من سيمتلك تركيا بعد 22 تموز الجاري؟

21-07-2007

من سيمتلك تركيا بعد 22 تموز الجاري؟

الجمل:    مع مطلع يوم 22 تموز 2007م الجاري، يتوجه الأتراك الى صناديق اقتراع الانتخابات البرلمانية المبكرة، وهي انتخابات تمت المطالبة بها بعد المعضلة السياسية التي حدثت خلال شهري نيسان- أيار الماضيين، وذلك عندما توجه حزب العدالة والتنمية الحاكم للبرلمان من أجل انتخاب عبد الله غول وزير الخارجية وعضو الحزب، لمنصب رئيس الجمهورية.
• بؤرة الأزمة:
لم يعد الرأي العام التركي يثق كثيراً في الأحزاب العلمانية التركية التي ظلت تبشره بالانضمام لـ(جنة) الاتحاد الأوروبي، وانقلب هذا الرأي العام مؤيداً جنة الإسلاميين الأتراك بالعودة إلى بيئة تركيا الإقليمية الشرق أوسطية الإسلامية، وتجديد وتعزيز روابط تركيا التاريخية القديمة مع البلدان العربية، وإيران، ودول آسيا الوسطى، والقفقاس.
أسفرت الانتخابات البرلمانية الماضية عن فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التركية، في المقابل ظلت القوى العلمانية التركية الداعمة للغرب تسيطر على منصب رئيس الجمهورية، والمؤسسة العسكرية.. وعلى خلفية الخلافات حول ملف الأزمة الكردية، وملف أزمة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومظاهرات القوى العلمانية التركية، وبيانات المؤسسة العسكرية التركية، أصدرت المحكمة الدستورية التركية قراراً عرقل إجراءات وصول عبد الله غول إلى منصب رئاسة الجمهورية.
يقول الدستور التركي، عندما يفشل البرلمان في انتخاب رئيس جهورية، فإنه يقوم بحل نفسه تلقائياً، بحيث يتم انتخاب برلمان جديد ليقوم بمهمة انتخاب الرئيس الجديد، وعلى هذه الصورة فإن حزب العدالة والتنمية سوف يخوض هذه الانتخابات لا من أجل الفوز بالبرلمان فقط وإنما من أجل الفوز أيضاً برئاسة الجمهورية التركية.
• التوازنات الحالية في الشارع التركي:
عدم قدرة حزب العدالة والتنمية على تجاوز العقبة البرلمانية، برغم أنه زعيم الأغلبية في البرلمان التركي أدت إلى المزيد من الشكوك حول قدرة الحزب على الحصول مرة أخرى على الأغلبية البرلمانية.
التنافس انحصر حالياً بين حزب العدالة والتنمية (ACP) وحزب الشعب الجمهوري (CHP) باعتبار أن الأول يمثل توجهات الحكومة الحالية، والثاني يمثل توجهات المعارضة الحالية.
من المعلوم أن كتلة ووزن حزب العدالة والتنمية أكبر من كتلة ووزن حزب الشعب الجمهوري، ولكن لما كان أي من الحزبين غير قادر على الحصول على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان، فإن دور الأحزاب الصغيرة سوف يكون هاماً في المرحلة القادمة.. وأبرز هذه الأحزاب: حزب العمل القومي (MHP) وهو حزب يميني قومي تركي، وحزب الطريق القويم (DYP) والذي أصبح اسمه الآن الحزب الديمقراطي (DP)، وهناك الحزب القومي الشعبي (GP)، إضافة إلى الحزب الاجتماعي الديمقراطي التابع لأكراد تركيا.
وتشير التحليلات إلى أنه في حالة قيام توجيه الأحزاب العلمانية الصغيرة أصواتها لصالح حزب الشعب الجمهوري فإن حزب العدالة والتنمية سوف تكون مهمته في غاية الصعوبة، والشيء نفسه سيحدث إذا توزعت الأصوات وتحالفت هذه الأحزاب الصغيرة داخل البرلمان مع حزب الشعب الجمهوري، والحل الوحيد لحزب العدالة والتنمية هو الحصول على 38% من أصوات الناخبين على الأقل لكي يضمن الأغلبية المريحة التي تعزز موقفه في معركة انتخاب رئيس الجمهورية التركي داخل البرلمان الجديد القادم.
• تركيا ما بعد الانتخابات:
يتوقع المراقبون أن يحصل حزب العدالة والتنمية على العدد الأكبر من المقاعد والأصوات، ولكن ليس من المؤكد أن يكون هذا العدد الأكبر كافياً، لمنح الحزب الأغلبية البرلمانية المطلقة، فقد يحصل الحزب على 35% من المقاعد، وتحصل بقية الأحزاب على أعداد أقل منه، ولكنها تقوم لاحقاً بالتحالف ضده داخل البرلمان، وفي هذه الحالة سوف يتكون على الأغلب تحالف جديد بين حزب الشعب الجمهوري، وحزب العمل القومي، ولكن لن يستطيع هذا التحالف إن تم أن يقدم حلولاً لمشاكل تركيا، بل سوف تتزايد الهوة بين الرأي العام التركي والحكومة، على النحو الذي يتيح لحزب العدالة والتنمية فرض سيطرته الكاملة على الرأي العام التركي الأمر الذي سيؤدي إلى تآكل شعبية الأحزاب العلمانية بالكامل في الشارع التركي.
وعموماً: الضغوط الدولية الحالية تركز على دفع حزب العدالة والتنمية من أجل الدخول في صفقة مع الغرب بحيث يتخلى عن أجندته الخاصة، ويتبنى الأجندة التي تتوافق مع التوجهات الأمريكية والأوروبية إزاء تركيا وإزاء منطقتي الشرقين الأدنى والأوسط.
ويرى المراقبون أن دخول حزب العدالة والتنمية في مثل هذه الصفقة سوف تترتب عليه صفقات أخرى بينه وبين الحزبين الكبيرين الآخرين: حزب الشعب الجمهوري، وحزب العمل القومي، وسوف تتضمن هذه الصفقات توزيع المناصب الوزارية واقتسام مجلس الوزراء، والتوافق حول المناصب الدستورية الأخرى، مثل منصب رئيس الجمهورية، الذي يؤثر على وضع قيادة الجيش وتشكيل المحكمة الدستورية العليا.
وتقول التحليلات بأن دخول حزب العدالة والتنمية في هذه التحالفات سوف يعرض موقفه القوي في الشارع التركي للضعف والاهتزاز، وهو أمر من الممكن أن يؤدي إلى نشوء الكثير من الخلافات والانقسامات داخل الحزب نفسه، خاصة وأن العناصر الإسلامية لن تسيطر على قواعد الحزب وهيئاته على مستوى المحافظات والمدن والهيئات والفروع الحزبية سوف لن تغفر لقيادة الحزب دخولها في مثل هذه التحالفات.
وعموماً: برغم تحالفات وارتباط تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فقد ظل حضورها الإقليمي مؤثراً على التطورات والوقائع الجارية في منطقتي الشرقين الأدنى والأوسط.. وحالياً فإن التطورات الداخلية التي ستجري في العراق خلال الفترة القادمة سوف تتأثر بقدر كبير بالخيار الذي سوف تلجأ إليه تركيا إزاء أزمة شمال العراق، وهو خيال لن يؤثر على مستقبل شمال العراق، والعراق، وحدهما وحسب، وإنما على كل من الوجود الأمريكي في العراق، وعلى العلاقات التركية- الأمريكية، واللذان بدورهما سوف يؤثران على العلاقات الإسرائيلية- التركية.
إن فوز حزب العدالة والتنمية بالبرلمان وبرئاسة الجمهورية في تركيا سوف يفسح المجال أمام علاقات عربية- تركية مستقرة، إضافة إلى أنه سوف يجعل من قوة الدولة التركية ووزنها الجيوبوليتيكي الكبير في المنطقة قوة مضافة من أجل التوصل إلى أمن واستقرار الشرق الأوسط، كذلك سوف يقلل من محاولات الإدارة الأمريكية استهداف إيران وسورية، والبقاء لفترة أطول في العراق.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...