نصف عمال مؤسسة الصناعات مرضى

18-07-2006

نصف عمال مؤسسة الصناعات مرضى

أسئلة كثيرة تدور حول مخاطر الصناعة الكيميائية على البيئة والعاملين فيها.. وخاصة العمال الذين يمارسون الانتاج المباشر... ولاسيما المنتجات التي تدخل ضمن تركيبتها الصنعية مواد كيميائية تحدث تأثيراً مباشراً على صحة العامل...

ترى ما الاجراءات التي تتخذها الشركات العامة لحماية العمال من مخاطرها؟! ‏

وما التعويضات التي تمنحها.. وهل الاجراءات الصحية وتعويضاتها كافية للحفاظ على سلامة العامل؟! ‏

هل الوجبة الغذائية كافية لاعطاء العامل القدرة والمقدرة الصحية على مجابهة ومعالجة الامراض الناتجة عنها! ‏

هل تتكفل الشركات التي تتعامل بها كامل النفقات.. وما الامراض التي تنتج عن الصناعة الكيميائية..؟!! ‏
الواقع خير دليل ‏

نريد هنا تسليط الضوء على الجانب الانساني والصحي للعامل في مجال الصناعة الكيميائية ومخاطرها عليه وعلى الاجراءات المتخذة لحمايته والتي من شأنها الحفاظ على عامل سليم ومعافى قادر على العطاء باستمرار... ‏

المؤسسة الكيميائية قالت ان لديها اكثر من 11 ألف عامل يعملون في مجال الصناعة الكيميائية ومعظمها تتعامل مع المواد الكيميائية لذلك الاصابات بالامراض الخطيرة واردة تماما حيث تشكل نسبة العاملين المصابين اثناء الخدمة بحدود 25% من اصل العمالة المتوفرة في الشركات.. وذلك بالرغم من اجراءات السلامة التي تتخذها الشركات الا ان اعدادهم في تناقص مستمر باعتبار ان عناصر الوقاية واجراءات السلامة في تطور مستمر... فهناك امراض قلبية وهضمية وتنفسية ناتجة عن هذه الصناعة الا ان الامراض التحسسية هي الاكثر قياسا للامراض الاخرى.. الا ان اعتمادات الطبابة في الشركات التابعة لا تغطي سوى 50% من قيمة العلاج اللازم. ‏

اجراءات دون المستوى..!! ‏

فعلى سبيل المثال: «شركة دهانات أمية» من الشركات التي تقوم عملية الانتاج بها على استخدام عناصر كيميائية من شأنها تشكيل خطر كبير ليس على العامل فحسب وانما على البيئة ايضا.. الا ان اجراءات الوقاية ما زالت ضمن الحدود الدنيا لاجراءات السلامة وذلك يعود لعدم وعي العامل من جهة وضعف الاجراء الحكومي من جهة أخرى.. ‏

لذلك إجراءات السلامة غير كافية وهذا ما اكده عدد من العاملين في الشركة باعتبار ان التعويضات وقيمتها ما زالت على حالها منذ عقود مضت فالوجبة الغذائية كما هي ما زالت 400 ل.س لكامل الشهر بمعدل 13 ليرة سورية في اليوم حسب القانون الذي يقدم ضمن الوجبة الغذائية «بيضة واحدة ـ كمية من الحليب» فإذا كان ثمن البيضة الواحدة /5/ ل.س ولتر الحليب المعقم بـ/15/ ل.س فهناك نقص 7 ل.س لكل عامل يوميا.. وهل هذه الوجبة تكفي لسلامة العامل واعطاء جسده المناعة الكاملة امام الامراض الناتجة عن هذه الصناعة؟ ‏

المسؤول النقابي بالشركة قال: كل العاملين يحصلون على تعويضهم هذا ولكن هذا التعويض لا يذكر امام ما يتعرض له العامل من امراض ومخاطر على صحته وسلامة حياته فالاجراءات الاخرى ايضا غير كافية وما زالت تقليدية وخاصة اللباس المخصص في العمل والحذاء والكمامة الورقية.. ولكن هذه الاجراءات لا تحقق ادنى حدود السلامة للعامل باعتبار ان الكمامات التي يرتديها العامل لا تضمن له سلامته من استنشاق المواد السامة لذلك نجد اكثر الامراض هي تحسسية ناتجة عن الغازات والروائح الكيماوية. ‏

فاجراءات الوقاية غير كافية مقارنة مع القطاع الخاص فهناك عدة اجراءات لا تتعلق بالعامل فحسب بل هناك اجراءات تتعلق بالمنشأة وطريقة تجهيزها بالشكل الصحيح وهي متطورة تماما فالقطاع الخاص لدينا يقدم افضل اجراءات الحماية والوقاية من اجل تخفيض النفقات العلاجية من جهة والحفاظ على المنشأة والعامل من جهة اخرى ذلك خلافاً لما هو الحال في المنشآت الصناعية فما زالت الاجراءات قديمة على حالها منذ سنوات لا تفي بالغرض المطلوب. ‏

العامل هو الأساس ‏

بعض المسؤولين قالوا ان وعي العامل هو الاساس وهذا الوعي هو الذي يوفر عناصر الحماية والوقاية من الامراض فالجهل باستخدام الكمامة الورقية على سبيل المثال يؤدي الى الاصابة. والكثير من العمال لا يرتدونها اثناء العمل وان تم ذلك فهو يتم بموجب الخوف من الادارة.. وبالتالي فان ذلك لايحقق عنصر السلامة والعامل هو المسؤول. ‏

المسؤول النقابي في شركة دهانات أمية اكد هذا الامر وقال يلزمنا الوعي الكامل حول ماهية استخدام الكمامات الورقية للوقاية من الامراض وبالتالي فاننا نرى ان استخدامها يكون قسرا وليس طوعا من العامل.. ناهيك عن اجراءات الوقاية الاخرى التي لم تتبدل ولم تخضع لاي تطور تبدأ من الحذاء والالبسة الاخرى للوقاية من المواد السامة والخطرة وذلك خلافا لما توصلت اليه مقومات الوقاية في المؤسسات والشركات الصناعية التابعة للقطاع الخاص واستخدامها تقنيات وأساليب حديثة للوقاية من المواد الكيماوية المؤثرة على صحة المواطن ولكن بالرغم من ذلك فان الاصابات في الامراض الخطرة والناتجة عن الصناعة الكيماوية فهي في الحدود الدنيا تكاد لا تشكل نسبتها من حجم العمالة 20%!! ‏

الطبابة بلا طبابة...!! ‏

وفيما يتعلق بالاموال التي ترصدها الجهات الوصائية والشركات فهي لاتزال ضعيفة جدا وهي لا تكفي لمعالجة هذه الامراض واجراء العمليات الجراحية باعتبار ان العمل الجراحي مكلف جدا ناهيك عن غلاء الادوية القلبية والسرطانية وغيرها.. فعلى سبيل المثال: دهانات أمية قيمة الطبابة خلال العام لا تتجاوز 2 مليون ليرة في حدودها القصوى نظرا لأن قرارات وزارة المالية لا تسمح بزيادتها وان تم ذلك فهناك تحايل على القانون لتغطية الاعمال الجراحية والادوية للعمال المصابين بأمراض ناتجة عن الصناعة الكيميائية وهذه مسألة في غاية الخطورة لان وزارة المالية تتجاهل اهم مسألة في غاية الاهمية وهي سلامة العامل وحمايته من الامراض الخطيرة ودليل ذلك هناك الكثير من الطلبات والتي تجددها سنويا لزيادة اعتمادات بند الطبابة الا اننا نقابل بالرفض القطعي لاسباب تتذرع بها المالية. ‏

لهذه الأسباب!! ‏

من هنا نجد أن ما ينطبق على شركة امية ينطبق على الشركات العاملة في مجال الصناعات الكيميائية والهندسية ولاسيما شركات الكابلات والانشاءات المعدنية وغيرها. ‏

فشركة سار لصناعة المنظفات الكيميائية ايضا اكد عمالها انهم ليس لديهم طبابة شاملة وان وجدت فهي في حدودها الدنيا وتقتصر على المداواة والعلاج ولا يوجد في القانون عمليات جراحية باعتبار ان الشركة عدد عمالها اقل من 500 عامل علما ان رب العمل واحد في كافة الشركات والمؤسسات الصناعية فهنا يجوز وهناك لا يجوز بغض النظر عن طبيعة العمل في كل شركة فاعتمادات الطبابة لدى الشركة هي اقل من 2 مليون ليرة وهو لا يكفي الا الجزء القليل من الطبابة والعلاج الكافي للاصابات التي يتعرض لها العمال. ‏

لذلك من الضروري جدا النظر الى واقع الشركة من خلال طبيعة عملها لا من حيث عدد عمالها.. وايجاد وسائل جديدة اكثر تطورا من استخدام الكمامة الورقية باعتبارها اداة اصبحت قديمة وفي معظم الاحيان لا تمنح الاصابات بالمواد الكيماوية ودليل ذلك حالات التحسس الكبيرة لدى بعض العاملين في الشركات.. ‏

ايضا من الضروري جدا النظر الى هذه الشركة من قبل الجهات الوصائية كباقي الشركات الاخرى التي تحصل على طبابة كاملة ومعالجة العمال حسب طبيعة العمل لا من حيث العدد. ‏

إجراءات لابد منها ‏

لذلك من اجل سلامة افضل للعامل والمنشأة على السواء وتحقيق نوع من الحماية لهم لابد من اتخاذ عدة اجراءات تكون بمثابة قاعدة وقائية علاجية تضمن السلامة للجميع في مقدمتها: ‏

ـ اخضاع العاملين لدورات تدريبية وترشيدية لتوعيتهم حول مخاطر الصناعة الكيميائية وطريقة الوقاية منها.. ‏

ـ تطبيق قواعد السلامة وتأمين الاجهزة اللازمة ومستلزماتها لتأمين صحة العامل.. ‏

ـ تأمين مشرفين اختصاصيين واطباء وبشكل دوري في الشركات الصناعية التي تتعامل بالصناعة الكيميائية. ‏

ـ اتباع أسلوب الوقاية عن طريق توفير تجهيزات على مستوى عال من الدقة ولاسيما فيما يتعلق بتجهيزات صالات الانتاج التي تكثر فيها الروائح والمواد الكيماوية.. والاهم من ذلك زيادة اعتمادات هذا البند في ميزانيات الشركات المالية حتى تتمكن من تأمين طبابة شاملة لكافة العاملين دون استثناء.. ‏

سامي عيسى

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...