لبنان : كشف شبكة إسرائيلية

11-06-2006

لبنان : كشف شبكة إسرائيلية

اكد القاضي البلجيكي سيرج براميرتز رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري ان التحقيق «احرز تقدما كبيرا». وقال ان اللجنة «أوشكت على إكمال عملها المهم والحاسم المتعلق بمسرح الجريمة، وقافلة السيرات المرافقة للحريري والأحداث التي رافقت الحدث في ذلك اليوم».

وتوقع براميرتز، في التقرير الذي سلمه امس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان واعضاء مجلس الامن الذي يقدم اماه إحاطة الاربعاء المقبل، أن مع حلول الخريف «سيتم استكمال المشاريع الأساسية ذات العلاقة مع هذه الناحية من التقرير».

وقال إن «الكتل الرئيسية» في التحقيق، لا سيما تلك المتعلقة بالتفجير «قد تم فهمها الى درجة بعيدة»، وهي «توفر الأساسي للتقدم في التحقيق في ما يخص أولئك الذين ارتكبوا الجريمة».

وفي ما يخص حالات الاغتيال او محاولات الاغتيال الـ14 الأخرى، قال براميرتز: «إن الكثير من زخم التحقيق قد خُسر بسبب الطبيعة المتجزئة للأجهزة اللبنانية لفرض القانون والأجهزة القضائية وعدم توافر القدرات ذات الخبرة». وتابع: «رأي اللجنة هو أن هناك حاجة الى جهد أكثر تركيز وحيوية من أجل دفع التحقيق قدماً». وأضاف أن اللجنة «تتصور أيضاً دوراً أكثر اقداماً لنفسها في هذه التحقيقات. وهذا يمكن أن يتضمن اتخاذ خطوات تحقيق ملموسة مثل اجراء المقابلات مع الشهود والضحايا والمشتبه بهم، عندما يتطلب الأمر ذلك».

وبحسب براميرتز: «تحليلياً، يمكن ربط هذه الحالات (14) مع بعض بطرق عدة ومن أبعاد مختلفة، وبالذات التشابه في المبررات المنطقية للنيات وراء ارتكابها، إنما من ناحية الأدلة، لم يتم تطوير (التحقيق في) أي من هذه القضايا لدرجة تسمح بتعريف وربط مقترفي الجرائم».

وفي ما يخص التعاون السوري، وصفه براميرتز قائلاً: «إن مستوى التعاون الذي قدمته سورية خلال هذه الفترة هو مرضٍ عامة». وأضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع «أعطيا أجوبة مفيدة للتحقيق» أثناء لقائه معهما. ورحب براميرتز بمبادرة حكومة لبنان لطلب تمديد ولاية اللجنة لمدة سنة، كما وافق الأمين العام كوفي أنان رأي براميرتز بهذا الصدد، باعتبار أن التمديد لسنة يوفر للجنة «الاستقرار». وشدد براميرتز في تقريره على أهمية كشف أين وضعت المتفجرة التي قتلت الحريري ورفاقه، فوق الأرض أو تحتها، وهل هي عبارة عن متفجرة واحدة أو متفجرتين، وكيف تم التفجير. وأشار الى فحص الحمض النووي في مكان التفجير لتحديد هوية القتلى وهل بينهم الشخص الذي قام بتفجير القنبلة.

وقال ان فريق التحقيق انتهى في آذار (مارس) الماضي من الفحص المخبري للسيارات التي كانت في موكب الحريري ورتبها في موقعها كما كانت قبل وقوع الانفجار. واوضح أن الهدف من ذلك هو تحديد تأثير الانفجار على السيارات. وتابع انه تم جمع ما حصيلته 76 عيّنة من الشظايا الحديد التي انغرست في سيارات الموكب على ارتفاعات مختلفة «فوق الأرض». ولفت الى انه نتيجة حجم هذه الشظايا وشكلها «فإن المرجح أن مصدرها الخزان المتفجر (أي شاحنة الميتسوبيشي) أو جسم معدني قرب مكان المتفجرة».

وقال ان فريق التحقيق توصل الى خلاصة أولية مفادها ان الانفجار حصل فوق الأرض، وان المتفجرة مكونة من 1200 كلغ على الأقل من مواد «تي أن تي» و «بي إي أن تي» أو المتفجرات البلاستيكية. وتابع ان الخلاصة الأولية للفريق - وهي خلاصة لا يجزم بها نهائياً - هي أن المتفجرة كانت فعلاً في شاحنة الميتسوبيشي، وأن شخصاً في الشاحنة أو أمامها مباشرة هو الذي قام بالتفجير. وقال ان 27 جزءاً من الأشلاء البشرية التي جُمعت من مسرح الجريمة تم التعرف على انها تعود لشخص واحد (ذكر)، وانه هو الذي قام بالتفجير كون كل أشلائه كانت في مكان واحد تفريباً ووجهتها كلها في اتجاه واحد في مكان وقوع الإنفجار. لكنه أضاف ان اللجنة التي يرأسها «تفضّل في هذه المرحلة أن لا تصف هذا الشخص بأنه «مفجر انتحاري». إذ ما يزال يُنتظر معرفة هل فجّر الشخص العبوة بإرادته أم اُرغم على ذلك».

وقال ان اللجنة تصنّف ثلاثة أنواع من المتورطين في الجريمة: الأشخاص المشاركين في التحضير للإغتيال، الأشخاص الذين على معرفة بالعملية أو التخطيط لها، والأشخاص الذي أمروا بالقيام بها.

وقال ان اللجنة لم تجد دليلاً على أن أحمد أبو عدس هو الشخص الذي قام بالتفجير، كما جاء في شريطه المسجل الذى تبنى فيه العملية. كما انه ليس هناك دليل على أن أحمد أبو عدس كان موجوداً في مسرح الجريمة، في أي شكل، يوم 14 شباط (فبراير). وتابع ان اللجنة لا تستبعد إمكان ان يكون أبو عدس له علاقة بجوانب أخرى من العملية غير دوره في شريط تبني المسؤولية.

واضاف أن اللجنة قابلت الرئيس السوري بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع وقدمت لهما اسئلة محددة وتلقت «إجابات مفيدة» منهما. وأضاف ان اللجنة قابلت ستة شهود في سورية، بناء على طلبها. وتابع ان مستوى المساعدة التي قدمتها سورية خلال مدة التقرير «مرضية عموماً» وانها استجابت كل طلبات اللجنة في وقت معقول، وفي بعض الأحيان قدمت ردوداً وافية. لكنه شدد على ضرورة التعاون الكامل غير المشروط من سورية.

وأكد عدم وجود «صلات واضحة» بين القضايا الـ 14 واغتيال الحريري. ولفت إلى أن اللجنة «توصلت مبدئياً إلى أن الحالات الـ 14 لم تنفذها 14 مجموعة منفصلة، بعدد مماثل من الدوافع (...) تحليلياً، يمكن أن تكون الحالات كلها مرتبطة بطرق عدة، لا سيما طريقة تنفيذ العمليات. (لكن) على مستوى الأدلة لم تتطور (دراسة) أي حالة إلى الحد الذي يسمح بالربط بين المنفذين». وأشار إلى وجود «أدلة على التشابه بين الاعتداءات الثمانية»، كما «يرجح التحليل المبدئي أن الهجمات نفذها نفس الأشخاص، باستخدام الأسلوب نفسه، للغاية الأجرامية ذاتها»، إضافة إلى أن المناطق المستهدفة كلها ذات غالبية مسيحية. ولفت إلى تشابه في اختيار وقت تنفيذ العمليات التي «تمت غالباً خلال أوقات تكون فيها المناطق المستهدفة أقل ازدحاماً».

وقال إن «المقارنة بين الأسلوب المتبع في كل تفجير، تشير إلى مجموعة إعداد واحدة، تهدف إلى تنفيذ سلسلة متكررة من الهجمات بالحد الأدنى من التعقيدات. وتنفيذ هذا النوع من العمليات يسير إلى حد كبير، كما أن المنهج المتبع فيها هو أبسط ما يمكن لتحقيق الهدف». وأكد ضرورة «تصنيف» دوافع الجرائم الثمانية، معتبراً أن بعض الاعتداءات قد لا يبدو متصلاً ببقيتها. لكن على نطاق أوسع، قد تكون لكل الاعتداءات دوافع مشتركة.


على صعيد آخر، كشفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني شبكة مرتبطة بأجهزة الأمن الاسرائيلية، وتمكنت من توقيف عدد من عناصرها، بينهم أحد الضالعين في اغتيال المسؤول في حركة «الجهاد الاسلامي في فلسطين»، اللبناني محمود المجذوب وشقيقه نضال في 26 أيار (مايو) الماضي في مدينة صيدا، بتفجير سيارة مفخخة أودت بحياتهما على الفور. وأبلغ «الحياة» مصدر أمني رفيع، بعد اعلان توقيف المتورط في اغتيال الأخوين المجذوب، أن استخبارات الجيش اللبناني استطاعت ان تتوصل عن طريق معلومات خاصة بها، الى خيوط مهمة حول عملية الاغتيال عبر إلقائها القبض على شبكة تعمل في إطار مجموعات عدة لمصلحة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، جميع عناصرها من اللبنانيين.

واكدت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان اعتقال «أحد الضالعين الرئيسيين بعملية التفجير... وقد ضبطت بحوزته وثائق ومعدات مرتبطة بالجريمة، ولديه علاقة استخباراتية بالعدو الاسرائيلي. بوشر التحقيق معه لمعرفة كافة ملابسات الجريمة وعلاقته بأعمال تخريبية أخرى».

وعلمت «الحياة» ان الموقوف الأساسي الذي استطاعت مديرية المخابرات ان تتعرّف من خلاله الى عدد من اعضاء الشبكة يدعى محمود أبو رافع، من بلدة حاصبيا، وهو كان بين الذين تعاملوا مع الاسرائيليين إبان احتلالهم الجنوب، وكان من الذين تعاملوا مع «جيش لبنان الجنوبي» بقيادة اللواء انطوان لحد، والذي كان تابعاً لقوات الاحتلال الاسرائيلي قبل انسحابها العام 2000. ولكن المصادر الأمنية التي اتصلت بها «الحياة» تكتمت على الاسم، وأشارت الى ان توقيف الشخص الأول في الشبكة تمّ قبل 4 أو 5 أيام وأن توقيف بعض اعضائها تمّ في الايام القليلة التي تلت وبالتالي فإن اكتشاف الشبكة ما زال حديثاً جداً وتتواصل التحقيقات من أجل القبض على كامل عناصرها خصوصاً أنهم يتوزعون على مجموعات عدة.

الا ان «الحياة» علمت ان أبو رافع أدلى بإعترافات عدة أفضت الى إلقاء الضوء على دور لهذه الشبكة في اغتيالات أخرى. ورفض المصدر الأمني الرفيع ان يوضح طبيعة الاغتيالات التي تورطت فيها الشبكة، مشيراً الى ان «الكشف عن كل المعلومات سيحصل في الايام القليلة المقبلة، بعد انجاز التحقيقات لأن من غير المناسب الإدلاء بمعلومات عنها في وقت ما زالت التوقيفات جارية». وأكد المصدر لـ «الحياة» «ان هناك على الأرجح ثلاث عمليات اغتيال متورطة فيها هذه الشبكة»، تردد ان بينها اغتيال المسؤول في «حزب الله» علي صالح في الضاحية الجنوبية لبيروت.

 

 

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...