مصـر تحبـس أنفاسـها بانتـظار حكـم بـورسـعيـد

09-03-2013

مصـر تحبـس أنفاسـها بانتـظار حكـم بـورسـعيـد

ليس هناك سؤال يدور في مصر سوى: ماذا سيحدث اليوم؟ وتتسع مساحة السؤال مع تنامي واتساع غضب أفراد الشرطة في المحافظات وإضرابهم عن العمل احتجاجاً على سياسات وزير الداخلية محمد إبراهيم، الأمر الذي دعا عدداً من السياسيين والخبراء الى التأكيد أن مصر تحبس أنفاسها اليوم انتظاراً لما سيسفر عنه الحكم في قضية بورسعيد. ويتوقع الكثيرون أن تسود أعمال فوضى وغضب على غرار ما حدث يوم 26 كانون الثاني الماضي عندما حُكم على 21 متهماً من أبناء بورسعيد بالإعدام، وما أعقب ذلك من مواجهات بين أهالي المتهمين وقوات الأمن أمام سجن المدينة العمومي، سقط ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى. متظاهرون يحتفلون أمام مديرية الأمن بعد سيطرة الجيش عليها في بورسعيد أمس (أ ف ب)
يتمنى الجميع ألا يتكرر هذا السيناريو «البورسعيدي» خصوصاً في القاهرة، حيث توعد «ألتراس أهلاوي» في بيان أصدره أمس، بأنه في حال تأجيل القضية فإن الفوضى هي البديل. المجموعة نشرت دعوة طالبت فيها أعضاءها بالنزول والتجمع أمام النادي الأهلي، والتحرك إلى وزارة الداخلية إذا تأجل النطق بالحكم على باقي المتهمين، وهم خمسة من قيادات وزارة الداخلية، والقصاص ممن وصفهم البيان بـ«أوسخ كيان... لأن الانتظار لن يأتي بحقوق الشهداء».
وللمرة الأولى، يتفق «ألتراس غرين ايغلز» أي «ألتراس» النادي المصري في بورسعيد على ضرورة القصاص من الشرطة التي يرون أنها سبب المذبحة التي راح ضحيتها 72 مشجعاً من النادي الأهلي. وأعلن «غرين أيغلز» أنه لن يسمح هذه المرة بحرق بورسعيد مثلما حدث بعد النطق بالحكم في المرة الأولى، وسيدافع عن المتهمين (الـ21) ولن يتركهم كبش فداء لقيادات الداخلية التي أرادت تأديب «ألتراس أهلاوي» على أرض بورسعيد.
وبالنتيجة، قام أهالي المدينة أمس بتوزيع منشورات أمام مبنى مديرية الأمن تحذر من مخطط «إخواني» اليوم من خلال دخول مجموعات من البلطجية المستأجرين لإحداث فوضى في المدينة بعد إصدار الحكم. وطالبوا بتشكيل لجان شعبية لتأمين مداخل بورسعيد ومخارجها، ومن بينها منفذا الجميل والرسوة، حتى لا تقع أعمال شغب أو فوضى.
وقال أحد قادة «جبهة الإنقاذ» المعارضة في المدينة أحمد المنسي لـ«السفير»، «لدينا معلومات بأن هناك عناصر من خارج المدينة ستحاول إحداث فوضى، لذلك حذرنا الأهالي من عدم الانسياق وراء العنف والتعامل بهدوء مع الحكم لأن لدينا وقتاً للاستئناف والطعن».
حالة التحفز بين القاهرة وبورسعيد تعود في الأساس الى الأخبار التي انتشرت مساء أمس الأول من داخل دار الإفتاء، حيث أكدت أنها لن تتمكن من التصديق على أحكام الإعدام التي صدرت بحق المتهمين، وطالبت بوقت كاف لدراسة القضية التي تشمل أكثر من ألفي ورقة.
مصدر داخل دار الافتاء قال لـ«السفير» إن الإفتاء أرسلت إلى هيئة المحكمة التي تنظر في قضية اليوم، منوهاً إلى أن الخيار متروك للمحكمة بأن تتسلم أوراق القضية من دون تقرير مفتي الجمهورية أو تمهله بعض الوقت لإبداء الرأي الشرعي فيها.
وقال المتحدث الرسمي باسم دار الإفتاء إبراهيم نجم لـ«السفير» إن مفتي الجمهورية شوقي عبد الكريم لم يسعفه الوقت لدراسة القضية دراسة وافية وبصورة يطمئن إليها لكي يرفع تقريره إلى المحكمة، نظراً لكونه باشر عمله منذ أقل من 72 ساعة فقط، مشيراً إلى أن الدار لا تملك أن ترفض تسليم أوراق أي قضية تم إحالتها إليها بموجب المادة الرقم 381 معدل من قانون الإجراءات الجنائية. وأضاف أنه يجب فحص ودراسة أوراق القضية، التي يزيد عدد أوراقها على عدة آلاف، وحتى يطمئن المفتي على سبيل اليقين فإن الأمر يتطلب المزيد من الوقت.
من جهة ثانية، وبعد أسبوع من الاشتباكات الدامية بين أهالي بورسعيد وقوات الأمن المركزي، نجحت التهدئة التي قام بها عدد من القيادات الشعبية في المدينة ومحافظ بورسعيد اللواء أحمد عبدالله في إخراج قوات الشرطة والأمن المركزي تماماً من مديرية أمن المدينة وسط تأمين من قوات الجيش.
وأكد قائد الجيش الثاني الميداني الفريق أحمد وصفي تسلم جنوده مبنى المديرية الذي أصبح خاوياً من قوات الشرطة، موضحاً في حديث إلى «السفير» أن ذلك جاء استجابة لمطالب أهل بورسعيد، ولمنع وقوع المزيد من الضحايا بعد النطق بالحكم اليوم.
كذلك، ناشد وصفي أهل بورسعيد إخلاء «ميدان الشهداء» ومحيطه حتى تقوم القوات المسلحة بتأمينه، ومحيط مبنى ديوان عام المحافظة تحسباً من تداعيات اليوم.
وانتشرت مدرعات الجيش وقوات الشرطة العسكرية التي أحكمت قبضتها كاملة على كل المداخل والمخارج المؤدية لمديرية أمن المدينة وديوان عام المحافظة وسط استقبال حافل من أبناء المدينة، وهتافات «الشعب والجيش إيد واحدة».
وتسلمت قوات الشرطة العسكرية كل أقسام الشرطة وقامت بتأمينها من وجود الأسلحة، في حين قام الأهالي بتنظيف الشوارع التي شهدت الاشتباكات.
وبالتوازي مع خروج قوات الشرطة من بورسعيد، ما زال غضب ضباط وأفراد الشرطة يتصاعد حيث وصلت نسبة الإضراب في أقسام القاهرة والجيزة أمس الى ما يقرب الـ70 في المئة. ونظم عشرات الضباط وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية تطالب بإقالة وزير الداخلية. كذلك، استمر العصيان في القطاعات المهمة في الأمن المركزي في عدد كبير من المحافظات مثل الإسكندرية الغربية، والدقهلية، وقنا، والأقصر، والإسماعيلية، والسويس، والعريش، وكفر الشيخ والشرقية، في مشهد يعكس الفراغ الأمني الذي شهدته البلاد عقب ثورة «25 يناير».
وفى أول رد فعل من جانب وزارة الداخلية على الاحتجاجات، أصدر وزير الداخلية قراراً بإقالة اللواء ماجد نوح، وهو مساعد أول وزير الداخلية لقوات الأمن المركزي، وتعيين نائبه اللواء أشرف عبدالله، وذلك في محاولة واضحة لامتصاص غضب الضباط والجنود.
أما السؤال فيبقى: ماذا سيحدث لو تم النطق بالحكم في ظل إضراب قوات الشرطة وإغلاق عدد كبير من الأقسام ومديريات الأمن وتوعد «الألتراس» بالقصاص؟

محمد فوزي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...