القاهرة تتحرّك للتهدئة في غزة وباراك يتوعّد بـ«قطع الرؤوس»
كثفت القاهرة، خلال اليومين الماضيين، اتصالاتها لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، عبر إعادة التهدئة، التي تردد أنه قد تجري إعادة تثبيتها خلال الساعات المقبلة، وإن كانت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين قد أوحت بعكس ذلك، لا سيما بعدما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك بـ«قطع رؤوس» مطلقي الصواريخ على المستوطنات.
وفي مقابل الاتصالات المصرية لاحتواء الوضع في غزة، كانت إسرائيل تتحرك على خط آخر، إذ جنّدت تل أبيب أجهزتها الدبلوماسية لنزع فتيل الأزمة مع الجانب المصري بعد استشهاد ستة عسكريين بنيران جنودها في سيناء، وذلك بعد إصرار الحكومة المصرية على مطلبها الاعتذار عن هذا الاعتداء، مدفوعة بتظاهرات شعبية غاضبة، بلغت ذروتها أمس، بعدما تمكن شاب مصري من تسلق مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وانتزع العلم الإسرائيلي مع أعلى المبنى، مستبدلاً إياه بالعلم المصري.
ونقلت وكالة «معا» الفلسطينية عن «مصادر مطلعة» تأكيدها «نجاح الوساطة المصرية لتثبيت التهدئة»، مشيرة إلى بدء تنفيذ التهدئة عند الساعة التاسعة من مساء أمس. كما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رفيع المستوى في حركة حماس في قطاع غزة أن «الاتصالات مستمرة على مدار الساعة مع الجانب المصري، ومع جهات دولية وعربية، من أجل تثبيت التهدئة والساعات القادمة ستشهد تقدما على هذا الصعيد».
وأعلن المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب أن «هناك اتصالات جارية بين الفصائل الفلسطينية والقيادة المصرية من اجل تثبيت التهدئة وعودة الهدوء». وأشار إلى أن الفصائل الفلسطينية «موافقة على التهدئة في حال أوقفت إسرائيل العدوان» معتبرا ان «الكرة الآن هي في الملعب الاسرائيلي، وفي حال استمر العدوان الاسرائيلي سوف تستمر المقاومة في الرد على هذا العدوان».
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أجرى اتصالاً هاتفياً، مساء أول من أمس، بمدير الاستخبارات المصرية اللواء مراد موافي وتشاور معه في الجهود المبذولة لوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
وتوجه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان مساء أمس إلى القاهرة، ليبحث مع المسؤولين المصريين التصعيد الحالي في سيناء وغزة. كذلك، أجرى مبعوث الأمم المتحدة إلى الأراضي المحتلة روبرت سيري محادثات في القاهرة مع كل من موافي ووزير الخارجية محمد كامل عمرو والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي تناولت التصعيد الإسرائيلي في غزة، والأزمة الأخيرة بين مصر وإسرائيل.
وبرغم الحديث عن إعادة تثبيت التهدئة، فإن الجانب الإسرائيلي واصل إطلاق التهديدات ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وتوعد وزير الدفاع إيهود باراك، خلال جولة قام بها لتفقد مواقع نشر منظومة «القبة الحديدية»، بأن «كل من يعمل ضد إسرائيل سيقطع رأسه ويفصل عن جسده»، مضيفاً أن «فرصة فصل رأس من يعمل ضدنا عن جسده عالية جدا». وأضاف باراك «بعد أيام معدودة من العملية القاسية التي حدثت في ايلات يوجه الجيش ضربات قاسية لمنفذي العملية وسيواصل هذا العمل طالما تطلب الأمر ذلك».
بدوره، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست شاؤول موفاز إنه «يجب على إسرائيل إسقاط حكم حركة حماس في قطاع غزة، واستهداف قادتها والبنية التحتية التابعة لها».
كذلك، أكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش أن جولة التصعيد في غزة «ستطول لأيام كثيرة، وعلى الجمهور الاستعداد بما يتلاءم مع ذلك، فهذه لن تكون أياماً سهلة»، مشدداً على أن الوضع في غزة «يجب أن يتوقف وينبغي تنفيذ عمليات عسكرية من أجل تحقيق ذلك».
بدوره، هدد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، خلال جولة في مدينة بئر السبع، بأن إسرائيل «لا تستبعد إمكانية دخول بري إلى غزة رداً على الهجمات الإرهابية قرب إيلات واستمرار إطلاق الصواريخ على إسرائيل»، مشدداً على ان «الدخول البري لا يخيفنا».
في مقابل ذلك، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن الدوائر الأمنية والسياسية في الحكومة الإسرائيلية قررت السماح باستئناف نقل المساعدات والبضائع إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن إسرائيل «تنوي العمل على التهدئة وليس على التصعيد».
وبلغت حصيلة ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة منذ يوم الخميس الماضي 15 شهيدا و48 جريحا بينهم 12 طفلاً و12 امرأة وثلاثة مسنين ومسعف واحد في أكثر من عشرين غارة جوية، حسب ما أوضح المتحدث باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في غزة ادهم أبو سلمية.
وقال أبو سلمية إن كل الشهداء الذين وصلوا إلى مستشفيات غزة كانوا عبارة عن أشلاء ممزقة وجثث متفحمة وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة على نوعية الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة، مضيفاً أن عددا من المصابين بترت أطرافهم السفلية أو العلوية فيما أصيب البعض الآخر بحروق في أنحاء متفرقة في الجسد، وهو ما يعيد للذاكرة مشاهد الحرب الأخيرة على غزة في نهاية العام 2008.
وواصل الطيران الحربي الإسرائيلي شن غاراته على مواقع متفرقة من غزة، في وقت ردت المقاومة بإطلاق عشرات الصواريخ على المستوطنات المجاورة للقطاع، فيما كان بارزاً إعلان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها أطلقت بدورها صواريخ على إسرائيل، وذلك للمرة الأولى منذ فترة طويلة.
وفي الضفة الغربية شن الجيش الاسرائيلي حملة اعتقالات شملت عشرات من كوادر حماس في الضفة الغربية. وقالت مصادر أمنية فلسطينية ان القوات الإسرائيلية اعتقلت 120 من ناشطي حماس في جنوب الضفة الغربية، في اكبر حملة اعتقالات تشهدها المنطقة منذ وقت طويل.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن رفع مستوى الإنذار تحسبا لوقوع هجمات في مستوطنة «معاليه أدوميم» شرقي القدس المحتلة والمناطق المجاورة لها.
في هذا الوقت، تتواصل حالة الغضب الشعبي العارم في مصر، رداً على استشهاد ستة من عناصر القوات المسلحة المصرية بنيران الجيش الإسرائيلي في سيناء.
وإلى جانب التظاهرات المستمرة أمام مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة، حيث نجح الشاب أحمد الشحات في تسلق الطوابق الـ22 لمبنى السفارة منتزعاً العلم الإسرائيلي، شهد عدد من المحافظات المصرية، أهمها الإسكندرية حيث مقر القنصلية الإسرائيلية، تظاهرات حاشدة طلباً للثأر واحتجاجا على الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة.
وواصلت اللجنة الوزارية لإدارة الأزمات برئاسة رئيس مجلس الوزراء عصام شرف اجتماعاتها المفتوحة لمتابعة التطورات. وكانت اللجنة أصدرت بياناً، فجر أول من أمس، طالبت فيه إسرائيل بتقديم اعتذار رسمي على مقتل الجنود الستة.
وفي اجتماع عقدته يوم أمس، أعلنت اللجنة أنها ناقشت بيان «الأسف» الذي أصدره باراك، مشيرة إلى انه «كان إيجابيا في ظاهره إلا أنه لا يتناسب مع جسامة الحادث وحال الغضب المصري من التصرفات الإسرائيلية.
وعلى الطرف المقابل قام وفد إسرائيلي بزيارة سريعة للقاهرة أجرى خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين المصريين. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن مهمة الوفد هي «تخفيف حدة التوتر وتجنب التصعيد والحفاظ على العلاقات الجيدة مع القاهرة».
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو طلب من وزرائه عدم التطرق إلى الوضع في مصر وغزة، حتى لا تزداد الأوضاع توترا مع مصر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أكدت ضرورة مواصلة الاتصالات الجارية حاليا «لتبديد التوتر» مع القاهرة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد