التصنيف السياحي:نجومٌ مُرصَّعة للفنادق و«نجوم الظهر»للمواطن السائح

02-08-2009

التصنيف السياحي:نجومٌ مُرصَّعة للفنادق و«نجوم الظهر»للمواطن السائح

لاشكَّ في أنَّ الواقع السياحي في سورية شهد، خلال السنوات القليلة الماضية بعض التحسن لجهة دخول العديد من المنشآت السياحية الجديدة حيّز العمل. والأهم -ربما- هو دخول استثمارات عربية وأجنبية إلى هذا القطاع، الذي تروّج له الحكومة باعتباره البديل عن نفطنا الناضب ولو بعد حين. ومما لاشكَّ فيه، بالتالي، أنَّ الخيارات تعدَّدت أمام السائح، من فنادق ومطاعم ونزل وأوتيلات وغيرها، وبكافة مستوياتها، بدءاً من نجمة إلى خمسة نجوم. ولكن أحياناً، ما يظهر على أرض الواقع قد يكون مغايراً للحقيقة؛ فعدا تلك المنشآت العائدة ملكيتها أو إدارتها لمستثمرين غير سوريين، نجد أنَّ باقي المنشآت السياحية تتباين في درجة جودة خدماتها وأدائها، حيث تقول التجربة إنك إذا أردت أن تحصل على خدمات فندق 4 نجوم فعليك التوجه إلى فندق الـ5 نجوم، وإذا أردت أن تستمتع برفاهية الثلاث نجوم اذهب إلى فندق الـ4 نجوم.
والسؤال: كيف يتمّ تصنيف هذه المنشآت السياحية وعلى أيّ أساس؟، وما هي المعايير التي يتمّ من خلالها تصنيف هذا المطعم أو ذاك الفندق بأنه من فئة الـ4 أو 5 نجوم؟، وهل هذه المعايير المحلية متطابقة مع المعايير الدولية؟.
بناءً على قانون وزارة السياحة، فالتصنيف النهائي يتمُّ من قبل لجنة التصنيف المشكلة بالمرسوم التشريعي رقم 198 لعام 1961، والتي تضمُّ مندوبين عن وزارات الدولة ذات العلاقة (المالية- التموين- الاقتصاد- الإدارة المحلية) برئاسة مندوب وزارة السياحة.
ويتمُّ التصنيف بعد استكمال المنشأة كافة الشروط والتراخيص المطلوبة، وخاصة الترخيص الإداري الصادر عن السلطات المحلية المختصة. وهذه المعايير -كما يقول فيصل نجاتي (مدير سياحة دمشق)- «تتدرج ضمن جداول تصنيف تتضمَّن بنوداً عديدة، وتتضمن جزءاً إلزامياً؛ فهناك معايير أو مواصفات إلزامية يجب أن تكون مدرجة ضمن الترخيص المقدم إلى وزارة السياحة، وهناك بنود تتحقق فيها نقاط، وبالتالي حسب مجموع هذه النقاط يتمُّ التصنيف. ولكن مع مرور الوقت، هناك نقاط تنخفض بشكل طبيعي، نتيجة عدم الصيانة. ومن أهم هذه الشروط الإلزامية، النظافة، وجودة الخدمة التي تعتبر مطلوبة من المنشآت كافة». ويضيف: «نحن في سياحة دمشق نعتبر موضوع النظافة من أهم المظاهر التي يجب أن تتوافر في أيّ منشأة سياحية، سواء كانت نجمة أو 5 نجوم».
من جهته صنَّف رامي مارتيني (رئيس غرف السياحة) المعايير المقدمة في الترخيص إلى معايير هندسية، وتتضمَّن: مساحة الغرف- مساحة مواقف السيارات الخاصة- مساحة وعدد المطاعم- مساحة الحمامات- المخططات- الخدمات المشتركة للزبائن- المساحات المخصصة للفعاليات.. وغيرها. وجميع هذه الخدمات تدرج ضمن مخططات الترخيص. أما النوع الثاني من المعايير فهو معايير خدمية، وهي الخدمات التي تقدّمها المنشأة، وذلك حسب التصنيف. مثلاً فندق الـ3 نجوم يقدّم: خدمة الاستقبال الفضائي- تكييف مركزي.. أما فندق الـ4 نجوم فيقدّم: خدمة المصبغة- مواقف سيارات-مراكز تسوق.. هذه الخدمات لها علامات تعتمد على المساحة وعدد العاملين ونوعية الخدمات التي تقدّمها.
وكان لصلاح خربطلي (خبير سياحي) رأيٌ آخر: «أسس التصنيف والمعايير المعتمدة لدى وزارة السياحة تختلف تماماً عن المعايير المطبقة في معظم دول العالم، ولاسيما تلك التي تقترحها المنظمة العالمية للسياحة. فمثلاً مستوى النجمة الواحدة في أوروبا يفوق مستوى النجوم الثلاث لدينا، من حيث محتويات الغرفة وسعتها والخدمات التي تقدم للزبون. وحتى مستوى النظافة والتعامل (خدمات الاستعلامات والصرافة والاتصالات والتكييف والإطعام..)، بينما توجد عدة نظم تصنيف ومعايير مطبقة في عدد من مجموعات دولية في العالم. فالعديد من تلك الدول يطبق نظم تصنيف رسمية معتمدة من قبل سلطات السياحة. وفي الاتحاد الأوربي مثلاً توجد قواعد تصنيف ومواصفات تقوم على أساس النوعية والأداء معاً، وفي بلدان أخرى تبنَّت مؤسسات القطاع الخاص الأسلوب التجاري في التصنيف وفق نظم مشهودة مثل دليل ميشلين البريطاني أو دليل اتحاد السيارات الأمريكي (A A.A).
ماذا عن الرقابة (رقابة الخدمات، رقابة الأسعار)؟.. أين وزارة السياحة وغرف السياحة من هذه الرقابة ومن عمليات الغش التي يتعرض لها أغلب السياح أو النزلاء، سواء في الفنادق أم المطاعم؟.
يقول فيصل نجاتي: «التسعيرة التي صدرت هذا العام كانت بموافقة شعبة الفنادق في وزارة السياحة، وكانت مرضية للجميع، حتى إنَّ كثيراً من الفنادق تقدَّمت بطلب تخفيض الأسعار، ولكننا -نحن وزارة السياحة- نفرض أسعاراً بسقف محدود، ويترك للفندق حرية اختيار خفض الأسعار. أما بالنسبة لبعض المطاعم، فهناك بعض الاعتراضات على أنَّ الأسعار المدرجة على الفاتورة لا تتناسب مع جودة الخدمة ونوعية الطعام والتسعيرة الموجودة في القرار الصادر عام 2009 من خلال الاجتماع مع شعب المطاعم في غرف السياحة.. وتقدمت بعض المطاعم بطلب تعديل هذه الأسعار، وإنَّ أيّ اعتراض أو اقتراح يصل إلى السيد وزير السياحة يحظى باهتمامه شخصياً. في المقابل، تقدّم غرف السياحة مقترحات لأيّ مشكلة، بما فيها مشكلة الأسعار بالنسبة للقطاع الخاص، وذلك لحماية السائح وتطوير وتشجيع السياحة». يقول مارتيني: «نحن غرفة السياحة واعون لمشكلة بعض المنشآت السياحية التي لا تقدم السوية التي أخذت الرخصة على أساسها، ونريد أن نصل إلى مرحلة تكون فيها الفنادق أو المطاعم ذات الأربع نجوم بذات الخدمة التي تناسب النجوم التي أخذت عليها الرخصة. وهذا الموضوع يحظى باهتمامنا الكبير».
فيما يضيف صلاح خربطلي: «المفترض أن تتوازى الأسعار المحددة مع المستوى المحدد للمنشأة. لكن الواقع يشير إلى عدم الالتزام، ولجوء أصحاب المنشأة إلى طرق عديدة بإضافات على تلك الأسعار (التكييف- خدمة الغرف- مواد التنظيف- وغيرها) لرفع السعر. وقلَّما يعلن الفندق عن سعر الغرفة بلصيقة تلصق خلف باب الغرفة، كما يجري في معظم فنادق العالم» 

 يقول فيصل نجاتي: «هناك دائماً سوية عالمية. وبالتالي هناك شروط عالمية يجب أن تطبق في منشآتنا. فقرارات التصنيف تعتمد على قرارات دولية، في حين شركات الإدارة الدولية لها قرارات ثابتة. وبالتالي معايير التصنيف تعتمد على بنود عالمية، وهدفنا في هذه المرحلة أن نعالج أيَّ خلل إن وجد».أما بالنسبة لرامي مارتيني، فالمعايير المدرجة من وزارة السياحة تقارب المعايير العالمية التي طرأ عليها تغيير في الـ10 سنوات الأخيرة، والتي تتجه إلى عدة محاور، فقد عقدنا ورشة عمل في غرفة سياحة دمشق حملت عنوان «عام 2010 الجودة السياحية». وهي تتضمَّن معايير جديدة، وتركز على معايير الجودة التي يجب أن تتناسب مع المعايير العالمية المهتمة بالجودة. وستكون هناك لجان مشكلة من قبل وزارة السياحة لمراقبة الجودة. وهذا المشروع يتألف من 6 محاور، أطلقته وزارة السياحة بالتعاون مع غرف السياحة، وهي: برنامج نصائح السفر-وهو برنامج عالمي تمَّ تبنّيه من قبل الوزارة لنأخذ الملاحظات التي يقدّمها السائح من ناحية الخدمات لنعالج نقاط الضعف ونطور نقاط القوة، وبرنامج التأهيل السياحي لكلّ المواقع السياحية وتشمل إعادة النظر في تصنيف المناطق السياحية، وتطبيق معايير الجودة، وتحرير الأسعار وذلك طبعاً ضمن المحدود، والتأهيل والتدريب أثناء العمل ليتوافق مع تصنيف هذه المنشأة بالنسبة للعمال مثل إتقان المهارات (لغة، كمبيوتر، حسن تعامل...)، وأخيراً قانون حماية المستهلك؛ فلم يعد من المقبول أن يغبن السائح أو الزبون بالفاتورة، وسيكون هناك مراقب ممثل عن غرف السياحة ولجان مراقبة لحماية السائح من أيّ عملية غش قد يتعرَّض لها. من جهته قال صلاح خربطلي: مازال هوس مستوى فنادق النجوم الخمس يسيطر على توجهات المنظرين السياحيين لدينا، والدراسات والواقع يشيران إلى أنَّ التركيب الفندقي، الذي يتوافق مع شرائح الطلب السياحي، يبيّن أنَّ النسبة الكبيرة من عدد السياح تتوجه إلى مستويات النجمتين والثلاث نجوم. وهذا ما تشير إليه الإحصاءات السورية كذلك، وتؤكده أوضاع المبيت في معظم دول العالم. ويضيف خربطلي: مازال عدد الأسرة لدينا قليلاً جداً، بالمقارنة مع الدول المماثلة والمجاورة. فقبرص لديها 70 ألف سرير، وتركيا مئات الألوف، ومصر وغيرها.. بينما لا يتجاوز مجموع ما نملكه من أسرة 40 ألف سرير، مع أنَّ قسماً كبيراً منها ينطبق عليه مكان النوم غير المريح كفنادق النجمة الواحدة والنزل.ويؤكد الخبير السياحي في المحصلة أنَّ الحركة السياحية في سورية ما زالت  تخضع للموسمية. وهذا يؤثر على إشغال الفنادق، ولاسيما في الساحل والمصايف، بينما المفروض أن يتمَّ منح حوافز وتسهيلات بالأسعار والخدمات لتشجيع السياحة إليها خارج الموسم، ومازال أصحابها يفضلون إغلاقها بدل التفكير في ترويجها.

النجوم الخمس، والأربع، وحتى النجمة.. كلها تتجه إلى خدمة السائح. والنظرة السائدة في أنَّ السائح، الذي يدخل إلى سورية يملك من المال الكثير، باتت من الماضي. وحتى لو كان ذلك صحيحاً، فإنَّ من حقّ هذا السائح والمواطن من قبله أن يحصل على خدمات تتناسب وما يدفعه، وهي مسؤولية كلّ الجهات المعنية بالسياحة، والتي تفرَّغت -فيما يبدو- لتعداد الإنجازات بدلاً من القيام بمهامها الحقيقية.

هلا منى

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...