خواتيم متروكة للوجع.. ولحكايات الجدات

24-09-2009

خواتيم متروكة للوجع.. ولحكايات الجدات

متروكة للوجع أو لخيارات مفتوحة للأمل. هكذا بدت نهايات عدد من المسلسلات السورية التي قامت حكايتها على الوجع، فجاءت متناغمة مع صيرورة أحداثها، ومخلصة أحياناً للمقدار الكبير من الكآبة فيها. لا ابتسامات كثيرة انتهت إليها تلك المسلسلات، وكأن كتابها أرادوا أن يقولوا إن كل تلك القتامة في الأحداث لا يمكن أن تشرق في حلقة النهاية، وكل ما نستطيعه هو أن نترك شيئاً من أحداثها متروكة للتفاؤل إن استطاع إليه أبطالنا سبيلاً.
في «زمن العار» يبدو أن الكاتبين والمخرجة رشا شربتجي اختاروا أن تعود الأمور إلى نصابها وإلى المربع الأول منها، حيث ستعود «بثينة» لتمارس الدور ذاته التي كانت تقوم به في البداية، وكأن رحلة عذاباتها وكل ما جرى لم يكن أكثر من كابوس مؤلم. تعود «بثينة» إلى منزل أبيها «أبو منذر» لتهتم به مريضاً، بعدما خرج من نكسة زواج أودت به وبأولاده إلى الشارع عقب بيعه البيت وإهدار أمواله. سيعود «جميل» إلى زوجته بينما ستقطف «سهيلة» مال «أبو ربيع» وتمضي، ويغير الإبن الأكبر منذر وزوجته موقفهما من نورس الأخ الأصغر المرتشي. سيواظب بائع الكتب «يوسف» على شهامته حتى اللحظة الأخيرة ويمضي إلى زواج «بثينة» التي ستوافق على طلـب يدها، ولكنها تتـرك الأـمور مفــتوحة فهي لا تريد أن تغادر ما نـذرت له نفـسها: أي العناية بأهلها ووضع أولوياتها خلف أولويات الآخرين.
في الحلقة الأخيرة من «زمن العار» سيبدو أداء سلاف معمار وبسام كوسا وتيم حسن متناغماً مع أدائهم على مدار المسلسل، إلا أن الإثارة الحقيقية في الحلقة الأخيرة كانت في مشهد قيام «يوسف» بزيارة عائلة «بثينة» لخطبتها، ففي هذا المشهد يتكثف وجع العائلة ويختصر مأساتها بكاملها ويكشف دفعة واحدة ما آلت إليه الأمور. في هذا المشهد يتناوب الممثلون على بطولة الأداء. وبعيداً عن عائلة «أبي منذر» وعودة «جميل» إلى زوجته، تبدو نهاية المسلسل حيادية تجاه الآخرين وهي نقطة تؤخذ على العمل، إذ لطالما أهمل المسلسل الخيوط الدرامية لهؤلاء قبل أن يعاود جمعها للحظة ويتركها مجدداً. 
في نهاية مسلسل «تحت المداس» لا مفاجآت تذكر. تنتهي الأمور كما يفترض المشاهد أن تنتهي، تموت «عفاف» التي صورها العمل هاربة من العار على طريقة جريمة شرف اعتدنا أن نسمع عنها في الصحف، يمضي أخوها الى السجن معتبراً أنه ذلك البطل الذي غسل العار، يسجن الأخ المهرب، يموت «أبو زكوان» اللاهث خلف مصالحه الخاصة، يلقى القبض على العصابة وتهرب الخادمة العميلة بعدما تطلق النار على أفراد العائلة التي ستكشف بلحظة وعظ كلامية الدروس المستفادة من الحادثة، أي انه «علينا أن ندقق بهوية الخادمات الأجنبيات»، علاوة على الضعف في الحبكة ولغتها المباشرة، ستتدخل الأقدار على طريقة المسلسلات الهندية والأفلام المصرية القديمة حين تحتاج زوجة الأب الحاقدة دماً في المشفى ولا تجد من يتبرع سوى ابن الزوج «مطيع»، ولأن دمه صار يسري في جسدها من الطبيعي أن تخرج من غرفتها لتعانقه، كما يتزوج «مطيع» من زميلته في الجامعة وتنهي الحكاية كما يجب أن تنتهي في حكايات الجدة: أي عقاب الأشرار ومكافأة الأخيار على صبرهم وطيبتهم.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...