بنيامين نتياهو يفوز بقيادة إسرائيل للمرة الثالثة

23-01-2013

بنيامين نتياهو يفوز بقيادة إسرائيل للمرة الثالثة

فوز بطعم الخسارة وصف ينطبق تماما على نتائج  تحالف "اليكود بيتنا" بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان. إذ أفرزت النتائج شبه النهائية للكنيست التاسع عشر خريطة حزبية معقدة يتساوى فيها تحالف اليمين واليمين المتشدد، مع الوسط واليسار والقوائم العربية، مما يصعب مهمة نانتياهو في تشكيل الحكومة، ويجبره على تحالفات لم تخطر له مطلقا قبل الانتخابات.
تراجع كبير لأحزاب اليمين

واظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات الاسرائيلية تراجعا كبيرا لليمين، وحصلت  كتلة اليمين على نصف عدد مقاعد الكنيست، وحازت كتلة اليسار والوسط والأحزاب العربية على النصف الثاني أي 60 مقعدا. وكان التراجع الأكبر من نصيب حزب "الليكود بيتنا" برئاسة بنيامين نتانياهو. فالحزب الجديد لم يحصل على أكثر من 31 صوتا وهو أدنى من أسوأ التوقعات السابقة، ويمثل انتكاسة لحزب الليكود الذي حصل في انتخابات 2009 على 27 نائبا، و"إسرائيل بيتنا" الذي مثله 15 نائبا، ما يعني أن تحالف نتانياهو-ليبرمان خسر ربع مقاعد الحزبين في الانتخابات الحالية. وكانت الاستطلاعات الأولية فور الإعلان عن انتخابات مبكرة تعطي "الليكود بيتنا" 42 مقعدا على الأقل.

وكانت عملية هبوط أسهم "الملك بيبي" السياسي والخطيب المتمرس ابن الثالة والستين عاما متوقعة بعد سلسلة من الأخبار السيئة في الشهرين الأخيرين. ففي الولايات المتحدة فاز الرئيس باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية ما شكل ضربة قوية لنتانياهو الداعم بقوة لميت رومني. وارتدت عملية "عمود السحاب" وبالا عليه وعلى حليفيه في العملية إيهود باراك الذي اضطر إلى اعتزال السياسة نهائيا، وعقب توقيع اتفاق التهدئة ثار أنصار اليمين وبدأت تتسرب الأصوات إلى "البيت اليهودي" بقيادة مدير مكتب نتانياهو السابق نفتالي بينيت. وأخيرا فتحت تحقيقات مع شريكه في الإئتلاف ليبرمان وبدأت عملية محاكمته بتهم فساد. ووجهت البيانات الاقتصادية الضعيفة، والكشف عن عجز في الميزانية يفوق المتوقع بمرتين وصل إلى 40 مليار شيكل ضربة قوية لنتانياهو خصوصا أن خصومه استغلوا تخصيص 11 مليار شيكل لتجهيز الجيش في مواجه الأخطار الإيرانية.

وإضافة إلى الأسباب السابقة فإن ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية، وخصوصا ممن قاطعوا الانتخابات في العام 2009 أدت إلى تعزيز قوة أحزاب الوسط واليسار وساهمت على الأقل في رفع نصيبها بنحو 4 مقاعد على حساب أحزاب اليمين.
لبيد حصان اسود يقود الوسط وكاديما إلى زوال...

فجر الصحفي والنجم التلفزيوني يائير لبيد مفاجأة من العيار الثقيل، وأضحى بقيادة حزبه "يوجد مستقبل" الحصان الأسود للانتخابات بحصوله على 19 مقعدا. وأضحى "بيضة قبان" أي تحالف مقبل لتشكيل أي حكومة مقبلة. حتى أن بعض التعليقات أشارت إلى أن القيادة لنتانياهو وتشكيل الحكومة يحدده لبيد الذي قدم حزبه على أنه حزب الطبقة الوسطى التي أنهكتها الظروف الاقتصادية وغلاء المساكن. ويؤيد الحزب الجديد قيام دولة فلسطينية لكن مع ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل، ويرفض رفضا قاطعا تقسيم القدس. وهاجم لبيد المتطرفين من المتدينين اليهود لرفضهم أداء الخدمة العسكرية، ويدافع عن حقوق المثليين جنسيا، ويتبنى نهجا ليبراليا في الاقتصاد يدعو إلى تخفيف تدخلات الحكومة، لكنه قائمته الانتخابية مثل جميع أحزاب الوسط التي تشكلت في الدولة العبرية في العقدين الأخيرين ضمت متطرفين يمينيين، ومنشقين عن اليسار، ومسؤولين سابقين في أجهزة الأمن إضافة إلى مهاجرين من أصول أثيوبية.

وكما شكل صعود حزب لبيد مفاجأة الانتخابات، فإن السقوط المدوي لحزب كاديما يمثل الشق الثاني من المفاجأة. فالحزب اجتاز بالكاد نسبة الحسم ويتمثل في الكنيست الحالي بنائبين بعدما شكل الكتلة الأولى في الانتخابات الماضية عندما فاز بـ 28 نائبا. ويتضح من النتائج أن كاديما في طريقه إلى الزوال في الانتخابات المقبلة. ومن المرجح أن يكرر الحزب تجارب سابقة في إسرائيل في العقود الأخيرة وهي زوال أحزاب الوسط التي لا تجمعها إيديولوجية موحدة. 

وتظهر الانتخابات استمرار تراجع القوى اليسارية مع حصول حزب ميريتس على 6 أصوات، ورغم زيادة حصة حزب العمل من 13 صوتا إلى 15 في الكنيست الحالية فإن تصريحات زعيمته شيلي يحيموفيتش في الآونة الأخير بأن حزب العمل ليس حزبا يساريا، وعدم انتقادها لسياسة الاستيطان ودعمها لهذه السياسة حتى التوصل إلى حلول مع الفلسطينيين يوضح أن أحزاب اليسار تواصل منذ مقتل اسحق رابين التراجع عن أهدافها وطروحاتها والتراجع في شعبيتها.

وساهم ارتفاع نسبة تصويت العرب إلى حصولهم على 11 مقعدا. وفي المقابل فإن مؤيدي التطرف والعنصرية قالوا كلمتهم بوضوح عندما صوتوا بكثافة لصالح حزب "البيت اليهودي"، بزعامة نفتالي بينيت، الذي يشدد برنامجه السياسي على أن "إسرائيل دولة يهودية... وسنحارب ضد من يعمل على تحويلها إلى دولة جميع مواطنيها"، ويدعو إلى تشديد الخناق على العرب البدو في الدولة العبرية، ويدعو إلى مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والجولان السوري المحتل، ويؤكد الحزب على أن إسرائيل دولة كل يهود العالم وليس مواطنيها القاطنين فيها فحسب.
توقعات لشكل الحكومة المقبلة وسياساتها

من المرجح أن يطلب الرئيس شمعون بيريز من نتانياهو تشكيل الحكومة المقبلة. وألا تكلل جهود يحيموفيتش لتشكيل تحالفات مضادة بالنجاح. وبدا "بيبي" في أول خطاب عقب إعلان النتائج أكثر انفتاحا. وحدد برنامجا جديدا يعتمد على خمس مبادىء وهي "ضمان قوة اسرائيل امنيا، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهنا في الملف النووي الايراني، وابداء المسؤولية الاقتصادية بوجه الازمة الاقتصادية العالمية المستمرة، والسعي لتحقيق سلام حقيقي وزيادة المساواة في تحمل العبء في اداء الخدمة العسكرية أو المدنية وخفض مستوى غلاء المعيشة، خاصة في مجال اسعار السكن". وفتح، بهذه المبادئ، الباب أمام انضمام حزب "هناك مستقبل" الذي تلقف عبر رئيسه الدعوة إذ أعلن لبيد أن "أفضل السبل لمواجهة التحديات الصعبة التي تواجهها اسرائيل هو التحالف والوحدة". ودعا القادة السياسيين إلى التحرك معه لتشكيل "أوسع حكومة ممكنة تجمع العناصر المعتدلين من اليسار واليمين من اجل تغيير حقيقي". كما يمكن أن يضم التحالف الحكومي حزب الحركة بقيادة تسيبي ليفني، إضافة إلى الأحزاب اليمينية.

لكن هذا التحالف الواسع الذي يمكن أن يشكله نتانياهو يشكو من عدم تجانسه ففي صفوف اليمين هناك صراع حاد بين اليمين العلماني الذي يمثله "إسرائيل بيتنا" بقيادة ليبرمان والأحزاب الدينية المتشددة مثل شاس. ناهيك عن الصراعات بين اليمين والوسط على أساس البرامج الانتخابية.

وفي إشارة إلى استعداده لقبول تنازلات معينة ودعوة الآخرين إلى تقديم تنازلات قال إن الحملة الانتخابية باتت وراء ظهرنا. وأيا كانت نتائج الحراك وما يمكن أن تتمخض عنه من تحالفات جديدة لتشكيل الحكومة الجديدة فإن الواضح أن السياسات الإسرائيلية لن تتغير كثيرا فيما يخص قضايا التسوية مع الفلسطينيين، إلا في حال ممارسة ضغوط حقيقية من الأوروبيين والأمريكيين في الفترة المقبلة. ويبدو أن الملف الإيراني سيتصدر كما في السنوات الأربع الأخيرة اهتمامات الحكومة، ومن غير المرجح أن يقدم نتانياهو على تغييرات اقتصادية جذرية، لكنه قد يعمد إلى تقديم تخفيض النفقات على البناء الاستيطاني وتجميد بعض العطاءات على أنه تنازل سياسي علما أن أكثر نحو ثلثي الإسرائيليين يرغبون في تقليص موازنة الاستيطان. وسوف يستغل "بيبي" اضطراره إلى تطعيم الحكومة بوجوه من الوسط من أجل تخفيف الضغوط المتزايدة عليه في موضوع التسوية مع الفلسطينيين والملف النووي الإيراني، مع عدم وجود فوارق جوهرية في برامج الأحزاب المتوقع ضمها إلى الحكومة في هاتين النقطتين.

سامر الياس

المصدر: روسيا اليوم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...