مفهوم العدالة عند الملوك السوريين القدماء.. وثائق تاريخية

26-01-2015

مفهوم العدالة عند الملوك السوريين القدماء.. وثائق تاريخية

تبين النصوص- الوثائق التاريخية  الخاصة بالعدالة ، والتي كشفت عنها التنقيبات الاثرية في كل ارجاء سوريا الكبرى (الطبيعية) اوالهلال  الخصيب أن الهاجس الأساسي  لآكثر الملوك السوريين  كان تطبيق العدالة كما تحددها القوانين المعمول بها انذاك.

ومن الملفت للنظر أن أكثر الملوك السوريين القدماء كانوا يطلقون على أنفسهم  لقب الملك العادل والملك الراعي الصالح الذي يقود شعبه على الطريق المستقيم ويجعل كل همه  مساندة الفقراء والبؤساء وتأمين سبل العيش الجيد للجميع، وهو امر قديم يعود للالف الثاني قبل االميلاد نجده في الواح كثيرة. ولكن اكثر من اكد على مفهوم العدالة كان الملك السوري المشرع الكبير حمورابي اوامور ابي والذي كان الاسيق في التاريخ في اعتماد  لائحة قوانين يتم الاعتماد عليها والرجوع اليها ويلتزم بها الجميع.

 

الوثيقة الاولى حول العدالة. عبارة عن لوح  مدون عليه بالخط المسماري نصًا يأتي على لسان ملك سوري  قديم

يحمل اسم  نور- حدد أي ضياء الله الأحد، والذي كان يجلس على عرش مملكة  لارسا في العراق من سنة  1865 الى سنة   1850

ويقول الملك في وثيقته ما يلي

“لقد جعلت كل شعبي يأكل

كل مالذ وطاب

وجعلته يشرب المياه العذبة

قضيت على كل الأشرار واللصوص وقطاع الطرق

أخذت بيد الضعيف

ومددت يد العون للارملة

وجعلت كل طفل يتيم في رعايتي“.

الوثيقة الثانية

النص في هذه الوثيقة عبارة عن وحي الهي موجه من الله البعل الرب

الى الملك السوري الشهير  زيميري ليم انشودة الله، الالف الثاني قبل الميلاد الذي كان ملك مملكة ماري السورية  والتي كانت تقوم على ضفة  نهر الفرات في سوريا اليوم.

ويقول الله للملك زيميري ليم في رسالته الإلهية

“إذا تمت محاكمة  احد الاشخاص في قضية وكما تقتضي العدالة

وتم الحكم عليه ظلمًا

فرفع هذا الشخص صوته إليك أنت الملك قائلًا

أيها الملك

لقد حكموا عليّ ظلمًا وقهرًا ولم يطبّقوا سنن العدالة

فقم أيها الملك

وأعد النظر في الحكم لتنصف هذا الشخص

ولتجعل العدالة تحكم الجميع

هذا ما أنتظره منك أنا الرب  البعل أيها الملك”.

الوثيقة الثالثة

نص الملك السوري عزاتي-وادا، وهومن الالف الاول  قبل الميلاد، وكان ملكًا عل مملكة دان أو مملكة الدنوانيين، وهي اليوم في منطقة كيليكيا السورية التي ضمتها تركيا إليها.

اسم الملك الكنعاني -الفينيقي مدون بالفينيقية على الشكل التالي

ازاتي- ودا أو عزتي –ودد، أي الذي يعزي ويساعد. والقسم الثاني ودا من كلمة دد بالكنعانية وتعني المحب أو الودود كما دخلت إلى العربية فيما بعد. فاسم اللملك يكون إذن في العبارة الكنعانية- الفينيقية العزيز الودود، كما استعارت  العربية هذه  الالفاظ فيما بعد.

ويقول الملك في نص وثيقته

 “أنا عزتي ودد الذي باركه الله البعل

ملك مملكة دان

وكل أهلها الدنوانيين

الرب البعل

جعل مني أبًا وأمًا لكل أبناء شعبي

وسّعت حدود المملكة

وفي عهدي عاش الجميع في رغد وهناء

وعرفوا أيام السعادة

جهّزت الجيوش وحاربت الأشقياء

وقضيت على قطاع الطرق وغلبتهم

ثم أقمت السلام مع كل الملوك

وكل ملك منهم اعتبرني أبًا له

ولم يشكوا في عدالتي

واطمنئوا إلى حكمتي وسعة قلبي

أقمت الأسوار على أطراف البلاد

لأحمي شعبي من الأشقياء

الذين سحقتهم سحقًا

لكي يعيش شعبي في أمان وراحة

فلا يعود يعرف القلق“.

وأختم هذه الوثائق التاريخية بكلمة للملك حمورابي حيث يقول في خاتمة القوانين أو الشريعة مخاطبًا الملوك الذين سيجلسون على العرش بعده قائلًا لهم

“في المستقبل وإلى أبد الأبدين

على كل ملك يجلس على العرش  في البلاد

أن يحترم  العدالة

وهي الكلمة التي كتبتها على لوح شريعتي وقوانيني

ويحرّم على أي ملك أن يبدل القوانين لمصلحته الشخصية”.

ونرى في بعض مواد شريعة حمورابي رحمة لا مثيل لها وأين منها شريعة العين بالعين والسن بالسن كما تقول الشريعة اليهودية. وحتى في حالة الزنا فليس هناك لا جلد ولا رجم.

تقول المادة الخاصة بالزنا في قوانين  حمورابي ما يلي:

“إذا ُقبض على زوجة بتهمة الزنا مع رجل غير زوجها

فتلقى في النهر لتنال عقابها

ولكن  إذا تدخل زوج المرأة وأنقذ زوجته  من الغرق

فإن الملك يعفوعن عشيق الزوجة وعنها”.

وهنا نرى  تسامحا لا مثيل له

“إذا تبنّى رجل طفلًا منذ الصغر

واعتنى به حتى شبّ

ومنحه التربية الجيدة واللازمة والصالحة

فلا يحق لأحد فيما بعد

المطالبه بهذا الطفل”.

“إذا قام طبيب جراح بإنقاذ عظام شخص من الكسر  وشفاه. وكان هذا الشخص من طبقة اجتماعية غنية

فعليه أن يدفع للطبيب   خمسة قطع من الفضة

أما اذا كان الشخص من طبقة العامة فيدفع ثلاثة قطع من الفضة فقط

وأما إذا كان  فقيرًا ومستخدمًا  فعلى من يستخدمه أو رب عمله أن يدفع عنه قطعتين فضة للطبيب”.

وهذه عدالة يتمناها الناس حتى في يومنا هذا

 وهم ملوك يحلم بهم  اطفال اليوم وكل شعوب الارض.

 ملاحظة

كلمة عدالة بالبابلية القديمة تأتي في صيغة

ميشرعيم ونرى فيها أصل كلمة مشرع وتشريع كما دخلت إلى العربية

وكلمة شرعي  تأتي في صيغة

شرعو

أما صيغة القوانين المعمول بها فتأتي في صيغة بابلية هي

صمدا- تون

اي ماهو ثابت لا يتغير كما تدل لفظة صمد التي تعني في الاصل  ما يدوم

وهي صفة القوانين

اما تون في تصويت نحوي للكلمة صمد

كلمة طبقة اجتماعية غنية في الاصل البابلي

أويليوم

يعني الأوائل كما دخلت إلى العربية

أما طبقة العامة فهي تأتي في صيغة

مشكينو

ومنها اتت كلمة مسكين فيما بعد

كلمة فقير او مستخدم تاتي في الاصل في صيغة

وار دوم
والمقصود فعل ورد اي أتى كما نقول اليوم وردنا هذا الخبر قبل لحظات

والمعنى يدل على سكان الريف الذين كانوا يردون المدينة بحثا عن عمل.

 




ترجمة وتحقيق وشرح معاني الالفاظ وتقديم: فايز مقدسي: زنوبيا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...