الصراع على مقديشو: التوازنات ودور القوى الخارجية

26-08-2010

الصراع على مقديشو: التوازنات ودور القوى الخارجية

الجمل: تدور في العاصمة الصومالية مقديشو واحدة من أهم المعارك الرئيسية الفاصلة في الحرب الصومالية-الصومالية، وفي الوقت الذي تحاول فيه قوات المعارضة الاستيلاء على السلطة، فإن قوات الحكومة الصومالية ومعها قوات الاتحاد الأفريقي تحاولان صد هجوم المعارضة، والحفاظ على الأقل على الوضع القائم: ما هي مجريات الصراع الدائر؟ وما هو شكل السيناريوهات المحتملة؟
* معركة العاصمة مقديشو: ماذا تقول المعلومات؟
خلال الفترة الممتدة من مطلع عام 2009م وحتى الآن، ظلت العاصمة الصومالية مقديشو تخضع لسيطرة مزدوجة يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• مناطق سيطرة الحكومة: وسط المدينة الذي توجد فيه المرافق والمنشآت الحكومية الحيوية، إضافة إلى المطار والميناء والطريق الذي يربط وسط المدينة بهما.
• مناطق سيطرة المعارضة: الأجزاء المتبقية من العاصمة مقديشو ماعدا ما ذكر سابقاً.الصومال وقوى الصراع فيها
أما بالنسبة لبقية الصومال، فتقول المعلومات بأن السيطرة الفصائلية تشكل حضورها القوي على كافة أرجاء الدولة الصومالية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- الجزء الشمالي: نجحت الفصائل الصومالية الشمالية في تأسيس دولتين، الأولى حملت اسم «جمهورية أرض الصومال» والثانية «جمهورية بلادنيت».
- الجزء الأوسط: تغلب عليه سيطرة الفصائل والميليشيات المسلحة وعلى وجه الخصوص: حركة شباب المجاهدين، الحزب الإسلامي، حركة أهل السنة والجماعة إضافة إلى العديد من الفصائل الصغيرة الأخرى.
- الجزء الجنوبي: وبالتحديد منطقة الحدود الصومالية-الكينية تقع تحت سيطرة جماعة رأس كامبوني المسلحة. أما بقية مناطق الصومال فتسيطر عليها حركة شباب المجاهدين.
هذا، وتشير التحليلات إلى أن التقسيمات الفصائلية السائدة على مستوى رقعة الدولة الصومالية، هي تقسيمات تمارس حضورها القوي على خارطة الصراع العسكري الدائر حالياً في العاصمة الصومالية مقديشو.
* تحليل سيناريو الأداء السلوكي العملياتي-الحربي: مصير مقديشو إلى أين؟
اهتمت التقارير الإعلامية والتحليلات السياسية الجارية إلى المظاهر السطحية التي يمكن رصدها عبر كاميرات الفضائيات الإعلامية، ولكن، لم تهتم التحليلات والتقارير إلى التعرض إلى التفاصيل الخاصة بعمق الصراع الدائر في العاصمة الصومالية مقديشو، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات الآتية:
- توازنات الصراع في مرحلة ما قبل اندلاع المواجهة الحالية: تشير إلى أن الحكومة الانتقالية الصومالية التي يتزعمها الشيخ شريف أحمد ظلت تعتمد بقدر رئيسي على بقايا القوات المسلحة الصومالية، ودعم ميليشيا حركة أهل السنة والجماعة إضافة إلى بعض مليشيات القبائل.
- أما بالنسبة للمعارضة المسلحة فقد ظلت تحت قيادة الفصيل الرئيسي المتمثل في حركة الشباب المجاهدين، وحليفها الحزب الإسلامي، إضافة إلى حركة جماعة رأس كامبوني، وبعض الفصائل المسلحة الصغيرة الأخرى.
ظلت الحكومة الصومالية أكثر اعتماداً وبشكل رئيسي على الدعم الخارجي بواسطة قوات الاتحاد الأفريقي والمساعدات التي ظلت تقدمها الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي والسعودية، أما المعارضة المسلحة، فقد ظلت أكثر اعتماداً على السند الداخلي والتأييد الشيعي المتزايد بسبب معارضة الرأي العام لوجود القوات الأفريقية والتعامل مع أمريكا والبلدان الأوروبية الغربية التي ظل الرأي العام الصومالي المتدين ينظر إليها باعتبارها مصدر الشرور الرئيسي في العالم.
استطاعت المعارضة المسلحة خلال هذه المرحلة من القيام بتعزيز سيطرتها على مناطق وسط وجنوب الصومال، حيث خاضت معارك فاصلة أبرزها معركة جنوب مقديشو، معركة مقديشو، معركة وسط الصومال، معركة وابهور ومعركة بلدوين.
ولاحقاً، سعت المعارضة بعد ذلك إلى إجبار قوات الاتحاد الأفريقي إما باتجاه التزام الحياد أو مغادرة الأراضي الصومالية، وبسبب تزايد المواجهات والاشتباكات بين المعارضة وقوات الاتحاد الأفريقي فقد سعت المعارضة الصومالية باتجاه نقل الصراع إلى الدول المشاركة في قوات الاتحاد الأفريقي وتحديداً أوغندة وبوروندي. وفي هذا الخصوص فقد جاءت تفجيرات المقاهي الأوغندية ليلة كأس العالم لتحمل الرسالة وتبعث بالإشارة القوية التي تحمل الإنذار للحكومة الأوغندية والحكومة الرواندية بأن أيادي حركة الشباب المجاهدين سوف تطال كل من يشارك إلى جانب حكومة الشيخ شريف أحمد المحاصرة. هذا وقد وقعت انفجارات كمبالا في وقت حرج كانت الحكومة الأوغندية ترتب فيه التحضيرات النهائية لعقد قمة الاتحاد الأفريقي. وبالفعل، عندما انعقدت القمة الأفريقية فقد كانت حادثة انفجارات كمبالا تمارس حضورها القوي داخل أجواء القمة بما دفع الزعماء الأفارقة لجهة التأكيد على ضرورة إرسال المزيد من القوات الأفريقية لدعم الحكومة الانتقالية التي كان يتزعمها الشيخ شريف أحمد أحد المشاركين في القمة.
* توازنات الصراع في مرحلة ما بعد اندلاع المواجهة الحالية:
أدت التطورات إلى انكشاف النوايا الإقليمية والدولية الساعية إلى تغيير توازنات حكومة الشيخ شريف أحمد عن طريق تقديم المزيد من الدعم العسكري (اللوجستي) وبالمقابل فقد أدركت المعارضة الصومالية المسلحة حقيقة هذه النوايا، وسعت على الفور إلى القيام بالهجوم الرئيسي من أجل القضاء بشكل نهائي على الحكومة الانتقالية وقطع الطريق أمام محاولات العالعاصمة الصومالية مقديشوالم الخارجي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• دفعت المعارضة المسلحة بعناصرها من أجل قطع الطريق الموصل بين المطار والميناء من جهة ووسط المدينة من جهة أخرى.
• سعت المعارضة المسلحة إلى استهداف رموز الحكومة الانتقالية عن طريق اقتحام فندق منى وتصفية 65 شخصاً كانوا موجودين فيه معظمهم من أعضاء البرلمان وكبار المسئولين في أجهزة الحكومة الانتقالية.
• تعبئة المزيد من المسلحين التابعين لحركة الشباب المجاهدين، والحزب الإسلامي الموجودين في أحياء العاصمة مقديشو، وعلى وجه الخصوص الأحياء الجنوبية، والدفع بهم في أتون المعارك، إضافة إلى شن المزيد من الهجمات ضد مواقع تمركز قوات الاتحاد الأفريقي.
تقول التقارير والتسريبات، بأن الآلاف من عناصر حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي وجماعة راس كامبوني إضافة إلى الميليشيات المسلحة الأخرى، قد بدأوا عملية تقدم واسعة باتجاه العاصمة الصومالية مقديشو من أجل المشاركة في الهجوم الرئيسي الكبير الذي قررت حركة الشباب المجاهدين وحليفتها الحزب الإسلامي شنه ضد الحكومة الانتقالية وزعيمها الشيخ شريف أحمد. وعلى الجانب الآخر، تقول المعلومات والتسريبات، بأن العديد من عناصر القوات المسلحة الصومالية قد هربوا من الخدمة والتحقوا بصفوف حركة المجاهدين الشباب. وإضافةً لذلك، فقد رصدت التقارير تباطؤاً كبيراً في صفوف حركة أهل السنة والجماعة إزاء المضي قدماً في دعم الحكومة الانتقالية وزعيمها الشيخ شريف أحمد حليفهم الرئيسي.
تشير التوقعات إلى أن العد التنازلي لخوض معركة مقديشو الحاسمة قد بدأ منذ صبيحة الاثنين 23 آب (أغسطس) 2010م، ومن المتوقع أن يشهد الأسبوع القادم بروز الملامح الرئيسية المتوقعة بسيناريو مصير ومستقبل العاصمة الصومالية مقديشو. وما هو مثير للاهتمام يتمثل في مصير قوات الاتحاد الأفريقي، والتي تقول بعض التقارير بأنها سوف تنسحب من المعركة وتعلن حيادها، مع وجود تقارير أخرى تقول بأن قوات الاتحاد الأفريقي سوف تشارك إلى جانب حكومة الشيخ شريف أحمد خاصة أن الدفعة الأولى من الدعم قد وصلت، بما أدى إلى ارتفاع عدد القوات الأفريقية إلى حوالي 8100 جندي بدلاً عن 6 آلاف جندي موجودين سابقاً. ومن المتوقع أن يصل العدد الإجمالي لهذه القوات بحيث يكون في حدود 12500 جندي أفريقي. وبرغم ذلك، فمن المهم الانتباه إلى أن صول المزيد من القوات الأفريقية بالعتاد والمدرعات والآليات، هو وصول سوف يتوقف حصراً على بقاء الميناء والمطار تحت سيطرة الحكومة الانتقالية، وبالتالي إذا نجحت قوات المعارضة الصومالية من السيطرة على المطار والميناء، فإن الإطاحة بحكومة الشيخ شريف أحمد سوف يكون في حكم المؤكد.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...