رجم الزانية وقتل المرتد من الايزيدية إلى الإسلام

06-05-2007

رجم الزانية وقتل المرتد من الايزيدية إلى الإسلام

الجمل:  تناقلت مواقع الانترنت في سائر أنحاء العالم، مشاهد عملية قتل الصبية العراقيةمقطع من الفيديو الذي يصور رجم دعاء خليل أسود بالحجارة دعاء خليل أسود، وكان المشهد مشحوناً بالتراجيديا الأكثر إيلاماً لكل من شاهده.
• الوقائع:
الصبية دعاء التي لم يتجاوز عمرها 17 عاماً ملقاة على قارعة الطريق، يقوم بعض الرجال برجمها بالحجارة الكبيرة والقطع الاسمنتية على رأسها، بينما تلتقط الكاميرات لقطات لوجهها المغطى بالدم، وبعض ضباط البوليس العراقي (الجديد) يقفون بكامل أسلحتهم، وعلى (أهبة الاستعداد)، ولكن دون أن يفعلوا شيئاً لحماية دعاء بجسدها النحيل الدامي الملقى على قارعة الطريق، ثم تلتقط الكاميرات مشاهد لبعض الرجال، وهو يدوسون بأرجلهم على جسد دعاء، والذي بدا وكأنه فارق الحياة، إلا من رجفات وشهقات متباعدة، تنذر بأن روحها ماتزال برغم رجم الحجارة والدماء الكثيفة، تأبى أن تفارق جسدها.. وما كان مؤلماً بقدر أكبر هو مشهد جمع غفير من الرجال والشباب، وهم يقومون بتوجيه كاميرات أجهزة الموبايل من أجل تسجيل وقائع الفيلم المثير، والذي سوف يجلب لهم الكثير من المال، عند بيعه لمراسلي وكالات الأنباء والصحافة العالمية المنتشرين في كافة الأنحاء والمدن العراقية.
• التعليل:
تقول المعلومات بأن دعاء خليل أسود تنتمي إلى الطائفة الايزيدية، الموجودة في منطقة شمال العراق، وحصراً بالقرب من مدينة الموصل، وقد قام أشقاء وأعمام دعاء خليل بقتلها رجماً كما تقضي شرائع الديانة الايزيدية، وذلك لأنها تزوجت شاباً مسلماً وأعلنت إسلامها.
• ردود الأفعال:
قال زعيم المجلس الديني للطائفة الايزيدية بأن عملية القتل تمت تطبيقاً للشريعة الايزيدية، وأصدرت حكومة كردستان الإقليمية بياناً رسمياً وصفت فيه علمية قتل الصبية دعاء بأنه عملية مؤسفة ومحزنة لأسرتها وللمجتمع الكردي، وذلك لأنه عمل يشكل جريمة غير مقبولة دينياً واجتماعياً وعقائدياً، واكتفت الحكومة الإقليمية بهذا البيان دون أن تحرك ساكناً، كما تؤكد المعلومات المتاحة.
ولكن الجماعات الإسلامية المتطرفة، الموجودة في كردستان أمسكت بزمام المبادرة وقررت الانتقام على طريقتها الخاصة، وبالفعل بعد مرور بضعة أيام أوقف مسلحون حافلة صغيرة كانت تقل 23 شاباً أيزيدياً كانوا في طريقهم بعد انتهاء عملهم إلى قريتهم بيشيكا التي تبعد 10 كيلومترات عن الموصل، (وهي نفس قرية المغدورة دعاء).. وقام المسلحون بإنزال الـ23 شاباً، ثم أطلقوا عليهم النار وأردوهم قتلى على قارعة الطريق!؟
• العنف الديني: وعي الذات وإشكالية إدراك الآخر:
التعدد المذهبي الموجود في منطقة الشرق الأوسط، وبعض مناطق العالم الأخرى، بدأ في عصر الأصوليات المذهبية يتحول إلى عامل يعزز ظاهرة الانكفاء الذاتي والانغلاق ورفض الآخر، على النحو الذي حوّل بعض الجماعات والطوائف المذهبية إلى جماعات اثنو-ثقافية.. كذلك أدت ظاهرة وجود الكيانات الاجتماعية المتصلبة إلى ظاهرة أخرى هي عملية التمييز ضد الآخر، وذلك عن طريق تنميطه ضمن أكثر الصيغ التي تدفع إلى النفور منه، وقطع كل وسيلة للتعامل معه إلا ضمن أضيق الحدود وأسوأ الشروط.
• القتل عن طريق الرجم: طقس مقدس.. أم جريمة
يبلغ تعداد المجتمع الايزيدي حوالي 500 ألف نسمة، ويعتبرون من أكثر الطوائف انعزالاً في العالم، ودأبوا على ذلك عبر آلاف السنين، وليست الايزيدية هي الطائفة الوحيدة التي تقتل أتباعها الذين يحولون دينهم، أو يتزوجون من الـ(غير) فهناك الكثير من الطوائف التي تمارس هذا الأمر باعتباره واجباً دينياً و(طقساً) مقدساً.
اشكالية المقابلة بين الواجب الديني، والجريمة النكراء أصبحت أمراً يتطلب المزيد من انفتاح الحوار الديني داخل وبين الفئات الدينية، ليس لإجبار المتدينين من أجل التخلي عن معتقداتهم، ولكن لدرء الكوارث، وحتى لا يؤدي قتل شخص واحد لإثارة حفيظة الآخرين بما يدفعهم لقتل 23 شخصاً قصاصاً وانتقاماً، لأن حجم الجريمة في هذه الحالة يكون أكبر، ولأن النار التي أكلت الكثير من المجتمعات كانت تأتي دائماً من مستصغر الشرر، وعندما تكون الشرارة متمثلة في صبية يافعة لم تتجاوز الـ17 عاماً، يلقي الرجال عليها الحجارة والقطع الاسمنتية، وتقف الشرطة بكامل أسلحتها عاجزة، فيما يقوم البضع بممارسة هواية التصوير، فإن النار التي قد تنطلق من هذه الشرارة الصغيرة، حتماً سوف تكون أكبر، وإن كنا نتمنى أن لا تتجاوز حدود هؤلاء العمال المساكين الذين بلغ عددهم دفعة واحدة 23 شخصاً.
نقول لمشرعي القوانين العرب، يكفينا عاراً أن منظمات حقوق الإنسان في العالم قد أقلقت تقاريرها عن جرائم الشرق مضاجعنا خاصة وأن الكثير من جرائم الشرف التي وقعت، كانت بمثابة (الملاذ الآمن) للقتلة الذين يقتلون ضحاياهم من النساء والفتيات الصغيرات السن والضعيفات البنية (مثل دعاء) بدم بارد، بل وبـ(فخر وعلو) طالما أن عقوبة قتل النفس في هذه الحالة لن تتجاوز بضعة أشهر من السجن في أسوأ الأحوال.
الظواهر السلبية يتم التعامل معها وقائياً قبل وقوعها، وعلاجياً بعد وقوها، ولما كان من المستحيل أن نقوم في الوقت الحالي بمطالبة الآخرين بتغيير ما يعتقدون بأنه مقدس، فإن الوقت بالأمس لم يكن قد حان، وإذا انتظرنا فغداً سوف يكون الوقت قد فات.. إذاً اليوم لابد من الحوار الديني الهادف، الواعي، وذلك حتى نحفظ أرواحنا وأرواح أبنائنا وبناتنا قبل أن يأتي الغرباء ويدخلون بلادنا ويحركون فتيل العنف الطائفي والاثني، الذي ظلت مخزوناته موجودة ل مئات وآلاف السنين كما هي تحض على الفتنة وكراهية الآخر، وذلك بسبب تقاعسنا وعدم قدرتنا على التعامل الإيجابي الفاعل مع تراثنا، بما يحقق التسامح واحترام الآخر.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...