باسل الخطيب: «مريم» فيلم جريء يروي مأساة ثلاث نساء في أزمنة مختلفة

15-03-2013

باسل الخطيب: «مريم» فيلم جريء يروي مأساة ثلاث نساء في أزمنة مختلفة

يقول المخرج باسل الخطيب لـ«الاتحاد»: أما مريم الثانية فهي سيدة مسيحية وأرملة شهيد سرعان ما تفقد أمها خلال حرب يونيو في قصف على الكنيسة التي تحتمي بها بينما تصاب هي وابنتها، فتغافل عيون جنود الاحتلال عن الابنة بأن تلفت أنظارهم إليها فيأسرونها وتموت في الأسر، بينما تنجو الابنة زينة من الجنود لتكبر في كنف سيدة مسلمة تعيش في دمشق.. بينما تعيش مريم الثالثة في وقتنا الحالي وهي مغنية شابة حفيدة الجدة حياة أخت مريم الأولى.
لقطة من فيلم «مريم» (من المصدر)
بعد «الرسالة الأخيرة»

هذه الأحداث هي ملخص لفيلم يعيد الخطيب إلى الفن السابع، بعد أحد عشر عاماً من الغياب في إطار الفيلم السينمائي الروائي الطويل بعد فيلمه الأول «الرسالة الأخيرة».

ويضيف الخطيب: لم أترك السينما خلال عملي بالتلفزيون، لقد كان الإيحاء السينمائي معي في الرؤية والحلول والتصورات بشكل أو بآخر من خلال المسلسلات، فكنت أحقق مشروعي السينمائي من خلال الدراما، وعدت إلى السينما فعلياً مع مجموعة أفكار أنضج وأوضح فكان الفيلم السينمائي «مريم».

موضحاً أن إغراءات الدراما لم تبعده عن مشروعه السينمائي «مريم»، الذي كتب نصّه الخطيب مع شقيقه تليد، وهو من بطولة أسعد فضة ونادين خوري وسلاف فواخرجي وعابد فهد وصباح الجزائري وريم علي وديمة قندلفت وميسون أبو أسعد ولمى الحكيم والممثلة اللبنانية دارين حمزة، ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا.

نبذ العنف

يروي الفيلم قصص ثلاث سيدات يحملن اسم «مريم»، وينتمين لثلاثة أزمنة متباعدة: «مريم» الأولى تؤدي دورها الفنّانة «لمى الحكيم»، والثانية «سلاف فواخرجي»، أما «مريم» الثالثة المعاصرة فتجسد شخصيتها «ديمة قندلفت»، وتلعب صباح جزائري دور الجدة لمريم الثالثة، وريم علي المشرفة في مأوى العجزة ابنة مريم الثانية، فيما تلعب ميسون أبو أسعد دور أم مريم الأولى.

ويقول الخطيب: «مريم اسم معناه بالسريانية، السيدة المعلمة، من هنا وجدت صورة المريمات الثلاث في سياق تاريخي صعب جدا، وحافظن على انسانيتهن وحياة أناس قريبين منهن، ومنها كان إيصال رسالة معينة، مفادها أن الشخصيات في العمل خيالية، لكن الظروف المحيطة بالعمل هي واقعية تاريخية حقيقية. فمريم الاولى ريفية تعيش في الريف السوري أواخر الحرب العالمية الأولى وتحدياتها، والثانية تعيش ظرفاً تاريخياً حقيقياً أواخر حرب يونيو 1967 في القنيطرة لتواجه الاخيرة حربا أخلاقية عن حكاية فتاة اليوم، حيث سيلتقط البعض إشارات ودلالات واضحة عن الزمن الذي نعيشه اليوم».

وفي «مريم»، يسعى الخطيب إلى رصد تاريخ سوريا في آخر مئة عام عبر سرد قصص هؤلاء النساء في ثلاثة أزمنة مختلفة. اسم «مريم»، وما شهده البلد في القرن الماضي من حروب وانكسارات، روابط تجمع النسوة الثلاث، وعن الهدف الذي أراد توصيله وشقيقه من خلال العمل يجيب: «الهدف يتقاطع بشكل كبير مع مضمون العمل أمام شخصيات نسائية ضمن إطار مكاني وزمني هي الحرب التي تدمر مصائرهن. الرسالة هي بالتالي نبذ العنف والحرب بكافة أشكاله، كما يبرز العامل الوجداني والانساني ليظهر قدرة المرأة على مواجهة الظروف التاريخية».

موت غامض

ويضيف الخطيب، أنّ عمله ينطلق من حروب عايشتها سوريا وتركت أثراً في حياة المواطنين وتأتي مفردة «الحرب» تشمل هنا الحرب التي تحياها الشخصيات بمختلف أشكالها سواءً كانت عسكرية، أو أخلاقية، وكانت السبب في تدمير مصائرهن، وحرمانهن من أبسط حقوقهن وهي العيش بسلام وطمأنينة.

يعيد الخطيب المشاهد إلى العام 1918، ليتعرف إلى مريم الأولى التي يتزامن سرد قصتها مع انتهاء الحكم العثماني.. هذه الفتاة ذات الصوت الجميل، ستحرق نفسها، حزناً على فقدان آخر شيء يذكّرها بحبيبها. موت غامض يشبه الغموض الذي كان يلفّ مستقبل سوريا حينها.. لينتقل الخطيب إلى العام 1967، وتحديداً إلى آخر أيام النكسة، ليروي قصة مريم الثانية، السيدة الثلاثينية المسيحية. أثناء الحرب، والتي ستلجأ مع حماتها وابنتها إلى إحدى كنائس القنيطرة.. حيث ستموت الحماة أثناء القصف، وستصاب مريم وابنتها بجروح.. ثم يقتحم جنود إسرائيليون الكنيسة، وتحتال عليهم المرأة، وتستطيع تهريب ابنتها لتكمل حياتها في دمشق، بينما هي ستموت بعد سنوات في الأسر.

أما مريم الثالثة، فهي فتاة معاصرة، أصولها العائلية تربطها بمريم الأولى. ولهذا، لن نُدهش من كونها تملك صوتاً جميلاً. الحفيدة التي تحبّ جدّتها، ستحاول جاهدة منع أهلها من إدخال الجدة داراً للعجزة، لكن محاولاتها لن تنجح. بالطبع، لن يلجأ الخطيب إلى سرد قصة كل امرأة على حدة، بل أن تقطيع المشاهد عبر المونتاج، والخلط بين الأزمنة والأمكنة، سيكون حلاً لإخراج العمل في صورة حدث متماسك.

نفي الاتهامات

وحول اتهامات لفيلم «مريم» بأن يكون نسخة من فيلم البريطاني ستيفان دالدري، نفى المخرج الخطيب ذلك، مشيراً إلى أن الفيلمين، قد يشتركان في كون بطولتهما نسائية، لكن هذا لا يعني أن «مريم» نسخة من The Hours، حيث للوهلة الأولى، تبدو القصة مشابهة لقصة «الساعات» (2002) الذي يروي أيضاً حكايات ثلاث نساء عشن في ثلاثة أزمنة مختلفة، تربطهنّ خيوط مشتركة «بطولة ميريل ستريب، ونيكول كيدمان، وجوليان مور».

ويقول الخطيب إنه قصد ان يجعل المقارنة بين مريم الثانية والثالثة مع اختلاف في ظروف دينية وتاريخية، فمريم الثانية مسيحية تعيش في القنيطرة ومريم الثالثة مسلمة تعيش في دمشق. ويتابع:» لقد كان العامل الديني مقصود في الفيلم، ليبرز دلالة واضحة على ان الحرب لا تقف عند دين او طائفة بل أنها لحقت وستلحق بالجميع».

تصوير فيلم «مريم» ينتهي في دمشق بعد أن تم تصوير مشاهده الاولى في مدينة «صافيتا»، حيث انتقل فريقه الفني من الساحل السوري إلى دمشق ليبدأ المرحلة الثانية، قبل أن يتوجه إلى القنيطرة لتصوير الجزء الثالث والأخير للفيلم، الذي يكون جاهزاً للعرض بعد شهر رمضان المقبل.

وعن صعوبات العمل يقول الخطيب: لا أخفي أن هناك صعوبات لها آثارها الواضحة على المزاج العام، لكننا بتنا نعمل انطلاقاً من إيمان وقناعة عميقة، والعمل هو جزء من انسانيتنا رغم كل الخراب. فنحن مستمرون رغم الصعاب وهناك رسالة فنية لا بد من إيصالها».

للسينما متعتها الخاصة

يتحدث الخطيب عن عودته الى السينما وتركه للدراما التي ساهمت في نجاحه وساهم في إنجاحها أيضاً، في مسلسل «الغالبون» ويقول: إن التجربة كانت عزيزة عليّ، وكنت شريكاً في التجربة الفنية والوطنية، عبر تجسيد عمل يحكي قصة الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان، وكان لي تجارب سابقة في هذا الإطار، لكن أعتقد أنني قدمت قناعتي في الجزء الأول وأكتفي بهذا القدر لأعطي الفرصة لمخرجين آخرين. وبالفعل كانت هناك خلافات مع القيمين على العمل لكننا اليوم اجتزناها، وانا آمل أن يشكل فيلمي الجديد «مريم» عودةً موفقةً للسينما بعد غيابٍ دام أحد عشر عاماً منذ تقديمي فيلم «الرسالة الأخيرة»، فالعمل في الدراما التلفزيونية يختلف بشكل جذري عن السينما، فالفترة الزمنية المتاحة لتصوير مسلسل مؤلف من 30 حلقة، تكاد تساوي الوقت المخصص لتصوير عمل سينمائي مدته ساعة أو ساعتان، وبالتالي يكون تركيز المخرج منصبّاً بشكل أكبر على تفاصيل بناء المشهد السينمائي، ولاشك أن للسينما متعتها وتحدياتها الخاصة». - اقتباس: رسالة الفيلم هي نبذ العنف بكافة أشكاله كما يظهر قدرة المرأة على مواجهة الصعاب.

رنا سرحان

المصدر: جريدة الاتحاد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...