لماذا لاتوجد لائحة بأسعار العلاج بكل مشفى خاص أسوة بالمخابر؟

09-09-2010

لماذا لاتوجد لائحة بأسعار العلاج بكل مشفى خاص أسوة بالمخابر؟

لايخفى على أي عارف بشؤون المشافي ومستلزماتها من تجهيزات وتقنيات وطاقات بشرية أن لدى المشافي العامة تميزاً نوعياً كبيراً بهذا الشأن، أمام ماتملكه المشافي الخاصة من إمكانات عادية، ومع ذلك فإن متابعة دقيقة لأجور المعالجة والعمليات الجراحية في المشافي الخاصة سنجدها تصل إلى خمسة أو ستة أضعاف نفس الفاتورة الصادرة عن القسم الخاص من أي مشفى عام لنفس العملية الجراحية، أوحتى عملية ولادة عادية على سبيل المثال، حيث توجهنا بالسؤال لستة مشافٍ خاصة فوجدنا أن عملية الولادة الطبيعية لديها تتراوح بين 11000-30000 ل.س تصوروا هذا التباين الكبير بين مشفى خاص وآخر ومع ذلك فإن الرقم الصغير 11000 ل.س هو ضعف السعر الذي يتم تقاضيه في القسم الخاص من مشفى الزهراوي أو مشفى دار التوليد النسائي وهو 5400 ل.س وتصل هذه العملية البسيطة التي لاتحتاج أصلاً إلى غرفة عمليات بل يكتفى فيها بـ (غرفة مخاض) سيكون سعر الولادة الطبيعية في المشافي التي (تصنف نفسها) مشافي من الدرجة الأولى خمسة أضعاف الرقم الأخير (5400) بل وأكثر من ذلك.‏‏‏‏

في العمق‏‏‏‏

في لقاء مع السيد ياسر عبد الكريم والذي أجرت زوجته ولادة طبيعية قال :‏‏‏‏

إنه الحمل الأول لذلك أردت أن يكون كل شيء مثالياً فمع أن لي صديقاً طبيباً بمشفى دار التوليد نصحني بإجراء الولادة هناك ونبهني أن المشفى الذي اخترته مشفى خاص ذو سمعة ظاهرية (براقة) أسعاره نارية، قائلاً لي: ما الذي يهمك أنت أليس الطبيب ، أن أقوم بالعملية سواء في هذا المشفى أو ذاك ولكنني كنت مصراً على إجراء الولادة بالمشفى الخاص، بعد زوال تأثير فرحة قدوم المولود الأول (أحمد) دققت في الفاتورة التي أعطوها لي والتي لم يرضوا أن يسلموني إياها إلا بعد يومين متذرعين أن الإجراءات الإدارية تتطلب ذلك.‏‏‏‏

عدت لأجد أنهم وضعوا لي على الفاتورة إقامة يومين مع أنني بقيت مع زوجتي أقل من 4 ساعات حيث كانت الولادة والحمد لله ميسرة ولم يكن هناك أي مشكلات وفي البند الثاني من الفاتورة وضعوا لي تسعة أنواع من الأدوية المحرضة على الولادة والمخدر الموضعي على أساس أنها تقلص الآلام مع أنني قابلت الممرضة وقالت لي وقتها ولادة زوجتك ميسرة ولم نضطر لإعطائها أي أدوية محرضة ؟؟!!‏‏‏‏

ثم أضافوا أنواع خيوط على أساس أنها مميزة وغالية الثمن ضماناً لصحة زوجتي مع أن الشق كان صغيراً (3قطب) بسيطة لقد دفعت 29850 ل.س في نهاية المطاف؟؟!!‏‏‏‏

مظهر براق‏‏‏‏

د. سوزان يحيى وهي اختصاصية توليد وأمراض نسائية قالت:‏‏‏‏

أنا أعمل في مشفى عام وخاص وأتقاضى في المشفيين نفس الأجرة التي أتقاضاها للولادة الطبيعية أوالقيصرية ولكن ما يختلف بين القسم الخاص بمشفى عام والمشافي الخاصة هو مظاهر براقة ليس أكثر فهناك غرفة مجهزة بتلفاز لن تحتاجه المريضة أبداً وإذا تطلب الأمر فهناك سرير إضافي لينام عليه المرافق ولن يحتاج له لأن فترة مكوث المريضة بحالة الولادة الطبيعية تتراوح بين 3،5-4،5 ساعات فقط وليس هناك حاجة فيها لطبيب مخدر ولاأجرة عمليات جراحية ولامساعد تخدير ولاخيوط جراحية بكميات كبيرة باعتبار الشق صغيراً جداً أما العملية القيصرية فهي أعقد من الولادة الطبيعية ومع ذلك فإن أجرتها تتراوح بين 25000-45000ل.س وهو أمر يحكمه نظام المشفى وأجور الإقامة وغرفة العمليات والملحقات الإضافية التي تضعها المشافي الخاصة بصراحة لتزيد من نسبة ربحها بضعة آلاف باعتبار أن الولادة لن يناقش فيها أحد وسيكون الأهل فرحين بقدوم مولود جديد لهم ونجد أن نفس العملية في القسم الخاص من الزهراوي أو دار التوليد النسائي في البرامكة هي 10700.‏‏‏‏

تسعيرة واضحة‏‏‏‏

ولو أخذنا مثالاً أعقد للعمليات الجراحية وأسعارها سنجد أنه عند سؤال المشافي الخاصة السابقة عن سعر عملية قلبية معينة ولتكن عملية قلب مفتوح أوعملية تبديل صمام أو اثنين أو عملية فتح قلب لاستخراج جسم أجنبي، أوعملية تسلخ أبهر، هذه كلها عمليات حددها مركز الباسل لأمراض جراحة القلب في القسم بسعر 140 ألف ليرة سورية لكل عملية من هذه العمليات حيث توجد لائحة رسمية تبين سعر كل عملية سيقوم فيها المريض بكل دقة بينما إذا سألنا المشافي الخاصة سنجد أن سعر كل عملية من هذه العمليات سيصل إلى 340 ألف ليرة سورية ولن يكون السعر أقل من 275 ألف ليرة سورية هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض المشافي الخاصة ترفض إعطاءك أي معلومة عن سعر أي عملية متذرعة بأن لكل طبيب سعره الخاص وهذا أمر واقع بكثير من الأحيان حيث يقوم بعض الأطباء المشهورين كما يوضح لنا الدكتور فراس مرتضى بوضع ملحقات وهمية لعملية جراحية يقوم بها ليزيد من نسبة ربحه حيث تصل هذه النسبة إلى إضافة 20000-25000 ليرة سورية إن لم يكن أكثر في العمليات التي تتراوح قيمتها بين 10000-150000 ل.س مثل عمليات القناة الشريانية وجراحة السباتي والتوسيع والأذيني عن طريق القثطرة والمواطن سيضطر للدفع لأنه لايعرف هذه التفاصيل .‏‏‏‏

بين الوزارة والنقابة‏‏‏‏

وتقوم وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة أطباء سورية منذ حوالي السنة بدراسة مشروع تحديد أسعار العمليات الجراحية مراعين بذلك لوجود تطورات نوعية وعمليات لم تكن موجودة سابقاً حيث مضى على إصدار التسعيرة السابقة حوالي العشر سنوات، وكان هناك اقتراح أن يتم تثبيت هذه التسعيرة وإعلانها بسرعة ولكن المفاجأة أن تبقى كل هذا الوقت وهي المنتظر منها أن تتم هذه المرة ولأول مرة إعلانها على الأنترنت أسوة بجميع الدول، حيث سيستطيع أي مواطن الدخول إلى الأنترنت ووضع اسم العملية الجراحية التي ينوي إجراءها فيظهر له جدول تفصيلي بكلفة العملية مجردة مع كلفة الأدوية والإقامة وكلفة غرفة العمليات وأجرة طبيب التخدير ومساعده فلايعود هناك مجال للمشافي الخاصة أن تضع أرقاماً فلكية لاأحد يعلم عنها شيئاً ، والمنتظر أن تكون قاعدة البيانات هذه موضوعة على موقع وزارة الصحة فعملية الإعلان عن السعر هي عملية أساسية في هذه المرحلة.‏‏‏‏

ضبط الموضوع‏‏‏‏

أما د. أسامة سماق معاون وزير الصحة فذكر أن وزارة الصحة بعد وضع تسعيرة جديدة بالتشارك مع نقابة أطباء سورية ستكون واضحة وعادلة ومنظمة أما عن التباين بين أسعار العمليات الجراحية في المشافي الخاصة فذكر سماق أن مديرية المشافي مكلفة بالتحقيق في أي شكوى تردها بهذا الشأن وقد تصل العقوبة لأي مشفى إلى إغلاقه عند الضرورة.‏‏‏‏

وفي رده عن موضوع ضرورة وجود لائحة واضحة موضوعة بمكان بارز من كل مشفى خاص أسوة باللائحة الموزعة لمخابر التحاليل الطبية منعاً للغش والتجاوز بالأسعار ذكر أن هذا أمر حيوي ويجب متابعته وأن تكون أسعار كافة العمليات الجراحية وحتى العلاجات الأخرى واضحة لأن الوضوح يميط اللثام عن فوضى الأسعار وعمل البعض من ضعاف النفوس على وضع تسعيرات فلكية لاتمت للواقع بصلة.‏‏‏‏

وأشار سماق إلى أنه تم تكليف الدكتور فواز الكاتب مستشار وزير الصحة لشؤون المشافي بوضع المقترحات الأولية لأجور العمليات الجراحية كافة.‏‏‏‏

دراسته بتأنٍ‏‏‏‏

د. وائل حلقي نقيب أطباء سورية أوضح أن هناك عملاً جاداً لإيجاد تسعيرة واضحة لأجور العمليات الجراحية بشكل تشاركي مع وزارة الصحة ومع روابط الجمعيات الطبية التخصصية حيث يوجد 32 رابطة طبية تجتمع مجالس إدارتها بشكل دوري لإقرار تسعيرة مناسبة تزيل اللبس وتكون بنودها ملزمة للجميع.‏‏‏‏

لم نأخذ قراراً نهائياً حتى الآن بهذا الشأن لأن الموضوع بحاجة لدراسة وتأن حتى لايترك القرار آثاراً سلبية لانريدها، ونأمل أن يتم صدور التسعيرة الجديدة بالتزامن مع مانأمله من زيادة أجور العاملين في الدولة لأن ذلك سيؤدي لانعكاسات إيجابية على الرواتب وتحسين الأوضاع ممايشجعنا على إعطاء تسعيرة منصفة للطبيب والمواطن معاً .‏‏‏‏

متابعة دقيقة‏‏‏‏

د. سليمان مشقوق مدير المشافي في وزارة الصحة أوضح :‏‏‏‏

إن المديرية تتابع شؤون المشافي بكل دقة وهي مستعدة لمتابعة أي شكوى تردها حول أسعار تم تجاوزها من قبل هذا المشفى الخاص أو ذاك كما أن مديرية المشافي تتابع وجود تسعيرة جديدة سيتم إصدارها في وقت لاحق ستراعي جميع الظروف المحيطة بالعمليات الجراحية والأجور العامة للمواطنين.‏‏‏‏

أجهزة حديثة‏‏‏‏

الجدير ذكره أن بعض المشافي الخاصة إن لم يكن كلها تحاول بين وقت وآخر الإعلان عن وجود جهاز حديث لإجراء عملية عينية أوقلبية أومرارة أو حتى زائدة دودية فليس من المعقول أن العمليات التي يتم إجراؤها بالتنظير وباتت عمليات التنظير بسيطة وسهلة أن يبقى سعرها عالياً كما كان في السابق في وقت توفرت كل المستلزمات الأساسية الضرورية بأسعار محدودة، وإن صدور مرسوم الوكالات الحصرية والاستيراد النظامي سيضع حداً كبيراً لاستغلال المشافي الخاصة لهذه الظاهرة (ظاهرة وجود جهاز حديث) ليشكل ذلك ذريعة للفساد واستغلال المواطن حتى أن وضع أسعار خيالية لايتوقف على ذلك بل على المواد التي يتم استخدامها في العملية الجراحية حيث يمكن لطبيب عظمية على سبيل المثال أن يضع لمريضة مفصلاً صينياً ويقول لها إنه ألماني أوفرنسي ، وهناك فرق شاسع بين أن يطلب الطبيب 9000 ل.س ثمناً للأول و 75000ل.س ثمناً للثاني.‏‏‏‏

طرح بازاري‏‏‏‏

وأوضح د. جهاد الأشقر مدير صحة دمشق السابق:‏‏‏‏

أن عملية إجراء جراحة معينة لمريض لايجب أن تصل لمرحلة الطرح البازاري فالمريض صاحب حاجة وهو يأتي إلى مؤسسة طبية معينة خاصة عندما يقرر ذلك سنجد أن الموضوع بات للطبيب تحت قسم ابقراط لاأحد ينكر دور العامل المادي في الموضوع لكن المسألة إنسانية أخلاقية طبية بالدرجة الأولى .‏‏‏‏

المشكلة أن أجور المشافي الخاصة تختلف بشكل متباين فمنها من يصنف درجة أولى ومنها درجة ممتازة حتى موقع المشفى يلعب دوراً بسعرها، فسعر مشفى بدمشق.... أكبر مماهو عليه من سعر عملية جراحية في مشفى بريف دمشق مع الأسف هكذا يتم حساب الأمور، كما أن الطبيب القديم أسعاره أكبر من طبيب جديد.‏‏‏‏

إن موضوع التسعيرة في نهاية المطاف هو موضوع وجداني ذاتي للطبيب وللهيكل الإداري في المشفى، فأحياناً كثيرة يتساهل الطبيب قليلاً لكن قسم المالية في المشفى الخاص يعتبر أن كل قرش زيادة من المريض أمر حيوي وضروري لبقاء المشفى وزيادة إيراداته وأرباح الأطباء فيه حتى يتهافت الأطباء المميزون على التعاقد معه ويصبح الأشهر بينهم.‏‏‏‏

حتى المعالجة‏‏‏‏

أما الممرض ممدوح الباشا فأكد أنه بين كل مئة مريض يتم إجراء تنظير للمعدة لهم بداعي وجود مشكلة معدية - قرحة أومشكلات أخرى، لايوجد أكثر من مريض واحد يثبت أنه كان بحاجة لهذا التنظير ، وأضاف الباشا قائلاً :‏‏‏‏

أنا أعمل مع ثلاثة أطباء باختصاص الهضمية في أحد المشافي الخاصة والشغل الشاغل لهؤلاء الأطباء إقناع المريض بضرورة إجراء تنظير للمعدة والكولون حتى يتم أخذ خمسة آلاف ليرة سورية على كل تنظير.‏‏‏‏

المشكلة الكبرى التي يتعرض لها المريض إضافة لدفع المال دون أي داع، حيث إن الطبيب يعلم تماماً أنه لاحاجة لهذا التنظير إلا بنسبة 2-3٪ فقط ويمكن الاستغناء عنه تماماً والاستعاضة عن ذلك ببعض الأدوية المسكنة فالمسألة تكون عرضية أو طبيعية عند 99٪ من هؤلاء .‏‏‏‏

ومايزعجني ويؤلمني في هذا الموضوع ليس المال فقط حيث يخترع الطبيب التنظير لأخذ المزيد من المال بل الأصعب من ذلك كله هو العواقب الوخيمة والآثار الناجمة عن التنظير حيث إن نسبة كبيرة يحدث لهاتخريش ببلعومها وهو مؤذ جداً ومؤلم بشدة.‏‏‏‏

موسى الشماس

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...