الأسماك السورية ” تُبحر” بعد موتها..زوارق القراصنة تفضح حكاية الرزق المسروق..؟!!

24-10-2018

الأسماك السورية ” تُبحر” بعد موتها..زوارق القراصنة تفضح حكاية الرزق المسروق..؟!!

كم كان مثيراً للتساؤلات مشهد السماسرة في مزاد السمك بطرطوس وهم منهمكون في تصنيف وفرز “غلال الصيادين” وترحيله في صناديق خاصة إلى حيث هو السؤال المرتبك حول وجهة إبحار الأسماك السوريّة مجدداً بعد صيدها؟؟
بقي السؤال معلّقاً دون إجابة إلى أن جاء حل ” اللغز” بالصدفة وعبر متحدث عارف بما وراء الشواطئ والبحار، و ما خلف الضباب لا يحجب ناظريه غبار البحر مهما اشتدت كثافته..


 فالأسماك يجري ترحيلها بالسيارات إلى نقطة “ميتة” على الشاطئ، ومن هناك تصعد إلى الزوارق ، ثم في عرض البحر تتم المناولة مع الزوارق اللبنانية..فالمستهلكون هناك من شريحة ” صف النجمات الطويل”، من روّاد المطاعم الشهيرة ولعل معظمهم من السوريين، هواة قضاء عطلة نهاية الأسبوع في بيروت، مدينة اللهو والحب والبزنس والثقافة وكل ما تنشده النفوس الباحثة عن فسحة خارج قيود المجتمع السوري ، القاسي والنزق وشديد الرقابة بسبب وبلا سبب ، يعود هؤلاء و تحت ألسنتهم طعم ” السمك اللبناني” اللذيذ، إنّه السمك السوري المهرّب و المسروق من بين يدي المستهلك المحلّي…والحكاية ليست وليدة الأمس بل هو طقس تقليدي مزمن تكفّل بأن يُنسي السوريين هذه المادّة التي يزعم الأطباء وكتب الطب ” الفاجرة” بأنها أساسية في حياة البشر..


ولعلّها مفارقة لعينة أن يكون أبناء الساحل ، هم الأوفر حظاً بإصابات قصور الغدة الدرقية على مستوى سورية، بسبب نقص اليود كحالة تقليدية في المناطق الساحلية، فيما الدواء التقليدي هو السمك البحري، فالطبيعة أوجدت الداء والدواء، لكن الداء بقي و الدواء سافر على متن زوارق “القرصنة الرشيقة والخاطفة”…باختصار استهلاك السمك ليس في ثقافة السوريين عموماً وربما الأكثر جهلاً بهذا الصنف الغذائي هم أبناء الساحل السوري، وهذه حقيقة يعرفها الكثيرون ؟!!

 

بالعموم تبدو أيدي “القراصنة” ماهرة في انتقاء الأصناف الفاخرة ” لقز و السلطاني و الزبيدي…” وما يتبقى من الأنواع الرخيصة وغير المرغوبة هناك، على موائد الترف يكون من نصيب المتسوّق السوري هنا، وليس أي متسوّق ففروقات أسعار العملات ساوت بين متوسط الدخل في لبنان وعالي الدخل في سورية في مقاييس شرائح الاستهلاك.

 

لهذا ووفق معادلات العرض والطلب بقيت الأسماك البحرية مادّة “عزيزة” على موائد السوريين، والبدائل التي فرضها المهرّبون هي منتجات المزارع و الأنهار والمستنقعات التي تسميها – تلطيفاً – بحيرات، وكم هي طويلة سلسلة الأوبئة والأمراض التي نتسوقها ونحن نحتفي بشراء وجبات السمك ؟؟


اللافت أن تهريب الأسماك يجري وفق طقوس صامتة، ودائرة ضيقة بين صياد وسمسار وناقل، ورقيب يتقاسم الحصة مع البقية، كل ذلك بهدوء ودون إحداث ضجيج، فكما تعلمون “كثرة الكلام والثرثرة تُذهب بركة الرزق”.


ها نحن “نفضح” اللعبة ونوسّع الدائرة، ومن يدري ربما سنتسبب بزيادة تكاليف تهريب أسماكنا إلى لبنان الشقيق، و اعذرونا يارواد المطاعم البيروتية، سنرفع أسعار وجباتكم قليلاً فا ” الغرم بالغنم” أو بالعكس.

 


الخبير السوري

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...