شكوى حكومة السنيورة: الدلالة والأبعاد والتداعيات

13-06-2007

شكوى حكومة السنيورة: الدلالة والأبعاد والتداعيات

الجمل:    تقدمت حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بشكوى جديدة للأمم المتحدة، في خطوة تعتبر الثانية من نوعها بالنسبة لهذه الحكومة، وذلك على أساس اعتبارات القيام بتوجيه المطالبات والشكاوى والتعامل مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، دون إيلاء أي اعتبارات لمهام رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور اللبناني.
• مضمون الشكوى:
تتحدث الشكوى الجديدة هذه المرة عن (تمركزات لمسلحين من تنظيم فتح الانتفاضة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،  القيادة العامة) وذلك في منطقتين لبنانيتين هما القيسية، والحالوا.
وقد تم إدراج الشكوى في الأمم المتحدة، تمهيداً لبدء إجراءات النظر فيها وإصدار القرار الدولي المناسب حولها.
• الهدف المعلن للشكوى:
ويتمثل بكل بساطة في أن حكومة السنيورة تريد أن تقول للأمم المتحدة بأن هناك وجود لبعض الجماعات المسلحة التي تهدد أمن واستقرار لبنان، بحيث تقوم الأمم المتحدة بتقديم المساعدة اللازمة إلى لبنان.
• الهدف غير المعلن للشكوى:
شكوى حكومة السنيورة، لا يمكن التوقف عند حدود أهدافها المعلنة، بل يتميز مضمون هذه الشكوى بعمق أكبر، ويمكن الإشارة إلى الجوانب الآتية:
- الجماعات التي تمت الإشارة إليها هي جماعات فلسطينية، إضافة إلى أنها ترتبط بعلاقات ومواقف جيدة مع المقاومة الوطنية اللبنانية.
- دعمت وساندت هذه الجماعات المقاومة الوطنية اللبنانية وحزب الله اللبناني في صد العدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني في الصيف الماضي، وسقط لها بعض الشهداء الذين تطوعوا في القتال دفاعاً عن لبنان واللبنانيين.
- ظل هذان الفصيلان بمنأى عن التورط في العمليات السرية التي كان يقوم بها زعماء قوى 14 آذار في المخيمات الفلسطينية خلال الفترة الماضية، والتي كانت تهدف إلى استخدام العناصر السنية المتشددة في إشعال حرب سنية- شيعية ضد حزب الله اللبناني.
- شاركت الوحدات المسلحة لهذين الفصيلين في الكثير من محاولات التصدي للطيران الإسرائيلي الذي كان يقوم باختراق الأجواء اللبنانية، عندما كانت نيران الجيش اللبناني تقف موقف الحياد إزاء حملة القصف التي كانت تقوم بها الطائرات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية، والتي بلغ غددها آلاف الطلعات.
- المناطق التي تمت الإشارة إليها تقع في منطقة سهل البقاع، وتحديداً في الأجزاء المتاخمة للحدود السورية، وعلى ما يبدو فإن إشارة شكوى حكومة السنيورة إلى هذه المناطق بالذات دون غيرها من المناطق التي توجد فيها عناصر لهذين التنظيمين، وفي هذا الوقت بالذات، هو أمر في حد ذاته يثير الانتباه.
• شكوى حكومة السنيورة الجديدة: الدلالة، الأبعاد، والتداعيات؟
القراءة الفاحصة لهذه الشكوى تشير إلى أن الشكوى في حد ذاتها تمثل نقلة نوعية جديدة في صراعها وحرب البروكسي التي يقوم بها فؤاد السنيورة وقوى 14 آذار بالوكالة عن إسرائيل، وبمساعدة أمريكية- بريطانية- فرنسية، ضد المقاومة الوطنية اللبنانية وحزب الله اللبناني والفلسطيني.
بعد أن أنجزت حكومة السنيورة نقل ملف المحكمة الدولية من السيادة اللبنانية إلى قبضة أمريكا وإسرائيل، فهي تعمل الآن على فتح المزيد من الملفات الجديدة، التي تتيح لها مواصلة الهروب إلى الأمام عن طريق توسيع نطاق تدويل الأزمة اللبنانية، على النحو الذي سوف يؤدي إلى نقل المزيد من الملفات السيادية اللبنانية إلى أيدي أمريكا وإسرائيل.. وهو أمر سوف يترتب عليه في نهاية الأمر تحويل الدولة اللبنانية بامتياز إلى (عاطل عن العمل) طالما أن كل المسائل السيادية اللبنانية أصبحت في أيدي الأطراف الخارجية..
إن توسيع نطاق تدويل الأزمة اللبنانية بهذه الطريقة سوف يؤدي بالمقابل إلى توسيع نطاق تدخل الأطراف الخارجية في الشأن السيادي اللبناني.. إضافة إلى أنه سوف يكون تدويل بـ(المجان)، لأنه لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة سوف تقدم شيئاً لاقتصاد وتنمية لبنان، وتؤكد هذه الحقيقة أن حكومة السنيورة قدمت وماتزال مستعدة لتقديم كل شيء.. وحتى الآن –كما يقول زياد الرحباني- (لم يطلع لها شيء).
الخطوة الجديدة التي تهدف لها الشكوى هي التخلص من حلفاء وأنصار المقاومة الوطنية اللبنانية وحز الله اللبناني، وذلك عن طريق (تمهيد المسرح) أمام القرار الدولي الجديد، أو ربما الإجراء الدولي الجديد، بحيث يتم  إعطاء القوات الدولية الحق في دخول واقتحام المجتمعات الفلسطينية الموجودة في لبنان، من أجل نزع أسلحة الفلسطينيين وتحويلهم إلى لاجئين عُزّل، مما يجعلهم أمام خيارين: الهرب والرحيل إلى البلدان الأخرى، أو مواجهة الموت على يد الميليشيات اللبنانية التي تقوم إسرائيل وأمريكا بتسليحهما في السر والعلن، من أجل إعدادها وتجهيزها جيداً لتنفيذ هذا السيناريو.
إن المواجهة ضد الفلسطينيين في لبنان، هي خطوة متقدمة في المواجهة ضد حزب الله اللبناني، كذلك تجدر الإشارة إلى أن تحديد هاتين المنطقتين معناها بوضوح رغبة حكومة السنيورة في تفريغ منطقة البقاع من وجود العناصر التي يمكن أن تعارض وجود القوات والعناصر الاستخبارية العسكرية والأمنية الأجنبية (المحتمل) في هذه المنطقة الفائقة الأهمية والحساسية بالنسبة لسورية وللعلاقات التاريخية السورية- اللبنانية..
إن كان الأمر يتعلق بعدم رغبة في الوجود المسلح الفلسطيني داخل لبنان، فهذا أمر معروف منذ أيام الحرب الأهلية اللبنانية، والتي بدأت بالأساس بسبب قيام ميليشيات لبنانية (محددة ومعينة دون غيرها) بمهاجمة الفلسطينيين.. ولكن ما يتطلب البحث والتحري: لماذا هذه الشكوى الآن؟ ولماذا هذه الفصائل بالذات؟ والأهم، لماذا في هذا المكان بالذات؟ وهل المطلوب هو فقط إبعاد هذين الفصيلين، أم أن هناك ما هو أبعد من ذلك!!؟


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...