نوايا روسية أو صينية للسيطرة على الخليج، وتؤكد كل وثائق مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن منطقة الخليج هي الهدف الأول في العالم لنوايا التدخل الأمريكي.
• خطر الإرهاب السني والشيعي: من المعروف أن الحركات المسلحة السنية والشيعية تنشط في مواجهة العدوان الإسرائيلي في لبنان والأراضي الفلسطينية والعدوان الأمريكي في أفغانستان والعراق، ولم يحدث أن قررت حركة مسلحة سنية أو شيعية القيام بتنفيذ عملياتها المسلحة في منطقة الخليج العربي وحتى العمليات المحدودة التي تم تنفيذها بواسطة حزب الله التركي والجماعات السنية المتشددة كانت بالأساس تستهدف الوجود العسكري الأمريكي والغربي غير المرغوب فيه من قبل السكان.
• خطر تزايد العمالة الأجنبية: تتميز بلدان الخليج بوجود الإمكانيات المادية العالية والقدرات البشرية الصغيرة المحدودة، وبسبب ذلك، لجأت هذه البلدان إلى الاستخدام المكثف للعمالة الأجنبية، واستطاع الخبراء الخليجيون وضع الضوابط التي تحدد كيفية وجود العمالة الأجنبية ونطاق بقاءها في كل دولة، وحتى الآن لم نسمع بأن العمالة الأجنبية المكثفة في الخليج قد ترتب على وجودها نشوء "مشكلة أقليات" و"قضايا اندماج" مجتمعي.
تشير الدراسات والبحوث إلى أن "فزاعات" الخطر الأمني التي حاول الخبير الاستراتيجي أنطوني كورديسمان التسويق لها، هي فزاعات تعود إلى مرحلة انسحاب بريطانيا من الخليج العربي في مطلع ستينات القرن الماضي، وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية على ملء الفراغ الاستراتيجي الذي نشأ في الخليج بفعل الانسحاب البريطاني الذي حدث بدوره بسبب انكماش وضمور القوة الإستراتيجية البريطانية.
يمكن تتبع مسيرة "فزاعات" الخبير الاستراتيجي أنطوني كورديسمان في وثائق مجلس الأمن القومي الأمريكي وتأكيدها الشديد لجهة اعتبار الخليج جزءاً لا يتجزأ من المصالح الحيوية للأمن القومي الأمريكي، ومطالبة هذه الدراسات المستمرة للإدارات الأمريكية والبنتاغون بالعمل على وضع مخططات لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية ونشر الوسائط العسكرية المفرطة بكثافة في الخليج، على النحو الذي يتيح للولايات المتحدة استخدام ذريعة حماية أمن الخليج كمظلة لإخفاء توجهاتها الحقيقية غير المعلنة والمتعلقة باستخدام منطقة الخليج كمنطقة تمركز استراتيجي عسكري يهدد وسط العالم.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...