دور المسيحيين العرب في النهضة العربية

28-01-2009

دور المسيحيين العرب في النهضة العربية

كان المسيحيون العرب ـ من قبل بزوغ فجر الإسلام ـ في بلاد الشام كثرة كاثرة. وفي شبه الجزيرة العربية، كان ثمة قبائل عربية مسيحية، بعضها كثيراً عديده، من مثل قبيلتي «تغلب» و«بنو تميم»، وفي اليمن.

ومن طريق المعرفة، أن المسيحيين الموارنة هم من أصل يمني. هذا إضافة إلى الغساسنة في بلاد الشام، والمناذرة وتنوخ (في قنسرين، ومسليم، وبكر «ديار بكر» و«ربيعة». ‏

عن دور المسيحيين العرب في النهضة العربية، القديمة والحديثة، كانت محاضرة الأستاذ حسين العودات، في النادي الأدبي النسائي، بقاعة محاضرات كنيسة الصليب المقدس. 

بداية تحدث أ. العودات عن دور المسيحيين العرب في النهضة العربية، في العصر الوسيط «بواقع حال الحضارة العربية الإسلامية، وليس بالمفهوم الغربي، آنذاك، إذ كان الأوروبيون في حال تخلف، بمختلف أوجه حياتهم، فعلى الجانب العربي، كانت الحضارة العربية الاسلامية في أوج تقدمها وازدهارها، في العصرين الأموي «عصر الفتوحات» والعباسي، فقد كان للمسيحيين العرب دور بارز في العصر الأموي، في إنشاء الدواوين «الهيكل التنظيمي للدولة»، وكان منهم الأطباء المهرة. وقد كان طبيب معاوية بن سفيان مسيحياً. «ميسون زوجة معاوية التي طلبت الطلاق منه مسيحية». ‏

وطلقها معاوية ملبياً رغبتها في العودة إلى حياة البداوة، وكان منهم شعراء مشهورون في البلاط الأموي، ومنهم الشاعر المشهور في هذا العصر «الأخطل»، وكان ثالث أشهر شعراء في «النقائض» مع جرير والفرزدق. وكان منهم أيضاً حرفيون مهرة، شارك عدد غير قليل منهم في بناء الجامع الأموي الكبير، الذي أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك ببنائه، وقد كان الأخطل الشاعر رئيس الديوان في هذا العهد. ‏

وكان ثمة شروط موضوعية ليبرز المسيحيون العرب، ويشاركوا في توطيد أركان الدولة العربية بدءاً من العهد الأموي، منها أن وجود الرومان في بلاد الشام أهلّهم ليشاركوا في إقامة الدواوين والإدارة، وكذلك كان شأنهم في العهد الفاطمي في مصر، وقد كان معظم الكتاب «كتاب الدواوين» من النصارى، «منصور بن ياسر، طبيب معاوية الخاص كان عربياً مسيحياً ومنهم من تقلد الوزارة كسعيد بن ثابت». ‏

وقد كان للمسيحيين العرب، في هذين العصرين، لاسيما العصر العباسي دور كبير في التعريب، إذ كانوا يترجمون الكتب عن اليونانية ترجمة تعريب بصياغة عربية مبينة، بحيث يبدو الكتاب مؤلفاً بالعربية، ومن أشهر المترجمين النصارى في العصر العباسي «جرجيس بن يحتشوع»، وكان لترجمتهم كتب الفلسفة إلى العربية أثر كبير في ظهور «فرق المعتزلة» التي تجعل من العقل الحكم الوحيد في تفسير أحكام الشريعة الاسلامية. ‏

وفي العصر العثماني كان لهم دور في التنوير، وفي إدخال المطبعة، وفي أواخر العهد العثماني كان لهم فضل في المشاركة بمقاومة التتريك والاستبداد التركي. ‏

وكانت جمعية «العربية الفتاة» مكونة منهم وكان لها دورها في الداخل، وفي أوروبة «مؤتمر باريس». وشنق عدد منهم في عام (1916) بأوامر الوالي جمال باشا السفاح. ‏

وفي العصر الحديث ظهر منهم مع عدد من العرب المسلمين ـ عدد كبير من المفكرين العروبيين، المحاربين لأي نزعة طائفية، وساهموا بفكرهم ومؤلفاتهم، في آخر العصر العثماني وبداية عصر النهضة في ظل الاحتلال الانكليزي لمصر، والاحتلال الفرنسي لسورية ولبنان، وكان منهم بطرس البستاني، وأديب اسحاق، وعدد من الأدباء والشعراء العروبيين، كالشاعر القروي، وبشارة الخوري... إلخ، ومن بينهم كان مؤسسو صحيفة الأهرام في مصر، إضافة إلى شعراء المهجر المسيحيين، بسبب كون كثير منهم من المتعلمين. ‏

وكونوا في العصر الحديث الطبقة البرجوازية الأساس في سورية، ولبنان مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثركبير، على نحو ماكانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار الفرنسي ـ لسورية ولبنان ـ بفكرهم ومؤلفاتهم، وعملهم، وقد كان فارس الخوري عضو الكتلة الوطنية، في ظل الاحتلال الفرنسي، واحداً من أهم الشخصيات السورية التي ساهمت في صنع استقلال سورية.

 

موفق خراط

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...