مصائب سوريا فوائدُ عند لبنان..الصادرات اللبنانية زادت 17% والواردات تراجعت 19.5%

14-06-2012

مصائب سوريا فوائدُ عند لبنان..الصادرات اللبنانية زادت 17% والواردات تراجعت 19.5%

بدأ التبادل التجاري بين لبنان وسوريا يتغيّر مع اندلاع الأزمة في سوريا. ففي الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية زادت الصادرات اللبنانية إلى هناك بنسبة 17%، فيما تراجعت الواردات بنسبة 19.5%. الأمر لافت، لكنه نتيجة حتميّة للأزمة السورية التي بدأت تترك آثارا ظاهرة على طبيعة الإنتاج وحجمه وتغيّر عادات المستهلك السوري في ظل الأحداث الجارية هناك، وبالتالي ستؤثّر هذه الاحداث على التبادل التجاري مع لبنان سواء الذي يمرّ عبر الحدود والمعابر الشرعية، أو ذلك الذي يتم على معابر التهريب بين البلدين.
هكذا تكون سوريا قد دخلت في ما يمكن تسميته «اقتصاد الحرب» أو «اقتصاد الأزمات» الذي اعتاد التجّار اللبنانيون التكيّف معه منذ الحرب الأهلية إلى اليوم. لكن الخبير الاقتصادي ألبر داغر يفضّل أن يطلق توصيفاً مختلفاً، فالاقتصاد اللبناني هو «اقتصاد الفوضى القابلة للاستمرار»، مشيراً إلى أن الاقتصاد السوري بدأ يذهب في الاتجاه نفسه لأن «محاولة فرط المجتمع السوري هي مشروع قائم حالياً كما يبدو واضحاً». لكن هذا التغيّر في طبيعة الاقتصاد السوري يتم بفرق واحد. بحسب داغر، اذ إن سوريا كانت تعيش «اقتصاد حرب» فعلياً، حتى عام 2000، وبالتالي كان اقتصادها مقفلاً على الخارج بدرجة كبيرة، واعتمدت على الاكتفاء الذاتي في تلبية غالبية الطلب الاستهلاكي، لا سيما السلع الغذائية والأساسية. إلا أنها بدأت تسترخي بعد ذلك الوقت مع إطلاق عملية الانفتاح على الخارج، فبدأت المنتجات الأجنبية تغزو أسواقها وتؤثّر على إنتاجها المحلي، «وكان هناك أثر كبير للإنتاج التركي في تدمير ممنهج لبعض القطاعات أو إنتاج بعض السلع السورية»، بحسب ما يقول خبراء اقتصاديون سوريون.
حالياً، «تمرّ سوريا في مرحلة انتقالية تحصل فيها صعوبات في التموين ببعض السلع وانقطاع في شبكات التبادل التجاري... وبالتالي يسعى الاقتصاد والمستهلك إلى التكيف مع هذه الحالة الطارئة عليه. فالسوق السورية تعاني حالياً من العقوبات الأميركية والأوروبية، بالإضافة إلى التوترات في مناطق كانت تنتج سلعاً معينة». هذا التكيّف، الذي يشير إليه داغر، له انعكاساته على السوق اللبنانية. فالإحصاءات الجمركية عن الأشهر الاربعة الأولى من السنة الجارية تؤكد أن هناك تغيّرات أساسية في التبادلات بين البلدين. ففي هذه الفترة زاد التصدير اللبناني إلى سوريا إلى 111.67 ملياراً في نهاية نيسان 2012، مقارنة مع 95.403 مليار ليرة في نهاية نيسان 2011، أي بزيادة نسبتها 17%. وتظهر هذه الإحصاءات، أن المنتجات التي زادت وتيرة تصديرها إلى السوق السورية هي المنتجات النباتية مثل الخضر والفواكه، والزيوت، ومنتجات الصناعات الغذائية، والمعادن المستعملة في بعض الصناعات، والآلات والأجهزة الكهربائية ومعدات النقل.
تفصيلياً، يتبين أن السلع التي زاد لبنان تصديرها إلى سوريا حتى نهاية نيسان 2012، هي: البصل والموز والبن والذرة والقمح وبعض منتوجات الورق والمحارم والمواد الأولية الخاصة بالإنتاح الغذائي والصناعي، ومنتجات الحديد (علب حديد)، ومولّدات الكهرباء الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، والفوط الصحية والحفاضات، وبعض أنواع السكاكر ومنتجات الشوكولاتة.
لهذا الارتفاع أسباب متصلة بالاضطرابات في سوريا. فبحسب مراسلة «الأخبار» رولا السلاخ، تبيّن أن السوق السورية تستورد من لبنان، خلال الفترة الأخيرة، المواد الأولية الخاصة بالصناعات الغذائية، وبعض منتجات الخيوط، والبذورات أيضاً. وتشير إلى أن الإنتاج الزراعي في مناطق معيّنة تقلّص، ففي المنطقة الشرقية تراجعت المساحات المزروعة بالقمح والقطن، ليحل بدلاً منها العدس والكمون، وذلك بسبب انقطاع المازوت المستخدم في عمليات الزرع والري. أيضاً تعاني السوق السورية من نقص في منتجات البيض والفروج نظراً لكونها كانت تنتج في محافظة حمص.
وبحسب رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين، انطوان الحويك، إن السوق السورية باتت تحتاج إلى المنتجات الزراعية الموسمية مثل الحشائش والخضر، نظراً لتراجع حجم الإنتاج في مناطق معيّنة. كذلك يؤكد التجار أن هناك سلعاً يستوردها لبنان من الخارج ويعيد تصديرها إلى سوريا على أنها ذات منشأ لبناني.
ويؤكد بعض تجار القمح في لبنان، أن حاجة السوق السورية إلى الطحين في ظل عدم كفاية الإنتاج المحلي، دفع بعض التجّار إلى استيراد القمح إلى مصر، ثم يعاد تصديرها إلى لبنان لتدخل إلى سوريا، وذلك تهرّباً من العقوبات، «صحيح أن المواد الغذائية معفية من العقوبات، إلا أن المصارف ترفض فتح الاعتمادات للسوريين، وبالتالي يحتاج المنتجون الخارجيون إلى ضمانات للحصول على أموالهم، فيتم تصديرها بأوراق مصرية». وهذا الأمر نفسه ينطبق على صادرات حبوب الصويا التي تحتاج إليها السوق السورية لتلبية طلب المزارع ومربي الدواجن على الأعلاف، لكونها عنصراً أساسياً من خلطة العلف، بالإضافة إلى الذرة.
إذاً، بدأ الاستهلاك السوري يتغيّر ويتكيّف مع الأزمة الأمنية والسياسية، ليعتمد أكثر على السوق اللبنانية في تلبية بعض المنتجات. وهذا يعني، بحسب داغر، «ان السوق السورية تتعكز على لبنان أكثر، ما يسمح بأن يصبح للبنانيين دور أكبر في توفير بعض السلع والمنتجات لسوريا». إلا أن داغر يؤكد أن التبادل التقليدي بين البلدين لم يعد قائماً، فاللبنانيون الذين كانوا يستفيدون من تموين سلع رخيصة من سوريا توقفوا عن ذلك بسبب صعوبات الانتقال والمخاوف الأمنية، فيما كانت تستفيد سوريا من تصدير يد عاملة إلى لبنان، وهو الأمر الذي لم يشهد أي تغييرات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة.
وما يعزّز هذه النتيجة عملياً، أن معابر التهريب التقليدية لم تعد متوافرة كما في السابق في ظل التعامل الأمني الحاد معها لكونها تعدّ معابر لتهريب السلاح. حتى أن المطلعين يؤكدون تقلّص عمليات تهريب المواد الغذائية والسلع الأساسية والدخان وغيرها، إلى حدود دنيا غير ملحوظة، فيما بدأت تستعمل هذه المعابر أو مناطق التهريب لتجارة السلاح، وهذا الأمر يحصل حالياً في بعض المناطق المتداخلة بين البلدين.

1.8 مليون دولار
قيمة صادرات الفوط الصحية وحفاضات الأطفال إلى سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2012 وهي تمثّل 3% من إجمالي الصادرات

223 شاحنة
دخلت إلى لبنان في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية مقارنة مع 255 شاحنة دخلت في الفترة نفسها من 2011، أي أن التراجع طفيف

سيارات الخليجيين
خلال الفترة الماضية شهد مرفأ بيروت ومطار بيروت الدولي أيضاً، عمليات نقل سيارات وآليات سياحية إلى بعض دول الخليج. تعود أسباب هذه الظاهرة إلى أن بعض الرعايا الخليجيين الذين استقدموا سياراتهم إلى لبنان برّاً من طريق سوريا، لكن لم يعد بإمكانهم إخراجها من الطريق نفسه خوفاً من الوضع الأمني في سوريا، لا سيما في ظل الأنباء عن قطّاع طرق، وعمليات خطف وسواها.

المصدر: "الأخبار" اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...