القاهرة: الرقابة لم تسقط وبلطجية «المشير» يعتدون على الصحافيات

26-11-2011

القاهرة: الرقابة لم تسقط وبلطجية «المشير» يعتدون على الصحافيات

أشياء كثيرة تغيّرت في مصر بعد الثورة ... وحده جهاز المطبوعات التابع لوزارة الداخلية، لم يتغيّر. منذ أيام، فوجئت الناشرة سميّة عامر، صاحبة دار «كيان» ببعض رجال الأمن يقتحمون مكاتبها، ويسألون عن تراخيص الدار ومطبوعاتها. وعندما أخبرهم أحد العاملين بأنّه مجرد موظف، وأن صاحبة الدار ستكون موجودة بعد ساعات قليلة، تركوه. تخيّلت عامر أن الأمر انتهى عند هذا الحد. لكنّها فوجئت باتصال من المطبعة التي تتعامل معها يعلمونها بأنّ بعض رجال الأمن صادروا «أنت مين» باكورة شاعر العاميّة الشاب تامر عباس. لا علاقة لمضمون الديوان بالقضيّة، فهو من وجهة نظر الناشرة المصريّة عاديّ لا يتضمّن أيّ خروج سياسي. برأيها، فالمسألة تتعلّق بمواقفها السياسيّة، إذ نشطت في الفترة الماضية ضمن مجموعات «لا للمحاكمات العسكرية»، ولجنة «رصد» المنبثقة عن ائتلاف الثقافة المستقلة.

ومهمّة هذه اللجنة تنظيم لجان شعبية في أحياء القاهرة الفقيرة، لتوعية الأهالي على الاستحقاق الانتخابي.
وأمام إصرار مديرة الدار على معرفة أسباب المصادرة، لم تجد الداخلية حجّة سوى القول إنّ المطبعة ليس لديها «إذن طبع» من الدار، وحوّلت الكتاب والدار والمطبعة إلى نيابة «عابدين». طلبت النيابة أوراق رقم الإيداع التي تحصل عليها الدار من «دار الكتب»، فقدّمته سميّة، لكنّ قرار الإفراج عن الكتاب لم يصدر بعد. وهذا ما يعني بحسب صاحبة الدار «تدميراً وتمزيقاً متعمّداً للكتاب»، سيضطرها إلى خسارة مالية كبيرة.
سمية التي شاركت بفعاليّة في الثورة المصرية، ترى أنّ ما يحدث رسالة مقصودة من الأمن المصري. كأنّهم يقولون: «ما فيش ثورة حصلت، ولا تحلموا بأكثر من ذلك».
كأنّ الرقابة بعد الثورة تريد إحكام قبضتها أكثر، ربما لإحساس الرقيب بأنّه يفقد جزءاً من سطوته. ويحكي الشاعر الفلسطيني إيهاب بسيسو أنّه قرر ترك لندن، حيث يقيم منذ سنوات، إلى غزة، وأرسل جزءاً كبيراً من مكتبته الخاصة إلى القاهرة. فتم إيقافها في المطار، ليخبره الرقيب أنّ هناك أربعين عنواناً ممنوعاً من الدخول، أهمها روايات عبد الرحمن منيف، وكتب نصر حامد أبو زيد وصادق جلال العظم وميلان كونديرا. الكتب التي تباع على أرصفة القاهرة، ويمكن تنزيلها عن الإنترنت، لا تزال ممنوعة من دخول مصر، حتى بعد الثورة ...

 

بلطجية «المشير» يعتدون على الصحافيات
ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها منى الطحاوي للتحرش الجنسي، لكنّها المرّة الأشدّ والأقسى. خرجت الصحافية والكاتبة المصريّة الأميركية من مبنى وزارة الداخليّة في القاهرة بيدين مكسورتين، بعدما أمضت 12 ساعة تعرّضت خلالها للتعذيب والتحرّش على أيدي رجال أمن الوزارة، كما قالت في حسابها على تويتر. في السابق، تعرّضت الطحاوي للتحرّش على أيدي رجال الأمن خلال مشاركاتها في التظاهرات الاحتجاجيّة في السنوات الماضيّة. وحين اشتكت مرّة لأحد الضباط المشرفين، قال لها: «ما تخديش بالك».منى الطحاوي بعد الاعتداء عليها

وأول من أمس، لم تكن الطحاوي قادرة على مقاومة جلّادها. الصحافيّة والمدّونة المقيمة في نيويورك جاءت القاهرة لتغطية المستجدات التي شهدها ميدان التحرير. هناك تعرضت للضرب المبرح على أيدي رجال الأمن المركزي أثناء وجودها في شارع محمد محمود المؤدي إلى وزارة الداخلية. ثمّ ألقى الأمن المركزي القبض عليها، واحتجزت لمدة 12 ساعة من دون توجيه أي تهمة إليها. وكتبت الطحاوي على تويتر: «ضربوني وأحدثوا كدمات في يدي. تعرّضتُ لمضايقات أسوأ من أي وقت مضى. ووصلت المضايقات إلى التحرش بي بطرق مشينة». وأضافت: «الله وحده يعلم ماذا كانوا سيفعلون بي لو أنني لا أمتلك الجنسية الأميركية إلى جانب جنسيّتي الأصليّة».
لو قرأ ضباط الداخلية ما تكتبه هذه الباحثة في شؤون العالم العربي والإسلامي، لما كانوا قد تمادوا في فعلتهم على الأرجح. كانوا يتوقّعون أنّها ستصمت. لكنّهم لم يقرأوا ما كتبته قبل سنوات: «إنّ مستجدّات الحقبة الساداتية جعلت المصريات يعتقدن أنّ المرأة عليها أن تُبقي ما يحدث لها من تحرّش بينها وبين نفسها، حتى لا يلحق بها العار أو الخوف الذي يلوّث سمعتها». لهذا خرجت الطحاوي من أقبية الوزارة الشهيرة، وحكت علناً ما عانته ضمن برنامج «آخر كلام» مع يسري فودة على قناة ontv. وأشارت إلى أنّ الاعتداء أدى إلى كسر يديها الاثنتين، مضيفةً أنّ المجلس العسكري «لم يعد حامياً للثورة، بل سارق للثورة».
الطحاوي التي تكتب مقالات دوريّة في «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، و«جيروزاليم بوست»، و«المصري اليوم»، ليست للأسف الصحافيّة الوحيدة التي تعرّضت للعنف في ميدان التحرير... فقد طاولت هذه الممارسات المشينة عدداً من الصحافيات اللواتي يحاولن نقل الأحداث المستجدّة، ومنهن مراسلة «فرانس 3» كارولين سينز. هذه الأخيرة تعرضت أيضاً للضرب والتحرش في أحد الشوارع المؤدية إلى الميدان على أيدي بلطجية نظام «المشير». وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد حذّرت من الخطر الذي تواجهه الصحافيات اللواتي يغطين الأحداث في ميدان التحرير. وأعلنت أمس أنّها المرة الأولى التي تتكرر فيها الاعتداءات الجنسية على الصحافيات، داعيةً وسائل الإعلام إلى اتخاذ إجراءات «حماية خاصة».
وتابعت المنظمة «أنّ الخطر الذي يتهدد الصحافية هو أكبر من الخطر الذي يتهدد الصحافي الرجل خلال العمل في ميدان التحرير. إنّها حقيقة لا بد لادارات التحرير من أخذها في الاعتبار. إنّها المرة الأولى التي ترتكب فيها اعتداءات جنسية متكررة في مكان واحد ضد صحافيات. على ادارات التحرير أن تفكّر ملياً عندما ترسل فرقاً للعمل في المكان وتتخذ تدابير خاصة للحماية».
وكانت المنظمة طلبت الخميس من ادارات التحرير التوقف موقتاً عن ارسال صحافيات الى مصر، بعد تعرض مراسلة «فرانس 3» كارولين سينز للاعتداء. وفي هذا الصدد، أشارت المنظمة إلى «أنّها على الأقل المرة الثالثة التي تتعرض فيها مراسلة صحافية لاعتداء جنسي منذ بدء الانتفاضة المصرية. على ادارات التحرير أخذ هذا الأمر في الحسبان والتوقف موقتاً عن ارسال صحافيات كمراسلات الى مصر». وتابعت المنظمة في بيانها «انه لمؤسف جداً أن نصل الى هذه النقطة، الا أنّه لا يوجد حل آخر نظراً إلى العنف الذي اتصفت به هذه الاعتداءات».
وفي اليومين الماضيين، تحوّل حساب الطحاوي على تويتر إلى ساحة تضامن، وأعرب ناشطون وفنانون كثر عن دعمهم لها من خلال الرسم على الجصّ الذي يغلّف يديها.

محمد شعير

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...