«داعش» يسيطر على معقل الإيزيديين

04-08-2014

«داعش» يسيطر على معقل الإيزيديين

بعد سيطرته على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا أحد عناصر قوات الأمن العراقية خلال مواجهات مع "داعش" في محافظة ديالى شمال العاصمة بغداد، أمس.(أ ف ب)خلال الأسابيع الماضية، يبدو أن تنظيم «داعش» قد بدأ يتمدد نحو الحدود العراقية ـ التركية في الشمال، في سياق خطة يبدو أن الهدف منها تثبيت عمق جغرافي عسكري لسيطرته على منطقة الجزيرة في سوريا، وإقامة منطقة فاصلة مع الاراضي التي يسيطر عليها الأكراد.
وشهدت الأحداث الميدانية في العراق، يوم أمس، تطورات سريعة وخاطفة، بعدما وسع «داعش» نطاق سيطرته، ووصل إلى مواقع كانت تقع تحت سيطرة قوات «البيشمركة» الكردية، إذ تقدم شمالاً باتجاه قضاء سنجار، المحاذي لدهوك على الحدود التركية، والذي يقع مقابل محافظة الحسكة السورية.
ووسط هذه الأحداث المتلاحقة، لا تزال مسألة تسمية رئيس الحكومة تعاني نوعا من الجمود، في انتظار جلسة البرلمان يوم غد.
وفي مشهد يشبه اجتياح محافظة نينوى ومدينة الموصل في حزيران الماضي، تمكن مسلحو «داعش»، أمس، من دون مواجهات، من اجتياح قضاء سنجار، الذي يعد معقل الأقلية الإيزيدية في العراق، حيث سيطر على عاصمة هذا القضاء، وحقل نفطي في هذه المنطقة.
وسيطر «داعش» بداية على حقل عين زالة، وهو أول حقل نفطي في العراق اكتشف في العام 1927، ومن ثم تقدم باتجاه بلدة زمار بعد انسحاب قوات «البيشمركة» منها، ليتمموا بعد ذلك السيطرة الكاملة على مناطق واسعة في سنجار، وصولاً إلى معبر ربيعة الحدودي مع سوريا.
وذكر التلفزيون العراقي الرسمي أن «العصابات الإرهابية» التابعة لـ«داعش» استولت على سد الموصل، بعد انسحاب القوات الكردية من دون قتال، إلا أنّ القائد العسكري الكردي نفى هذه المعلومات، قائلاً «البيشمركة متمركزة بمواقعها هناك وتسيطر على الوضع». كما نفت وزارة الموارد المائية العراقية سيطرة تنظيم «داعش» على السد، مشيرة إلى أنه يعمل بصورة طبيعية.
ووصف قائد عسكري كردي تراجع قوات «البيشمركة» من بعض المناطق بأنه انسحاب تكتيكي. وأشار إلى أن معارك اندلعت في سنجار بعد وصول تعزيزات كبيرة لاستعادة السيطرة على المناطق المحتلة، مؤكداً أن «قوة كبيرة يقودها منصور بارزاني، ابن رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، تقوم بهذه العملية العسكرية ولن تنتهي حتى تنتصر».
وأكد مسؤولون محليون في قضاء سنجار أن مسلحي «داعش» أقدموا على نسف مرقد للسيدة زينب ومزار شرف الدين التابع للديانة الايزيدية.
وقال الخبير في شؤون التنظيمات المتطرفة مرتضى جابر، إن هناك «أسبابا عديدة تقف وراء انسحاب القوات الكردية من أبرز المناطق المتنازع عليها، أولها التراخي في صفوفها حيث اعتقدوا أن المسلحين سيقفون عند هذه الحدود الفاصلة ما بين الموصل والمناطق المتنازع عليها لكن حساباتهم كانت خاطئة».
ورأى جابر أن تنظيم داعش «أراد إرسال رسالة مفادها انه لا مجال للحديث عن حدود، وانه بدأ بهذه الخطوة بعدما تنامت قوته كثيرا، بحيث أصبحت تضاهي جيشا ليس تنظيماً، فهو يمتلك أحدث الأسلحة والآليات والمعدات التي سرقها من الجيش العراقي بعد أحداث حزيران الماضي».
وتكمن خطورة سيطرة «داعش» على قضاء سنجار بقربه من الحدود السورية، بمحاذاة محافظة الحسكة. وبثت مواقع تابعة للتنظيم، بيانات تلوّح فيها بالهجوم على الحسكة من محاور عدّة، ويبدو أن محور سنجار سيكون منطلقاً أساسيا لها.
وتقطن مدينة سنجار والقرى المحيطة بها أقلية إيزيدية ناطقة باللغة الكردية. ويبلغ عدد الإيزيديين نحو 300 ألف نسمة في العراق، يعيش معظمهم في الشمال، لكنهم يشكلون 70 في المئة من سكان قضاء سنجار (240 ألف نسمة). كما تستضيف مدينة سنجار، ذات الطبيعة الجبلية، والتي تبعد 400 كيلومتر عن بغداد لناحية الشمال الغربي، عشرات آلاف النازحين من التركمان الذين فروا من قضاء تلعفر المجاور.
إلى ذلك، أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة اقليم كردستان أن قواتها تمتلك ما يكفي من العدة والأسلحة الثقيلة لأي مواجهة، مؤكدة أنها بانتظار صدور أمر من رئيس الإقليم مسعود البرزاني للبدء بالهجوم في مناطق خارج الإقليم.
وأشارت الوزارة إلى تواصل القتال بين قوات البيشمركة ومسلحي «داعش» في حدود قضاء سنجار.
وقال المسؤول الإعلامي في وزارة «البيشمركة» العميد هلكورد حكمت إن «رئيس إقليم كردستان أعلن عن طلبنا من حلفائنا تزويدنا بالأسلحة، وقد تم تشكيل لجنة وزارية زارت الولايات المتحدة للحصول على مساعدات لوزارة البيشمركة، ولكن لم تصلنا أي أسلحة حتى الآن عبر مطار أربيل الدولي، وسنعلن عنها حال وصولها».
ودعت الأمم المتحدة حكومتي إقليم كردستان وبغداد إلى التعاون العاجل في ما بينهما لوضع حد للمأساة التي تتعرض لها بلدة سنجار بعد سقوطها بيد «إرهابيي داعش».
وأضاف بيان للمنظمة أن «مئتي ألف مدني من السكان الايزيديين فروا إلى جبل سنجار»، مشيراً إلى أن هؤلاء «في حاجة ماسة إلى المواد الأساسية، لا سيما الماء والدواء والغذاء».
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعراق نيكولاي ملادينوف إن «هناك مأساة إنسانية في سنجار، ويجب على حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان على وجه السرعة استعادة التعاون الأمني في التعامل مع الأزمة».
ودعا ملادينوف «جميع السلطات العراقية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين للعمل مع الأمم المتحدة لضمان إيصال المساعدة الإنسانية لهؤلاء».
سياسياً، ينتظر العراق بترقب جلسة البرلمان التي قد تحمل أنباء بشأن حسم اسم مرشح رئاسة الحكومة الذي يدور حوله جدل كبير.
ولم تتوصل كتلة «التحالف الوطني»، التي تضم 173 مقعداً، للاتفاق على مرشح واحد بسبب الجدل القائم، حول إعادة تسمية مرشح «دولة القانون»، رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي لهذا المنصب.
ونفت «المحكمة الاتحادية العليا» العراقية تلقّي أي طلب أو دعوة بخصوص «الكتلة النيابية الأكبر» المكلّفة بتشكيل الحكومة، موضحة أن قرار المحكمة الاتحادية الصادر في العام 2010 لا يزال سارياً ونافذاً.
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة القاضي عبد الستار بيرقدار في بيان، إن «المحكمة الاتحادية العليا لم تتلقّ أي طلب أو دعوة بخصوص تفسير المادة 76 من الدستور المتعلقة بمفهوم الكتلة البرلمانية الأكبر المكلّفة بتشكيل الحكومة»، وأضاف أن «المحكمة الاتحادية أصدرت قراراً في العام 2010 فسّر المادة 76 من الدستور»، مشيراً إلى أن «هذا القرار بات نافذاً وملزماً لجميع السلطات»، ما يشير إلى أن المحكمة تعتمد «التحالف الوطني» كأكبر كتلة نيابية مسجلة.

محمد جمال

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...