رايات داعش السوداء و النبوءات المقدسه

02-11-2014

رايات داعش السوداء و النبوءات المقدسه

الجمل- *كاثرين شاكدام- ترجمة: رندة القاسم:

احتكرت الدولة الاسلامية "داعش" معظم انتباه العالم مع قيام المجموعة ،بكل معنى الكلمة، بتحويل الشرق الأوسط الى نهر دماء متدفق ، حيث أضحت الفظاعات و الاضطهاد القاعدة السائده. و بشكل خاطئ يتم ربطها بالمذهب الباطني الإسلامي  في محاولة لفهم الفوضى التي ضربت العالم العربي.
فبينما ينظر المجتمع الدولي و قادة العالم بازدراء الى داعش كانحراف ديني سياسي، و مجموعة ارهابيه تركب موجة المشاعر المعادية للغرب المثيرة لمسلمي منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا. فان بعض  الشيعة و السنه يرون  في داعش تجسيدا للنبوءة القديمة المتعلقة بقدوم الامام المهدي و نهاية العالم.
و ان كان المسلمون معروفين  باختلافاتهم و تباعدهم في تفسير  القرآن ، فان الشيء الذي يتفقون عليه جميعهم ، بغض النظر عن أصولهم و طوائفهم، هو أنه قبل نهاية هذا العالم ستبتلى أمة الاسلام  بشر كبير، ليظهر  قائد من آل النبي محمد يقف ضد الاستبداد و الظلم و يقود الناس خارج الظلام و يعيد النظام ، انه الامام مهدي.
و فكره المخلص، الذي يبعث في زمن يغزو فيه الظلام العالم ، وردت أيضا في المسيحية و اليهوديه. ففي العهدين القديم و الجديد، كحال القرآن، كان الأنبياء دائما يتحدثون عن رجل من الرب و للرب سيعلن القيادة على الجميع و يرشد الانسانيه الى طريق الخلاص.
و عندما يتعلق الأمر بالاسلام، فان تفاصيل كثيرة نبوئية رافقت هذه الأخبار، الى درجة أن حتى غير المسلمين سيجدون من الصعوبة تجاهل أي شيء حتى ولو كان نذير شؤم..
ان كان ما من أحد يختلف على طبيعة داعش الشنيعة ، فمن الضروري فهم هذه الحركة ضمن حدود التعاليم الإسلامية و الباطنيه  في حال أراد المرء حقا إدراك طبيعة هذه الحرب الهائجة في الشرق الأوسط. و بينما توجد طبقات كثيرة لهذا الصراع (سياسية ، جيواستراتيجيه، ايديولوجيه) فانه يشكل بالنسبة للكثير من المسلمين انذار .
في "كتاب الفتن"، مجموعة أحاديث تتحدث عن نهاية العالم وضعها العالم الجليل نعيم بن حماد في 229 هجري، يقول الامام علي بن أبي طالب، صهر الرسول محمد و ابن عمه و أحد خلفاء المسلمين: " إِذا رأيتم الراياتِ السود فالزمـوا الأَرض فلا تُحركوا أَيدِيكم ، ولا أَرْجلكم ، ثُم يَظهر قَوم ضعفاء لا يؤْبه لَهم، قلُوبهم كَزُبَرِ الْحدِيدِ ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ ، لا يوفون بِعَهد و لا ميثَاق ، يَدْعون إِلى الْحق وليْسوا من أَهله ، أَسماؤُهم الْكُنَى (مثل أبو محمد) ، وَنِسْبتهم الْقرى (أي أسماء قرى و مدن مثل الحلبي) ، و شُعورهم مرخَاه كَشُعور النسَاء ، حتى يَخْتَلِفُوا فيما بينهم ، ثم يُؤْتِي اللَّهُ الْحق من يَشاء " .
و الأكثر من ذلك أن الامام علي تنبأ بهذا الاضطراب الاجتماعي و السياسي الذي سيصيب العالم، و حذر من أنه في مرحلة ما سيرفع المسلمون السيوف ضد بعضهم البعض بينما يكونون متحالفين مع غير المسلمين. و بالنظر الى الأحداث التي ضربت الشرق الأوسط، تلقى هذه التحذيرات صدى كبير بين المسلمين و القادة الدينيين، و من أبرزهم السيد حسن نصر الله و آية الله علي خامئني، إذ يضع كلاهما قراراته ضمن هذه العوامل الدينيه.
و بينما لا يزال السنه منقسمين بعمق ، يبحثون عمن يلقون عليه اللوم في الفظاعات المرتكبه من قبل داعش باسم الاسلام، ينظر الشيعة الى الحديث و يدركون أن داعش هي الشر الكبير الذي تم التنبؤ به سابقا و يختارون التوحد من أجل مواجهته.
قد يبدو كل هذا الكلام بالنسبة للكثيرين غير ذي صلة بالموضوع ، و لكن في الواقع هذا الاتحاد بالايمان، و الاعتقاد بأن نبوءات الاسلام تتحقق ،هو ما يقود الرواية الأكثر غموضا لهذا الصراع و سيكون في المركز في نهاية المطاف.
و سواء اختار المرء التقيد بمعتقد المسلمين و تفسيرهم لنصوصهم المقدسة أو لم يفعل، فان الأمر المهم فعليا هو أن المسلمين يفعلون و هذه المعتقدات سوف تصوغ الأحداث المستقبليه و القرارات السياسيه.
عندما يدرك المرء كيف أن نصا ممكن أن يكون في المركز فان الأمر سيحمل عدة وجهات نظر، و من دون فهم الديناميكية الخفية لهذا الصراع، لن يكون بالامكان السيطرة على هذه الفوضى ، ناهيك عن هزيمة تيار الارهاب المتمثل بداعش.


* صحفية بريطانيه، مديرة مركز بيروت للدراسات الشرق أوسطيه و التحليل السياسي و مختصة بالحركات الراديكاليه.
عن مجلة New eastern Outlook  الالكترونيه

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...