السلفيون يهدّدون بفضح أسرار «أخونة الدولة»، 12 ألف وظيفة لـ«الإخوان» في 8 أشهر

01-03-2013

السلفيون يهدّدون بفضح أسرار «أخونة الدولة»، 12 ألف وظيفة لـ«الإخوان» في 8 أشهر

لم تهدأ الحرب بعد بين «حزب النور» السلفي و«الإخوان المسلمين». وبرغم أن رئيس الحزب يونس مخيون قدم بنفسه قبل ثلاثة أيام للرئيس محمد مرسي ملفاً ضخماً تحت عنوان «أخونة الدولة»، يضمّ رصداً للمواقع التي شغلها أعضاء الإخوان منذ وصول مرسي لكرسي الرئاسة، إلا أن تجاهل الرئاسة للملف زاد من غضب السلفيين.
رئيس «حزب النور» قال لـ«السفير» إنه سلّم الملف للرئيس مرسي شخصياً، في جلسة الحوار الوطني الثلاثاء الماضي، لكن الرئيس لم يتصفح الملف حينها لطبيعة اللقاء الجماعي مع عدد من القيادات الحزبية الأخرى. ثم أعطى مرسي الملف لأحد معاونيه من طاقم السكرتارية المرافقين له دوماً، ووعده بلقاء شخصي قريب لمناقشة ما جاء فيه.
مخيون نفى أن يكون قد تلقى أي اتصال عقب ذلك من مؤسسة الرئاسة، وهو أمر عزاه ربما إلى أن الملف لا يزال قيد الدراسة، مستدركاً بالقول «لن ننتظر طويلاً». ولفت مخيون، الذي رفض أن يكشف عن أي إحصائيات أو أرقام تضمنها الملف، إلى أن قواعد الحزب المنتشرة في كل المحافظات هي من رصدت ملامح هذه الأخونة وترقية عدد كبير من أعضاء الجماعة إلى مناصب قيادية في مؤسسات حكومية عدة، بالتزامن مع وصول مرسي لمنصب رئيس الجمهورية في آذار من العام الماضي، مهدداً «سنكشف عن تفاصيل ملف أخونة الدولة إذا استدعى الأمر ذلك»، في إشارة إلى احتمال نفاد صبر السلفيين إذا ما استمر «الإخوان» ومؤسسة الرئاسة في تجاهلهم.
هذا الضغط بالكشف عن تفاصيل الملف، بدأ بعض قيادات النور بممارسته بالفعل. عضو الهيئة العليا للحزب شعبان عبد العليم قال، في تصريحات نقلتها عنه وكالة «الأناضول» المقربة من «الإخوان»، «إذا لم يكن هناك موقف حاسم تجاه منع تسلّل الإخوان لمفاصل الدولة فسنكشف عن تفاصيل الملف كاملة». واعتبر أن هدف «حزب النور» من فتح هذا الملف هو «الحفاظ على المشروع الإسلامي الذي يتعرّض لخطر الآن».
من جهته، كشف نائب رئيس الحزب سيد مصطفى لـ«السفير» أن الحزب سيجتمع مطلع الأسبوع المقبل لمناقشة ردّ فعل الرئاسة على الملف، وما يمكن للحزب أن يتخذه من تحركات إذا استمرت مؤسسة الرئاسة بتجاهل ما حفل الملف من معلومات، في إشارة أخرى إلى إمكانية التصعيد مجدداً.
مصدر مقرّب من «النور» كشف لـ«السفير» أن ملف الأخونة، يضمّ رصداً لـ 12 ألف وظيفة شغلها قيادات وأعضاء في «الإخوان» في ديوانيات المحافظات والإدارات المنبثقة عنها في 16 محافظة من إجمالي 27 في مصر، وذلك خلال ثمانية أشهر فقط منذ وصول مرسي للحكم. وقال المصدر إن من رصد المعلومات والإحصائيات الواردة في الملف هي «الدعوة السلفية» التي يُعتَبر «النور» الذراع السياسية لها، وذلك لكون «الدعوة» ذات قواعد شعبية كبيرة في العديد من المحافظات. ولفت المصدر إلى أن عدم ذكر باقي المحافظات لا يعني أنها تخلو من أخونة، وإنما خرجت من الرصد مؤقتاً لاعتبارات تتعلق بعدم انتشار قواعد «الدعوة» هناك.
المصدر ذاته قال إن المشكلة الرئيسة في ما بات يعرف بأخونة الدولة، ليس في وصول بعض قيادات الجماعة إلى مناصب بارزة كوزراء أو محافظين، وإنما في أن الأخونة تبدأ من أسفل عبر زرع أعضاء الجماعة في مناصب متوسطة وصغيرة في كل المؤسسات والإدارات التابعة للدولة، وأن ذلك يتم على أسس لا تخضع للكفاءة أو الأهلية، وإنما تتعلق بكون هذا الشخص أو ذاك عضواً في الجماعة التي ينتمي إليها الرئيس. وذلك ما يفتح الباب لاحقا لتصعيد كل هؤلاء في مناصب قيادية وأكثر حساسية بطريقة تبدو طبيعية وبشكل يسمح لـ«الإخوان» بالتحكم في مفاصل الدولة بأكملها، حتى لو خسروا منصب الرئيس أو فقدوا الأغلبية البرلمانية.
يستخدم السلفيون ورقة ملف أخونة الدولة هذا في مواجهة «الإخوان». وقد بدأ الأمر بلقاء خاص جمع بين الرئيس مرسي ورئيس «حزب النور» قبل أسبوعين في القصر الرئاسي، بعدما بادر النور وقدّم مبادرته الخاصة بحل الأزمة السياسية التي تعيشها مصر منذ تشرين الثاني من العام الماضي عقب إصدار مرسي إعلاناً دستورياً يحصّن قراراته من النظر أمام القضاء. وتضمّنت مبادرة «النور» تشكيل حكومة إنقاذ وطني وإقالة النائب العام. وهي المطالب ذاتها التي دعت لها «جبهة الإنقاذ»، الوعاء الأكبر للمعارضة المدنية في مصر.
ورأى البعض أن لقاء مرسي بقيادات «النور» كان محاولة منه للاحتواء أو على الأقل ضمان حيادهم في الصراع بين «الإخوان» والمعارضة المدنية. لكن الحزب السلفي حاول الاستفادة من اللقاء بدوره، والخروج بمظــهر التيار الوسطي الذي لا ينحاز لـ«الإخوان» دوماً، ولا يتحالف مع المعارضــة المدنية بطبيعة الحال. تحدثت قياداته حينها مع مرسي عن ملامح أخونة الدولة ووجود معلــومات موثقة عن ذلك، فكان ردّ مرسي بأن ذلك كلام غير صحيح، وهو ما استفز قيادات «النور» ودفعها لرصد ذلك في ملف خاص.
لم يتقدموا بالأخير سريعاً للرئاسة، لكن إقالة خالد علم الدين أحد مستشاري مرسي من السلفيين، بسبب اتهامات، قالت الرئاسة، من دون أن توضحها، تتعلق بفساد ذمته المالية، أجج الخلاف مجدداً بين «النور» و«الإخوان»، فتمّت الاستعانة بملف أخونة الدولة ليكون ورقة ضغط يستخدمها السلفيون كلما احتاجوا إلى ذلك. ويبدو أنهم في ظل سياسة الإخوان المراوغة دوماً مع الحلفاء أو المعارضين سيحتاجون إلى ما هو أكثر من هذا الملف.

محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...