الكسالى يكلفون الدولة 773 مليار ليرة سنوياً

02-10-2019

الكسالى يكلفون الدولة 773 مليار ليرة سنوياً

كثير منا لم يكن يتصور هذه الأرقام التي أوردها أ. د. رمضان محمد درويش- رئيس قسم القياس التربوي والنفسي في كلية التربية بجامعة دمشق خلال بحثه الذي تقدم به لمؤتمر التطوير التربوي المتعلق بحجم الهدر الحاصل من عملية الرسوب في الشهادة الثانوية، والذي أثار دهشة المتابعين حول حقيقة هذه الأمور، للولوج أكثر حول ذلك كانت لنا هذه الوقفة مع د.درويش الذي تحدث في البداية عن أهمية دراسات الجودة وتطبيقاتها في المجالات الإدارية والاقتصادية والخدمية كونها رأس الأولويات في العصر الراهن، كما أن استخدام الأساليب الإحصائية يقدم قياسات كمية تلامس الدقة في حساب التكاليف والهدر، والوصول إلى نتائج تقرب من عدمية الفشل، وطريقة سيغما ستة (six Sigma) هي إحدى الطرق الإحصائية لقياس الجودة، ومراقبة الإنتاج وضبطه ولاسيما منهجية دمايك ( DMAIC).


وقد هدف البحث الذي تقدمت به إلى تطبيق هذه المنهجية في قياس جودة مخرجات التعليم، مستخدماً بيانات وزارة التربية فيما يتعلق بنتائج امتحانات الشهادة الثانوية بمختلف فروعها للفترة الزمنية ما بين 2009 – 2018.


– إمكانية تطبيق Six Sigma في مجال التربية لقياس مخرجات التعليموتجويدها في مختلف مراحل العملية التربوية.

– تراوحت درجات النتائج على محور السيغما بين 3.1 و3.5 وهي أقل من 4 «سيغما» وتحتاج تجويداً.– بلغت مقدرة التعليم 1.1 وهي أصغر من 1.6 وتالياً حصلت على درجة متوسطة، وتحتاج تحسيناً.


يضيف د. درويش: إن جودة التعليم ومخرجاته لا تتوقف فقط على الهيئة التدريسية، بل تتعداها إلى الإدارة والتوجيه، والخطط الدرسية وتطوير المناهج وأنظمة الامتحانات.


تعد طريقة سيغما ستة (Six Sigma) أحد أهم مداخل ضمان الجودة التي تحقق أفضل جودة بأقل عيوب، وبما أن مخرجات التعليم (نسب النجاح) تختلف بين عام دراسي وآخر وتقرب من 60% و76 % هذا يعني وجود نسبة عالية من الفشل (الرسوب)، هذا ما يرتب تكاليف اقتصادية وزمنية غير قليلة، نستخلص مما سبق أهمية تسليط الضوء على إمكانية قياس العيوب في المخرجات بطريقة إحصائية، وحساب تكلفتها وكيفية تجاوزها، وذلك بالاعتماد على طريقة (سيغما ستة Six Sigma) ومنهجية (دمايك DMAIC) كمدخل لضمان الجودة لتحقيق أفضل جودة بأقل عيوب، واعتمدت على نتائج الشهادة الثانوية بجميع تخصصاتها في محاولة لإبراز ضرورة استخدام الطرائق الإحصائية في ضبط الجودة ومراقبة النتائج.


مفهوم سيغما ستة ( Six Sigma)

 

استخدم أسلوب سيغما ستة لأول مرة من قبل شركة موتورولا في عام 1987 وقد طور هذا الأسلوب (أيكل هاري) في عام 1988 وفازت الشركة بجائزة (مالكوم بالد ريج) للجودة، وحققت الشركة أرباحاً تقدر بـ 14 بليون دولار، وشركة جنرال التكرونيك مبلغ (10) بلايين دولار.


والسيغما ( σ) هي الانحراف حول الوسط الحسابي وهي مقياس لتشتت أو انتشار البيانات أو تباينها، وحسب غاوس فإن 99.73 % من البيانات تقابل ما نسبته ثلاثة انحرافات معيارية، أي أن توقع مستوى الجودة بعد ثلاثة «سيغما» هو 0.9973 والعيوب 0.0027 من المخرجات. أما طريقة ستة سيغما فهي تطويرٌ لهذه النسب لتحسين الجودة حيث تصبح النسبة المعيبة في المخرجات 3،4 لكلِّ مليون وحدة منتجة.


مفهوم منهجية دمايك- (DMAIC):

 

هو نظام لتحسين العمليات المالية التي تقع في مستوى أقل من المواصفات المحددة أو المطلوبة، والبحث عن التحسين المفرد.


منهجية دمايك (DMAIC) هي اختصار للكلمات المعبرة عن هذا المنهج وبالأحرف الأولى DiffneMuaserAnalys Improve Control وهي تعبر عن مراحل تطبيق هذه المنهجية أي التعريف، القياس، التحليل والتحسين، والسيطرة.مما سبق نخلص إلى أن منهجية (دمايك) هي طريقة علمية تستخدم الأدوات الإحصائية المختلفة في تطوير وتحسين العمليات، وتؤدي إلى تجويد العمل، ورفع كفاءته، وهي أداة مستخدمة في قيادة مشاريع سيغما ستة للوصول إلى أفضل حل بأقل أخطاء.


ويرى د. درويش أن سيغما ستة هي امتداد حقيقي للجودة، وتطوير لها، ولا تعمل بمعزل عنها، وهي أرضية لتوفير الأدوات الإحصائية اللازمة للوصول إلى أفضل أداء، وتحديد قدرتها على تجميع الأفكار بعملية متماسكة ومترابطة للكشف عن المشكلات والعمل على تقليلها أو إزلتها، باستخدام الأساليب الإحصائية للوصول إلى مرحلة الإتقان بأقل وقت وجهد.


ومن أهم فوائد جودة استخدام سيغما ستة في التعليم هو الارتقاء بمستوى الطلبة في جميع جوانب العملية التعليمية والنفسية والروحية والاجتماعية، ورفع مستوى الوعي لديهم، إضافة إلى تعزيز التلاحم والتكامل بين الإداريين والعاملين في الوحدات التعليمية عن طريق العمل بروح الفريق، ما يمكن المدرسة والتربية من حل المشكلات بالطرق العلمية الصحيحة، واستخدامها في التعليم يهدف إلى الارتقاء بأداء المؤسسات التعليمية وتحسين جودة عملياتها، وتخفيض معدلات الرسوب، وتحديد تكاليفه، لتخفيضها والسيطرة عليها باتباع منهجية دمايك (DMAIC) وذلك بالتركيز على الطالب، والتقويم على أساس البيانات، ووضع خطط استراتيجية والعمل على تقديم المبادرات بالتعاون مع الهيئة التدريسية والمشرفين والإداريين والمدرسة.


مجتمع البحث وعينته وأدواتها

 

عتمد د. درويش في بحثه الشهادة الثانوية بمختلف تخصصاتها كمجتمع للدراسة لقياس جودة مخرجات التعليم، واستخدام نتائج الامتحانات النهائية كأداة للتقويم، وشملت العينة الإطار الزماني للبحث بعشر سنوات خلال الفترة من عام 2009 – 2018، ويبرر الباحث هذه الفترة لمعرفة التحسينات التي أدخلها نظام الامتحان التكميلي على جودة (المخرجات)، علماً أن هذه المرحلة لا تعتمد في تحليل السلاسل الزمنية لأنها غير مستقرة بسبب الحرب الظالمة على سورية.


واعتمد الباحث المنهج الوصفي التحليلي، كأحد أشكال التحليل والتفسير المنظم لوصف ظاهرة أو مشكلة محددة، وتصويرها كمياً عن طريق جمع بيانات، ومعلومات معينة عن الظاهرة أو المشكلة، وتصنيفها، وتحليلها، وإخضاعها للدراسة الدقيقة، ولا ضرورة هنا للمقاييس السيكومترية لاعتماد البحث على بيانات كمية جاهزة للمعالجة، فاستخدام المناهج والأساليب الإحصائية في المؤسسات التعليمية يحقق درجة عالية من المصداقية التي تتمتع بها المؤشرات الإحصائية، ودلالاتها من حيث وضوح البيانات والمعلومات، وشفافيتها في قياس جودة الأداء مقارنة بالأساليب الأخرى في هذا المجال، وبنتيجة دمايك (DMAIC) كأحد منهجيتي سيغما ستة (Six Sigma) التي تقلل من الفاقد، والتكلفة وتحسين القدرة، وتحدث تطورات في العملية التربوية، ولتحقيق استخدام هذه المنهجية عمد الباحث إلى الآتي:


1- تحديد أهم المعايير المستخدمة في التقويم (المدخلات) التربوي

2- الحصول على قوائم لتقدير تكلفة التعليم الثانوي

3- الحصول على مخرجات الشهادة الثانوية متمثلة بنتائج الامتحانات عن الفترة المدروسة

4- حساب موقع نتائج كل عام دراسي على جدول سيغما ستة

5- حساب تكلفة الفاقد ممثلاً برسوب الطالب في الشهادة الثانوية

6- يتم ذلك إحصائياً باستخدام منهجية (دمايك)حددت معايير الجودة بعشرة مؤشرات، وبعد الحصول على عدد العيوب، يحدد ما يقابلها في جدول سيغما ستة لتحديد موقع المخرجات في كل عام دراسي فإذا وقعت تحت 3σ تكون ضعيفة،واذا وقعت بين 3 و4σ فهي تحتاج إلى استخدام أساليب تحسين الجودة، بعد ذلك تم حساب تكلفة العيوب (الرسوب).


موقع الشهادة الثانوية على معيار سيغما ستة

للإجابة عن السؤال وفقاً للدكتور درويش تم حساب نسبة الفشل(الرسوب) لكل عام دراسي، ثم طبقت المعادلة الخاصة بحساب السيغما فكانت النتائج الآتية:تراوحت مؤشرات السيغما للشهادة الثانوية العامة الفرع العلمي بين 3.2 و3.4 بمتوسط نسبة نجاح 69.42 %، ومؤشر 3.4 «سيغما»، وفي الأدبي بين 3.1 و3.4 بمتوسط نسبة نجاح 56.5%، ومؤشر 3.2 «سيغما»، وفي الثانوية التجارية بين 3.1 و3.3 بمتوسط نسبة نجاح 57.07 %، ومؤشر 3.2 «سيغما»، وفي الشهادة الثانوية الصناعة بين 3.1 و3.5 بمتوسط نسبة نجاح 61.32 %، ومؤشر 3.3 «سيغما»، وفي الشهادة الثانوية الفنون النسوية بين 3.1 و3.5 بمتوسط نسبة نجاح 65.62 %، ومؤشر 3.4 «سيغما»، جميع الشهادات ضمن الحدود المقبولة، لكنها تحتاج تحسيناً في مستوى الجودة لأنها لم تحقق 4 «سيغما».


بالإجمالي تراوحت مؤشرات الشهادة الثانوية بمختلف تخصصاتها للفترة المدروسة بين 3.2 و3.4 بمتوسط نسبة نجاح 61.77 %، ومؤشر 3.3 «سيغما»، وهي ضمن الحدود المقبولة، لكنها تحتاج تحسيناً في مستوى الجودة لأنها لم تحقق 4 «سيغما».


ترتيب الشهادة الثانوية

أما فيما يتعلق بترتيب الشهادة الثانوية وفق الاختصاص ومؤشر السيغما تم حساب مجموع المتقدمين خلال السنوات المدروسة وموقعها على مؤشرات السيغما ولجميع التخصصات خلال الفترة الممتدة من 2009-2018 على معيار السيغما ستة، فجاء الفرع العلمي بالمرتبة الأولى بمؤشر 3.4 «سيغما»، ونسبة نجاح 69.42% تلاه الفنون النسوية، ثم الثانوية الصناعية، وبعدها التجارية، وجاء الفرع الأدبي في المرتبة الأخيرة ونسبة نجاح 56.58%.


الخسائر المترتبة على (الرسوب) في الشهادة الثانوية

وفق الدراسة التي أعدها د. درويش بينت النتائج السابقة أن عدد الراسبين 966000 طالب وطالبة، وبلغت تكلفة الطالب الثانوي بالمتوسط حوالى 80 ألف ليرة سنوياً، وهذا يعني أن الهدر بسبب الرسوب قد بلغ حوالي 773 مليار ليرة سورية بمتوسط سنوي 7.7 مليارات، ليتساءل الباحث هنا: لو أنفقت هذه المليارات على تجويد مدخلات التعليم من خلال زيادة رواتب الهيئة التدريسية، وتحسين الوسائل التعليمية، ومستلزماتها، لتجاوزت مؤشراتها 4 «سيغما»، وتحسن مستوى التعليم العام، وخف الهدر غير المنظور الذي ينفق من قبل الأهالي على الدورات، والدروس الخصوصية.


أما لو أخذنا الخسارة الزمنية من حياة الطلاب لبلغت 966 ألف سنة، وهي تعادل متوسط أعمار 13800 شخص، ولو حسبت الفرصة الضائعة فيما لو دخل هؤلاء الراسبون سن العمل، فهي تعادل خدمة 27600 موظف خلال حياتهم الوظيفية، على فرض أنّ كلاً منهم يبقى في الخدمة 35 سنة.


المقترح اتيخلص الباحث إلى التأكيد على دقة البيانات الإحصائية لجميع مؤشرات التربية من عدد الطلاب لكل مدرس، ولكل شعبة، ومؤشرات الإنفاق لكل عملية، ليتسنى استخدام اقتصاديات التعليم بصورة علمية ودقيقة.


واستخدام سيغما ستة (منهجية دمايك) كأسلوب إحصائي في قياس جودة التعليم، وتدريب فريق عمل لاستخدام هذه المنهجية على مستوى مديريات التربية، وتجويد مدخلات العملية التربوية، من حيث الرواتب والأجور، وتعزيز مكانة المعلم اجتماعياً، وتخفيض عدد الطلاب لكل شعبة، وتأمين تقنيات التعليم، والتأكيد على استخدامها في جميع مراحل التعليم.
والوصول بمستوى نسب النجاح إلى المعدلات العالمية، عن طريق تحسين التعليم، وليس رفع نسب النجاح بالمطلق، ووضع مؤشرات لقياس جودة التعليم، نوعاً وكماً، وإجراء بحوث مماثلة في مراحل التعليم الأخرى، ولجميع مدخلات التعليم ومخرجاتها، لتحديد أماكن الخلل، وتجويد المخرجات باستخدام سيغما ستة.

 


تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...