الانقسام السعودي حيال العراق

14-12-2006

الانقسام السعودي حيال العراق

افادت وكالة " الاسوشيتدبرس" ان العائلة المالكة السعودية والمسؤولين الحكوميين الكبار منقسمون حيال طريقة التعامل مع الازمة المتفاقمة في العراق وقضايا أخرى في منطقة الشرق الاوسط مثل ايران، اذ يحبذ البعض تقديم دعم قوي لسنة العراق في حين يبدي البعض الأخر حذرا شديدا.
وقالت ان هذا الانقسام كان له دور رئيسي في الاستقالة المفاجئة للسفير السعودي في الولايات المتحدة الامير تركي الفيصل وقد يلحق ضررا بالغا بالجهود الأميركية لوضع استراتيجية جديدة لتهدئة الاوضاع في العراق.
وعلى نطاق اوسع، يظهر الانقسام الداخلي في المملكة كيف ان دولا عربية طالما كانت حليفة للولايات المتحدة مثل السعودية تتخبط في تقرير السياسة الواجب اتباعها حيال الازمة العراقية وتعاظم النفوذ الايراني في هذا البلد.
وانعكس الوضع المتفجر في الشرق الاوسط توترا في علاقات السعودية مع الولايات المتحدة، على رغم ان البلدين يحرصان على تأكيد متانة هذه العلاقات.
ونسبت الوكالة الى مسؤول سعودي طلب عدم ذكر اسمه ان استقالة تركي الفيصل بعد 15 شهرا فقط من توليه منصبه أعقبت توصل مسؤولين سعوديين الى استنتاج انه لم ينجح في بناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة. وقال المسؤول الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع وزارة الخارجية السعودية ان "كثيرين من افراد العائلة المالكة استخلصوا انه في حال بقائه فترة أطول في منصبه قد تصبح الامور اسوأ".
وفيما رفض المسؤولون السعوديون التعليق على الاستقالة، تعذر الاتصال بالامير تركي. بيد انه من الواضح ان الملف العراقي في صلب الخلاف.
وكان الأمير تركي طرد الاسبوع الماضي مستشاره الامني نواف عبيد الذي نشر مقالا في صحيفة " الواشنطن بوست" قبل أسبوعين قال فيه ان "أولى نتائج" انسحاب أميركي من العراق ستكون "تدخلا سعوديا كبيرا لمنع الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا من ذبح العراقيين السنة". ونفت الرياض ان يكون عبيد يمثل وجهة نظر المملكة .
بيد ان "الاسوشيتدبرس" كانت اوردت الاسبوع الماضي تقريرا مفاده ان مواطنين سعوديين يرسلون ملايين الدولارات الى المتمردين السنة في العراق يستخدم اكثرها لتمويل شراء اسلحة لانهم يخشون النفوذ الشيعي المدعوم من ايران.
ويقول مسؤولون عراقيون ان بعض افراد العائلة المالكة السعودية هم ايضا متورطون في توفير التدفق المالي للمتمردين او يغضون الطرف عنه وهو ما ينفيه المسؤولون السعوديون بشدة.
ونفت الرياض وواشنطن ما نشرته صحيفة "النيويورك تايمس" أمس عن ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أبلغ الى نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني خلال زيارته للرياض الشهر الماضي أن المملكة قد تقدم دعما ماليا لسنة العراق في قتالهم ضد الشيعة إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها منه.
وصرح الناطق باسم البيت الابيض طوني سنو: "هذه ليست سياسة الحكومة السعودية . أوضح السعوديون أنهم ملتزمون أهدافنا نفسها... وهي إقامة عراق قادر على تعزيز نفسه، وهم قلقون من التدخل الايراني في العراق ونحن نشاطرهم هذا القلق".
وتدفع الادارة الأميركية الحكومة السعودية الى التدخل لدى المتمردين السنة في العراق من أجل اقناعهم بالانضمام الى العملية السياسية في العراق.
لكن العائلة المالكة السعودية منقسمة حيال الاستراتيجية الواجب اتباعها في العراق، استنادا الى شخصيتين سعوديتين على صلة وثيقة بالحكومة طلبا عدم ذكر اسميهما نظرا الى حساسية الشؤون الداخلية في المملكة. وقالا ان اصل المشكلة يكمن في الصراع بين اطراف السلطة وعدم اتخاذ قرار في شأن طريقة التعامل مع هذه الازمة. وأكد احدهما ان " لدى المسؤولين هاجسا ان الشيعة وايران سيسيطرون على العراق، لكنهم لا يعرفون كيف يوقفون ذلك". فيما أكد الثاني ان الحكومة مرتبكة تماما حيال القرار الواجب اتخاذه.
وكان أكثر من 30 رجل دين سعوديا دعوا الاثنين المسلمين السنة في العالم الى دعم اخوانهم في العراق في مواجهة الشيعة. وغالبية هؤلاء العلماء من المقربين من افراد في العائلة المالكة ويتلقون دعما ماليا منهم.
والاوضاع في فلسطين ولبنان تقلق ايضا المملكة وتؤدي الى توتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، فان الرياض أبلغت الى واشنطن انها تعتقد ان حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي يشكل مدخلا اساسيا لمعالجة أزمات المنطقة. الا ان ادارة الرئيس جورج بوش تقول انه يتعين على الحكومة الفلسطينية برئاسة حركة المقاومة الاسلامية " حماس" الاعتراف اولا باسرائيل ونبذ العنف.
وقد أخفقت السعودية حتى الان في اقناع "حماس" بالقيام بذلك، في حين ان نفوذ ايران يكبر في الساحة الفلسطينية وتتطلع الفصائل الفلسطينية الى طهران للحصول على الدعم مما يعطي ايران دورا قياديا على حساب السعودية.
وبسبب ذلك تجد المملكة ان دورها القيادي في المنطقة يتراجع وبات نفوذها في انحسار. وقد توترت علاقاتها مع سوريا بشدة بسبب الازمة السياسية في لبنان وحرب تموز بين اسرائيل و"حزب الله"، مما يحول دون اضطلاعها بدورا فعال في لبنان، على رغم انها كانت رعت عام 1990 اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية في هذا البلد.

المصدر: ا ب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...