ما بين معبري «نصيب» و«جابر» أين يقف الأردن؟

04-04-2015

ما بين معبري «نصيب» و«جابر» أين يقف الأردن؟

أُغلق معبر نصيب الحدودي بين سوريا والاردن، وفُتح من جديد باب الحديث عن دعم الأردن الرسمي لمسلحي المعارضة السورية.
وحتى مساء يوم امس، كان المسلحون السوريون لا يزالون يسيطرون على المعبر الحدودي، وهو ما دفع الأردن الى إغلاق مركز حدود جابر الواقع على الأراضي الأردنية.حافلات مدمرة على معبر نصيب السوري الحدودي مع الاردن امس (رويترز)
وبحسب وصف الجهات الرسمية الأردنية، فإن ذلك مجرد إغلاق «مؤقت»، ويأتي في سياق إجراء احترازي، بسبب الأحداث الواقعة على الجانب الآخر، أي في معبر نصيب.
وتسبب إغلاق المعبر باحتجاز شاحنات لبنانية في المنطقة الحرة بين الجمارك السورية والجمارك الاردنية.
وتفيد الأنباء الواردة من منطقة الحدود السورية ـ الاردنية بفقدان الاتصال بأكثر من 60 سائقاً لبنانياً مع شاحناتهم في المنطقة الحرة، ويبدو أنهم وقعوا أسيري الاشتباكات الدائرة بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة.
ووفق المعلومات، فإن المسلحين خطفوا عدداً من السائقين وهم يطالبون بفدية مالية تصل الى 50 ألف دولار للإفراج عن كل واحد مشنهم.
وفي تعليقه على هذه التطورات، يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري لـ «السفير» ان «الأردن لم يسلم المعبر للمسلحين، فالمسلحون جاؤوا من الداخل السوري، وهو لا يستطيع ردهم عسكرياً، لأن ذلك سيعتبر تدخلا».
ويفرّق الدويري بين ذلك وتدخل سلاح الجو الأردني وقصف سيارات دفع رباعي في الأراضي السورية كانت متجهة نحو الأردن، موضحاً انه «في تلك الحالة كان يتدخل الأردن، ويقتنص تلك السيارات، لأن نيتها واضحة»، بينما الأردن الآن يراقب ما سيجري، وقد رفع من جاهزيته وأنزل قوات على المعبر.
وأثناء زيارة قام بها وزير الداخلية الأردني حسين هزاع المجالي إلى مركز حدود جابر يوم أمس لتفقد الأوضاع الأمنية أكد أن «الحدود ستبقى مغلقة الى حين استقرار الوضع» وذلك حسب ما نشرت وكالة الأنباء الاردنية «بترا».
وقال الدويري إن معبر نصيب ـ جابر قد تعرض في السنوات الماضية لمحاولات استيلاء عدة من قبل المسلحين السوريين. وفي العام 2013، عندما سيطرت «جبهة النصرة» على معبر آخر، وهو معبر الرمثا ـ درعا، بقي الأردن يراقب الحدث، وحين اتضح له أن الذي سيطر على المعبر هي «النصرة» أغلق المعبر، الذي لا يزال مغلقا منذ ذلك الحين.
ويعتبر الأردن «جبهة النصرة» من التنظيمات الإرهابية نظرا لتصنيف الولايات المتحدة لها على هذا النحو، ولذلك يحافظ الأردن على إغلاق معبر درعا ـ الرمثا، الذي يسيطر عليه مسلحو «النصرة».
ولكن ما سبق يطرح السؤال: ما هي الجماعات التي تسيطر على الجانب الآخر؟ ومن هي الجماعات التي يعترف فيها الأردن الرسمي ويمكنه التعاون معها بدلا من النظام السوري؟
 يجيب الدويري، بحسب تحليله كخبير، أن الأردن ينتظر معرفة ما اذا كان المسلحون محسوبين على قوى إسلامية معتدلة، أو على قوى راديكالية، وفي الحالة الاخيرة فإن الأردن لن يتعاون مع المتشددين.
هذا التحليل ببساطته يقف الواقع بمواجهته تماماً، فالدويري نفسه يشير إلى أن المسلحين الذين سيطروا على المعبر ينتمون إلى «صقور الجنوب» و «لواء اليرموك»، وهم مدعومون من فصائل أخرى من بينها «جبهة النصرة». وهنا يبقى المهم، وهو البحث عن الدور الذي لعبته «جبهة النصرة»، وهذا ما يراه أنه ما زال غير واضح للأردن، لكن الواضح على الأرض السورية هو أن «النصرة»، التي يعتبرها الأردن الرسمي إرهابية، لا تعتبرها غالبية أطياف المعارضة المسلحة في سوريا كذلك، بل انها تتعامل وتنسق معها.
الأردن الرسمي الذي يخوض أكثر الأزمات غرابة منذ تأسيسه، كان يخشى فعلاً سقوط النظام السوري، لأنه يعلم أنه سيكون التالي، أو أن ذلك سيفتح على الاقل الباب لتمدد «الإخوان المسلمين» في المنطقة العربية، والأردن جزء منها، وذلك بحسب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني النائب بسام المناصير، الذي يقول لـ «السفير» إن «الأردن الرسمي عندما يفتح قنوات اتصال مع المعارضة المسلحة فإنما هو يحافظ على قنوات الاتصال مفتوحة بين الطرفين (النظام السوري والمعارضة المسلحة) ليكون وسيطاً، وليساهم في حل الأزمة السورية سياسياً وديبلوماسياً».
ويضيف ان «اتهام الأردن من قبل النظام السوري بدعم المعارضة هو شماعة يعلق عليها هذا النظام فشله في التصدي للمسلحين».
برغم ما سبق، فإن تورط الأردن الرسمي مع العصابات السورية المسلحة من جهة جنوب سهل حوران بأكمله بات معروفاً وموثقاً، وثمة تقارير عدة بشأنه تتناولها وسائل الاعلام الاميركية والاسرائيلية، وهذا ما يعبر عنه الناشط والمحلل السياسي إبراهيم علوش الذي أشار، في حديثه الى «السفير»، الى ان «هناك غرفة عمليات في الأردن تحت اسم (الموك)، ويديرها ضباط استخبارات أميركيون وخليجيون واردنيون وربما إسرائيليون، وهذه الغرفة تتولى ادارة العمليات العسكرية في جنوب سهل حوران لمصلحة (الجيش الحر) تحديداً، وتزوده بالمعلومات اللوجستية والمعلومات الاستخباراتية، وهذا هو مدار وجوهر المشكلة وأساس الاتهام السوري للأردن».
ولا ينفي علوش وجود أقطاب في مطبخ صنع القرار الأردني تعتبر أن سقوط النظام السوري ليس في مصلحة الأردن نهائياً، لكن هؤلاء، بحسب ما يقول، ليسوا بالضرورة من يديرون عمليات دعم العصابات المسلحة.
ويحاول علوش تلخيص صورة الأردن الرسمي مما يجري قائلا «الأردن هو عدو للنظام السوري لكنه أقل الأعداء عداوة»، مع ذلك فهو يعتبر أن ما يجري خطير، وقد يرتد على الأردن.
وتشير المعطيات السابقة إلى أن الأردن ما زال موجوداً في إطار تحالفاته السابقة، ولن يغيرها، بل إن المناصير يصف خطوة التقارب التي قامت بها الأردن باتجاه إيران بالخطأ الاستراتيجي الفادح، موضحاً «كيف تقوم الاردن بتقارب مع ايران وهي تقف في تحالف عاصفة الحزم ضد تمددها في اليمن؟»، واصفا التقارب بأنه محاولة من الأردن الرسمي للفت نظر الإخوان العرب لتقصيرهم حيال الأردن الذي يحتضن لاجئين سوريين ويعاني أعباء اقتصادية بسبب ذلك.
لكن علوش يعلق على الفكرة السابقة قائلا ان «التقارب الأردني الإيراني لا يعني تبدل التحالفات»، ومع ذلك فإنه يعتبر هذا التقارب علامة فارقة في ظل توجه السعودية الى تأمين اصطفاف على أساس طائفي بحت (سني – شيعي)، لافتاً الى ان الخطوة (التقارب الأردني – الإيراني) قد تحدث نوعا من التوازن، ولكنها لن تعني بالضرورة أن يلغي الاردن تحالفه مع السعودية ويتجه لإيران، فهذا غير مطروح أبداً لدى المسؤولين في الاردن.

رانية الجعبري

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...