ثقافة الاستهلاك تفرض علينا طابعها الغذائي

04-01-2011

ثقافة الاستهلاك تفرض علينا طابعها الغذائي

أصبح الطبق الجاهز، أحد أهم مكونات المائدة السورية، فأصبح توضعه على المائدة في بعض أيام الأسبوع أمراً ضروريا، وذلك نتيجة لضيق الوقت الذي يدفع سيدة البيت إلى الاستعانة به ليس في الحالات الطارئة فقط بل حتى في الحالات العادية، حين تجد نفسها مرهقة أو نتيجة ضيق الوقت كما هو حال الموظفات اللواتي لا يجدن بدا من الاستعانة به من أجل غداء العائلة وخصوصاً إذا لم يسعفهن الوقت في إعداد المائدة. إلى ذلك فإن الأكلة السريعة أو الوجبة الجاهزة أصبحت مطلب كل من لا يسعفه الوقت للوصول إلى البيت في الموعد المحدد للغداء. أصبح الطبق الجاهز، أحد أهم مكونات المائدة السورية، فأصبح توضعه على المائدة في بعض أيام الأسبوع أمراً ضروريا، وذلك نتيجة لضيق الوقت الذي يدفع سيدة البيت إلى الاستعانة به ليس في الحالات الطارئة فقط ب
 
غداء اكسبريس
تقول أم علي الموظفة في دائرة حكومية «كثيراً ما ألجأ إلى شراء الأكل الجاهز لمائدة الغداء، فأنا لا أخرج من عملي قبل الثالثة والنصف ولا أصل بيتي قبل الرابعة والربع وبالتالي فإذا فاتني تحضير وجبة الغداء ليلا، فإن الحل الوحيد هو الوجبة الجاهزة» أم علي لديها ثلاثة أولاد يرتادون المدرسة في حين أن زوجها هو الآخر موظف، ويؤكد أنه لا يفضل الأكل الجاهز لكنه بحكم طبيعة عمله وزوجه، فإنه مجبر على ذلك.
اقتصاد الوجبة الجاهزة اقتصاد ينكب مصروف العائلة حسبما تؤكد رشا، التي تبين أن عائلتها المكونة من خمسة أفراد بحاجة إلى ألف ليرة كمصروف للوجبة الواحدة، في حين أن المبلغ نفسه يمكن إنفاقه على وجبتين أو ثلاث، ويتساءل زوجها حول اختلاف أسعار الفروج المشوي مثلا فهو في مكان ما يباع بمبلغ 240 ليرة في حين يصل سعره إلى 400 ليرة في مكان آخر.
ويركز ابنهم وسيم على السبب وراء وضع أسعار مختلفة مثلا «لسندويشة الشاورما» علما أن كمية اللحمة أو الفروج التي توضع في أي منها هي نفسها فلا اختلاف بين السندويش الذي يستخدم فيه الخبز العربي وبين السندويش الذي يستخدم فيه الخبز العادي.
وهو الأمر الذي يدفع ابنتهم هلا للاستفهام حول الرقابة الصحية وتجاهل كثير من أصحاب المحال للشروط الصحية البسيطة التي يجب مراعاتها، فأنت تجد في مكان ما أن من يلف السندويشة هو ذاته من تدفع له النقود، وفي كل الأحوال هو لا يرتدي قفازات صحية.


علم ومعرفة
تساؤلات وسيم وهلا جعلتنا نبحث في أعمار مستهلكي الوجبات السريعة ومدى اختلاف الشرائح التي تستهلكها، وبالتالي توقفنا عند معارفهم ومداركهم حول أضرارها حيث إن بعضهم يعلمون انعكاسات الأكلة السريعة ومخاطر النمط الغذائي الجديد.... على حين يؤكد البعض أن الإدمان على تناول الأكلات السريعة قد يكون سببا لإصابة المستهلك بالأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والشرايين. ويرون أن الطبق الغذائي السليم هو الطبق الخالي من المقليات والمحتوي أساسا على مكونات مطبوخة ومشوية.. وكذلك تناول الفواكه وعصيرها الطازج والحبوب والخضر بشتى أنواعها وزيت الزيتون إلى جانب الحليب ومشتقاته والأسماك. وعلى الرغم من أن المستهلك يملك معلومات كثيفة ودقيقة حول معنى الطبق الصحي وتفاصيل مكوناته وبمعرفة واسعة حول أبرز انعكاساته إلا أنه يتناول الأكلات السريعة. فهذه المعرفة الواسعة لم تجد طريقها إلى أرض الواقع.. بسبب ضيق الوقت وضغطه حسب تصريحات أغلبهم.

ضيق الوقت
«لا أفضل أن أكون عاشقا وفيا للأكلة السريعة لكن ضيق الوقت يدفعني إلى ذلك.. كما أن وحدتي أحياناً تكون سبب إقبالي عليها» ويضيف كمال، الذي يعمل سائقاً على أحد سرافيس خط جرمانا كراجات «يمكن تسميتي بأنني عاشق للأكلات السريعة ومثله وصف عامر العامل في إحدى شركات القطاع الخاص نفسه بالمستهلك المؤقت للأكلة السريعة مشيراً إلى أن ضغط الوقت وحده الذي يحول وجهته إلى محلات الأكلة الخفيفة.
كان بصدد تناول «سندويش» قبالة أحد المحلات حين سألناه عن مدى اختياره لمكونات ما يأكل.. فرد ضاحكا «الأهم أنه نظيف». ثم يضيف: «لا أختار المكونات بقدر ما أختار محلا نظيفا أقتني منه حاجتي الغذائية.. ومن المواصفات أن تكون أظافر النادل نظيفة وهيئته مقبولة. ومن المواصفات أيضاً طريقة عرض المكونات إن كانت تستجيب لشرط «النظافة».
مواصفات يعتمدها آخرون لاختيار المحل الملائم لتناول الأكلة السريعة.. تضاف إليها حسب رأي سناء طالبة في كلية الآداب الأحاديث التي يتناقلها المستهلكون.. كشرط للاختيار. تقول «المستهلكون من الطلاب يجربون بعض المحلات لذلك أتفاعل مع ما يطلقونه من أحكام على تلك المحلات إن كانت نظيفة أم «متلاعبة» بالشروط الصحية».
ويبقى إطلاق الأحكام والروايات حول محلات الوجبة السريعة طريقة الاحتجاج الوحيدة بالنسبة للمستهلك في مواجهة تلاعب تلك المحلات بالشروط الصحية.. إذ يؤكد المستهلك أحمد الذي يعمل سائق أجرة أنه.. لا يشتكي.. لا يحتج.. يكتفي فقط برواية ما حدث للمستهلكين في حال أصيب بعارض صحي بسبب استهلاك أكلة سريعة.

هل المستهلك الرقيب....؟
يؤكد محدثونا أن مقاطعة الأكلة السريعة أو الاستغناء عنها أصبح أمرا غير ممكن لأنها أصبحت من الضرورات اليومية بسبب ضغط الوقت. تقول سهى «طبعا لا يمكن مقاطعتها لأنها حل مؤقت لمن يفتقد للوقت» ومثلها يقول رامي: «تستحيل مقاطعتها لأنها دخلت ضمن أساسيات ثقافتنا الاستهلاكية» ومن جهته ذكر راشد أن المقاطعة غير ممكنة لأن الأكلة السريعة أصبحت من الأساسيات في حياة المدن وزائريها لذا فإنه لا للمقاطعة بل يكفي فقط اختيار المحل.. لضمان الخطوة الأولى للسلامة الصحية...... الأكلة السريعة مثلت بالنسبة لمن حدثونا مشهدا استهلاكيا غريبا جديداً سرعان ما ثبتت مكانته ضمن عاداتنا الغذائية.. لأسباب تعود أساسا إلى توقيت العمل.. ضيقه وضغطه ويؤكد أغلب هؤلاء أن الانعكاسات الصحية لتلك الأطباق لم تقابلها معادلة في جودة وأسعار ما يعرض... «نحن ندفع الكثير من أجل أطباق سريعة ليست ذات جودة وعلى الرقابة الصحية عمل الكثير من أجل حمايتنا لأن الأكلة السريعة جزء من حياتنا اليومية» هكذا خلص الجميع إلى القول.
نترك الحكم في النهاية للقارئ ليجيب عن الأسئلة التالية: هل يستجيب المستهلك للنصيحة؟ وهل هو قادر على مقاطعة الأكلة السريعة...؟ كيف هو... حجم «اللقمة» السريعة في أطباقنا اليومية؟ هل هي مجرد ملعقة «استثنائية» مؤقتة نلجأ إلى تناولها عند الضرورة...؟ أم هي طبق رئيسي يومي.. أسست له ثقافة الاستهلاك الجديدة؟

عبد المنعم مسعود

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...