صياغة لعالم خاص بمفردات ملونة لا تتجاوز حدود السنتيمتر

19-07-2007

صياغة لعالم خاص بمفردات ملونة لا تتجاوز حدود السنتيمتر

عندما غادر قريته متوجها" نحو جامعة دمشق لدراسة الفنون الجميلة كان  يحمل معه حقيبته المحملة بالأصالة و النقاء و الكثير من الاحلام والحب. تلك كانت زوادته لبدء مشوار حياته في الدراسة والعمل. وجاء تخصصه في قسم الاتصالات البصرية في الكلية ليؤسس بداخله النواة الاولى للمعرفة النظرية و الاكاديمية. و مع النجاح في كل مادة جامعية كانت امواج البحر المتدفقة أبدا في محيط روحه تدفع ذلك الطالب للتمسك بتلك الحقيبة الذاتية, حيث يستقر ذلك الكنز الروحي الكبير.
و مثل اولئك الذين تحدوا ظروفهم كان بديع جحجاح فارغ الجيوب, فلم يرث من والديه سوى النقاء و الطيبة و الإرادة.
 وبدأ رحلة عمله في الاعلان متسلحا بحكمة فولر: ( العمل ملح الحياة ) كان ذلك في
 عام / 1994 / و كان طالبا" في السنة الثالثة, وفي جعبته معرض لوحات فردي في صالة آرام للفنون الجميلة  وكان الاعلان في سورية في بداياته و الثقافة الاختصاصية بالاعلان بدائية, كما ان وعي الشارع التجاري السوري بمسألة الاعلان في طور النمو.
ومع انطلاق رحلته في العمل الاعلاني كانت أخلاقيات ابن الريف تزيد من رصيد هذا الفنان في الأوساط الفنية والأجتماعية حيث تخرج من الجامعة عام / 1996 / واعتبر من المتفوقين الأوائل في الجامعة وغادرها بعد أن عقد صداقات دائمة مع زملائه وأساتذته .
هذه الأرضية المعرفية / الدراسة الأكاديمية / إضافة إلى الأرضية الأخلاقية كانتا أساس بدايتها العملية في عالم الإعلان حيث ترافق الجمال في العمل مع روح الفنان ، ليندمج الإثنان ضمن المنتج مؤكدا مقولة راسكين ( يكون الفن جميلا" عندما يعمل القلب والرأس واليد معا" )
وكما كان التحدي حافزا له دائما جاء ذلك الخصام الودي نافعا له ... لينطلق في تأسيس شركته حيث بدأ رحلته  كمصمم محترف في شتى المجالات في حقل الإعلان وكاحترافي في تصميم العلامة الفارقة (( الشعار )) وبناء الهوية البصرية.

بعد خمس سنوات من العمل والتعب والتأسيس ( 1998- 2003 ) جاءت مرحلة الولادة ثانية عبر تأسيس مؤسسته التي حملت أول حرفين من اسمه BJ وذلك في الجسر الأبيض، وكان للتحدي شكلا آخر، حيث أن المرحلة السابقة أصبحت الخميرة الجديدة للإنطلاق.
 فالخبرات العصرية في مجال الإعلان تراكمت وتخمرت في ذهن BJ
إضافة إلى الأساس الأكاديمي الذي صقل جيدا" في مهارته العملية ، وفي كل مراحل  العمل هذه كان  بديع جحجاح مصرا ومدافعا" عن قيم الجمال وجوهره  الذي أضحى السمة المميزة في بناءه الفني الرصين.
فصارت النوعية في سلم الصعود أساسا" وارتقت لتصير علامة فارقة  في رحلته العملية . وهو الذي أثبت أنه قادر على ابتكار الجديد في كل تصميم ينجزه. فلا تكرار ولا قديم في عمله  ولا يمكن له أن ينجز عمله بعيدا عن الأحتكاك المباشر بعملائه .. ، وغالبا ما يأتي شكل الشعار بعد اللقاء المباشر مع صاحب الشركة الذي يصبح صديقا.
و الزمن في تقدمه الابدي حمل معه أيضا كل الثقافات الجديدة في مجال الإعلان فدعم الفنان جحجاح إبداعه بهذه الثقافات وكل من يتعرف عليه سيدرك حجم اهتمامه بها و بروح الجمال وجوهر التطور .
اللقاء مع الفنان
قادتني المصادفة البحتة للقائه مساء السبت 7/ 7 / 2007 فلم أفاجأ باخضرار المكان،
لقد حمل هذا الفنان قريته في روحه. فزرع شجرة الجوز في تراب المكان ورش الأرض بماء النقاء الذي حمله طيلة عمره الفتي فانشغلت هذه الأرض بزينتها الخضراء ، وجاءت تصاميم الشركة وفضاءاتها الداخلية لتؤكد حرصه على ثنائية العمل والحلم. الإرادة والإبداع والطموح.
 لقد كبرت عائلة مؤسسة BJ لتحمل في تفاصيلها مجموعة من الأصدقاء الفنانين العاملين في حقل التصميم.
ولأن الزمن يحمل لنا في ثناياه احترام الجهود البشرية والخبرات, جاء تدريس هذا الفنان في جامعة القلمون ليثبت أن الحلم بدأ بالتحقق لا سيما أنه يدرّس في ميدان اختصاصه
 ( مادة أسس التصميم ) وهو أيضا أستاذ العلامة البصرية في الجامعة ذاتها ...
وطبعا قبل هذا وذاك سيبقى بديع جحجاح الفنان التشكيلي المصور العاشق للألوان والخطوط وفضاءات اللوحة فمكتبه المفتوح على الهواء والشمس مزين بعدة لوحات من رسمه . حملت تواريخ أنجاز مختلفة.
وفي الحوار سنكتشف دلالات الأرقام في شعار مؤسسته الاعلانية، ونتعرف على اللانهاية حيث قدمنا واللانهاية حيث سنذهب.
فالستة ( 6 ) تشير الى الحاسة السادسة , حيث عالم الابداع و التفوق
والسبعة ( 7 ) بدلالتها في الذهن الجمعي – سبعة علامات موسيقية وسبعة ألوان التي تشكل كيمياء الفن والصفر واحد ( 01 )هي خوارزميات دلالات الكمبيوتر هذه الآلة الساحرة،أما الواحد ( 1 ) فهو رحلة الكشف عن الذات و جوهر الانسانية والإيمان العميق بالوجود وتمضي الأرقام نحو الخمسة ( 5 ) بكل دلالاتها تعني لديه التوازن الساحر.
والأربعة ( 4 ) هي دورة الأزمنة والفصول والجغرافيا، أما الأربعة وعشرين ساعة ( 24 ) هي مقدار ليوم أبدي  ننام ضمنه فلا نلبث نعود للحياة ، إنه اختزال لرحلة حياة الإنسان والاثنين الكبيرة ( 2 ) هي الطاحونة الحياتية التي تطحن بمسنناتها جميع المفردات التي تولد الطاقة وهي صراع المتناقضات الدائم الذي يعطي الكون معناه ( الذكورة والأنوثة – الليل والنهار – الأبيض والاسود ..... ) وتصل هذه المعادلة الرقمية إلى اللانهاية الكبرى ( ∞ )  التي ختمها BJ  بصوت فيروز تعبيرا منه على أن الإنسان إنما هو مسافر في هذا العالم كعابر سبيل ( زوار جينا  ع  الدنى ) وما يميزتلك الجينة أنها تسبح في عالم برتقالي كإشارة للضوء الذي لا ينطفئ في روحه، وذلك السواد الذي يقترب خلسة يحتضن تلك الجملة العميقة الذي ينسكب معناها أزليا لتقول إن الخلق لا يفنى كدلالة على أن الأعمال القيمة  تبقى و على الفنان دائما" أن يبذل ذلك الجهد اللذيذ في اقتفاء أثر الجمال الدائم والنادر وتمضي BJ في عالمها الإبداعي الإعلامي فاردة جناحيها لتصميم الشعار وبناء الهوية البصرية وحملات الإعلان، إضافة لعمل أفلام وثائقية إعلانية ومشاريع أخرى قادمة لدعم مسيرة الفن بكل أنواعه.
 أخيرا وقبل أن ننهي رحلتنا مع صاحب هذا العالم العميق الرحب والخصب المليء بالابداع نتذكر ما قاله دي ميليد ( إن الجمال ليس وليد جسم بل نتيجة أعمال جميلة ) وكذلك يستحضرنا الكاتب المسرحي الكبير سعد الله ونوس وهو يقول ( تفنى الجسوم وتبقى الرسوم ).


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...