في الذكرى المئتين لولادة فريديريك شوبان

08-04-2010

في الذكرى المئتين لولادة فريديريك شوبان

امتلك الموسيقي العالمي فريديريك شوبان الذي يحتفل العالم هذه الايام بالذكرى المئتين لولادته مقدرة فنية فريدة وعذوبة من رونق خاص جعلتا منه عازفاً ساحراً مكنتاه من أن يكون تؤماً روحياً لكل من موتسارت وشوبرت وخاصة أن يوهان سيباستيان باخ والموسيقا الشعبية البولونية كانا مصدري إلهام أساسيين لأعماله الموسيقية.

وبهذه المناسبة تقيم الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون بالتعاون مع سفارتي بولندا وفرنسا بدمشق احتفالية تتضمن عزفاً منفرداً على البيانو تقدمه البولونية آنا أورغانشتشكا عند الثامنة من مساء الأحد القادم على مسرح الدراما وأمسية أخرى تحييها الفرقة الوطنية السيمفونية بقيادة المايسترو البولوني فويتشخ تشيبيل ومشاركة عازف البيانو يجيه سترنيال عند الثامنة من مساء الأربعاء في 21-4 على مسرح الأوبرا إضافة إلى معرض عن حياة وإنجازات شوبان في صالة المعارض بالدار يستمر حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري.

ولد فريديريك فرانسوا شوبان عام 1810 بإحدى ضواحي وارسو ببولندا من أب فرنسي يعمل مدرساً وأم بولندية أرستقراطية وذلك بعد ثلاثة بنات سبقنه إلى الحياة.

ومنذ البداية أظهر فريديريك موهبة خارقة وغير عادية شبهت وقورنت بعبقرية موتسارت المبكرة المعجزة لكن مرضه بالسل أثر كثيراً على نفسيته وشخصيته وعندما بلغ العشرين من عمره كان قد كون اعتقادا فطريا بضرورة الأحزان فارتسمت على ملامحه مظاهر الإرهاق والعصبية لعلمه بموته المبكر وحينها أحب المغنية الشابة كونستنتينا جلاد كوفسكا ولكن علاقتهما انتهت بعد فترة قصيرة لتشب العاطفة القومية في نفسه ولتتحول رقته وعذوبته إلى صيحات وطنية إيجابية.

وكانت بولندا إثر معاهدة فينا 1866 بركانا يغلي وليست بالمكان الملائم لفنان يعمل في هدوء لذلك تجمع الأصدقاء حول شوبان يطلبون منه الرحيل إلى أي بلد أوروبي آخر حتى يتمكن من الثورة والحرب بوسيلته الموسيقية حاملا اسم بولندا وقضيتها إلى أقاصي أنحاء العالم.

ورحل شوبان إلى النمسا ثم إلى باريس والتقى هناك بالفنانين الفريد دي موسيه هكتور برليوز فكتور هوجوبودلير بلزاك وكان هؤلاء الفرنسيون على اتصال دائم بالفنانين القادمين من ألمانيا أمثال هايني فرانزليست مندلسون وأمام هؤلاء العظماء جلس الفتى البولندي الحزين إلى البيانو يعزف في إعجاز ويطلب المزيد من الدراسة والعلم.

وبقي كذلك إلى أن تلقفه أستاذ مغرور يدعى كالكبرينر ادعى أنه سيجعل منه معجزة موسيقية في بحر ثلاث سنوات وانخدع شوبان إلا أن فرانزليست أعظم عازفي البيانو في التاريخ أنقذه واحتضن موهبته وقدمه للجماهير وللنقاد وللعالم كعازف ومؤلف ناضج لا يجاريه ند آخر وأصبحت علاقتهما صداقة متينة لم تنقطع في هذه المرحلة من حياته وقبل أن يبلغ الثلاثين من العمر كان يكتب الموسيقا للبيانو فحسب مكتشفا إمكانياته وأسراره الغنائية والعلمية الهائلة ورغم نصائح أصدقائه بأن يكتب في القوالب السيمفونية والأوبرالية فإنه وجد نفسه في القوالب البسيطة التي تحمل صرخات ونداءات الحرية مثل البولونيز والمازوركا وأحس بالحاجة إلى دفء الحب ليشعل في قلبه نيران العواطف الرقيقة الباكية.

وكانت تعيش في باريس الأديبة اورو ديديفان التي كانت تعرف باسم جورج صاند وتكتب روائع الأدب والحكمة وتشتهر بعلاقاتها بالفن وبالرجال وكانت أما لطفل في الرابعة والثلاثين وكان وقوع شوبان في حبها نذير خطر في حياته المهدمة.. فقد كان هو مثل الموت وهي مثل الحياة والإيجابية.

كان شوبان شاعر البيانو بحق ويفضل الجمل الموسيقية البسيطة الهامسة المشحونة بالشاعرية والانفعال وهدفه الأول هو أن يمنح الروح لآلة البيانو ويجعل منها آلة قادرة على الغناء والتعبير بروح وعاطفة بعد أن كان الاهتمام بشاعرية الصوت وغنائيته مركزا في الآلات الأخرى.

وآثر العازف البولندي جعل البيانو أوركسترا له طابع وإمكانيات خاصة متكاملة وكتبت صاند إنه من الممتع حقا أن يرى الإنسان يدي شوبان الصغيرتين وهما ممتدان لتسيطران على مفاتيح البيانو.. ولكل إصبع من أصابعه الرقيقة صوت مميز.. يجلس إلى البيانو ويحوله إلى حياة حزينة كنفسه ومثل بلاده طالما نزف دما وهو يعزف أمام الجماهير ليجمع المال لبلاده.. في ميدان المعركة التي كان يستطيع أن يخوضها بينما يحمل رفاقه السلاح في قلب بولندا.

وبعد أن عادا إلى باريس بدأت صاند تتبرم بالحياة معه فقد بدأ أطفالها يكبرون وبدأت هي تذبل وتبحث عن الحياة.. وكانت قد كتبت قصتها وأفشت أسرار نفسها في رواية انتهت من كتابتها تناولت فيها حياتها مع شوبان وتضحياتها من أجله وبقسوة متناهية أعطت مسودات الكتاب لشوبان لقراءتها وتصحيحها ولكنه فهم أنها ستهجره ولم يعش سوى سنتين بعدها.

استطاع شوبان أن يكون مدرسة خاصة في الكتابة والأداء الشاعري للبيانو أكملها فرانزليست من بعده لتنتقل إلى الأجيال التالية إلى رحمانينوف حاملة معها ملامح الموسيقا القومية البولندية لتصبح ملامح عالمية بإيقاعاتها وهارمونياتها ورشاقتها وعاطفيتها.

وفي الساعة الثانية من صباح 17 تشرين الأول سنة 1849 لفظ شوبان أنفاسه الأخيرة وشيع جثمانه من كنيسة مادلين بباريس حيث عزف جناز موتسارت الشهير ونثر على قبره تراب من أرض بولندا أما قلبه فقد دفن في مدينة وارسو عاصمة بلاده حسب وصيته. من ابرز أعمال شوبان للبيانو المنفرد بالاد 27 دراسة 12 بولونيز 25 مقدمة 4 سكرتسو 3 سوناته 17 فالس فانتازيا في سلم فا الصغير 3 وهليات 19 ليلية 51 مازوركا.

أما مؤلفاته لموسيقا الحجرة فهي ثلاثية للبيانو سوناتة للتشيللو مقدمة وروندو للتشيلو والبيانو بالإضافة إلى 2 كونشيرتو للبيانو والأوركسترا.

المصدر: سانا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...