المحافظون الجدد يمهدون للحرب ضد إيران

11-06-2006

المحافظون الجدد يمهدون للحرب ضد إيران

المحافظون الجدد، متوحدون بقدر كبير حول التوجهات إزاء إيران، والتي برأيهم يجب أن تستند على ثلاثة أعمدة رئيسية، الأول يتمثل في تجنب اللجوء للدبلوماسية وذلك لأنها تؤدي على تهدئة الأشرار، والثاني إضعاف وزعزعة إيران، وترتيب مرحلة القيام بعملية تغيير النظام عن طريق دعم" الديمقراطيين الحقيقيين"، أما الثالث فيتمثل في ضرب إيران بأسلحة الدمار الشامل، قبل أن تصبح خطراً ماثلاً يهدد إسرائيل أو الولايات المتحدة.
لقد قام المحافظون الجدد، وحلفاؤهم في البنتاغون ومكتب نائب الرئيس الأمريكي، بترتيب سياسة إدارة الرئيس بوش إزاء العراق. وأيضاً في نفس الوقت الذي كانوا يتطلعون فيه على الهدف التالي للحرب الإستبقاقية وتغيير النظام، فقد كان مايقوله "مفكروا" معهد المسعى الأمريكي (AEI)، ولعبة سياسة إيران(IPC)، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) حول إيران، يمثل أمراً جديراً بالاهتمام وشد الانتباه.
في كل من مجلسي النواب، والشيوخ، كانت على الدوام الأغلبية العظمى من صانعي القرار والسياسة، في كلا المجلسين، ومن كلا الجانبين – الديمقراطيين والجمهوريين- تنتظم ضمن الجناح المؤيد والمساند لإصدار قانون حرية وديمقراطية إيران، والذي هدفه غير المعلن يتمثل في إجراء عملية تغيير نظام في إيران تقودها الولايات المتحدة. هذا، وبالطبع ليس المقصود هو الحرية والديمقراطية – برغم أن الإيرانيين يحتاجون لذلك – بل وفقط يريد صانعو القرار والسياسة في الإدارة الأمريكية مرة أخرى ترتيب مرحلة حربية، على غرار مافعلوه في نهاية حقبة تسعينات القرن الماضي، وذلك عندما قاموا بتمرير عرائض مستلهمة من توجهات المحافظين الجدد ، تطالب وتنادي بتحرير إيران.
حالياً، يقوم حزب الحرب المتجمع ضد إيران، بمناقشة استراتيجية الطعنة المزدوجة، بحيث  تستمر الولايات المتحدة وإسرائيل في التحضيرات من أجل القيام بالضربات العسكرية، وفي نفس الوقت تضع موضع التنفيذ فوراً استراتيجية إضعاف وزعزعة، تتضمن دعم وتأييد الولايات المتحدة الأمريكية للمنشقين الإيرانيين.
مايزال هناك فزعاً وهلعاًَ أكبر، على خلفية الأحاديث الناعمة والتي تنطلق في واشنطن حول الضربات الصاروخية، والقصف بالقنابل، والوجود العسكري الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ليس مجرد الاحتواء فقط، وإنما التزاماً متزايداً ممتداً :
في الوقت الذي يركز فيه بعض المحافظون الجدد على زيادة الطابع الديموقراطي للمعونات والمساعدات الأمريكية، من أجل تعزيز المشروعات المعلوماتية والإعلامية، فإن ثمة آخرون، مثل توماس دونيللي، ورويل فيريغن ، ولايموند تانتر، يتحدثون حول أن الاستراتيجيات العسكرية، يمكن أن تحقق تقدماً ونجاحاً أكبر في الحرب ضد الإرهاب في الشرق الاوسط.
يربط توم دونيللي ، الذي يعمل بمعهد المسعى الأمريكي (AEI)، صراحة وعلناً التوجهات السياسية الأمريكية إزاء إيران، بالهدف الأمريكي الكلي المتعلق بتغيير الشرق الأوسط والسيطرة عليه عن طريق العمليات العسكرية الجديدة، والتي من بينها توسيع تواجد القوات الأمريكية في كل أنحاء الإقليم.هذا، والجدير بالذكر أن دونيللي المحلل العسكري الرفيع المستوى في مشروع القرن الأمريكي الجديد، كان المؤلف الرئيسي لتقرير إعادة بناء الدفاعات الأمريكية (عام 2000)، وواضع المخطط التفصيلي ليساسات التغيير العسكري.
في مقالة صدرت في أكتوبر عام 2005م، ضمن كتاب : فلنكن أكثر استعداداً لإيران المتأهبة نووياً ، قدم دونيللي طرحاً مفاده، أن "إيران النووية" تمثل خطراً وتهديداً للأمن، ليس بقدر كبير، لأن إيران سوف تستخدم الأسلحة النووية، أو تقوم بإعطائها للإرهابيين، وإنما بسبب التأثير الإجهاري الضاغط الذي ينشأ بسبب التهديدات الإيرانية على استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط الكبير. هذا ، والخطر الأكبر، وفقاً لرأي دونيللي، يتمثل في قيام " الواقعيين" داخل الإدارة الأمريكية، بإتباع سياسة وأسلوب " توازن القوى" مع إيران النووية، على نحو يؤدي إلى إضعاف وتدمير استراتيجية التحرير التي يتبناها الرئيس بوش.
إن مدى توافق استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، يمتد إلى ما وراء الحرب ضد الشبكات الإسلامية المتطرفة، مما يؤدي إلى التزام أكبر يهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي لإقليم الشرق الأوسط بكامله، على النمط الليبرالي والديموقراطي، هذا وتبعاً لما قاله دونيللي، فإن استراتيجية الأمن الأمريكي تستلزم وتتطلب أكثر من مجرد الاحتواء أو حتى انسحاب الأعداء في منطقة الشرق الأوسط الكبير، أي تستلزم بوضوح أن نقوم بإعداد وتنفيذ وفرض (شيء ما) أكثر من اتفاقيات الشراكة المحدودة الأجل التي ظللنا نوقعها مع حلفائنا في المنطقة .
ومن ثم، فإنه يتوجب على القوات الأمريكية، أن تقوم في منطقة الشرق الأوسط بعملية خلق وإتاحة الفرصة للحكومات المستقرة بشكل نهائي وذات التمثيل الليبرالي أن تمدد جذورها وترسي دعائم وجودها
في العراق، يعني تطبيق هذه الاستراتيجية الكبرى: احتلال العراق، إلى مابعد الوقت الذي يمكن أن تكون فيه عودة للسيادة، والانتخابات الديموقراطية، وقليل من الأمن. وحتى إذا ما استطاعت الولايات المتحدة، إنجاز وتحقيق ذلك، فإنه يتوجب عليها البقاء للاستمرار في الالتزام بمساعدة العراق الحر في الدفاع عن نفسه ضمن بيئة الإقليم المعادية . هذا، ويحذر دونيللي الإدارة الأمريكية من خلال قوله بأن الانسحاب الأمريكي يعتبر أمراًَ غير ممكن. طالما أن هناك مهمة مستقبلية مختلفة أخرى يتوجب على أمريكا القيام بها، بعد إنجاز النصر الحاسم في عملية احتلال العراق، وهي مهمة كبيرة دائمة ومستمرة أصبحت الآن تلوح في الأفق. كذلك أشار دونيللي إلى ضرورة الانتباه إلى الحقيقة التي مفادها بأن ماهو صحيح ويسري بالنسبة للعراق يعتبر أيضاً صحيحاً وسارياً بالنسبة لأفغانستان.
يقول دايموند تانتر، عضو لجنة السياسات ، بأن واحداً من الخيارات إزاء إيران، سوف يتمثل في استخدام القوات الأمريكية للقذائف النووية الشديدة الفعالية في اختراق سطح الأرض، والتي أصبح البنتاغون على مايبدو أكثر ولعاً ورغبة في تطويرها .هذا، والمشكلة التي يرى تانتر بأنها تنتج من استخدام هذه القنابل والقذائف التي تحطم المواقع المحصنة تحت الأرض، من أجل القضاء على منشآت التطوير النووي الإيرانية المحصنة تحت الأرض، سوف لن يكون متمثلاً في الإشعاعات أو في إندلاع حرب عالمية، بل يتمثل بالأحرى في أن الولايات المتحدة سوف تصبح واقعة تحت الانتقادات الدولية المتعلقة بانتهاك سيادة البلدان والدول غير النووية. وهنا أشار تانتر إلى أن هذا المنع أو الحظر، سوف لن يكون منطقيا على إسرائيل التي لم توقع بعد على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية.
كذلك، أشار تاتنر في مؤتمر صحفي عُقد في نهاية عام 2005م، إلى أن الولايات المتحدة قامت ببيع إسرائيل قنابلاً وقذائف تستخدم لتدمير المواقع المحصنة تحت الأرض، وهذا الأمر في حد ذاته يجعل من مشاركة إسرائيل في ضرب إيران، خياراً مدرجاً ومطروحاً على الطاولة.
إن المهمة الرئيسية للجنة السياسات الأمريكية إزاء إيران، تتمثل في جعل الحكومة الأمريكية تعمل بشكل وثيق في تعاونها مع حركة مجاهدي خلق، والتي لديها أكثر من 3500 مسلح يتمركزون في العراق حالياً، وفي هذا الصدد يقول تانتر:"التزويد بالاسلحة يتطلب العمل بشكل عام مع الجماعات المعارضة وبشكل خاص مع الفصيل الرئيس".
كذلك اضاف تانتر قائلا بان حركة مجاهدي خلق وجبهتها السياسية: المجلس الوطني للمقاومة الايرانية (NCRI)،ليست المصدر الأفضل للحصول على المعلومات الاستخبارتية حول الانتهاكات الإيرانية المحتملة لنظام عدم نشر الأسلحة، وعلى الأرجح فإن حركة مجاهدي خلق، والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يمكن أن يكونا حليفين محتملين للغرب في إحداث عملية تغيير النظام في إيران.
يبدو ممكناً، لحركة مجاهدي خلق إن تم تمويلها وتسليحها جيداً، أن تقوم بالقضاء على النظام الإيراني، وفي هذا الصدد فقد قام تاتنر ولجنة التوجهات السياسية الاميركية ازاء ايران بمطالبة وزارة الخارجية الاميركية بإزالة وشطب منظمة حركة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية، وذلك على اساس اعتبارات ان هذا الاجراء سوف يمكن الحكومة الاميركية من القيام بتقديم التمويل والدعم والتسليحخ السرى،لحركة مجاهدي خلق، باعتبار انها تقاتل من اجل الحرية في ايران.
لقد ملأت اوهام المحافظين الجدد الملتهبة الحماس صفحات مجلة "الويكلي ستاندرد" التي انشأها في عام 1996 وليم كريستول وهو نفسه الذي اسس معهد "المشروع من اجل قرن امريكي جديد" هذا وفي عدد المجلة الصادر في تاريخ 24نيسان كتب راؤل غريست رأيا ناقش فيه الخيارات العسكرية تحت عنوان "هل نستخدم القنبلة النووية أم لانستخدمها".
وقد حذر غريست في هذا المقال اولئك الذين يقولون بان التعامل مع ايران يجب ان يكون بطريقة اكثر هدوءاً بحيث يلجأ لاستخدام الدبلوماسية والعقوبات والعمليات السرية، هذا وقد كان رفض غريست قاطعا بحيث رأى ان كل هذه الوسائل لن تنفع وبالتالي فمن الافضل ان نشن الحرب اليوم بدلا من الغد وذلك لنتمكن بشكل تام من الحيلولة دون حصول هؤلاء الاشرار على اسوأ انواع الاسلحة الخطيرة التي عرفناها الى الآن.

 

الكاتب : توم باري
المصدر: رايت وي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...