الفساد العراقي: الفضيحة الأكبر في التاريخ؟

02-04-2007

الفساد العراقي: الفضيحة الأكبر في التاريخ؟

لعل ما حذرت منه منظمة «الشفافية الدولية» في آذار 5002 قد تحقق، أو بات قاب قوسين أو أدنى: فالعراق قد يصبح «أكبر فضيحة فساد في التاريخ».
يمارس عدد من المسؤولين العراقيين في مستويات مختلفة، نهباً منظماً للدولة وثرواتها ومرافقها، يتكامل مع إقدام الاحتلال على تبديد مليارات الدولارات من الأصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد سقوط نظام صدام حسين.
يشير تقرير «المفتش الاميركي الخاص حول إعادة إعمار العراق» ستيوارت بوين، في العام 5002، إلى انتقادات لكيفية استخدام «سلطة الائتلاف المؤقتة» التي حكمت العراق بعد الغزو، من نيسان 3002 حتى حزيران 4002، لمبلغ 73 مليار دولار من الأموال التي جمعتها الأمم المتحدة من برنامج «النفط مقابل الغذاء» ووضع اليد على حسابات مصرفية تعود إلى النظام السابق.
وكانت المنظمة الدولية قد أسست، بطلب من إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش، «صندوق تنمية العراق» وكلفت «سلطة الائتلاف المؤقتة» الإشراف عليه. وأوضح تقرير بوين ان 8.8 مليارات دولار من هذا الصندوق، حوّلتها «سلطة الائتلاف المؤقتة» إلى وزارات عراقية، لا يمكن التدقيق في كيفية صرفها. وقال بوين في العام 6002 ان فساد الحكومة العراقية قد يبلغ أربعة مليارات دولار سنويا، أي أكثر من 01 في المئة من العائدات العامة.
كذلك أشار تحقيق في كيفية إنفاق عائدات النفط العراقي خلال الأشهر الـ51 الأولى بعد الغزو، إلى ان تسعة مليارات دولار أنفقت من دون تدقيق مناسب.
وثمة مبلغ 1.4 مليار دولار شحنته «سلطة الائتلاف المؤقتة» عداً ونقداً إلى اربيل في كردستان العراق في 32 حزيران 4002، أي قبل خمسة أيام فقط من إقدام الحاكم الاميركي السابق بول بريمر على «إعادة السيادة» إلى العراقيين، ومغادرة البلاد. ويشدد العضو الكردي في «مجلس الحكم» السابق والنائب الحالي محمود عثمان على ان شحن المبلغ إلى اربيل هو محاولة من بريمر لإسكات القادة الأكراد، بعدما بدد المبلغ المتبقي وهو 2.6 مليار دولار كان «صندوق تنمية العراق» يدين بها إلى كردستان، وهي 31 في المئة من عائدات برنامج «النفط مقابل الغذاء».
وفي مؤشر إلى حجم الفساد في الوزارات العراقية، يروي رجل الأعمال العراقي محمد جواد «بعدما ذهبت إلى وزارة النقل وبحوزتي اقتراح لإقامة خط جوي من الدول الاسكندنافية إلى العراق، تلقيت اتصالا هاتفيا من قريب للوزير يقول لي ان الصفقة لن تتم ما لم أدفع رشى بقيمة نصف مليون دولار». وأشار جواد إلى أن فريق وزير لم يحدده طالب مقاولين يسعون إلى الفوز بمناقصة برفع قيمة العرض من 51 إلى 07 مليون دولار، كي يحصلوا على 04 مليون دولار.
ورأى جواد ان «حوالى 01 في المئة من الأعمال كانت فاسدة خلال عهد صدام. أما الآن، فالنسبة ترتفع إلى حوالى 59 في المئة. كان لدينا صدام واحد، أما الآن فلدينا 52 صداماً».
وكان وزير الكهرباء العراقي السابق أيهم السامرائي، الذي يحمل الجنسية الاميركية، قد فر من السجن في المنطقة الخضراء في 71 كانون الأول الماضي بمساعدة حراس السجن الاميركيين، بعدما قضت المحكمة الجنائية العراقية في 21 تشرين الأول الماضي بسجنه عامين اثر إدانته «بإهدار المال العام».
وأشارت «الهيئة العراقية العليا للتدقيق في الحسابات» التي أسست في العام 4002 كجزء مستقل عن «هيئة التفتيش الاميركية الخاصة حول إعادة إعمار العراق»، إلى فساد واسع النطاق في الوزارات العراقية، وخصوصا في وزارة الدفاع.
من جهته، قال رئيس هيئة النزاهة العراقية القاضي راضي حمزة راضي، في تموز من العام 6002، ان «الفساد ازداد واتسع بعد سقوط نظام صدام حسين» موضحا ان «ثمانية وزراء من الحكومات المختلفة التي تعاقبت في العراق» بعد الغزو، أحيلوا للقضاء بتهمة الفساد، «ولكن المحاكمات لم تتم لان أكثرهم هرب إلى خارج البلاد وبعضهم يتمتع الآن بحصانة برلمانية لم يتم رفعها عنه بعد»، بينهم وزير الدفاع السابق في حكومة أياد علاوي، حازم الشعلان، «المتهم بإهدار 1.3 مليار دولار من المال العام» مع 72 مسؤولا آخر من تلك الحكومة.
وكان وزيران من حكومة علاوي قد أحيلا في حزيران 5002 إلى التحقيق في قضايا فساد وهما وزير النقل لؤي العرس ووزيرة العمل ليلى عبد اللطيف، غير انه لم تتم محاكمتهما.
وشدد راضي على ان مكافحة الفساد تواجه مقاومة كبيرة، مشيراً إلى «مقتل 51 قاضياً ممن حكموا في قضايا فساد أو إرهاب و12 من محققي هيئة النزاهة» خلال عامي 5002 و6002. وقال انه تمت إحالة 0041 قضية فساد إلى القضاء خلال العامين المذكورين بينها «24 قضية تشمل مدراء عامين ووكلاء وزارات ووزراء».
وكان قد صدر أمر قضائي عراقي في 8 آب 4002 بالقبض على الوزير السابق أحمد الجلبي بتهمة تزييف أموال عراقية، لكنه اتهم الإدارة الأميركية آنذاك بأنها لفقت ضده هذه التهمة «السياسية».
قد ننتظر سنوات طويلة قبل أن ندرك الحجم الحقيقي لكارثة الفساد في العراق، وان نتبين حينها أيهما أكثر دموية: الإرهاب العلني الذي يضرب العراقيين، أم النهب الصامت لثرواتهم.

ايلي هيدموس

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...