اتصالات الحسكة تسرق مشتركيها

27-09-2007

اتصالات الحسكة تسرق مشتركيها

أحد المقاسم يسجل مكالمة من الحسكة إلى حلب لمدة 10 ساعات متواصلة رغم أن هاتف الطالب مغلق لو أحصينا عدد الشكاوى التي وصلتنا خلال السنوات الماضية وحتى الآن. ‏

من المشتركين بالهاتف الثابت في محافظة الحسكة، حول ظهور مكالمات على أرقامهم لم يجروها، الأمر الذي رتب عليهم دون وجه حق مبالغ طائلة لا قبل لهم على دفعها، وذلك لأن أغلب تلك المكالمات إن لم يكن كلها مكالمات دولية... نقول لو أحصينا عدد هذه الشكاوى لوجدناها بالمئات دون أية مبالغة. ‏

والذي كان يحصل عندما كنا نراجع مديرية الاتصالات لمتابعة تلك الشكاوى، أن الجواب يأتينا بالنفي، وأن تلك المكالمات مجراة فعلاً، و الإجراءات المتخذة سليمة مئة بالمئة، وبالتالي فالمبالغ المحققة صحيحة، و ما على المشترك الشاكي سوى الدفع .. وكانت المديرية تؤكد لنا انه لا يمكن للعاملين في المقاسم الهاتفية أن يتلاعبوا بالمكالمات أو الفواتير، لأن هذا الأمر غير متاح فنياً، أي لا يستطيع أي من العاملين في المقاسم أن يجري أية مكالمة، سواء دولية أو قطرية، ثم يسجلها على أحد الأرقام حسب مزاجه. ‏

وإزاء هذا التأكيد الصادر من أعلى الهرم الوظيفي في مديرية اتصالات الحسكة، لم يكن أمامنا سوى أن نصدق، ثم نعود أدراجنا لنبلغ أصحاب الشكاوى برد مديرية الاتصالات، و أننا لا نستطيع أن نفعل لهم شيئاً ...لا بل كنا نطلب من البعض منهم أن يراجعوا أنفسهم، فلربما أجريت تلك المكالمات من قبل أحد أفراد الأسرة دون علم الأهل، وربما كان خط الهاتف مسروقاً من قبل أحد الجوار ... وكل هذه الأمور جائزة وكثيراً ما تحصل ... لكن المفاجأة أن بعض المشتكين يؤكدون لنا انه لم يكن أحد في المنزل سواهم في الفترة التي أجريت فيها تلك المكالمات... و يذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك عندما يؤكدون أن هاتفهم كان مغلقاً لسبب أو لآخر، في الفترة التي أجريت فيها تلك المكالمات، حسب الكشف الموجود لديهم والصادر عن مديرية الاتصالات نفسها، الأمر الذي أوقعنا في حيرة من أمرنا وجعلنا في حيص بيص .. فمن جهة المشتكون يؤكدون أن المكالمات المرتبة عليهم لم تتم، و من الجهة المقابلة مديرية الاتصالات تنفي وتؤكد أن المكالمات أجريت فعلاً، فاحترنا من نصدق. 
 و نصدقكم القول أن الشك بقي يساورنا من ناحية مديرية الاتصالات، و خاصة أن بعض المشتكين معروفون من قبلنا معرفة جيدة، ومشهود لهم بالصراحة والصدق ولهم مكانتهم في المجتمع، وبالتالي نحن على ثقة أنهم لم يلجؤوا للشكوى، لو لم يكونوا متأكدين تماماً من صحة شكواهم . لكن لم يكن باليد حيلة .. كما لم يكن أمامنا سوى الانتظار لحين العثور على أية وثيقة تبين أن المشتكين على حق و أن ما فعلته بهم مديرية الاتصالات هو التجني بعينه، و أن هذه المديرية لم تكن تقول الصدق لنا، و أنها كانت طيلة الوقت تضللنا و تضلل غيرنا من الجهات المختصة، بهدف التستر على العاملين المسيئين لديها... الأمر الذي يجعل مئة سؤال وسؤال تهجم فجأة على واجهة الذاكرة، عن مصلحة مديرية اتصالات الحسكة، في التستر على المسيئين و المتجاوزين ؟. 
 لكن من أين لنا أن نحصل على تلك الوثائق، وهي بحوزة مديرية الاتصالات، التي لا يمكن أن تعطي أياً كان ­وليس الصحافة فقط ­ أية وثيقة تدينها، وهذا يعني أن المديرية هي الخصم والحكم في هذا المجال... فهي من يقول هذه المكالمات أجريت أو لم تجر، وهي من يصدر الفواتير ويرتب المبالغ على المشتركين، وبالتالي من غير المنطقي أن تكذب نفسها وتقول هذه الفاتورة خطأ أو هذا المبلغ رتب على المشترك دون وجه حق. ‏

ورغم كل الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها مديرية اتصالات الحسكة، لمنع وصول أية وثيقة تدينها إلى الصحافة وخاصة نحن، تمكنا من الحصول على ما يثبت قيام هذه المديرية بترتيب مبالغ طائلة على بعض المشتركين دون وجه حق، لقاء مكالمات لم يجروها، وذلك بالدليل القاطع و البرهان الناصع.. و إليكم التفاصيل: ‏

خلف الفرحان مواطن من الحسكة، جار عليه الزمان وصار لديه هاتف رقمه 314851، وذلك لأن الهواتف بالحسكة تحولت بفضل مديرية الاتصالات إلى نقمة على المواطن، وباب رزق لبعض العاملين فيها (يتسببون) من خلاله، ويغرفون من هذه الساقية الجارية مبالغ لا يستهان بها . فقد فوجئ خلف بوجود مبالغ كبيرة تصل إلى ما يقارب 46 ألف ل.س، مرتبة عليه نتيجة إجراء مكالمات قطرية ودولية خلال أربع دورات فقط... وبما أن خلف موظف بسيط وبالكاد راتبه يكفيه فقد طار صوابه ولم يعد يعرف ماذا يفعل. ‏

وبعد أن هدأ قليلاً، وصحا من الصدمة، توجه إلى مديرية الاتصالات لمراجعتها بخصوص المبالغ المترتبة عليه.. وليته لم يفعل.. وذلك لأن المديرية لم تكتف بنفي صحة شكواه كالعادة و كما اعتادت أن تفعل مع جميع أصحاب مثل هذه الشكاوى، بل فوجئ أنها تحمله أيضاً مسؤولية إزعاجات صادرة من هاتفه إلى عدة مشتركين في محافظتي حماه وحمص... ولكي تكتمل مصيبة خلف قامت مديرية الاتصالات الموقرة، بإقامة دعوى قضائية بحقه برقم أساس 639 لعام 2006 أمام محكمة البداية المدنية بالحسكة لم تحسم لتاريخه .. أي أن مديرية الاتصالات بفضل (فهلوتها) قامت بتحويل الطالب إلى مطلوب، ولم يبق سوى أن تعلق له المشنقة في الساحة العامة، كل هذا لأنه اشتكى وطالب بحقه ، وكأن المديرية تريد من كل مشترك يشعر أنه مظلوم، أن يصمت و أن يدفع المبالغ المترتبة عليه صاغراً ودون أن ينبس ببنت شفة، و إلا فالويل والثبور بانتظاره. ‏

‏ومن خلال البحث والتقصي والتدقيق بشكوى خلف الفرحان، ماذا تبين ؟. ‏ كل الأشخاص الذين يظهر كشف المكالمات إجراء مكالمات معهم من رقم الشاكي، نفوا إجراء أي اتصال معهم من قبل المشترك الشاكي خلف الفرحان و أكدوا أنهم لا يعرفونه. وهذا يعني أن الشاكي لم يقم بإجراء تلك الاتصالات التي رتبت المبالغ الكبيرة على اشتراكه. ويتضح من خلال ذلك أن أحد العاملين في مديرية الاتصالات يقصد الإساءة للشاكي وتحميله أكبر مبلغ ممكن، قيمة مكالمات تتحقق عليه. ‏

كما نفى أصحاب الاشتراكات الواردة في الكشوف من محافظتي حمص وحماه، الذين تدعي مديرية اتصالات الحسكة قيام الشاكي خلف الفرحان بإزعاجهم، تلقيهم أي اتصال أو إزعاج من خط الشاكي، مشيرين إلى عدم معرفتهم به وعدم وجود أي ادعاء عليه من قبلهم، علماً أن أحد المذكورين يعمل رئيس دائرة لدى مديرية اتصالات حماه. ‏

ومما يؤكد أن موضوع الإزعاجات مفبرك لغاية في نفس يعقوب، ربما لإرهاب الشاكي و تخويفه لسحب شكواه أو لسبب آخر، هو عدم قيام مديرية اتصالات الحسكة بإبلاغ المشترك خلف الفرحان صاحب الشكوى أو إنذاره بوجود إزعاجات وإساءة استخدام لخطه الهاتفي، أثناء حدوث الإزعاجات التي تدعي حصولها في حينه، وذلك خلافاً لنص الفقرة 1 من المادة 6 من نظام الاستثمار المعمول به في المؤسسة والتي قضت بأن (يتم توجيه إنذار خطي إذا صدر الإزعاج عن المشترك..) والفقرة الثانية من المادة نفسها التي قضت بأن (يتم توقيف الاشتراك لمدة عشرة أيام إذا صدر الإزعاج للمرة الثانية و إنذاره بتشديد الإجراءات في المرة الثالثة..) ‏

والسؤال هنا: إذا لم يكن الشاكي قد تبلغ بوجود إزعاجات صادرة عن هاتفه، فمن أين جاءت الإنذارات الموجودة في إضبارته وعليها توقيعه تحت عبارة( تبلغت مضمون الإنذار)؟ وهل هذا التوقيع له ؟. ‏

وتجيب الوقائع أن مذكرات التبليغ المحفوظة في إضبارة المشترك غير صحيحة وغير مستوفية للإجراءات القانونية، والتوقيع الموجود على هذه الإنذارات بأن صاحب الاشتراك قد تبلغ مضمونها ليس له.. و إنما تعود للموظف المختص الذي قام بتحرير تلك الإنذارات و وضعها في إضبارة المشترك وقام­ أي الموظف المختص ­ بالتوقيع عليها بأن صاحب الاشتراك قد تبلغ مضمونها... ما يعني قيام ذلك الموظف بفعل التزوير، وبالتالي هو المستفيد من إجراء المكالمات المشار إليها ويتحمل المبالغ التي ترتبت لقاء ذلك. وأن الاتصالات التي قام بها و أظهرتها الكشوف الفنية كانت بغرض الإضرار بالشاكي، كونها كانت تتم إلى عدة محافظات و دول ولمرات كثيرة في اليوم الواحد. ‏

ونزيدكم من الشعر بيتاً، أن بعض العاملين لدى مديرية اتصالات الحسكة أكدوا حدوث الكثير من الأخطاء و التجاوزات المشابهة من المقاسم، فعلى سبيل المثال تم تسجيل مكالمة من الحسكة إلى حلب لمدة 10 ساعات تقريباً دون انقطاع، بينما كان هاتف الطالب مغلقاً. ‏

و لأن خلف الفرحان لم يصل إلى نتيجة مع مديرية الاتصالات، بل ازدادت هذه المديرية فجوراً عليه... توجه إلى فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالحسكة، وتقدم بشكوى نظامية حسب الأصول... وبدوره قام فرع الهيئة بتفويض الرقابة الداخلية لدى مديرية اتصالات الحسكة بالتحقيق بالشكوى... فماذا حصل ؟ وهل قامت الرقابة الداخلية بإنصافه؟. ‏

أكد المراقب الداخلي أنه سافر إلى محافظتي حمص وحماه للتحقيق بالشكوى، وهذا غير صحيح. وذلك لأن المراقب الداخلي يدعي أنه سافر إلى هاتين المحافظتين بتاريخ معين، لاستجواب الأشخاص المدعى إزعاجهم من قبل الشاكي، و أنه التقى بهؤلاء الأشخاص واستجوبهم فعلاً، وفق ما هو وارد في إذن السفر والسجلات، في حين أن تاريخ محضر الاستجواب يبعد عن تاريخ إذن السفر أكثر من شهر... ما يعني أن المراقب الداخلي لم يغادر الحسكة البتة، ولم يستجوب أي شخص في حمص وحماه، من الذين تدعي مديرية الاتصالات بالحسكة إزعاجهم من قبل الشاكي، كما يؤكد أن تصرف المراقب الداخلي بهذا الشكل يتنافى مع سلوكية ومصداقية العمل التفتيشي والتحقيقي. ‏

ورغم كل ذلك ، أنصفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الشاكي خلف الفرحان، وطلب الأستاذ احمد يونس رئيس الهيئة بالكتاب رقم9/1889/28/14 تاريخ 30/8/2007 الموجه إلى المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات اتخاذ الإجراءات التالية: ‏

1­ فرض عقوبة تأخير الترفيع بحق العامل لدى مديرية اتصالات الحسكة، الذي قام بإجراء المكالمات وتسجيلها على رقم الشاكي . ‏

2­ مطالبة العامل نفسه بقيمة الفواتير المحققة على الاشتراك الهاتفي للشاكي. ‏

3­ إعفاء المراقب الداخلي لدى مديرية الاتصالات من عمله في الرقابة الداخلية، وذلك لمخالفته أسس وأصول العمل التفتيشي و التحقيقي. ‏

‏وفي الوقت الذي نوجه فيه تحية عرفان و تقدير إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ممثلة برئيسها الأستاذ أحمد يونس، نود أن نؤكد أن المعلومات التي و صلتنا من مصادر موثوقة، تبين أن مديرية الاتصالات بالحسكة لم تأخذ قرارات الهيئة على محمل الجد، ولاسيما ما يتعلق بإعفاء المراقب الداخلي.. و مازالت تماطل في تنفيذ هذا الموضوع، لأسباب لا يعرفها أحد سواها... ربما لأنها اعتادت على التستر على المسيئين و المفسدين، وبالتالي فهي لا تستطيع أن تغير عادتها . ‏

لكن نحن على ثقة أن المديرية لن تستطيع السير بهذا الطريق طويلاً ، فحبل الكذب قصير مهما طال .. بدليل أن محاولاتها التستر على ما يفعله بعض العاملين لديها من إجراء مكالمات بمبالغ كبيرة وترتيب قيمتها على المشتركين قد انكشفت... وهذا يعني أنها لن تستطيع بعد الآن أن تدعي أن أية مكالمة مهما كانت قد أجريت من هذا الرقم أو ذاك، إن لم تكن قد أجريت فعلا. ‏

و بالمقابل لا ننسى ­ للحقيقة والإنصاف­ أن نحيي جهود العاملين الشرفاء والمخلصين في مديرية اتصالات الحسكة وهم كثر. ‏

خليل اقطيني

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...