المشهد الثقافي الراهن في سوريا

27-11-2006

المشهد الثقافي الراهن في سوريا

تبدو كلمة المشهد ثقيلة الوطأة على الواقع الثقافي في سورية، ويزداد وقعها مع غموض تبلور السياسة الثقافية، الواضحة المعالم، والمفردات، وموسمية الحراك الثقافي المنظم حيناً، أو غيابه في أحايين كثيرة.
ولعل سمة الاستهلاك بدلاً من الانتاج ما يسم طبيعة هذه الحركة مع تسجيل تراجع ملحوظ لدور الكتّاب والمنابر والمؤسسات العلمية والمبدعين عموماً، في ردم الهوة بين الثقافة والبنية المجتمعية.
ولعلّ قسوة تقديمنا لسؤال المشهد الثقافي الراهن في سورية: ماله وما عليه؟ هو دعوة حارة ومفتوحة قبل كل شيء للحوار، للاتفاق والاختلاف، والنقد، فما هو مضيء في لوحتنا الثقافية نعتبره واجباً وليس إنجازاً، لكنّ المعتم كما أشار معظم من التقيناهم- وليس فقط أصحاب الاجابات- أكثر من المضيء، فالثقافة تتجاوز المقروء والمكتوب والمرئي لتمس بنية المجتمع بمجمل تعبيراته، واقتصار الحديث فيها عن نتاجات ابداعية يحيلها الى فعل شكلاني تقني تمارسه مجموعة من الأفراد بعيداً عن المنظور الأشمل والأعمق للانتاج الفكري والثقافي والمعرفي كمنظومة متكاملة الحلقات..فالعملية كما نعتقد تبدأ من السلك التربوي التعليمي ولا تنتهي عند حدود المؤسسات والمنابر والاتحادات والكفاءات، والاصدارات، ومن هنا يصل السؤال الى دعوته للمكاشفة والتي هي العتبة الأولى كما تصبو للخروج من الأزمة-إن وجدت- بما يدفعنا لبحث أبعد من الملامسة، وتحبير صفحة أو كتاب، فتعالوا مرة أخرى لنقول ونختلف أو نتقاطع في الرأي، فلعل امتياز الحوار ينشلنا من ركود الفكرة أو استقالتها..

- الناقد يوسف سامي اليوسف:
في مذهبي، بل في الصلب منه، ثمة فكرة مؤداها ان الانسان لا يملك إلا أن يستهلك روحه اذا ما أفرط في استهلاك البضائع، كما هو حالنا في هذه الأيام، وربما جاز الزعم بأن الاسراف في الاستهلاك من شأنه ان يفسد الذوق الذي هو ينبوع الفن والأدب في كل زمان ومكان، ومما هو بديهي ان الثقافة افراز يفرزه المجتمع، كما يسهم السياق التاريخي في انجازه عن طريق التوليد والاشتقاق، فالمجتمع (وضعه، حاله، كيفيته، درجة عافيته) هو الشرط الشارط لجميع منتجاته المادية وغير المادية على السواء.
ومهما يكن الأمر، فإن الكاتب الأدبي متأثر بظرفه القائم، لأنه لا يعمل في الفراغ، فإذا هبط المجتمع، تبدى هبوطه ناصعاً على النتاج الأدبي بخاصة، والثقافي بعامة، فمن المحال ان يتمكن عصرنا الشديد الهشاشة والضحالة ان ينتج عمارة جميلة ورشيقة كالعمارة القوطية، أو رصينة ورائعة كالعمارة الفرعونية، اذ لابد للعمارة من ان تجيء صورة ظاهرة لحقيقة عصرها الذي أنجزها وأبرزها للعيان، وعندي ان المنجزات المعمارية، هي أصدق تجسيد لزمانها ومكانها في آن واحد.
ويصدق المذهب نفسه على النص الأدبي، ولا سيما على القصيدة التي هي أبرز ناقل لحساسية الشخصية في أي مجتمع من المجتمعات، فلا يتوقع المرء ان يتمكن عصر منسوج، سداة ولحمة من الضحالة والتسطح، كعصرنا الراهن من ان ينتج أدباً عميقاً أصيلاً له القدرة الكافية على الانتشار في الكثير من الأماكن والأزمان، كما هو حال التراث الأدبي الذي أنتجه بعض العمالقة المشاهير، فلا يملك المرء ان يتخيل وجود شكسبير أو دانتي أو دوستويفسكي في أية مدينة عربية راهنة، بل حتى في أية مدينة أوروبية معاصرة، إن هذه الأخيولة من فصيلة المحال، وذلك لأن مكاناً يعيش ثورة أو فورة سرية، وخلال حقبة  محدودة المدة، هو وحده القادر على ان ينجب شخصيات لها مثل هذه القامات الفاخرة الباذخة.
إننا اليوم في عالم مادي حتى مخ العظام، عالم أسرف في التسلح والتضخم المالي، وفي مثل هذا العالم لا محيد للانسان عن أن يتشوه من الداخل، وانه هو زخرف شكله من الخارج، كما لا محيد لروحه عن أن تدحر أو تطرد من متن الحياة الى حاشيتها، مما سوف يفضي افضاء ضرورياً الى الحاق أضرار بالغة بالنص الأدبي مهما يكن نوعه.
وإذاما أضفت الى ذلك ان عصرنا  قد اعتمد كثيراً على أجهرة الاتصال الفيزيائية، اتضح لذلك ان الزمن الذهبي للآداب والفنون قد صار ملك الماضي، ومما يسعك ان تلاحظه حين تقرأ رواية عربية في هذه الأيام ان الكاتب، في كثير من الأحيان ، يتجه ببصره نحو التلفزيون، فهو يريد لروايته ان تتحول الى مسلسل، حتى كأنه لا يدرك ان الرواية أرقى من المسلسل التلفزيوني، الذي هو، في الغالب الأعم، نتاج خافت باهت، بل انه قلما يدل على ذوق سليم.
وعلى أية حال، فإن وضع الثقافة في سورية الراهنة، هو أمر من شأنه ان يؤرق الغيور فيحثه على التفكير بمخرج يخرجه من طور البلادة والعشوائية الى طور الخلق والابتكار الأصليين، ان كان يتيسر لمثل هذا الانقاذ ان يتم فحين أقرأ بعض النصوص الأدبية لا يعلق في ذكراتي منها إلا ما هو أقل من الطفيف، وحين تروقني احدى القصائد خاصة، فإنني أعيد النظر فيها لأجدها منتحلة أو مختلسة من مصدر ما، أو لأجد الشطر المتوهج فيها نتاجاً لتأثر شديد بشاعر آخر من المشاهير، أو لعلها تكون في منتصف الدرب بين التأثر والاختلاس، ان لم تكن مسروقة كلياً، ولكنها قد خضعت لتمويه ماكر، فانطلت على كل من ليست له دراية بمصدرها الحقيقي.
فمن امارات الاتضاع ان يصير الشعر اختلاساً وانتحالاً وضرباً من ضروب السرقة والسطو، بدلاً من ان يجيء حصيلة لتحسس الحياة ومكابدة أوجاعها، أو نتيجة لتذوق ما فيها من حلاوة وطلاوة وجمال.
فثمة من الكتّاب من تفتك بهم عقدة التأله فيحاولون الوصول الى الذروة ولو بالطرق الملتوية، ولهذا، فإنهم لا يتورعون عن ممارسة اللصوصية والانتهازية في آن واحد.
ويلوح لي ان مجد الكتابة الأدبية قد ولى  الى أجل غير مسمى، وذلك إثر فوران النفط قبل أكثر من ثلاثين سنة.
ولكنك، مع ذلك، لا تعدم كويتباً هنا أو كويتباً هناك لم يدرك بعد ان التضخم المالي وأجهزة الاتصال الفيزيائية ولاسيما المحطات الفضائية، قد دفعت الفنون والآداب والفلسفات الى هامش الحياة، ولكن بعض كتابنا ممن أغمي عليهم ظلوا يتصرفون وكأن كلاً منهم هو محور الوجود، ويبدو أنهم لم يستوعبوا ما فحواه أن بعضاً من لاعبي كرة القدم هم أشهر ممن نالوا جائزة نوبل للآداب، وعندي أن من لا يفهم حقيقة زمانه لا فهم له قولاً واحداً، فكيف لك بأن تقنعهم بما فحواه ان المسلسل التلفزيوني قد حل محل الرواية والمسرحية، مع ان هذا الانتاج الفني هو، في الغالب الأعم، إنجاز
قيم عقيم، ولا قيمة له عند كل من له قيمة، فهو، لا ريب، غذاء الكافة ولا يستسيغه من كان في النخبة على الأصالة والتأكيد.
أجل، لقد انحطت الثقافة عما كانت عليه في الجيل  السالف، فسورية التي انجبت بدوي الجبل وعمر أبو ريشة ونزار قباني في مضمار الشعر، ،كذلك تامر والعجيلي وحورانية، وأبو شنب وحنا مينا وعبد الله عبد في مضمار القصة والرواية، قد استحالت الى رحم عاقر في هذه الأيام الماحلة، وما كان ذلك بالصدفة بتاتاً، إذ لا ريب في أن الوضع الشامل هو المسؤول الأول عن تردي الأدب في سورية الراهنة، بل ربما في العالم الحديث كله، فمن المحال ان تتفسخ حياتنا علىهذا النحو الذي لا يجهله أحد، وان تظل آدابنا محتفظة بمستواها الرفيع.
وبإيجاز، ان ثمة نتاجاً أدبياً ضخماً من الناحية الكمية، ولكن جله سيء من الناحية النوعية، ويبدو أننا نحاول ان نغطي الرداءة الكيفية بالوفرة الكمية، وعندي ان أولى واجبات النقد الفني والأدب ان يصب اهتمامه على القيمة بالدرجة الأولى، إذ ان إصدار حكم القيمة هو أعلى وظائف الناقد الأدبي، وفقاً لمذهبي، فالذهن البشري معياري بطبعه وماهيته، وهو يتشبث بأحكام القيمة لكنه لا يتساوى الرفيع والوضيع، أو لكي يمنع الخسيس من احتلال مكانة النفيس.
فلا يجوز القول بأن ثمة حركة ثقافية في سورية الراهنة، بل فقط ركام ونقاط مبعثرة هنا وهناك،أما المخرج من هذه الأزمة فهو ان يتنبه المسؤولون بصدق وحماسة للعدد الطفيف من الكتاب القادرين على ان يبدعوا حقاً، وأن يغدقوا عليهم الرعاية الكافية، من جميع النواحي، ولا سيما تسهيل النشر والتأمين الصحي، (لي مخطوط في وزارة الثقافة منذ أربع سنوات لم ينشر حتىالآن.)، فالكاتب في سورية يشيخ ويهترىء أو يذبل، ويكابد أمراضه وأوصابه وجملة متاعبه، ثم يموت دون ان يشعر به أحد، إلا في النادر من الأحيان، وخلال حياته يعيش على الهامش لا تعنى به أية جهة، ولا يقام له وزن في أي مكان، الا اذا كان من المحاسيب، فهو يكتب، ويكتب بوفرة ودون كلل أو ملل، ولكنه لا يفعل شيئاً سوى أنه يبلط البحر، ويزاحمه المتسللون  والمتسلقون وأدعياء الكتابة، ويتفوق عليه أولئك القادرون على «تسويق» أنفسهم، وينتزعون منه المناصب الثقافية قبل سواها.
ومن الفضائح ان أولئك الذين لا يتورعون عن ممارسة اللصوصية والانتهازية معاً لا يدركون أن بين سلوكهم ورداءة كتابتهم صلة من نوع ما، كما أنهم  يجهلون ما فحواه ان النزاهة أو النظافة الداخلية هي-قبل الموهبة وسعة الثقافة- أول الينابيع التي تنبع منها المنجزات الثقافية الفذة.
إنني سوف لن أمل من التأكيد على أن ثمة علاقة متينة جداً بين الابداع ومناقب الأخلاق فلا يبدع إلا من كان بالفطرة نبيلاً شريفاً نيّراً أضيئت سريرته أو وجدانه، وعندي ان هذه السمة هي الشرط الأول لكل انجاز فني أو أدبي يبتغي ان يدلف الى فضاء الخلود أو الى الفسحة الشاملة للثقافة البشرية كلها.
ولكنني أخول نفسي كامل الحق في التأكيد على ان الذين لا يعلمون قد بذّوا الذين يعلمون وبزّوهم في آن واحد.
وما دامت جملة هذه الشروط لمتردية هي ما يشرط الثقافة في سورية ويتحكم بها، أليس من الطبيعي والبدهي ان يكون ابداعنا، بل حتى خيالنا المشكوم، مقصراً عن الشأو والمأمول، في هذا الزمن الراهن الرديء؟.

- الشاعر ديب علي حسن:
ا أردنا ان نتحدث عن المشهد الثقافي العام في سورية، فإننا أمام احتمالين: الأول ان نتحدث عن  مشهد بائس، يائس لا حياة فيه ولا روح وان كان الجسد يبدو نابضاً بنسغ يبقيه حياً وهنا أتوقف عند بعض المؤسسات التي تعنى بهذا الشأن، أقصد الشأن الثقافي، أو لنقل: انها وجدت أصلاً من أجل تفعيل هذا المشهد ولهذا البؤس أسباب كثيرة لعل أولها: تحول المبدعين العاملين في هذه المؤسسات الى حراس لما يدعون أنه النسق الابداعي ومن المعروف ان الابداع كسر لكل ما هو مألوف وضمن نظرية الابداع..السبب الثاني عدم أصالة هؤلاء المبدعين أي أنهم يأتون دون ان يكون لديهم زاد ثقافي، فبعض هؤلاء لا يستطيع القراءة والكتابة، ولا يعرف من المؤسسة الثقافية إلا المكاسب ماذا تقدم له والى العلاقات ستتجه به؟.
من الأسباب أيضاً الاتجاه السريع نحو الشهرة، فمن يصدر مجموعة شعرية من أربع كلمات يظن نفسه أنه صار شاعراً أين منه المتنبي وأبو فراس الحمداني، وهذه سمة تنسحب على ألوان الابداع كلها في الأدب، التشكيل،الخ، وهنا لا تبدو تجربة المبدع حقيقية بل هي أشبه (بالبوشار) أو بكلمات أخرى إنها فقاعات ابداعية لا تكاد تظهر حتى تذوب الى غير رجعة وربما كانت بطبيعة الحياة دور في ذلك، فكل شيء مسلّع وصار له ثمن ونحن في عصر الزائف.
أما على المقلب الآخر من المشهد الثقافي المؤسساتي فثمة واقع ثقافي يتحرك ببطء لكنه غير قادر على الالحاق بمتطلبات العصر من حيث السرعة وكقدرة على تحقيق الانتشار، انه نبع يتشكل شيئاً فشيئاً وسيكون له منفذه ولو بعد حين.
وعلى كل حال فالمنابر الثقافية لا تضع نشاطاً ثقافياً حقيقياً الآن، بل ربما تؤدي دوراً هو في أحسن الأحوال وظيفي ونحن الآن بأمس الحاجة الى
 يسمى بالنقد الثقافي الذي يغربل وينفد، وحتى نصل الى فرز حقيقي، وحتى تعود لثقافتنا ولابداعنا المكانة المرجوة فكلنا مسؤولون ولا أحد خارج المسؤولية على الاطلاق.. مشهد ثقافي يدار بعقلية التاجر وبشللية لا تعرف حدوداً وأحياناً يبدو الزائف وكأنه الحقيقي الذي نظن أنه لن يحول أو يزول ، وعلى كل حال المشهد العام في العالم كله مأزوم ولا ينبىء بأن الإنسانية تتجه نحو إبداع أصيل، بل نحو ثقافة الإغراء والحسد وتشتت الهوية وضياعها.

- الدكتور خليل الموسى:
المشهد الثقافي الراهن في سورية ساكن وثابت إذا لم نتجرأ لنقول إنه يتراجع عما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، والتراجع مرض خالص، كثر المثقفون وتنوعت ثقافاتهم، ولكنها ظلت غير فاعلة، وهذا ما يؤكد سكونية المشهد الثقافي..
يحتاج المشهد الثقافي الى التحريك، والمصارحات النقدية الخالصة، فنحن اليوم في غياب شبه كامل للحراك النقدي، وأقصد النقد الثقافي في المجالات كافة، لتعود الحياة الى المشهد الثقافي.
يحتاج المشهد الثقافي أيضاً الى أن نفتح النوافذ على الفضاءات المختلفة، لنعرف أولاً أين نضع أقدامنا.. أين نحن ومن نحن..أين نحن من الآخر؟.
المشهد الثقافي لا ينهض إذا غاب عنه الفاعلون والقادرون علىالفعل ولذلك على المشهد الشعري ان يسترجع مثقفيه بأي ثمن، وإلا فإنهم سيتعرضون لهجرة ثقافية أكيدة.
كما يحتاج المشهد الثقافي الراهن في سورية الى تغيير في السياسة الثقافية أو اللامبالاة في هذا الشأن، لأن مرض المشهد يحتاج الى طبيب يصف العلاج والدواء، وهذا يتطلب منا تغييراً سريعاً في سياستنا هذا لأن الوضع لا يحتمل التأجيل والمماطلة، وإلا فإن مشهدنا سيقف في آخر المشاهد الثقافية في الوطن العربي، وهذا ما لا نرضاه لثقافتنا التي كانت فيما مضى تتصدر ثقافات الوطن العربي دون منازع.

- د.عادل فريجات المحترم:
في اعتقادي يتصف المشهد الثقافي الراهن بحيوية كبيرة وحراك ملحوظ ودليلي على ذلك كثرة الأنشطة الثقافية التي تشهدها المؤسسات الثقافية وتنهض بها والتي تشهد ألواناً منها على الصعيد الفردي والجمعي أيضاً.
كما تمكن الاشارة الى عدد المطبوعات والمنشورات العديدة التي تصدر عن وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب العرب والى بعض المنتديات الأهلية التي تناقش شؤون الثقافة، والتي يمكن ان يكون لها مثال في عدة محافظات سورية..
واذا كانت الثقافة ذات مفهوم واسع، ففي وسعنا ان نضيف الى ما ذكرنا المعارض الفنية، والأمسيات الموسيقية، ومهرجانات المسرح، والسينما أيضاً، وسورية شهدت العديد منها في الآونة الأخيرة..أما المحاضرات التي تقام في المراكز الثقافية..وفروع اتحاد الكتاب العرب فهي من الكثرة الى الحد الذي تشكو فيه من قلة الحضور بسبب تنازع مواعيدها وكثرتها وتعددها..
تبقى الاشارة الى بعض المعارك والسجالات النقدية والثقافية-فهي- ليست على ما يرام..وذلك لأسباب كثيرة لانشاء ان نفصل فيها هاهنا.

- د.غسان غنيم :
شمل المشهد الثقافي نواحي عديدة..لأن الثقافة تضم حقولاً متعددة..وما دام السؤال لا يحدد حقلاً معيناً..يمكننا تحديد حقل الأدب..وهو الحقل الذي يقع ضمن اهتمامنا، وفي هذا الحقل..الذي يظهر جيداً ومزدهراً الى حد بعيد من حيث كثرة المطبوعات الأدبية في الأجناس المختلفة..من رواية وقصة وشعر ومسرح ونقد بحيث يدل الكم على وجود كيف قادر على تقديم صورة جيدة..من حيث الكم والنوع مع التحفظ على وجود الكثير من الركام..غير الفني فقد أصبح كل من يقدر مادياً على طباعة عمل يقوم بوضع همومه ومشكلاته في كتاب ويقول هو شعر أو قصة أو مسرح وعندما يطالب بمقاييس يقول أنا فوق المقاييس حتى بات الأمر..كوميديا سوداء بكل ما تعني الكلمة..
ولكن هذا لا يعني ان المشهد الأدبي خاو كل الخواء..بل هناك أصوات جميلة وواعدة..ولا يشوبها التسرع..والمكابرة..في الأجناس جميعاً.

- الشاعر أحمد تيناوي:
لمشهد الثقافي الى المزيد من التنبه الى الصدق، والابتعاد عن أمراض الثقافة التي قد تضم المحاباة والمراعاة والشللية..وعدم حضور النظرة الناقدة المحايدة والوجدانية.
ولا يمكننا فصل المشهد الثقافي عن الحالة العامة للمجتمع..بأمراضه  وعافيته..بكل ما يحمل من صفات تنطبق على حالة المشهد الثقافي في سورية.
قبل الحديث عن تحولات المشهد الثقافي السوري الراهن، علينا أولاً أن نعترف- جميعنا دون استثناء- أن وظيفة ودور الثقافة كما كان سائداً في زمن سيطرت فيه الأيديولوجية بكل أنواعها لم يعد عملة رائجة الآن، فالكلمة لم تعد تعني إبداعاً بقدر ما أصبحت كمية فائضة من الفوضى الكلامية، واللوحة لم تعد تعني تعبيراً عن حالة متجددة للجمال، أما الفكر والفلسفة والعلوم الإنسانية الأخرى فأصبحت مركونة الى هامش الصورة.. الصورة تلك التي غزت حياتنا بثقافة أخرى مرجعيتها النجم الوسيم، والنجمة الستربتيز.. و«عد اذا فيك تعد»؟!.
أما ما يخص المشهد الثقافي السوري، فإن لا شيء يفصله عن ذاته سوى تلك التحولات التي يرفض البعض الاعتراف بها، فبقي خارج الزمن، كما يصر البعض على الانغماس بها فبقى خارج الإبداع.. نحن- كمشهد ثقافي- نعتاش على ما يلفظه الآخرون منذ زمن طويل، ليس لنا من ذواتنا إلا رداءة ما نفعله.. مثقفون، ينتعلون النميمة هاجساً أثيراً لكتابة نص لن يصل الى حد.. وكأن مانود كتابته، أو قوله أصبح آفلا، بحكم أننا ولدنا آفلون.. هل قسوت؟ لا أعتقد، فمثقفونا لا يقرؤون.. هم كذلك في صنعة المشهد وصناعته، هم كذلك في حضور الثقافة وفي غيابها.. الثقافة أصبحت تعني شيئاً واحداً هذه الأيام.. الخط

- الكاتبة: توفيقة خضور:
لدينا تجارب مهمة في مجال القصة القصيرة والرواية والشعر ولكننا مبتلون أيضاً بكم كبير من الهدر الذي لا يساوي ثمن الورق الذي طبع عليه.
وللأسف الكثير من المنابر الثقافية والاعلامية تطبّل وتهلل للكتب الرديئة وكتّاب الهذر.
يبدو أن هناك أهدافاً مبطنة لتشويه الوجه المضيء لثقافتنا، وبالتالي لتشويهنا..
وهناك سطوة الاسم اللامع المحاط بهالة تصد عنه الأعين المتفحصة وتعطي كل ما يقدمه مصداقية قد لا يستحقها وبالتالي يهمّش الكثير من الكتّاب المهمين ويحرمون فرصة الوصول.
قد تكون الاجابة هنا قد اقتصرت على إظهار العلاقة مع الجانب الابداعي لكن ذلك لا يعني ان الجوانب الاخرى الفكرية الابداعية بتعبيراتها المختلفة على سوية  ترضي الطموح والتطلع.

محمود السرساوي

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...