مبارك في الميزان بعد ربع قرن من الزمان

14-10-2006

مبارك في الميزان بعد ربع قرن من الزمان

صعد الرئيس المصري حسني مبارك الى سدة الحكم في أكثر الظروف حلكة ودرامية، فحادث المنصة في أكتوبر تشرين أول 1981 أودى بالرئيس السادات، وأصاب عددا من المحيطين به بجراح بالغة، ولكن الأثر النفسي الذي تركه الحادث على الصعيدين الداخلي والعالمي كان أبلغ أثرا.

وفي تلك الفترة قبل 25 عاما، كان عدد قليل من المصريين يتوقع أن يتمكن "نائب الرئيس" من السيطرة على زمام الأمور، والاستمرار كل هذه السنوات في حكم البلاد.

وعندما أدى الرئيس المصري القسم في 14 أكتوبر/ تشرين أول عام 1981، كانت شعبيته على الصعيد العالمي باهته.

ولكن هذا القائد العسكري، سعى لأن يستخدم أهم عنصر في تركة سلفه السادات السياسية، وهو السلام مع اسرائيل، لينحت لنفسه مكانة على الصعيد العالمي.

وعلى الصعيد الداخلي، مر مبارك بفترات اتسمت بالصعوبة والمعاناة، ولكن استمراره في توفير الاستقرار الاقتصادي، ومحاولات التنمية في البلاد، سمحت للمصريين بأن يقبلوا احتكاره للسلطة كل هذه السنوات.

وشعر الرئيس المصري في السنوات الأخيرة بالضغوط المتزايدة عليه من الداخل والخارج للعمل على نشر الديمقراطية في البلاد، خاصة الضغوط الخارجية والتي تأتي من حليفه القوي، الولايات المتحدة.

ولكن كثيرا من منتقدي مبارك يشككون في اخلاصه عندما يقول انه يعمل على أن تتسم العملية السياسية في مصر بالانفتاح.

ويبقى السؤال الحيوي معلقا حتى الآن، وهو ببساطة: "هل الرئيس مبارك وفريقه السياسي على استعداد لخوض معركة سياسية في ساحة ديمقراطية نزيهة، وقبول مبدأ الفوز والخسارة؟"

وواقع الأمر أن الرئيس المصري حكم البلاد على مدى ربع قرن بصفة عسكرية بسبب فرض قانون الطواريء في البلاد منذ توليه السلطة.

وينص الدستور المصري على قيام دولة المؤسسات، واجراء انتخابات حرة، ولكن الواقع أن الانتخابات كانت دوما تجري لصالح مبارك، وأنه لم يضطر مطلقا لأن يخوض معركة انتخابية مفتوحة وعادلة.
وحجة الحكومة المصرية في الابقاء على قانون الطواريء هو الحاجة اليه لضبط الأمن في مصر، وخاصة بالنسبة للاسلاميين المتشددين، الذين قاموا على مدى فترات مختلفة من حكم مبارك باستهداف المدنيين والسياح الأجانب.

ويجري في مصر العمل على سن تشريع لقانون مضاد للارهاب، وهو المشروع الذي يثير الجدل، حيث يرى الكثير من السياسيين والمثقفين أن قانون الطواريء يؤدي الغرض، ولا حاجة لإدخال المزيد من القوانين القمعية.
وقد فاز الرئيس مبارك بالحكم منذ عام 1981 في 3 انتخابات أجريت بدون منافسة، ولكنه في الدورة الرابعة مؤخرا، أدخل تعديلات على نظام الترشيح ليسمح لمنافسين بالدخول الى الساحة.

ولكن هذه التعديلات حد من فاعليتها عدم اتاحة الفرصة لجماعة الاخوان المسلمين من خوض الانتخابات، ووضع عراقيل متعددة في طريق المرشحين المستقلين.

وعندما حقق مرشحو الاخوان المسلمين نجاحا في الانتخابات البرلمانية التي تلت الانتخابات الرئاسية، لوحظ ازدياد قمع المعارضة في أعقاب ذلك.

وجرى تأجيل الانتخابات المحلية، الأمر الذي اعتبره كثير من المحللين مؤشرا سلبيا ويثير الانزعاج.

ويقول بعض المحللين ان فوز حركة حماس بالانتخابات في الأراضي الفلسطينية قلل من الضغط الأمريكي على دول حليفة مثل مصر لنشر الديمقراطية.
ولا تبدو هناك دلائل على قيام مصر بالاحتفال على نطاق واسع بتولي مبارك السلطة لربع قرن.

فطول مدة حكمه، الى جانب بلوغه الـ 78 عاما، وعدم وجود نائب له، كل هذه موضوعات تثير الحساسية في مصر.

ويقول المحيطون بالرئيس ان صحته وحيويته يغلبان عمره، برغم أنه أصيب بوعكتين صحيتيين مؤخرا أثارتا الهواجس حوله.

ومايثير مخاوف المعارضة المصرية، هو الشعور بأن حملة تجري لاعداد جمال ابن الرئيس مبارك لتولي الحكم خلفا لأبيه.

ويرى كثير من المعارضين أن عملية توريث للحكم على النمط السوري تتم بهدوء، و أنها تغلف بقناع من الديمقراطية.

ويصر جمال مبارك على أنه لا يطمح في أن يكون رئيسا، ولكن الملحوظ أنه يصعد بشكل مضطرد في سلم المناصب بالحزب الوطني الحاكم، وأنه ينادي باجراء تعديلات واصلاحات.

وعندما زار جمال مبارك واشنطن في أوائل هذا العام، والتقى الرئيس بوش بصورة غير معلنة، اعتبر البعض أنه حصل آنذاك على ختم أمريكي بالموافقة على توليه الحكم في مصر.

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...