«شروط» الحريري تُسهل خيارات ميقاتي وصفعة قطرية ـ فرنسية لواشنطن

28-01-2011

«شروط» الحريري تُسهل خيارات ميقاتي وصفعة قطرية ـ فرنسية لواشنطن

بدأ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مشوار تأليف حكومته، من خلال المشاورات النيابية «الشكلية» التي باشر فيها أمس، وتستمر اليوم، لينطلق بعد انتهائها العمل الجدي في مطابخ الكواليس السياسية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة بـ«من حضر».
وفي حين يحرص ميقاتي على إعطاء كل الفرص لمحاولة ضم فريق 14 آذار الى حكومته، توحي السلبية المستمرة للرئيس سعد الحريري و«الشروط التعجيزية» التي بلّغها تيار المستقبل الى الرئيس المكلف باستحالة نجاح هذه المحاولة، ما يعزز الاتجاه نحو حكومة مركبة تجمع بين التكنوقراط والسياسيين، على ان يُترك للاتصالات توزيع المقادير والنسب.
ومن الواضح ان الحريري لن يكتفي برفض المشاركة، بل هو يحاول «محاصرة» ميقاتي بين مجموعة من الخطوط الحمر لتعطيله، وأبرزها انه لا يستطيع ان يوافق على وقف التعاون مع المحكمة بحجة ان الحريري وافق على ذلك قبل سقوط التسوية، لأن ما تمّ القبول به قبل ان يسحب الوسطاء يدهم من الملف اللبناني، قد أتى ضمن سلّة متكاملة لمصلحة البلد، ولا يمكن بعد الانقلاب الذي نفّذته المعارضة السابقة تناول مسألة المحكمة بشكل مجتزأ، كما أكدت أوساط بارزة في كتلة المستقبل.
وقالت مصادر أن الحريري قال لميقاتي خلال لقاء الدقائق الخمس الاولى إن مشكلته ليست معه كشخص بل مع طريقة تسميته التي لا يمكن قبولها.
ومن المتوقع ألا يستغرق تشكيل الحكومة وقتا طويلا، متى حُسم أمر عدم مشاركة قوى 14 آذار فيها، علما ان الصالونات السياسية بدأت تتداول أسماء المرشحين للتوزير، بل هناك من يقول ان مسودة التشكيلة الحكومية هي شبه منجزة، وإن وضع اللمسات الاخيرة عليها ينتظر استنفاد الرئيس المكلف كل إمكانية لضم «الاكثرية السابقة» الى تشكيلته الوزارية.
وفيما انطلقت الآلية الداخلية لعملية تأليف الحكومة، كان ميقاتي يتلقى جرعة جديدة من «الدعم الدولي» عبر التوافق القطري ـ الفرنسي على إعطاء الفرصة الضرورية لحكومته وإلغاء اجتماع لجنة الاتصال الخاصة بلبنان والتي حاول جيفري فيلتمان جمعها في باريس، ما شكل صفعة قوية لواشنطن في قلب العاصمة الفرنسية.
-  في هذه الأثناء، قالت أوساط واسعة الاطلاع ان ميقاتي سيعطي نفسه مهلة لبضعة أيام من أجل محاولة إقناع فريق 14 آذار بالانضمام الى حكومته، وفي حال لم يلق تجاوبا، وهذا هو الارجح، فإنه سيتجه نحو تشكيل حكومة مختلطة وموسعة تجمع بين التكنوقراط والسياسيين، وتخلو من «الاسماء المستفزة والمتورطين في الفساد»، مشيرة الى انه في هذه الحال، فإن عملية التأليف لن تستغرق وقتا طويلا، وربما تكون منتهية في نهاية الاسبوع المقبل.
وأشارت الأوساط الى ان ميقاتي بات يملك تصورا شبه متكامل لشكل وحجم الحكومة التي سيشكلها إذا أصرت قوى 14 آذار على رفض الانضمام الى حكومة وحدة وطنية.
وأشارت الى ان ثمة ثلاث مراحل في التشكيل، حتى ضمن الفريق الواحد، اولها نسبة تمثيل كل طرف، وثانيها طبيعة الحقائب، وثالثها الاسماء التي يفترض ان تكون مقبولة من كل الاطراف المشاركة في الحكومة، بحيث تكون الحكومة منسجمة فعلا.
وأشارت هذه الاوساط الى انه لم يسبق لميقاتي ان تعاون سياسيا مع العماد ميشال عون، وهناك جهود لتوضيح اسس التعاون بينهما، من بينها اللقاء الذي تم امس في الرابية بين الوزير محمد الصفدي وعون.
وتوقعت هذه الاوساط ان تنال الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب بأصوات يفوق عددها ما ناله ميقاتي في استشارات التكليف.
- من ناحيته، اعتبر ميقاتي في مقابلة مع «العربية» أن «موافقة «حزب الله» على ترشيحه لا تعني انه جزء من الحزب الذي «هو شريك في حكومة رئيس تصريف الاعمال سعد الحريري».
وعن رأيه في المطالب التي تبلغها من كتلة تيار «المستقبل» خلال المشاورات النيابية، أشار الى انه «أبلغ «الكتلة» ان ما تطلبه هو عكس ما طلبه «حزب الله»، وأن هناك تناقضا بين مطالب الفريقين ويجب ان نحل هذه الامور»، موضحا انه «لم يلتزم مع احد وسنسعى الى الحوار وليس هناك اي قرار يتخذ الا بإجماع اللبنانيين».
وفي ما يتعلق بموضوع المحكمة، لفت الانتباه إلى ان هناك صيغا عدة جرى الحديث عن ان الحريري وافق عليها، مشيرا الى ان «علينا ان نبحث عن مصلحة لبنان وعن الصيغة المناسبة، ربما عبر هيئة الحوار أو مجلس الوزراء أو مجلس النواب بضمانة عربية، وخصوصا سوريا والسعودية».
إلى ذلك قالت مصادر الرئيس المكلف لـ«السفير» إن الرسالة التي سلمها وفد كتلة المستقبل له خلال الاستشارات، هي بمثابة إملاء شروط مسبقة ومحاولة تعجيز لتبرير عدم المشاركة في الحكومة، موضحة ان الرئيس ميقاتي رد على الوفد قائلا: أنا لم أعط غيركم تعهدات او ضمانات خطية في أي امر ولن أعطيكم تعهدات او ضمانات، والامر الوحيد الذي أتعهد به للجميع هو السعي الى تشكيل حكومة من كل الاطراف، وترك المسائل الخلافية للحوار.
واستغربت المصادر كلام «المستقبل» عن عدم ميثاقية تكليف ميقاتي، مؤكدة انه تم بناء للدستور، ولافتة الانتباه الى ان ما ينكره السنيورة على ميقاتي تضمنه البيان الوزاري للحكومة الاخيرة حول صيغة الشعب والجيش والمقاومة، وكانت سببا للخلاف بين «المستقبل» وبين بعض حلفائه، فكيف يمر هذا التناقض؟
- الى ذلك، قال الرئيس نبيه بري إنه أبلغ الرئيس نجيب ميقاتي خلال لقائه به أمس، استعداده والمعارضة السابقة لتقديم كل التسهيلات الممكنة التي تساعده في تشكيل حكومة منتجة.
وشدد على وجوب تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لمواجهة الملفات الشائكة والتحديات الداهمة التي تفاقمت خلال الاشهر الماضية، في ظل فراغ حكومي متماد عمره سنة ونصف سنة، لأن الحكومة السابقة كانت شبه مشلولة.
وأشار الى انه يؤيد إعطاء الرئيس المكلف فترة أسبوع أو أسبوعين كحد أقصى من أجل السعي الى إشراك فريق 14 آذار «في حكومة الوحدة الوطنية التي أعطيها الاولوية، أما إذا أخفق في مسعاه فإننا نكون امام ثلاثة احتمالات: حكومة تكنوقراط صافية، او تكنوقراط مطعمة بالسياسيين، او سياسية مطعمة بالتكنوقراط».
وأشاد بجرأة الرئيس ميقاتي والرئيس عمر كرامي والنائبين محمد الصفدي وأحمد كرامي الذين منعوا بشجاعتهم السياسية وقوع فتنة بين المسلمين وحالوا دون حصول اصطفاف مذهبي حاد بين السنة والشيعة.

-ومن جهة أخرى فقد أصيبت الجهود الدبلوماسية الأميركية لمحاصرة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المقبلة بالشروط،  بنكسة حقيقية، ونجحت الجهود القطرية التركية بفتح الطريق أمام ميقاتي لتشكيل حكومته، بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها ليل أمس رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم إلى الأليزيه، وإقناعه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بإلغاء اجتماع كان جيفري فيلتمان قد تباحث بشأنه مع الخارجية الفرنسية وأحد مستشاري الأليزيه، على أن ينعقد اليوم على مستوى الموظفين.
فبعد لقاء دام ساعة مع الرئيس الفرنسي، قال رئيس الوزراء القطري لـ«السفير» في باحة الأليزيه: «تباحثنا حول الاجتماع (مجموعة الاتصال حول لبنان) المزمع عقده غدا (اليوم)، وتوصلنا إلى أن يلغى هذا الاجتماع لأننا نريد من كل اجتماع ينعقد أن يدعم لبنان والاستقرار في المنطقة، ونرى في الوقت الحاضرأن هذا الاجتماع لن يقدم شيئا جديدا في الموضوع».
وكان بن جاسم قد تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو تبادلا خلاله وجهات النظر حول تطورات الوضع فى لبنان وجهود تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية أن الطرفين ناقشا الجهود التي يبذلها الرئيس ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة وأكدا أهمية دعم المساعي الرامية لصيانة الاستقرار في لبنان ودعم الجهود الهادفة الى تثبيت دعائم الامن وتكريس الوحدة الوطنية بين أطياف الشعب اللبناني.
-
في هذا الوقت، زارت السفيرة الاميركية في لبنان مورا كونيللي الرئيس المكلف الذي أكد لها «أهمية العلاقات الثنائية بين لبنان والولايات المتحدة»، وعرض رؤيته لـ«تطورات الأوضاع في لبنان وظروف ترشحه لرئاسة الحكومة وتكليفه من قبل النواب».
ووزعت السفارة الأميركية بيانا قالت فيه ان كونيللي أكدت للرئيس ميقاتي أن الولايات المتحدة تأمل في أن تمضي عملية تشكيل الحكومة الى الأمام، كقرار لبناني حصري بعيد عن الإكراه والترهيب والتهديد بالعنف، من داخل لبنان وخارجه. وزارت كونيللي أيضا رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، مشيدة بقيادته والتزامه بالدفاع عن سيادة لبنان واستقراره خلال فترة ولايته.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...