سكان الجنوب العراقي يستبدلون زراعة الأرز بالأفيون

26-05-2007

سكان الجنوب العراقي يستبدلون زراعة الأرز بالأفيون

الجمل:     تؤدي النزاعات والصراعات إلى الكثير من النتائج الكارثية المدمرة على البلد الذي يحدث فيه الصراع، وأيضاً على بلدان الجوار، وذلك بشكل يمكن أن يؤدي تفاقمه إلى التأثير سلباً على بقية دول العالم.
• معطيات خبرة الحروب والنزاعات:
 كل النزاعات والحروب، ترتبت عليها الأضرار التي تردد صداها في كافة أرجاء العالم، ومن أبرزها تدفقات اللاجئين، وتدمير البنى التحتية، وتزايد معدلات الفقر والجريمة والتحلل والتفسخ الاجتماعي، وانتشار الأوبئة والأمراض والآفات، والشلل الاقتصادي.
• العراق- مشهد التداعيات الداخلية:
بعد أكثر من أربعة أعوام على قيام القوات الأمريكية بغزو واحتلال العراق، وتدمير البنى التحتية وتفجير الصراعات الداخلية، بدأ الاقتصاد المعيشي المحلي العراقي يدخل سيناريو الاقتصاد المحلي الأفغاني السابق، ومن ثم فعلى غرار قيام المزارعين الأفغان بزارعة نبات الخشخاش المنتج للأفيون، بدأ المزارعون في مناطق جنوب العراق وعلى ضفاف نهر الفرات، وعلى وجه الخصوص في المناطق الواقعة غرب مدينة الديوانية بالتوقف عن زراعة الأرز والبدء بزارعة الأفيون.
• العراق- المخدرات والدور المزدوج:
في الفترة التي أعقبت غزو واحتلال العراق، أصبحت الأراضي العراقية واحدة من المحطات الهامة لحركة نقل وعبور المخدرات إلى بلدان الجوار، وبالذات إلى السعودية وبلدان الخليج. وقد استطاع الكثير من تجار المخدرات الأفغان، استغلال الأوضاع السائدة في العراق، بالتعاون مع بعض عناصر الجيش الأمريكي، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، القيام بعملية نقل واسعة للمخدرات من أفغانستان إلى داخل العراق، ثم نقلها بعد ذلك على دفعات بحسب الطلب إلى المستهلكين في بلدان الخليج والسعودية.
العلاقة بين تجار المخدرات الأفغان، وعناصر الجيش الأمريكي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، هي علاقة قديمة تعود بجذورها إلى فترة الحرب الأفغانية ضد القوات السوفييتية، وذلك عندما كانت زراعة وتجارة المخدرات الأفغانية ونقلها إلى أسواق العالم بعد معالجتها في معامل الهيرويين المنتشرة في بانكوك وتايوان، بإشراف ريتشارد أرميتاج المسؤول عن الشؤون الآسيوية في الإدارة الأمريكية.
حالياً، سوف يقوم العراق إضافة إلى دوره كممر لنقل المخدرات بدور آخر جديد هو الإنتاج، وتعتبر زراعة المخدرات في العراق في بداية عنفوان نشأتها الأولى، وحالياً تنتشر المزارع التجريبية حول مدينة الديوانية العراقية، في مناطق: الشامية، الغماس، والشنفية.. ويقول شهود عيان بأن مزارع المخدرات تستخدم الري عن طريق مياه الآبار، وبرغم العوامل المواتية لهذه الزراعة مثل خصوبة الأرض، ووفرة المياه، وانعدام الأمن، فإن هناك بعض المشاكل مثل: الرطوبة،وارتفاع الحرارة، وهما أمران لا يساعدان على نجاح زراعة الأفيون.
• العراق- المخدرات والصراع الداخلي:
يعتقد بعض المراقبين بأن زراعة المخدرات في العراق سوف تؤدي إلى ظهور عصابات المخدرات المسلحة، وبالتأكيد سوف تصطدم هذه العصابات بالميليشيات المسلحة وقوات الأمن، وسوف يترتب على ذلك ظهور المزيد من الأطراف المسلحة وانخراط عصابات المخدرات في الحرب الداخلية العراقية، وسوف لن تتصرف هذه العصابات بشكل منعزل، بل سوف تعمد إلى التحالف مع بعض الأطراف العراقي سواء من قادة الميليشيات، أو أجهزة الأمن، أو ربما بعض السياسيين العراقيين، وسوف يكون تقديم المال هو وسيلة عصابات المخدرات العراقية في بناء التفاهمات والتحالفات مع الأطراف الأخرى.
وعموماً، إن زراعة المخدرات في العراق تمثل في حد ذاتها تطوراً خطيراً لا يمكن تجاهله، وذلك لعدة أسباب، أبرزها:
- القضاء على التركيبة المحصولية في الزراعة العراقية، والتي كانت تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع المعيشية الزراعية مثل الأرز والخضراوات وخلافه.
- إغراق البلدان العربية المجاورة بالمخدرات على النحو الذي يضر بصحة الفرد والمجتمع.
- توفير المزيد من الدخل المادي والمالي لبارونات الحرب في العراق، ولما كانت شبكات المخدرات والسلاح تعمل بانسجام، فإن صيغة مثلث المخدرات، المال، السلاح، سوف تلقى رواجاً كبيراً على النحو الذي يشجع على المزيد من الحرب، ويعرقل محاولات التوافق الوطني العراقي وإحلال السلام.
إن زراعة المخدرات في الأراضي العراقية الخصبة، لا يمكن اعتبارها ظاهرة معزولة بعيدة وبمنأى عن سمع وبصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الموساد الإسرائيلين وذلك لأن العمليات السرية التي سبق أن قامت بتنفيذها المخابرات الأمريكية في جنوب وجنوب شرق آسيا كانت تتضمن مخططات تهدف إلى دعم تفشي تجارة المخدرات بما يؤدي لتخريب هياكل وبنى الاقتصاد الوطني.. كذلك فقد سبق أن قام الموساد الإسرائيلي بتشجيع البدو في سيناء المصرية على زراعة المخدرات والقيام بإدخالها سراً إلى الاراضي المصرية والأردنية.. وعلى ما يبدو فإن زراعة المخدرات في العراق سوف لن تكون حصراً لإمداد العراقيين حصراً بحاجتهم من المخدرات، وإنما تهدف على المدى الوسيط والبعيد إلى استهداف المجتمعات الأخرى خاصة سوريا ولبنان.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...