الخيار السوري

12-06-2006

الخيار السوري

إن التطبيق الفاعل لنموذج (الخيار الليبي) على (الخيار السوري)، يمكن أن يؤدي إلى عوامل عدة :
فالنموذج الليبي يلقي الأضواء على المدى الذي يمكن بالنسبة إليه أن تكون عملية الالتزام والاشتراك والحوار ضرورية ومركزية في إحداث التحولات السياسية المطلوبة. وكثيراً ماتظلمت الحكومة السورية، وقد كان ذلك صحيحاً بالفعل، من عملية انعدام قنوات الاتصال والحوار مع الولايات المتحدة، وبأنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تحتفظ دائماً وتتمسك بتواجد سفيرها الدائم في دمشق .
وفي الوقت نفسه يتوجب على حكومة الولايات المتحدة أن تكون أكثر اهتماماً وحذراً إزاء عملية السماح للمعارضة السورية بفرض توجهاتها ووجهات نظرها.
وعلى الأغلب فإن المعارضة السورية الهشة المفككة ، تعمل على الإفادة من الضغوط الدولية على النظام السوري من أجل القيام بعملية الإصلاح السياسي.
هذا، وبيان "إعلان دمشق" الذي تم توزيعه بواسطة مجموعة صغيرة في منتصف تشرين أول "أكتوبر" 2005م، طالب بالتغيير الجذري، بما فيه إلغاء قوانين الطوارئ والتي يعتقد بأن النظام قد استخدمها من أجل القضاء على بعض المجموعات السياسية الناشطة حالياً.
لقد وجد إعلان دمشق دعم وتأييد جماعة "الإخوان المسلمين" ، والتي يعتقد بأن لها تمثيلاً كبيراً في سوريا، بشكل يماثل وزن الجماعات المهاجرة في أوروبا والولايات المتحدة.
فبعد أقل من أسبوع من صدور إعلان دمشق، قامت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية بمخاطبة لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ، متحدثة بكثير من المزاح والدعابة، حول عملية تغيير النظام، رافضة الحديث عن احتمالات التصعيد والعمل العسكري ضد سوريا. وفي الوقت نفسه، أفاد مصدر رفض الكشف عن اسمه، بأن إدارة بوش تهدف وتسعى من أجل إحداث عملية تحول في السياسة السورية، وليس تغيير النظام.
وعلى غرار ما فعلت مع ليبيا، فإن على الولايات المتحدة أن تسعى من أجل إزالة الالتباس والغموض في سياستها تجاه سوريا ، وذلك بأن تضع عملية القيام بتغيير النظام تماماً خارج الطاولة.
كذلك، فإن عملية التدخل العسكري الأمريكي في سوريا مرفوضة ومكروهة من جانب معظم جماعات المعارضة السورية. وبنفس القدر من الأهمية، من وجهة نظر السياسة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، فإن ماينتج عن القيام بعملية تغيير نظام تتبناها وترعاها أمريكا، سوف لن يكون شيئاً مفضلاً أو جيداً وذلك قياساً إلى اعتبارات الاستقرار الإقليمي والذي بالتأكيد سوف يصبح سيئاً للغاية إن قامت أمريكا بذلك.
وإذا تم تغيير النظام في سوريا، فإن البديل سوف يكون إما نظاماً بعثياً متشدداً للغاية، أو حكومة أصولية إسلامية. واستناداً إلى الاضطرابات والقلاقل العنيفة التي تدور حالياً في الشرق الأوسط، فإن فتح ترسانة اضطراب وعدم استقرار جديد في المنطقة، على الأقل،سوف يكون أمراً سيئاً للغاية – وليس في مصلحة الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال.
إن الالتزام بالحوار وتغيير السياسات يجب أن يتم اتباعه عن طريق المحادثات والمباحثات الثنائية الهادفة إلى الوصول إلى القبول والتوافق المتبادل، في الاعتبارات المتعلقة بالأهداف السياسية الخاصة بحكومة دمشق، على أن تكون مصحوبة بالحوافز الواضحة والملموسة من أجل دعم التعديلات السياسية.
هذا، وفي الوقت الذي يجب فيه على الولايات المتحدة أن تأخذ دوراً هاماً في هذه العملية، فإنه يجب على الأمم المتحدة أن تقود الجمهور في سوريا باتجاه المجتمع المدني. كذلك يجب على إدارة بوش أن تتمسك بالمسار الديبلوماسي وأن تتجنب التهديدات العسكرية، والتي ستكون في مصلحة سوريا.
وأخيراً، يجب على البيت الأبيض الاعتراف بأن العقوبات الاقتصادية (إذا كان الهدف منها هو إحداث عملية ترقية وتطوير التحول السياسي) لأنها ببساطة لن تجدي نفعاً. والسياسيون الناقدون المتضررون، عادة ما يفضلون اللجوء للعقوبات كوسائل من أجل إظهار وإبراز الحل الكامل، ولكنها في الوقت نفسه نادراً ما تؤدي إلى التغيير السياسي المطلوب.
هذا وتطرح كل من العراق، ليبيا، والسودان، ثلاثة نماذج، وهناك حجة ضعيفة للغاية، للاعتقاد بأن العقوبات الإضافية سوف تكون فاعلة في حالة سوريا. بل على العكس من ذلك، فإن فرض عقوبات مكثفة على النظام السوري، يمكن أن يكون ورقة داعمة للنظام وبالذات أطرافه المتشددة التي ترفض أي تحديث أو تغيير. كذلك فإن عقوبات الرئيس بوش، من الممكن أن تؤدي إلى عزل الشعب السوري عن الغرب، وتغريب المواطنين السوريين العاديين.


الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...