سوريا: أخبار عن افتتاح باب الترشح للرئاسة قبل حزيران

07-04-2014

سوريا: أخبار عن افتتاح باب الترشح للرئاسة قبل حزيران

يبدو أن التحذيرات الدولية الأخيرة لن تثني القيادة السورية عن الاستمرار في ما تعتبره «حقاً سيادياً دستورياً» بإجراء الانتخابات الرئاسية الأولى في تاريخ البلاد منذ خمسة عقود، في أجواء حرب داخلية شرسة، ممتدة الخيوط والمصالح، دولياً وإقليمياً.
ومن المفترض أن يعلن مجلس الشعب (البرلمان) السوري، بحدود أسبوعين كحد أقصى، عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، المقررة حتى الآن في أواسط حزيران المقبل.
وقال مسؤول سوري رفيع المستوى إن الإعلان متوقع في موعد يقارب عيدي الجلاء والفصح في السابع عشر والثامن عشر من نيسان الحالي، أي قبل 60 يوماً من انتهاء الولاية الرئاسية الحالية للرئيس بشار الأسد، كما ينص الدستور، على أن يتبع ذلك الإعداد اللوجستي لهذه العملية.
وضعية الانشغال بدأت تظهر ملامحها بالتحضير لانتخابات كانت سترمز لحدث تاريخي في ظروف مختلفة، باعتباره «السباق» الرئاسي الأول في تاريخ حكم «حزب البعث» لسوريا، والممتد لخمسة عقود. والتحضير يجري كما لو أن سوريا تعيش ايامها الطبيعية السابقة، ولكن من دون تجاهل عدم واقعية هذا الأمر في مناطق كثيرة، ومن دون إهمال نظري بأن تحديات كبيرة تفرض نفسها على الناخب والمرشح معاً، بينها معضلات النازحين والمغتربين، والمناطق الجغرافية المنغمسة بالحرب، وحالة العسكرة العامة الموجودة في المجتمع.
رغم ذلك يستعد الإعلام لتغطية خاصة تستمر لشهرين، على مقدمي التلفزيون الحكومي خلالها أن يجروا لقاءات مع مرشحين رئاسيين متعددين (إن وجدوا)، كما توحي الصورة المحتملة لما بعد 18 نيسان.
ورغم أن أية أسماء لهؤلاء لم تعلن، إلا أن أجواء التحضيرات التي اطلعنا عليها تشير إلى وجود مرشحين آخرين، غير المرشح الرئيسي الطبيعي، وهو الأسد. ومن المتوقع، وفقاً لهذه الأجواء، أن تتقدم أحزاب من تحالف «الجبهة الوطنية التقدمية» (تحالف تاريخي يرأسه «البعث» الحاكم لمجموعة أحزاب يسارية وقومية) بمرشحين منافسين، وإن كان على هؤلاء أن يحصلوا على موافقة ما لا يقل عن 35 عضواً في مجلس الشعب، لقبول ترشيحهم، وهو رقم يبدو متواضعاً بالمقارنة مع عدد النواب الفعلي (251)، لكنه ربما يستدعي ضغطاً من البعثيين لتحقيق النصاب المطلوب، علماً بأن الأسد يترشح عن «حزب البعث» بشكل رئيسي.
أما أهمية الاستمرار في السعي نحو عملية انتخابية، فهو متابعة للنهج القائم في سوريا منذ بداية الأزمة، واتخاذ القرار بالحرب في صيف العام 2011، وهو نهج «دع القافلة تَسِرْ» ولو في مناطق سيطرة الدولة الفعلية فقط.
ولا تبدي القيادة السورية اعتبارات كبيرة للتحذيرات التي تصدر بين حين وآخر تهدد «بإجراءات وعقوبات» في حال إجراء الانتخابات، ولذلك أيضاً أسبابه «فما الذي يمكن فعله بعد ثلاث سنوات، ولم يجر فعله خلالها؟»؛ هذا من ناحية، كما يشرح المصدر السابق، إضافة إلى أن «الموقفين الروسي والإيراني متوافقان مع ما يجري في سوريا من تحضيرات»، ولا سيما الروسي، حين يذكر المصدر بتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس الماضي، والذي أشار ضمناً لقبول موسكو ترشيح الأسد لولاية رئاسية جديدة، معتبراً أن الهمّ الدولي الأساسي يجب أن ينصبّ على مكافحة الإرهاب الذي يتعاظم خطره في سوريا.
التصريح الروسي مهم للغاية في دمشق وسط هذه الظروف، نتيجة الخشية الطبيعية من معادلات التراضي والمصالح المتشابكة للدولة العظمى الحليفة. ورغم أن احتمال التأجيل، أو ترك الأمور على حالها إلى أجل غير مسمّى يبقى قائماً نظرياً، كورقة مساومة سياسية، إلا أن ما يتعدى ذلك غير موجود في حسابات دمشق، التي تنظر إلى مسألة عملية جنيف وجلستها الثالثة المحتملة، باعتبارها خطاً موازياً لا أكثر لما يجري في سوريا. ويقول المصدر «من المرجح أن نشارك في جنيف إن عقد مرة ثالثة، لكن جنيف أمر والانتخابات أمر آخر».
ورغم أن تصميم القيادة في سوريا على إجراء الانتخابات يمكن لمسه بيُسر، إلا أن الدستور يمنح المشرع السوري فرصة «التأجيل» أو تمديد فترة الترشيح، في حال تحققت مجموعة من الشروط، من بينها ألا يظهر مرشح ثانٍ للانتخابات خلال فترة الأيام العشرة الممنوحة للراغبين بالترشح. ودستورياً يحق لرئيس مجلس الشعب أن يطرح مهلة جديدة لفتح باب الترشيح، ولكن من دون أن يكون واضحاً كم مرة يمكن تكرار ذلك. ووفقاً للبند الثاني من المادة السابعة والثمانين من الدستور فإنه في حال «انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد».
وتفضل دول كثيرة من بين خصوم دمشق الخيار الأخير، باعتباره يخلص الجميع من الحرج، لا سيما في ضوء الاستحقاقات القائمة، بين أخطرها مسألة تأمين شحنات السلاح الكيميائي السوري بأمان إلى خارج البلاد، وتأمين أجواء تسوية سياسية ثانياً.
ويتفق السوريون على أن الهاجس الأول «كبير وحساس للغاية»، إلا أنه في ما يتعلق بظروف التسوية «لا يبدو حتى الآن أي أفق يذكر، الأمر الذي يعني الاستمرار في النهج الحالي، وصولاً إلى موعد الانتخابات أواسط حزيران المقبل».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...