الروح العسكرية الأمريكية ( 2-9 )

29-04-2006

الروح العسكرية الأمريكية ( 2-9 )

 

آلة الحرب ـ الأحلاف ـ القواعد وأعمال العدوان

 

نقله إلى العربية: محمود شفيق شعبان
الكسييف ـ كروتسكيخ ـ سفيتلوف

الحلقة الثانية

الحركة الحلزونية للنفقات العسكرية الامريكية

بلغ حجم الميزانية العسكرية الامريكية قبيل الحرب العالمية الثانية في عام 1939 1.4 مليار دولار.
وفي معمعانة العدوان الامريكي على فيتنام (1964 ـ 1973) ارتفعت المخصصات العسكرية الامريكية من 52.4 دولار في عام 1965 إلى 80 مليار دولار في عام 1968.
وفي أواسط السبعينات كانت النفقات العسكرية على الشخص الواحد في أمريكا أكثر بـ 5 مرات مما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية.
وفي العام الاخير لوجود ادارة جيمي كارتر على رأس السلطة في عام 1980 تم تخصيص حوالي 160 مليار دولار للاحتياجات العسكرية.
ومع مجئ الرئيس ر. ريغان إلى البيت الابيض وصل نمو المخصصات العسكرية في أمريكا وتائر لا سابقة لها.
وقد زادت الميزانية العسكرية لهذا البلد المتقدم في العالم الرأسمالي عن 219 مليار دولار في عام 1982 وفي عام 1983 ـ 246 مليار دولار، أما في عام 1985 ـ 292.9 مليار دولار، أما إذا أخذنا بعين الاعتبار "إعانات البنتاغون المالية" عن طريق الادارة الاخرى فان النفقات العسكرية الأمريكية تصل إلى 307 مليار دولار، أي أكثر بـ 32.3 مليار دولار من المخصصات المرصودة للاغراض العسكرية الامريكية في عام 1984.
ولكن حتّى هذا، كما تبين، لم يكن بالنسبة لمطامع الاوساط العسكرية الصناعية للولايات المتحدة الامريكية، التي كانت قد رسمت مخطط الحركة الحلزونية لسباق التسلح حتّى نهاية هذا القرن.
بلغت الاعتمادات المالية العسكرية التي رصدها البنتاغون لعام 1986 ـ 313.7 مليار دولار أي ما يزيد بـ 1.6 % تقريباً على المبالغ القياسية لعام 1985؛ ورصد لعام 1987 ـ مبلغ 362.6 مليار دولار؛ و411.5 لعام 1988 مليار دولار.
وبناءاً على وثيقة البنتاغون السرية "تعليمات في مجال الدفاع للسنوات المالية 1985 ـ 1989" فإن المقتطفات التي وقعت في أيدي الصحافة الامريكية أكدت أن زيادة القدرة العسكرية لامريكا في هذه الفترة ستصل إلى مبلغ ضخم ـ 958 مليار دولار، أي، حوالي 2 تريليون دولار.
وبالتالي تكون الآلة العسكرية الامريكية ـ تمتص الآن حوالي 30 سنتاً تقريباً من كل دولار عن طريق جبايتها من دافع الضرائب الامريكي.
وتنحصر الخاصية الرئيسية للميزانيات العسكرية الامريكية للسنوات الاخيرة في أنه إلى جانب القفز الحاد لجميع مواد الميزانية عملياً إلى الاعلى فقد اشتملت في نفس الوقت على جنوح قوي نحو رفع النفقات على الدراسات في مجال تصنيع صنوف جديدة من الاسلحة ولشراء الاسلحة.
وفي الميزانية العسكرية للسنة المالية 1982 تم تخصيص 64.9 مليار دولار لشراء مجموعة واسعة من صنوف الاسلحة الجديدة والتقنية الحربية ورُصد للاعمال العلمية ـ الاستقصائية والتجريبية التصميمية (NIOKTR) في المجال العسكري ـ 21.7 مليار دولار، وعلى الاستعداد القتالي والنشاطات اليومية للقوات خصص مبلغ ـ 62.5 مليار دور وعلى إعالة الملاك الشخصي (بما في ذلك دفع الرواتب التقاعدية) ـ 57.9 مليار دولار.
وتم تخصيص حصة الاسد (174 مليار دولار) من الميزانية العسكرية للعام المالي 1983 لبرنامج زيادة الاسلحة.
واستمر الوضع على هذا الشكل في السنوات التالية.
وفي الحقيقة فإن المصروفات على الاحتياجات العسكرية في الولايات المتحدة تزيد مليارات كثيرة من الدولارات على تلك المبالغ التي تُسجل كـ "نفقات على الدفاع" وتُرصد بطلب من البنتاغون وبعد ذلك يُعاد توزيعها بواسطته على شكل توصيات عسكرية محددة.
وتتضمن ميزانية الولايات المتحدة الكثير من المواد التي تُنفذ الاعتمادات العسكرية على أساسها بصورة سرية.
فتصنيع السلاح النووي، مثلاً، يُمول لدرجة كبيرة من الموارد التي تخصصها وزارة علم الطاقة، أما برامج استخدام الفضاء الكوني للاغراض العسكرية ـ فتحول من ميزانية المؤسسة القومية للطيرانيات ودراسة الفضاء الكوني (NASA) وقد جرى تصنيع القنبلة النيترونية في اطار برامج الاعمال الاجتماعية.
فالنفقات العسكرية الامريكية الاجمالية بما في ذلك نفقات البنتاغون والنفقات التي أتت عن طريق دوائر أخرى وكذلك المصاريف على الدفاع المدني وعلى انشاء احتياطات استراتيجية تصل إلى 60% من الميزانية الفدرالية إذا اضفنا إليها النفقات العسكرية غير المباشرة المرتبطة بالحروب السابقة (الرواتب التقاعدية للمحاربين القدماء، ودفع الديون الحكومية والفوائد ـ وما إلى هنالك).
ومن المميز أن النفقات العسكرية تبرمج مع إصلاح للتضخم المالي، وبالتالي فالحديث يدور حول الارباح "الصرفة". ومع الاخذ بعين الاعتبار نزعة الارتفاع المطرد للاعتمادات المالية للبرامج العسكرية يكون العمل العسكري للرأسمالية مستقراً تماماً.
وحكومة الولايات المتحدة الامريكية لا تقدم له إمكانية كسب الثروة بدون عوائق ويومياً من التوصيات العسكرية فقط بل وتضمن له استخلاص الارباح في المستقبل.
من يُدفئ يديه على التوصيات العسكرية؟
إن معدل أرباح الاحتكارات التي تهتم بانتاج الاسلحة اعلى وسطياً بـ 20 ـ 30% من معدل الارباح في ميدان الزراعة. فالمعدل الوسطي لارباح شركة صناعة بناء الصواريخ الفضائية، وفقاً لمعلومات الاقتصاد الامريكي م.
فيدين باوم، مثلاً، بلغ في السبعينات 25 ـ 28% بينما كان الدليل المطابق في القطاع المدني لهذا الفرع لا يتجاوز 18% ومستوى أرباح الولايات المتحدة الامريكية في كل الصناعة التحويلية في تلك الفترة لم يتجاوز الـ 17% .
ففي النصف الثاني للسبعينات قامت لجنة مجلس الشيوخ في الكونغرس الامريكي بالتحقيق في الوضع المالي لـ 169 شركة أمريكية ـ صناعية عسكرية ـ الشركات الاساسية الموردة للبنتاغون الذي أظهر أن 164 شركة قد حصلت على ارباح تتراوح بين 50% و200%، ثلاث شركات ـ أكثر من 500%، وشركة واحدة ـ أكثر من 2000%.
وفي عام 1980 جلبت التوصيات العسكرية للاحتكارات الضخمة الرئيسية أرباحاً بمئات الملايين من الدولارات: "يوينغ" ـ 600.5 مليون دولار، شركة "ماكدونيل ـ دوغلاس" 144.6 مليون دولار، الشركة الاحتكارية "روكويل إنترناشيونال" ـ 280.2 مليون دولار، "جنرال ديناميكس" ـ 195 مليون دولار، "يونايتيد تيكنولوجي" 293.4 مليون دولار، والشركة الاحتكارية "ليتون انداسترير" 290.8 مليون دولار.
وفي عام 1983 تسلمت الاحتكارات العسكرية الامريكية من البنتاغون توصيات بمبلغ يزيد على 246 مليون دولار (مع الاخذ بعين الاعتبار تلك التوصيات التي تراكمت من الاعوام السابقة وتحولت إلى السنة المذكورة)، أما سعر أسهم أضخم ثماني شركات عسكرية فقد ارتفع بالمقارنة مع بداية عام 1982 إلى 82% وسطياً، لم يكن مستوى تركيز الرأسمال في أي مكان من الاقتصاد الامريكي عالياً بالشكل الذي هو عليه في العمل العسكري.
ففي العام المالي 1983 كان نصيب 100 شركة ـ الشركات الموردة الرئيسية للبنتاغون ـ حوالي 70% (89.578 مليار دولار) من جميع التوصيات العسكرية المرتبطة بالدراسات والاعدادات والبناء والتوريدات.
كان مجموع ما استلموه من التوصيات العسكرية 128.242 مليار دولار. وقد توزعت أماكن مقادير التوصيات لعشرة من متعهدي البنتاغون الرئيسيين على الشكل التالي: "جنرال ديناميكس" ـ 6.818 مليار دولار، "ما كدونيل ـ دوغلاس" 6.143 مليار دولار؛ "روكويل إنترناشيونال" ـ 4.454 مليار دولار؛ "لوكهيد" ـ 4.006 مليار دولار؛ "يونايتيد تيكنولوجيز" ـ 3.867 مليار دولار؛ "تينيكو" ـ 3.762 مليار دولار؛ "ريتيون" ـ 2.728 مليار دولاراً.
وبالنسبة للشركات الصناعية العسكرية فإن السعر النهائي للسلعة العسكرية يترك تأثيراً ملموماً على نمو الربح الفاحش.
فقد بلغ سعر الدبابة الواحدة فقط من طراز م ـ 1 (حسب أسعار عام 1981) 2.44 مليون دولار وسعر الطائرة المقاتلة ف ـ 18 ـ 32.01 مليون دولار والصاروخ المجنح الارضي ـ 5.8 مليون دولار، وقيمة الصاروخ البالستي ذات التمركز البحري "تريدينت" ـ 1" 10.88 مليون دولار، وسعر الطراد الصاروخي ـ 1018.2 مليون دولار.
والغواصة الذرية المجهزة بـ 24 صاروخ طراز "تريدينت" على متنها تساوي 1.3 مليار دولار، وسعر القاذفة الاستراتيجية ف ـ 1 ـ 165 مليون دولار.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار تلك الحقيقة بأن الدبابات والحوامات والطائرات والصواريخ والوسائط المدفعية تُطلب بالمئات والآلاف وتطلب السفن العسكرية والغواصات ـ بالعشرات، يصبح واضحاً لماذا يذهب الحساب في الميزانية العسكرية الامريكية إلى مليارات الدولارات. وتسود الفساحة في العمل العسكري لأي نوع من أنواع المكائد.
والاستهتارات. ومن بين أكثر أساليب الحصول على أرباح إضافية انتشاراً كان التخفيض العمدي لقيمة البرامج العسكرية أثناء الالتزام بها والرفع المصطنع لاسعار المنتجات على قدر الانتاج.
ولذلك فقد ارتفع سعر البرنامج الصاروخي "مينيمتان ـ 2" بدءاً من لحظة إعداده وحتى إدخاله في الانتاج من 3 مليار إلى 7 مليار دولار، وارتفع سعر برنامج تجهيز الطائرات ـ حاملة السلاح النووي ف . ب ـ 111 بالتجهيزات الاليكترونية ـ من 600 مليون دولار إلى 2.5 مليار دولار.
وارتفع سعر الطائرة القاذفة الاستراتيجية ف ـ 1 منذ لحظة التوصية وحتى الانتاج إلى أكثر من أربعة أضعاف.
وارتفع سعر الصاروخ البالستي العابر للقارات "MX"، مثلاً، من 57.4 مليون دولار في عام 1982 إلى 102.6 مليون دولا رفي عام 1983.
وطبقاً لتقييمات الادارة المالية الرئيسية للكونغرس فإن الخطة الخمسية الحالية للنفقات على الدفاع سترفع المبلغ الاجمالي من 173 مليار دولار إلى 324 مليار دولار بالمقارنة مع الميزانية المحتملة لادارة ريغان.
وقد لوحظت مثل هذه الصورة عملياً في جميع صنوف وبرامج التسلح الامريكية، وفي الكونغرس الامريكي حصلوا على معلومات حول السلب البذئ لدافعي الضرائب الامريكيين من قبل الشركات العسكرية.
وهكذا، تأخذ شركة " جينيرال ديناميكس" من الحكومة الامريكية 7.417 دولار مقابل القطعة التي يمكن شراؤها من المحل التجاري الاقتصادي بـ 3 , 00 دولار ( 3 سنتات)؛ شركة "ماكدونيل ـ دوغلاس" ـ تأخذ 2.043 دولار سعر البراغي التي تساوي في المحلات التجارية 13 سنتاً؛ شركة "بريت إندتسيتني" ـ 1.118 دولار مقابل الغلاف البلاستيكي لقوائم الكراسي الذي يساوي 22 سنتاً في المحلات التجارية وتسعر شركة "هيوز إيراكرافت" المفتاح الكهربائي الذي قيمته 3.64 دور بـ 25.45 دولار.
والطقم العسكري المؤلف من 22 أداة يمكن شراؤه من المحل التجاري بـ 92.44 دولار.
وبسبب هذه الادوات ذاتها يدفع دافعو الضرائب للبنتاغون أكثر من 10 آلاف دولار.
وفي كل حالة من هذه الحالات والحالات المشابهة لها تدفع وزارة الدفاع الامريكية بخضوع أكثر من اللازم للشركات ـ النهابة.
وساد في العمل العسكري ممارسة توزيع التوصيات "سراً"، أي، بدون إعلام الاسواق الواسعة، طبقاً للمبدأ: من الشركة الصناعية ـ العسكرية التي يبدو مشجعوها أقوى؟.
والشركة التي تفوز بالتوصية، تضع بصورة احتكارية الاسعار النهائية لمنتجاتها المميتة.
فالعمال وأصحاب المصانع العسكرية الأخرى الذين ينتمون إلى حكومة الولايات المتحدة الامريكية يتم وضعهم طبقاً للقوانين الامريكية في مستوى واحد مع الموظفين الحكوميين لكنهم لا يملكون الحق بالانتساب الى النقابات أو المشاركة في الاضرابات، وهذا بالفعل يُصعب عليهم إمكانية النضال من أجل مصالحهم وبالتالي يساعد على زيادة استغلالهم.
فالتوصيات العسكرية الحكومية ـ هي المصدر المنعش الذي يغذي الصناعة الحربية الامريكية.
ويعمل لصالح البنتاغون 25 ألف ملتزم أو متعهد أساسي و50 ألف شبه ملتزمين.
وتنتج الانظمة الاساسية للاسلحة والتقنية العسكرية في أمريكا في 146 مصنع حكومي وفي 4 آلاف مصنع ضخم تابعة لشركات خاصة.
ومع كل عام يتضاعف في البلد عدد الاحتكارات التي أصبح انتاج الاسلحة بالنسبة لها اختصاصاً أساسياً.
ومن بين 12 اتحاد احتكاري صناعي رئيسي في أمريكا يوجد فقط 3 شركات هي "جنرال إيليكتريك"، "أمريكان تيلفون آنديتليغراف"، "جينرال موتورز" ـ تحمل نصف منتجاتها تقريباً صفة عسكرية.
بلغ نصيب المنتجات العسكرية من الاجمالي العام لانتاج الشركات الضخمة في مجال صناعة الصواريخ الفضائية في الولايات المتحدة الامريكية في السبعينات 50 ـ 80 % ، وفي الاليكترونيات اللاسلكية ـ 40 ـ 60%، وفي الصناعة الهندسية الكهربائية ـ 8 ـ 15% وفي صناعة السيارات (والدبابات) 2 ـ 5 %.
أما الدليل المطابق لبعض الشركات في الستينات فقد تكون على الشكل التالي: كان يذهب 88 % من دورة رأسمال شركة "لوكهيد" إلى التوصيات العسكرية؛ ومن شركة "ماكدونيل ـ دوغلاس" المنتجة لطائرة ف ـ 4 "فانتوم" 75 %؛ ومن دورة رأسمال شركة "جينرال ديناميكس" (طائرة ف ب ـ 111) ـ 67%؛ ومن شركة "بوينغ" (طائرة قاذفة للقنابل ب ـ 52) 54%.
وحسب تقديرات الصحافة الغربية فقد قامت الشركات الامريكية في عهد ريغان باعادة التوزيع الضخمة لتوصيات الرأسمال داخل الشركات لصالح انتاج الاسلحة والتقنية الحربية، فقد رفع أصحاب شركة "ماكدونيل ـ دوغلاس" على سبيل المثال، الثقل النوعي للتوظيفات في الانتاج العسكري من 29 % في عام 1982 إلى 47% في عام 1983.
وازداد هذا الدليل بالمقابل في شركة الـ "بوينغ" من 15 إلى 36، وفي "جينيرال ديناميكس" ـ من 19 إلى 41، وفي الـ "يونايتيد تيكنولوجنز" ـ من 31.5 إلى 63.5، وفي شركة "روكويل انترناشيونال" ـ ازداد من 26 إلى 52 وفي شركة "لوكهيد" ـ من 43.5 إلى 93%.
واشار الاقتصادي الامريكي العسكري س . ميلمان في كتاب "أرباح بدون انتاج " إلى أن 46% جديدة من الموارد الانتاجية للصناعة قد استخدمت للاغراض العسكرية في السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة الامريكية.
وطبقاً لانباء الصحافة الامريكية فقد دفعت 128 شركة أمريكية عملاقة في العام المالي 1984 أقل حجم لضريبة الدخل في السنوات الثلاثة الاخيرة وفي نفس الوقت حصلت على أعلى نسبة للارباح ـ 56.7 مليار دولار.
ومن بين الشركات التي اعفتها الحكومة كلياً من دفع الضرائب على الارباح الداخلية ـ الموردون الاساسيون للبنتاغون: "شركة جينيرال إيليكتريك"، "بوينغ" وغيرها.
وفي عام 1981 شكلت العقود المتعلقة بتصميم وانتاج الاسلحة والتقنية العسكرية أكثر من 30% من القيمة الاجمالية لمنتوجات مصانع الآلات الامريكية العاملة.
وفي اطار النظام الرأسمالي للاقتصاد وقع العمل العسكري في وضع صعب: فقد كانت غير معروفة بالنسبة له تلك المفاهيم، مثل اعادة انتاج السلع واشباع السوق والاكتفاء الاستراتيجي ـ العسكري من هذا النوع من الاسلحة أو غيره.
وكلما كانت أنواع وصنوف الاسلحة أكثر كلما مارست الامبريالية توسعها بشكل أكثر نشاط وثقة.
لقد اتقن منتجو الاسلحة منذ زمن بعيد نظام التعليل لاثبات ضرورة هذه السلع المميتة.
والعمل العسكري المعاصر للولايات المتحدة يراعي الاستيريوتيبات التي تكونت في هذا المجال.
فخلف ستار الشركات الدعائية حول "وضع الولايات المتحدة الامريكية الاليم" وحلو "تخلفها العسكري" وحول ضرورة تكوين "احتياط عسكري ثابت" وحول وجود "التهديدات الاقليمية" و"العالمية" المختلفة قامت الاوساط العسكرية بانتاج التوصيات العسكرية الجديدة الاكثر غلاءً والاوسع استهلاكاً.
فالازدهار المتميز للرأسمال الصناعي العسكري كان يظهر في تلك اللحظات عندما تنتج الاسلحة.
"نحن نرسل الصواريخ التي لن تعود الينا أبداً إلى الاعلى ولذلك فيجب علينا دائماً أن نصمم صواريخ جديدة وهذا شئ رائع"! ـ أعلن نائب رئيس شركة "لوكهيد" رايدنور.
والسلاح يجب أن يجد استخداماً حتّى يتدفق الربح من انتاجه بغزارة ـ هذا هو الارتباط المتبادل للعمل العسكري والسياسة الخارجية للامبريالية.
فأصحاب المصانع العسكرية وممثلوهم في حكومة الولايات المتحدة الامريكية يدفعون ويشجعون الحرب والصدامات المسلحة في كل مكان من العالم.
وعلى قدر زيادة التوتر الدولي ترتفع أسعار أسهم الشركات العسكرية ويزداد الطلب على سلعها ويتم تسريع دورة رساميلها.
فالميزانية لا تعكس السياسة الحكومية فقط بل وتحددها. وتركيب الميزانية الامريكية التي تخدم التدابير العسكرية في أكثر من نصفها يدفع الآلة الحربية الامريكية إلى انتاج الاسلحة في كل حالة ممكنة.
وأعلن وزير الدفاع الامريكي ك. واينبرغر: "يجب علينا ان نكون جاهزين منذ اليوم، إذا دعت الحاجة، للدخول في الحرب والاعداد في نفس الوقت لخوض معركة الغد مع عدو الغد.
وبواسطة الاسترشاد بهذا الهدف أفشلت واشنطن الرسمية التنفيذ الفعلي للاقتراح المعروف جيداً الذي تقدم به الاتحاد السوفييتي والذي وافقت عليه الدورة الثامنة والعشرين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة عام 1973 حول تخفيض الميزانيات العسكرية للدول ـ الاعضاء الدائمين في مجلس الامن التابع لهيئة الامم المتحدة إلى 10% وحول استخدام كمية الاموال المدخرة لتقديم المساعدة للبلدان النامية.
وكان يمكن أن يربح من تنفيذ إجراءات تخفيض النفقات العسكرية جميع الدول بما في ذلك الدول التي قامت بهذه التخفيضات.
كما كان بمقدور هذه الدول رصد هذه الموارد الكبيرة للمصالح السلمية لشعوبها من أجل رفع مستواها الحياتي.
وطبقا لتقديرات خبراء هيئة الامم المتحدة فإن 8 ـ 10% من النفقات على الاغراض العسكرية في العالم كانت يمكن أن تكفي للقضاء على الجوع والمرض والجهل في جميع أنحاء الكرة الارضية.
لكن مصالح الشعوب والبشرية تتناقض كلياً مع مصالح العمل العسكري.
ولا تريد الاحتكارات العسكرية التنازل ولو عن دولار واحد من ارباحها، مع أن الاسلحة المكدسة في العالم الآن كافية لتدمير كل ما هو حي على الأرض عدة مرات.


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...