قالوا للحرامي إحلف! قال: أتاني نصف الفرج

02-12-2015

قالوا للحرامي إحلف! قال: أتاني نصف الفرج

هذا وضعنا إذا ما قررنا تصديق أن الغرب الاستعماري مهتم ولو للحظة بمحاربة الإرهاب الذي يعمل على تدمير بلادنا الواحدة تلو الاخرى، وإنه يسعى لحل النزاع المندلع في سورية وعليها. وما حادثة كمين الطيران التركي الجوي لقاذفة السوخوي الروسية سوى دليل جديد على مدى انخراط الغرب في تسهيل مهمة الإرهاب التكفيري الآتي من مملكة آل سعود وأضرابها لتدمير بلادنا.

من يريد محاربة الإرهاب التكفيري عليه مواجهة كل تجلياته المادية والمعنوية وبمختلف الوسائل. وأي طرف يدعي أنه يحارب التكفيريين وفكرهم ويحافظ على أوثق العلاقات مع المنتج في الرياض لا يكون صادقاً. فإذا كانت الإدارة الفرنسية، على سبيل المثال، تريد فعلاً محاربة الإرهاب الإجرامي الذي ضرب العاصمة الفرنسية أخيراً، فتعرف ما عليها فعله؛ أما أن تعمل على توثيق علاقاتها بعواصم التكفيريين وتدعي في الوقت نفسه أنها تحاربهم فتضليل ما بعده تضليل.
هول جريمة 13 تشرين الثاني يجبر الإدارة الفرنسية على أن تبدو أمام شعبها وكأنها تتخذ خطوات ملموسة لمواجهة ذلك الإرهاب، وربما أرادت حقاً عمل ذلك، ولو إلى خط محدد رسمه ولي الأمر في واشنطن ممنوع عليها تجاوزها، وكمين سلاح الجو التركي للقاذفة الروسية ضمن المجال الجوي السوري رسم لحلفائها خطوطاً حمراً ممنوع عليهم تجاوزها.
لكن الرأي العام الفرنسي والأوروبي مفجوع ويعاني الرعب الحقيقي، ويود رؤية خطوات ملموسة؛ لا يهمه من يحكم سورية، وملّ من التكرار البليد «على الرئيس السوري أن يرحل»، وما إلى ذلك. وهو يعلم نفاق حكوماته وأن واشنطن ولندن تحالفتا مع العدو الشيوعي اللدود وزعيمه المشيطن ستالين ضد هتلر، وليس ثمة ما يمنع التحالف مع سورية ضد الإرهاب المريع.
لكن هل تقبل واشنطن ذلك! السلطة الحاكمة في واشنطن لم تتغير، حتى بعد انتصارها في الحرب الباردة، وأهدافها بقيت كما هي: السيطرة على العالم، وأميركا هي أرض الميعاد ونهاية التاريخ.
فعندما أعلنت واشنطن عودة تحالفها مع الإسلام السياسي، وكل تنظيماته، مهما اختلفت برامجه، تكفيرية إلغائية... هذا الفجر جديد الذي أعلنته الإدارات الأميركية يعني توظيف تنظيمات الإسلام السياسي في حروبها الناعمة للسيطرة على أوراسيا لمحاصرة الصين وروسيا، القوتين العالميتين القادرتين على كبح أطماعها الاستعمارية. أما الهدف فهو إثارة الفوضى في الدولتين بما يسهل من تفككهما ومن ثم السيطرة عليهما وعلى ثروات تلك البلاد. وثائق وكيليكس المفرج عنها أخيراً والعائدة إلى عام 2006 تثبت أن اندلاع النزاع في سورية وعليها هي محطة في تلك الطريق الجنونية.
مشكلتنا مع أميركا لا تكمن في مقدراتها النارية وإنما في قدراتها العقلية. وهذا يقودنا إلى مسألة توافر شروط حل سياسي للصراع في سورية وعليها.
بكل أسف، على المرء خوض هذه الحرب المفروضة، لكن «كما تخاض الحروب»، وتوضيح هذه الحقيقة المؤلمة على نحو جلي لكل من وجب أن يعرف ذلك.
الأمور ستتغير فقط وفق حكمة: طابخ السم عليه تذوقه؛ أي انتقال ذلك الإرهاب والتدمير الممنهج إلى أراضي المعتدي وهو ما جعل الرئيس الفرنسي يهرول إلى موسكو، وأجبر الإدارة الفرنسية على مراجعة مواقفها الخشبية.
أما خطوة أعراب الخليج المبادرة بفتح علاقات علنية مع العدو الصهيوني ليحميهم من شعوبهم فلن «تفيد» إلا في تعريتهم أكثر فأكثر حيث يعانقون العدو العنصري المعتدي في الوقت الذي يعملون فيه على تدمير لبنان واليمن وسورية وليبيا والعراق.

زياد منى

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...