سائقة التاكسي «أم النور» تقاتل على جبهة الحياة في حلب

01-11-2016

سائقة التاكسي «أم النور» تقاتل على جبهة الحياة في حلب

في حلب تعيش سيّدة ترسم صورة واقعية لمدينتها، إنها «أم النور» التي وصفها تقرير نشرته قناة «روسيا اليوم» بأنها سائقة التاكسي الوحيدة في حلب من دون أن يغوص كثيراً في التفاصيل المحيطة بها.
يكتفي التقرير (2:10 د) بلقطات للسيدة الخمسينية خلف مقود سيارتها، وأخرى وهي تتجوّل في بعض شوارع حلب المدمرة. جمل قليلة يوردها التقرير عن لسان السيدة التي فقدت ابنها قرب دمشق، لكنّها كافية لرسم صورة أكبر. عملها كسائقة تاكسي في مجتمع محافظ يعتبر بحد ذاته خرقاً اجتماعياً، فكيف إن كان هذا المجتمع محاصرًا بأيديولوجيا أكثر تطرفاً تعتبر المرأة «عورة» يجب أن تعيش خلف ستار أسود؟لقطة من تقرير "روسيا اليوم"
 تقاتل «أم النور» في عملها المتميّز على جبهة «التابوات» الاجتماعيّة، ساعدتها الحرب في كسر عدد كبير منها بعد أن فتتت البنية المجتمعية لحلب. كذلك تقاتل على جبهة الاستمرار في تأمين مصاريف المعيشة، مشكلة مفارقة أخرى، خفي ظل ركون قسم كبير من السوريين إلى العيش في كنف المنظمات الإنسانية واعتماد المساعدات كمصدر دخل. لم تتخلّ «أم النور» عن عادات وتقاليد مجتمعها، خصوصاً مع شيوع قيادة المرأة للسيارة في مجتمع ما قبل الحرب رغم أنه محافظ. تظهر بثيابها البسيطة وحجابها الشعبي، وترتدي قفازات بيضاء لتحفظ بشرتها من أشعة الشمس.
خلال التقرير تقود «أم النور» سيارتها بجوار مبانٍ مدمّرة، راوية بعض ذكريات حلب قبل الحرب: «كانت أفضل من باريس». قبل الحرب لم تكن «أم النور» لتضطر ربما إلى العمل كسائقة تاكسي. قد تكون الحرب وخسارتها لابنها الوحيد دفعتها لهذا العمل. أياً كانت الأسباب تشكل هذه المرأة بإصرارها على الحياة الوجه الآخر للحرب، فالأبنية قد دمّرت بالفعل، لكن الإنسان يعمل لتستمر الحياة.
أظهرت الحرب السورية حالات عدة للنساء: مجندات على جبهات القتال، نساء أنشأن جمعيات خيرية أو أطلقن مشاريع تنموية.. إلا أن «أم النور» قد تكون الحالة الأكثر فرادة. لم تحمل سلاحاً في ساحة المعارك، بل حملت فكراً قاومت به بعض عادات مجتمعها وتياراً سلفياً متشدّداً يحاول اقتحام المجتمع وقلبه في مدينتها حلب، كما نجح في قلب مدن أخرى كالرقة وإدلب وحتى ريف حلب القريب.
الجدّة «أم النور»، كما وصفها التقرير، تغلّبت برغم سنها على كثير من القوالب الاجتماعية. إنها تختصر شكل الحياة في سوريا عموماً، وحلب على وجه الخصوص قبل اندلاع الحرب. كما تُنبئ بمستقبل حلب في حال انتهاء الحرب واندحار الفكر السلفي المتشدّد. فعاصمة سوريا الاقتصادية ستنهض من جديد، كما نهضت من قبل طالما أن أبناءها وبناتها يعملون.

نينار الخطيب

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...