الجْريْدة والفريكة ..أكلات سورية بطعم “الشحوار

23-05-2024

الجْريْدة والفريكة ..أكلات سورية بطعم “الشحوار

دأب السوريون على اختراع الأكلات والوجبات من خيرات الأرض الوفيرة بأبسط الطرق وأسرعها ابتكاراً ومن أي مكون طبيعي وجد حولهم، لتتوارث الأجيال ما تم اكتشاف صلاحية أكله وتضيف عليها بعض اللمسات الخاصة.

ولا يوجد بالتحديد موعد أو مناسبة تاريخية تدل على سبب ابتكار كل أكلة، فمنها ما وجد “شغل ساعتو”، لاسيما تلك المرتبطة بمواسم المحاصيل الزراعية، بحسب تعبير غدير (من سكان ريف حمص الغربي).

وتعد وجبة “الجّريدة” و “الفريكة” إحدى أهم الوجبات الطبيعية من حيث المنشأ والتحضير، إذ يتم جمعها من الأرض لتتحول بعض وقت قصير إلى أكلة طالما جمعت الأطفال والشباب وكبار السن نظراً لمذاقها اللذيذ، يضيف غدير.

وأكمل الشاب (36 عاماً): “اعتدنا ممارسة هذه الطقوس منذ أن كانت جدتي على قيد الحياة، ولم يكن العمل مبعث سرور حينها لو لم تكن الجريدة تنتظرنا بعد نهاية جمع الحمّص، أو الفريكة بعد حصاد القمح”.

ويؤكد غدير أن: “الجْريدة (مع تسكين الجيم) تعتبر أطيب أكلة في العالم، ومن لم يذق طعم الحمص المحروق و”تشحور” وجهه فإن نصف عمره ذهب أدراج الرياح”، بحسب تعبيره.

“وكان إشعال النار بعد العمل لحظة انتظار طويلة” يكمل غدير، ويتابع”حيث كنا نبذل قصارى جهدنا في العمل كي نحصل على بعض حبات الحمص المشوية، أو كنا نفرك سنابل القمح بكفوف اليدين كي تتساقط حبيبات الفريكة ونتناولها بشراهة وكأننا في سباق”.

وأضاف غدير: “لا شك أن هذه الطقوس الاجتماعية تراجعت بشكل كبير لعدة أسباب، قد يكون الابتعاد عن الطبيعة والزراعة أحدها، إضافة إلى التقدم التكنلوجي وهجرة الأرياف، إذ تراجع عدد سكان معظم القرى بشكل واضح، واختفت ملامح طفولة عشناها سابقاً تختلف جذرياً مقارنة مع ما نراه اليوم”.

بينما تحدثت مها أحمد (متقاعدة، 53 عاماً) عن مراحل إعداد الفريكة كونها تعد من أصناف المونة قائلة: “بعد جمع القمح من الحقل أقوم بتنظيمه على شكل كمشات متفرقة وأضع كل واحدة منها على النار لدقائق معدودة ثم أتركها تحت أشعة الشمس الحارة لمدة ثلاثة أيام”.

وتابعت مها، ابنة ريف جبلة: “ومن ثم تبدأ عملية الدّق بالطريقة القديمة وهي ضرب تلك السنابل الموضوعة في شوال بواسطة عصا لتفرز حبات القمح عن القش، وتوضع بعدها تحت الشمس لضمان النضوج قبل التغليف، ومن ثم يتم جرشها كما يحصل في حالة البرغل الخشن لتنتهي العملية بالتغليف وتوضيبها”.

وأشارإلى أنه: “يتم جرش القمح على الرحيّة وهي طاحونة قديمة مكونة من حجرين دائريين فوق بعضهما وذلك في حال كانت الكمية المخصصة للمونة قليلة، اما إذا كانت كبيرة فإننا نقوم بإنجاز ذلك في الجاروشة”.

وترتبط الكثير من طقوس السوريين الاجتماعية بإعداد الأكلات على نار الحطب بشكل كبير، إذ اعتمدوا عليها سابقاً لتقوية الروابط العائلية عبر جمع مختلف الأعمار حول الولائم المعدة عبرها، ومن بينها السليقة والهريسة وغيرها.

وتحول الحطب مع مرور الزمن إلى منقذ للكثير من العائلات جراء طول مدة استلام اسطوانة الغاز في معظم المحافظات والتي تصل في بعض الأحيان إلى ٩٠ يوماً، وارتفاع سعر المادة في السوق السوداء إلى أرقام فلكية تحرق جيوب المواطنين مثل نار الجريدة والفريكة.

 

 الخبر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...